عناصر الخطبة
1/ مراحل الدعوة 2/ مفاوضات قريش مع النبي صلى الله عليه وسلم 3/ حصار النبي عليه الصلاة والسلام 4/ نقض الصحيفة الجائرة 5/ محاولة المشركين لقتل النبي عليه الصلاة والسلام 6/ حصار إخواننا في غزة
اهداف الخطبة

اقتباس

يستدير الزمان ويعود كهيئة يوم أن أشرقت الأرض بنور الإسلام يستدير الزمان، فتعود الأمور كما كانت في فجر الإسلام من حقد ومكر وكيد وإذلال واستضعاف لأتباع هذا الدين، يستدير الزمان وتتطور الأفكار، وتستجد والمستجدات، ولكن عقل الإنسان يظل محدودًا في تفكيره، ويتقدم الزمان ويمكر الماكرون، ولكن المكر يبقى محدودًا، ومكر الله تعالى لا حدود له، وأما مكر البشر فإنه محدود، وأحيانًا قد تتطابق المواصفات في المكر ..

 

 

 

 

أما بعد: يستدير الزمان ويعود كهيئة يوم أن أشرقت الأرض بنور الإسلام يستدير الزمان فتعود الأمور، كما كانت في فجر الإسلام من حقد ومكر وكيد وإذلال واستضعاف لأتباع هذا الدين.

يستدير الزمان وتتطور الأفكار وتستجد والمستجدات ولكن عقل الإنسان يظل محدودا في تفكيره ويتقدم الزمان ويمكر الماكرون ولكن المكر يبقى محدودا ومكر الله تعالى لا حدود له وأما مكر البشر فإنه محدود وأحيانا قد تتطابق المواصفات في المكر .

حين أشرقت شمس الإسلام على هذه الأرض ببعثة النبي عليه الصلاة والسلام كان الناس ينظرون إليه نظرة استغراب كونه يفارق ويخالف ما عليه الملأ .

ونظرًا لوجود الناس ينظرون إليه نظرة استغراب؛ كونه يفارق ويخالف ما عليه الملأ، ونظرًا لوجود من كان قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم يسير على نفس هذا السير، وعلى نفس هذا النهج.

ولما كان لا تأثير له على أرض الواقع ولما كان لا يتدخل في شئونهم، فليس له هدف معلن ما كانوا يستغربون طريقته صلى الله عليه وسلم، فكانوا يرونه يصلى لله سبحانه وتعالى ويقولون: دعوه يعبد ربه بالطريق التي يراها، إنها حرية مزعومة، أو بتعبير العصر ديمقراطية فارغة عن محتواها، وعن مضمونها؛ فلقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يعبد الله تعالى يدعو إلى دينه ويتتابع الناس للدخول في دين الله تبارك وتعالى، ويعبدون الله معه على الطريقة التي جاء بها حتى إن عمه يقول له: ماذا تصنع يا ابن أخي؟

قال: أعبد الله.

قال: أمرك ربك بهذا؟

قال: نعم.

قال : فاعبد الله .

إنها حرية كان يعشها الناس، ولكنها فارغة على المضمون حينما تكون هذه الحرية لا ضابط لها من يشاء أن يزني فليزني، ومن شاء أن يعبد الصنم فليعبد، ومن شاء أن يأكل فليأكل، من شاء أن يغير على قبيلة فليغير، ومن شاء أن يقنن قانونًا فليفعل، والأمر فوضى طالما والملأ من القوم وأشراف الناس هم الذين يتحكمون في الرقاب، وهم الذين يتحكمون في نهاية الأمر باتخاذ القرارات، طالما هم كذلك فليفعل عامة الناس الذين هم إما ظاهرًا أو باطنًا تحت سلطة هؤلاء الناس فليفعل ما شاءوا.

إن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم كما هو معلوم مرت بمراحل: من هذه المراحل أنها كانت في البداية دعوة سرية، ومن هذه المراحل أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم أمر ألا يتعرض للناس في بداية الأمر؛ لأنه يعيش في مرحلة ضعف واستضعاف، وليس له من البشر ناصر.

والله تعالى يريد أن يجري سنته (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [يونس: 99]، بمجرد أن يقول لهم قولوا : لا إله إلا الله، قال الناس لا إله إلا الله، ولكنه سبحانه وتعالى يريد أن يُجري سننه في هذا الكون ليتخذ المؤمنون منها دروسًا وعبرًا وعظات.

