عناصر الخطبة
1/المحرم من الأشهر الحرم 2/ الأشهر الحرم أفضل الأشهر بعد رمضان 3/ من فضل شهر المحرم 4/صوم عاشوراء وسببه 5/حكم اتخاذ يوم عاشوراء مأتما.اهداف الخطبة
اقتباس
هذا الشهر حرمه الله وخصه بمزايا وفضائل ليست في غيره من الشهور وزاده نبينا -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه- بمزيد اهتمام. قال أبو عثمان النهدي: "كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان, والعشر الأول من ذي الحجة, والعشر الأول من محرم", وقد قيل: "إن العشر الذي أتم الله به ميقات موسى -عليه السلام- أربعين ليلة وإن التكلم وقع في عاشره", و روي عن وهب بن منبه قال: "أوحى الله تعالى إلى موسى -عليه السلام- أن مر قومك أن يتوبوا إلي في أول عشر المحرم, فإذا كان يوم العاشر فليخرجوا إلي؛ أغفر لهم...
الخطبة الأولى:
الحمد لله فضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا, أحمده وأشكره على سابغ الفضل وجزيل الإنعام, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له المتفرد بالكمال والجمال والعظمة والكبرياء, وأشهد أن محمد عبده ورسوله خير الورى وأفضل الأنام, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام. وسلم تسليما كثيرا إلى يوم التلاق.
أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -عز وجل- فهي وصية لكم وللأولين قبلكم, وعلامة الفوز والفلاح والسعادة والنجاح (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)[النساء: 131].
أيها المسلمون: إن شهر الله المحرم من الأشهر الحرم التي جعلها الله محرمة (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)[التوبة: 36] فَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: "إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ, السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ".
هذا الشهر حرمه الله وخصه بمزايا وفضائل ليست في غيره من الشهور وزاده نبينا -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه- بمزيد اهتمام.
قال أبو عثمان النهدي: "كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان, والعشر الأول من ذي الحجة, والعشر الأول من محرم", وقد قيل: "إن العشر الذي أتم الله به ميقات موسى -عليه السلام- أربعين ليلة وإن التكلم وقع في عاشره", و روي عن وهب بن منبه قال: "أوحى الله تعالى إلى موسى -عليه السلام- أن مر قومك أن يتوبوا إلي في أول عشر المحرم, فإذا كان يوم العاشر فليخرجوا إلي؛ أغفر لهم", وعن قتادة: "أن الفجر الذي أقسم الله به في أول سورة الفجر هو فجر أول يوم من المحرم, تنفجر منه السنة".
ولما كانت الأشهر الحرم أفضل الأشهر بعد رمضان أو مطلقا, وكان صيامها كلها مندوبا إليه كما أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-, وكان بعضها ختام السنة الهلالية وبعضها مفتاحا لها, فمن صام شهر ذي الحجة سوى الأيام المحرم صيامها منه وصام المحرم فقد ختم السنة بالطاعة وافتتحها بالطاعة؛ فيرجى أن تكتب له سنته كلها طاعة, فإن من كان أول عمله طاعة وآخره طاعة فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين.
وقال ابن مبارك: "من ختم نهاره بذكر كتب نهاره كله ذكرا", يشير إلى أن الأعمال بالخواتيم, فإذا كان البداءة والختام ذكرا فهو أولى أن يكون حكم الذكر شاملا للجميع, ويتعين افتتاح العام بتوبة نصوح, تمحو ما سلف من الذنوب السالفة في الأيام الخالية.
إخوة الدين: ومن فضل شهر محرم جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن يوم عاشوراء فقال: "ما رأيت رسول الله صام يوما يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم -يعني يوم عاشوراء- وهذا الشهر -يعني رمضان-".
يوم عاشوراء له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة, وصومه لفضله كان معروفا بين الأنبياء عليهم السلام, و قد صامه نوح وموسى -عليهما السلام-, وقد كان أهل الكتاب يصومونه وكذلك قريش في الجاهلية كانت تصومه, قال دلهم بن صالح: قلت لعكرمة: عاشوراء ما أمره؟ قال: "أذنبت قريش في الجاهلية ذنبا؛ فتعاظم في صدورهم فسألوا ما توبتهم؟ قيل: صوم عاشوراء يوم العاشر من المحرم".
وقدر ورد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له, وكان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به صامه, وأمر الناس بصيامه, وأكد الأمر بصيامه والحث عليه, حتى كانوا يصومونه أطفالهم.
وعن ابن عباس قال: "هو اليوم الذي تيب فيه على آدم", وعن وهب: "إن الله تعالى أوحى إلى موسى -عليه السلام-: أن مر قومك يتوبوا إلي في أول عشر المحرم, فإذا كان يوم العاشر فليخرجوا إلي حتى أغفر لهم", وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن رجل عن عكرمة قال: "هو يوم تاب الله فيه على آدم يوم عاشوراء".
أيها الأحبة: ومن فضل شهر المحرم قال: "فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله", وعن ابن جريج قال: أخبرنا عطاء أنه سمع ابن عباس يقول في يوم عاشوراء: "خالفوا اليهود صوموا التاسع والعاشر", وروى ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس عن ابن عباس: "أنه كان يصوم عاشوراء في السفر, ويوالي بين اليومين خشية فواته", وروي عن ابن سيرين أنه كان يصوم ثلاثة أيام عند الاختلاف في هلال الشهر احتياطا.
أيها المؤمنون: ومما ورد في هذا الشهر ما قاله ابن رجب -رحمه الله- في [لطائف المعارف] قال: "ورد في عاشوراء أنه كان يصوم الوحش والهوام", وقد روي مرفوعا.
أيها الإخوة: أما اتخاذه مأتما كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين بن علي -رضي الله عنهما- فيه فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعا, ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتما فكيف بمن دونهم.
التعليقات