عناصر الخطبة
1/فضائل المدينة النبوية 2/بركات المدينة النبوية 3/أسماء المدينة وصفاتها 4/فضائل المسجد النبوي 5/آداب زيادة قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

اقتباس

وهي دار هجرة الصحابة -رضي الله عنهم-؛ فالتقى فيها الذين تبوؤا الدارَ والإيمان -الأنصارُ- بإخوانهم المهاجرين، ومنها انطلقوا فاتحين للقلوب والبلاد، في المدينة هبط الوحي فيها، ومشى على ثَراها خير خلق الله، عاش فيها، ومات، ودفن بها، والإيمان يأرز إليها، ولفضلها تعاقب العلماء والمصنِّفون في ذكر فضائلها.

الخطبة الأولى:

 

المدينة النبوية دار هجرةِ خيرِ البرية محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وقد أمره الله -عز وجل- أن يدعوه بقوله: (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ)[الإسرَاء: 80]، يعني: المدينة، (وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ)[الإسرَاء: 80]، يعني: مكة.

 

وقد رأى في منامه -صلى الله عليه وسلم- ما ذكره بقوله: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرضٍ بها نخل، فذهب وَهَلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب"(متفق عليه).

 

وهي دار هجرة الصحابة -رضي الله عنهم-؛ فالتقى فيها الذين تبوؤا الدارَ والإيمان -الأنصارُ- بإخوانهم المهاجرين، ومنها انطلقوا فاتحين للقلوب والبلاد، في المدينة هبط الوحي فيها، ومشى على ثَراها خير خلق الله، عاش فيها، ومات، ودفن بها، والإيمان يأرز إليها، ولفضلها تعاقب العلماء والمصنِّفون في ذكر فضائلها.

 

قال ابن وهب: "سمعت مالكًا يذكر فضل المدينة على غيرها من الآفاق، فقال: إن المدينة تبوّأت بالإِيمان والهجرة، وإنَّ غيرها من القرى افتتحت بالسيف، ثم قرأ: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ)[الحَشر: 9]، الآية".

 

فيها من الفضائل والخلال ما يفوق بلاد الله خلا مكة شرَّفها الله، ولفضلها جعلها الله حرمًا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المدينة حَرَم من كذا إلى كذا؛ لا يُقطع شجرها، ولا يُحْدث فيها حدث، مَن أحدثَ فيها حدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَل منه يوم القيامة عدل ولا صرف"(متفق عليه)، ولهما: "المدينة حرم ما بين عير إلى ثور".

 

لها محبة في قلب النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال أنس -رضي الله عنه-: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر فنظر إلى جُدرات المدينة أوضع راحلته -أي: أسرعها-، وإن كان على دابة حرّكها؛ مِن حُبّها"(رواه البخاري).

 

بل دعا الله بقوله: "اللهم حَبِّب إلينا المدينة كحُبّنا مكة، أو أشد، وصحِّحها، وبارك لنا في صاعها، ومُدّها، وانقل حماها فاجعلها بالجحفة"(متفق عليه).

 

ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لها بالبركة فقال: "إن إبراهيم حرّم مكة ودعا لها، وحرّمتُ المدينةُ كما حرّم إبراهيمُ مكة، ودعوت لها في مُدّها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم -عليه السلام- لمكة"(متفق عليه).

 

ودعا لها أيضًا ببركةٍ مضاعفة فقال: "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة"(متفق عليه)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم بارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في مُدّنا، وصاعنا، اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم اجعل مع البركة بركة"(رواه أحمد).

 

والبركة هي: كثرة الخير، قال النووي -رحمه الله-: "الظاهر أن البركة حصلت في نفس المكيل، بحيث يكفي المدُّ فيها من لا يكفيه في غيرها".

 

والمدينة النبوية بلد لا يطؤه الدجال، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال"(متفق عليه)، والأنقاب: هي المداخل المؤدية إليها، والطاعون: الوباء المميت.

 

 وهي تأكل القرى، وتنفي شرارَ الناس، كما في الصحيحين: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أُمرت بقرية تأكل القرى، يقولون يثرب وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد"، وقوله: "أُمرت بقرية" أي: أمرني ربي بالهجرة إليها، أو سكناها، ومن صفاتها: "تأكل القرى" أي: تغلبهم.

 

وكنَّى بالأكل عن الغلبة؛ لأن الآكل غالب على المأكول، أو أن أكلها ومِيْرتها من القرى المفتتحة، واليها تساق غنائمها، قال ابن المنيِّر: "يحتمل أن يكون المراد بأكلها القرى غلبةَ فضلها على فضل غيرها، ومعناه: أن الفضائل تضمحل في جنب عظيمِ فضلها، حتى تكاد تكون عدمًا".