من هذا المراحل أنه بعد مرور فترة من الزمن بعد أن كان يدعو سرًّا أمره ربه أن يدعو جهرًا، قال الله تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) [الشعراء: 214]. وقال: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ) [الحجر: 94].

وطالما لم يتعرض لآلهتهم بسوء ولم يسفّه أحلامهم، ولم يتكلم في عباداتهم الأمور تمشي على خير ما يرام.

ولكنه صلى الله عليه وسلم لما أمره ربه أن يصدع بالدعوة، وأن يصبر على الأذى من ها هنا جاءت المفاصلة من قبل المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم ولأتباعه وتدرجوا معه صلى الله عليه وسلم تدرجًا من باب إبداء الحلول المختلفة التي إن لم ينفع واحد نفع آخر من باب إعمال الفكر وعصف الذهن، لعل واحدة من هذا الخطط ينفع من النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم كانوا يدعون حسب ادعائهم أنهم لو يعلمون أنه مرسل من ربه لاتبعوه وهم كانوا على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام يؤمنون بالله وبوجوده سبحانه .

الحاصل هنا أنهم أعملوا فكرهم، وعصفوا أذهانهم وحاولوا أن يبدعوا في إيجاد الحلول لهذه المعضلة التي نزلت بهم فابتداؤها أولاً بالحوار هذا الحوار هل يوصل إلى حل أم لا يوصل؟ واستدعوه وبحضرة عمه أبي طالب يقولون له بصريح العبارة: إن أردت ملكًا ملكناك . أبق صفنا واحدًا.

فيقول صلى الله عليه وسلم: "ما لهذا بُعثت"، ليست القضية قضية ملك ولا قضية سيادة ولا قضية جاه ولا قضية ظهور ولا قضية سلطة، إنها قضية دين الإيمان بالله عبادة الله نبذ عبادة الأصنام والأوثان انتشال الناس من هده الجاهلية التي يعشون فيها إلى نور الإسلام.

قالوا: إن أردت مالاً نجمع لك حتى تكون أغنانا هل المشكلة أنك فقير وأن أتباعك فقراء نجمع لك المال المهم أن تكون معنا، وأن تكون في صفنا جاهًا ومالاً.
قال: "ما لهذا بُعثت".
قالوا: إن أردت زوجة زوجناك أجمل نساء العرب؟
قال: "ما لهذا بُعثت".

قالوا: إن كان بك جنون عالجناك، وأتينا لك بأمهر الأطباء، هذه المسألة لم تنفع معهم وهذه الخطة كانت فاشلة وعادوا خائبين .

ويعملون الخطة الثانية: التي فيها نوع من المحاورة ونوع من المغالطة ونوع من الخلط بين الأوراق ونوع كما يدعون من الحرية الزائفة: عبد إلهتنا سنة نعبد إلهك سنة، وهذه مسألة مسك العصا من النصف عبد إلهتنا سنة نعبد إلهك سنة .

امدح ما نحن عليه نمدح ما أنت عليه وقد فكر صلى الله عليه وسلم بهذه القضية مليًّا حتى أنه لولا أن ثبته الله تعالى كما قال سبحانه: (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً * إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً) [الإسراء: 74-75].

وقال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) [القلم: 9]، ودوا لو تداهنهم فتمدح آلهتهم فيمدحون ما أنت عليه، وأنت معتدل، وأنت طيب وأنت تستحق الثناء والمدح وتستحق الثناءات وتستحق الشهادات العالية ولكن الله تعالى ثبته فلم يظفروا بهذا كله من شيء .

 

 

الخطة الثالثة:

تأتي قضية الحصار لعله يتراجع حصاره وحصار من معه وحصار من يقف بجواره، أين الحرية التي تزعمونها؟ أين هذه الحرية وأين هذه الديمقراطية؟ وأين حواركم الأول يحاصر ويحاصر من معه، ويحاصر بنو هاشم وبنو عبد المطلب الذين رفضوا استمرار ما بين عامين إلى ثلاثة أعوام لا يناكحون ولا يزوجونهم كفار قريش، ولا تتزوجون منهم، ولا يتركون سببًا من أسباب الزرق يصل إليهم.

وكان إذا جاءت قافلة أمرهم أبو لهب أن يغالوا بالثمن؛ لأن هذا من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم فيغالي عليه الثمن فيخرج ما عنده من المال فيغالى عليه مرة أخرى فيرجع جائعًا إلى أبنائه يتضاغون جوعًا ومرضًا ليس بيده شيء مما يطعمهم.

ثلاثة بأعوام على أطول مدة قالها أصحاب السير، وهم وصلوا لدرجة أن أحدهم كان يأكل أوراق الشجر ويضع كما تضع الشاة، ويخرج أحدهم للبول فيسمع من آثار خروج البول صوتًا هو صوت جلد يابس فيحفر له فيأخذه فيحرقه ويأكله .

هذه المدة الطويلة مع من معه من المسلمين ومن كفار، أما المسلمون فامتثالاً لأمر الله عز وجل وثباتًا على الدين، وأما المشركون فحمية لمحمد صلى الله عليه وسلم عندهم شهامة وعندهم كرامة، ولكنهم جمعوا بين النقيضين جمعوا بين الحمية والكفر بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

وتمر الأيام ويبدأ بعض الناس يتململ من الذين وقعوا على الصحيفة الجائرة الظالمة لمحاربة هذا الفكر الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هذه الوثيقة الظالمة هي نفس الوثيقة التي وقّعت عليها الدول بما يسمونه بمحاربة الإرهاب هي نفسها عينها، وهي ذاتها يبدأ البعض يتململ، ويأتي الوحي من الله تعالى أنه سبحانه وتعالى قد أرسل الأرضة وأكلت الوثيقة التي علقت داخل جوف الكعبة ظلمًا وعدوانًا، وفيها من الظلم وقطيعة الرحم وقسوة القلب والأنانية والإصرار على الكفر بالله العظيم بُعث إليه وأوحي إليه أن الأرضة قد أكلتها عن بكرة أبيها إلا ما كان فيه ذكر الله عز وجل.

ويخبر النبي عليه الصلاة والسلام عمه يا أبا طالب فيقول له يا عم: إن الوثيقة التي أجمعت عليها قريش قد أكلتها الأرضة إلا ما كان فيه ذكر الله عز وجل، ويريد أبو طالب أن يختبر هذا الموقف وهذا الكلام الذي أتى محمد صلى الله عليه وسلم، ويخرج إلى قريش يوهمهم أنه يريد أن ينزل وأن يوقع وأن يدخل ضمن هذا الحلف شريطة أن يؤتوه الوثيقة من أجل أن تقرأ عليه مرة أخرى، ثم إنه قال لهم: إن ابن أخي قد أخبرني أن ربه قد أرسل لهذه الصحيفة أرضة فأكلتها إلا ما كان فيه ذكر الله تعالى، فإن كان صادقًا رجعنا عن ظلمنا، وإن كان كاذبًا دخلت معكم في الحلف.

قالوا: رضينا ويبعثون من يأتي لهم بهذه الصحيفة، فإذا هي كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام قد أكلتها الأرضة إلا ما كان فيها اسم الله تعالى.

فما كان من كفار قريش إلا أن قالوا لأبي طالب: انظر إلى ما بلغ إليه سحر ابن أخيك. وهذا استكبار وعتو وهيمنة وغطرسة أنها القوة في وقت كان فيه النبي عليه الصلاة والسلام مستضعفًا، وما زاد أبو طالب هذا الموقف إلا ثباتًا على ما هو عليه من الكفر والضلال.

ومن هنا هذا الحصار الظالم سعى في رفعه خمسة نفر من أبناء قريش من أجل نقضه، وكان هذا التململ نتيجة لتحرك قلوبهم ووجود شيء من الرحمة في هذه القلوب حتى قال بعضهم: يا معشر قريش بجوار الكعبة وهم يطوفون حول الأصنام؛ أنأكل الطعام ونشرب الشراب ونلبس الثياب وأبناء عمومتنا لا يأكلون ولا يشربون، ولا يصل إليهم شيء من الزاد، إن هذا لهو الظلم، وتداعى هؤلاء الخمسة وكانوا من الأشراف يستطيعون أن يتكلموا وما رهنوا رقابهم لأحد من الناس حتى يسكتوا، وهم يعلمون الظلم؛ ليكن ما يكون، وفعلاً سعوا إلى نقض هذه الصحيفة الظالمة وأمروا المسلمين وبني هاشم وبني عبد المطلب أن يخرجوا من الشعب، وأن يعودوا إلى بيوتهم وفعلاً عادوا إلى بيوتهم ولكن يا ترى هل وقفت قريش مكتوفة هنا؟