 

وهي "تنفي الناس، كما ينفي الكير خبث الحديد" أي: أن المدينة تنقِّي الناسَ فيبقي خيارُهم، وتطرد شرارهم.

 

ومن أراد بالمدينة أو بأهلها سوءًا فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يكيدُ أهلَ المدينة أحدٌ إلا انماع، كما ينماع الملحُ في الماء"(رواه البخاري)، وفي رواية مسلم: "من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله"، والمعنى: من يدبِّر لهم ما فيه ضرر بغير حق.

 

وجاء الترغيب في سكناها حتى بعد فتح الأمصار، قال -صلى الله عليه وسلم-: "يُفتح اليمن، فيأتي قوم يبسُّون، فيتحمَّلون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يُفتح الشام، فيأتي قوم يبسّون، فيتحمَّلون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يُفتح العراق، فيأتي قوم يبسّون، فيتحمَّلون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون"(متفق عليه).

 

وكانت تُسمى بيثربَ، فسماها النبي -صلى الله عليه وسلم- طابةَ، مشتقة من الطيب، وقيل: من طِيب العيش بها.

 

وللمدينة النبوية أسماءُ منها: المدينة، وطابة، وطيبة، والمطيِّبة، والمسكينة، والدار، وجابرة، ومجبورة، ومنيرة، ويثرب.

 

ونزل النبي -صلى الله عليه وسلم- قبيل دخوله المدينة قباءً في بني عمرو بن عوف -من الأوس- وفيها أَسَّس مسجدَ قباءٍ الذي ذكَره الله بقوله: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ)[التّوبَة: 109].

 

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأتي مسجد قباءٍ راكبًا وماشيًا فيصلى فيه ركعتين (متفق عليه)، وفي الصحيحين: "إن ابن عمر كان يأتي قباء كل سبت، وكان يقول رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتيه كل سبت".

 

ومسجد قباء ليس من شد الرحال، بل إنما يأتيه الرجل من بيته الذي يصلح أن يتطهر فيه، ثم يأتيه فيقصده، كما يقصد الرجل مسجد مصره دون المساجد التي يسافر إليها.

 

وفي المدينة النبوية جبلُ أُحدٍ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "هذه طابة، وهذا أُحُد وهو جبل يحبنا ونحبه"(متفق عليه).

 

 وصَعِد النبي -صلى الله عليه وسلم- أُحُدًا وأبو بكر وعمر وعثمانُ فرجف بهم، فقال: "اثبت أُحُد، فإنما عليك نبي وصِدِّيق وشهيدان"(رواه البخاري).

 

وعلى من أدرك فضلَ الإقامةِ والسكنى في مدينة رسول الله أن يصبر على ما يحصل له فيها من ضيقِ عيشٍ، أو بلاءٍ، أو لأواءٍ؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يصبِر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي، إلا كنت له شفيعًا يوم القيامة أو شهيدًا"(رواه مسلم).

 

وفقنا الله لطاعته.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

من أكرمه الله بزيارة مسجد رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- وأراد زيارة َقبرِ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقَبْرَيْ صاحِبيهِ -رضي الله عنهما- فإنه يستقبل القبر، فيُسلّم على النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاتُه، ثم يُسلم على صاحبيه أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- مثلَ ذلك.

 

ويحرص على أداء الصلوات في المسجد النبوي، فهي مضاعفة، قال -عليه الصلاة السلام-: "صلاةٌ في مسجدي هذا، خير من ألفِ صلاةٍ فيما سِواه، إلاَّ المسجد الحرام"(متفق عليه).

 

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"(متفق عليه)، قال ابن حجر -رحمه الله- في قوله: "روضة من رياض الجنة" أي: كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة وحصول السعادة بما يحصل من ملازمة حلق الذكر، لا سيما في عهده، فيكون تشبيهًا بغير أداة

 

وليستشعر المسلم أن مدينةَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- انتشر منها العلم على يدي أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فحَرِيّ أَن يقدرها حقّ قدرها، ويعْمُرَ أيامه فيها بالقربات.

 

وصلوا وسلموا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المرفقات
ZC3u2h8JdCMcZVsd7VyBOeoRzzuC1Fo8SHP7VoRq.doc
4bnonl5oBwYvy4s3iFmQOAN62rMWrRIRdGSwUiIx.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life