أم هنالك أيضًا أفكار بدائل بل هناك أفكار بدائل بالطبع خلال هذه المدة قُتل من قتل وشُنق من شنق، وطُعن من طعن، وجُرح من جرح، أين عمار وأين أبوه وأين أمه وأين بلال؟! وأين خباب طيلة هذه الفترة، وهم يعذبون في الله تعالى، وهم صابرون ثابتون على دينهم يأتي بعد ذلك ما كررناه مرارًا، وهو النظر في إحدى ثلاث حلول كحل أخير:
- إما أن يُحبس صلى الله عليه وسلم
- وأما أن يطرد خارج البلاد ويسفر.
- وإما أن يقتل صلى الله عليه وسلم.

وبعض المداولات اتضح لهم أن قضية الحبس وقضية الطرد ليست نافعة، وإنما أحسن حل هو القتل فتذهب معه أفكاره أدراج الرياح، ويحاولون قتله ويعودون خائبين كما ذكرنا في جمعة مضت .

أيها الإخوة الفضلاء: زمن الاستضعاف يطغى فيه المستكبرون، ويظهر فيه الجبارون الذين يسطرون قوانين، ولا يحترمونها، والذين يرون أن لكل إنسان أن يفعل ما يشاء، وأن يعتقد ما يشاء، وأن يصنع ما يشاء إلا إذا كان هذا من المسلم .

إنها نفس الديمقراطية القرشية الظالمة، نفس الحرية المزعومة عند قريش هي ما يدور في هذه الأيام تمامًا مطابقة مائة بالمائة، إخوانكم اليوم في غزة محاصرون، مجوعون فيهم من الأمراض ما فيهم وفيهم من الجوع ما فيهم أُغلقت المحلات، أُغلقت الورش، أُغلقت المصانع لماذا؟

لقد صعد هؤلاء الناس إلى سدة الحكم وفق القوانين الغربية الديمقراطية الذي اختارهم الشعب ما صعدوا بالدبابات ولا بالمدافع ولا بالرشاشات، وإنما صعدوا لأن الناس يحبونهم لأنهم أحرار، وأنهم أباة وأنهم شرفاء أيديهم متوضئة ونظيفة ليست ملطخة بالسرقات ولا بالدماء ولا بشيء من هذا، وسكت عليهم العالم إلا غمغمات يسيرة من بعض الدول وعلى رأسها أمريكا لماذا؟

تقنن أمريكا القانون ثم تنقضه هنا؟ لأن المسلمين نجحوا، فسكتوا عليهم، ثم جاء طور آخر لمحاورتهم، لعل الحوار ينفع، لكن هؤلاء لا يريدون أن يعترفوا بإسرائيل. وإن كان عليهم ثمة شيء من الملاحظات؛ لأنهم كانوا ربما يريدون التنازل عن شيء من الأرض، ولكن لم يصرحوا بهذا ولم ينفذ شيء من هذا المهم صعدوا وفق المعايير الدولية تفويض معهم لم يمسكوا العصا من النصف لا اعتراف بإسرائيل لا اعتراف بإسرائيل، اترك المقاومة لا ترك المقاومة إن هذه بلدهم هذا بلدهم وهذا بلد محتل والسلطة مليئة بالمتناقضات فيهم الاشتراكي والخائن، وفيهم البهائي النجس الحاقد على الدين وعلى الإسلام وفيهم العلماني الحاقد على هؤلاء.

والناس الذين يريدون أن يطهروا الأقصى من دنس اليهود أن أكبر خلل خللهم من الداخل؛ لأن أولئك انقلبوا عليهم دون أي مبرر، وكانوا على سبيل الدوام في صف اليهود، وكم صنعت من قيادات على أيدي فلسطينية عميلة تدفع لها أبخس الأثمان لبريق دماء إخواننا وأبناء جلدتها وأخرى مخطط لهم محاولة اغتيال هنية، ولكن أفشلهم الله عز وجل هذا الحصار الظالم الجائر جميع المنظمات تجمع أموالاً من جميع البلاد، بل أمريكا تدعم منظمات تقلق الأمن في كثير من البلاد في أمريكا الجنوبية وفي إفريقيا وأمريكا نفسها تدعمها وتدعمها علنًا بدون استحياء.

ولكن المسلم يبخل أن يدفع لمنظمة إسلامية تدافع عن حقها، وتدافع عن عرضها وتدافع عن نفسها، وتدافع عن مقدساتها، ثم للأسف الشديد لا نخوة ولا حركة، إطلاقًا من كثير من الحكومات في بلاد الإسلام إنه خضوع ورضوخ بل واعتراف ضمن بوجود إسرائيل، وإن لم يصرح بعضهم فهنالك تسريبات باتفاقات مبطنة الحاصل أن أكثر هؤلاء الحكام الذين حول إسرائيل هم يدافعون عن أمنها وهم يدافعون عن هذه الدولة النكدة التي غرست في جسم هذه الأمة.

لم يستطع حكام المسلمين قاطبة عربهم وعجمهم أن يتخذوا موقفًا من إسرائيل، وأن يتخذوا موقفًا من أمريكا أو من هذه الدول التي تدعم اليهود ما استطاعوا، بل إنهم وإن اجتمعوا في قمتهم في الجامعة العربية إنما يخرجون بمزيد من الوهن والوبال والتفكك وبمزيد من الانشقاق كفانا اجتماعات لا على مستوى القمة، ولا على مستوى القاعدة، نريد عملاً ونريد اتخاذ قرارات جازمة حاسمة صحيح أن هذا الاجتماعات أقول: قد للتقليل وقد تكون من ورائه شيء، ولكن لا تستطيع أي دولة من الدول أن توصل أي معونة من المعونات، وكم صرفت من أموال وتبرع المتبرعون من الحكام على حدّ زعمهم للشعب الفلسطيني، وكان هذا إنما هو للتسويق والترويج والإعلامي فحسب لم يصل إليهم شيء إطلاقًا، فمن أين سيدخل؟ من السماء سينزل عليهم؟!، إما من الأردن وإما سيدخل عبر المصارف، وإما من مصر وإلا من سوريا، وهذه الدول كلها حامية لإسرائيل بكل ما تحتويه الكلمة من معنى للأسف الشديد .

إخواننا في الله: إخوانكم يعيشون حياة لا أقول بدائية، بل هي أبعد من الحياة البدائية، ولكن إن لم يستطع الحكام أن يفعلوا شيئًا، فالشعوب تستطيع أن تفعل أشياء بإذن الله من كفار قريش قاموا حمية، فنحن أحق بالحمية الدينية وأحق بالحمية العربية الإسلامية من هؤلاء الناس نحن أحق بأن نقوم بواجبنا كما ينبغي.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله من ولاه، وبعد:

فإن المسلم إذا قارن بين هذين الحصارين من أوجه التشابه، فإنها كثيرة جدًّا، ولكن للأسف الشديد الأقوياء من المسلمين أصحاب النفوذ ليسوا قادرين على أن يخالفوا رغبة أمريكا والدول التي تدعم اليهود هذا شيء مؤسف للغاية العالم كله أو جُله يعتقد أن وجود اليهود في فلسطين وجود شرعي، ومع هذا تقوم بما تقوم به من الأعمال والعالم كله ساكت، وإنما يريد فقط مجرد التخفيف من وطأة الحصار ليس هو حصار فقط، وإنما حصار في الأرض تدمير في السماء اغتيالات وقتل وتشريد يوميًّا، وصار الإعلام ليس أمرًا صعبًا، بل الشخص العادي من المسلمين يرى ويسمع ويقرأ يوميًّا ما يحدث للمسلمين في هذا البلد، وغير هذا البلد، لكن انظروا إلى تفكك المسلمين، وانظروا إلى العداوة القائمة بين المسلمين ربما بعض المسلمين يعادي إخوانه أشد من عداوته لليهود!!!

نعم بعضهم يعادي بلد آخر أكثر من عداوته لليهود لا يرى بأسًا من وجود اليهود ولا يرى بأسًا إن كان هناك تعايش بين اليهود والمسلمين، وأن تشكل دولة واحدة لليهود والمسلمين في فلسطين، وهلم جرا وبالمقابل ربما يعادي شعب بأسره لا لشيء إلا لمماحكة سياسية شخصية بينه وبين فلان من الناس.

إخوتنا في الله: مصانع عزة أغلقت لا كهرباء ورش أغلقت كذلك بالتالي هذا يؤدي إلى البطالة فعشرات الآلاف من الموظفين صاروا عاطلين عن العمل متأخر أغلقت لنفاذ المواد الموجودة فيها مستشفيات لا يوجد فيها العلاج البدائي، فضلاً عن العلاج التخصصي للأمراض الخطيرة للكلى وللسرطان وللقلب وما شاكل ذلك .

أجهزة تعطلت لا قطع غيار لها، كل هذا على مرأى ومسمع، بل ليس على مرأى ومسمع الناس، بل على رقصات الطبول والسيوف مع ذلك الصليبين الصهيوني الحاقد على بلاد الإسلام والمسلمين المتآمر ضد المسلمين والداعم الأساسي الرئيس لليهود يتراقص بعضهم على رقصات الطبول والسيوف، وكأنه يقول: هذه السيوف التي كنتم حاربتمونا بها قديمًا ها أنا ذا أمسكها، وها أنا ذا أرقص بها أمامكم بل تبلغ به الصفاقة والوقاحة وتبلغ ببعضهم الصفاقة والوقاحة أن يقدم بنتًا من بنات المسلمين ليقبلها هذا النجس بفمها على مرأى ومسمع من الناس ولعل أكثركم رأى هذا.

ما هذا؟ وجوم وصمت وإخواننا يجوعون يموتون جوعًا ويموتون من آلام الأمراض للأسف الشديد ليس هنالك رجل رشيد من حكام المسلمين يستطيع أن يفعل شيئًا هؤلاء اليهود لا يزيد عددهم على مليونين، والمسلمون يستطيع أن يفعل ما لا تفعله اليهود، أي بلد من البلدان، ولا أي جيش من الجيوش ولكن كأن الأمر لا يعنيهم!

منذ أن قسمت البلاد الإسلامية وصارت القضية الفلسطينية قضية عربية، ثم صارت قضية فلسطينية لا دخل بها لبقية الناس إطلاقًا للأسف الشديد، هكذا تضيع الحقوق، ولكن أقول: لن يضع القدس أبدًا.

إنما هذا الطريق طريق صحيح طريق محفوف بالمخاطر فيه إراقة دماء وفيه إزهاق للأرواح لكن العاقبة في نهاية هذا الطريق ستكون لماشين في هذا المجال.

أولئك العملاء أولئك الخونة سوف يرميهم التأريخ في مزبلته، وسوف تغتالهم الأيدي التي تدفع لهم الدولارات كما فعل بأسلافهم من قبل سيفعل بهم بإذن الله عز وجل، وسيشفى الله صدور قوم مؤمنين باسترجاع الأقصى الشريف، وتخليصه من دنس اليهود، وسيرنا الله عز وجل، ويقر أعيننا أبنائنا وأبناء أبنائنا بهذا لكن هذا طريق طويل بل شاق محفوف وبالمخاطر ليس كطريق أولئك الذين يريدون الشرف ولا يريدون الرئاسة. ولا يريدون المدح ولا يريدون غير هذا.

لم يكن أسلافهم كما هم الآن كم عقدت اجتماعات، وكم مدت الأيدي للتصافح مع اليهود في الزمن الأول في أيام عرفات لاحظوا الآن ما هو حاصل للأسف الشديد هذه مشكلة ومعضلة .

أيها الإخوة الكرام: ليس أقل من أن نمد لهم يد العون بقليل من الريالات لنخفف عنهم المعاناة، اعلم أننا لن نستطيع أن نوصل إليهم حاجتهم، ولكن القليل اليسير، وهم نحسبهم والله حسيبهم قد ربطوا على بطونهم الحجارة. وهم معتقدون عايشون الآن ولا مال عندهم، فإذا جاءهم القليل فعل أمرًا عظيمًا بإذن الله تعالى.

أدعوكم أدعو نفسي في هذا اليوم المبارك وجمعية الأقصى الشريف أبوابها مشرعة مفتوحة في أي وقت لمن أراد أن يتبرع لإخوانه، لكننا في هذا اليوم سنجمع لهم إن شاء الله تعالى.

أسأل الله تعالى أن يخلف على كل من تصدق على إخوانه في هذا اليوم.

والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

المرفقات
غربة الدين.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life