عناصر الخطبة
1/ الزواج نعمة وتكريم لابن آدم 2/كراهة البقاء بلا زواج 3/عوائق وعقبات في طريق الزواج 4/منكرات الأفراحاهداف الخطبة
1/بيان مفاسد تأخير الزواج والعزوبة 2/التحذير من منكرات تعيق الزواج وتعقدهاقتباس
من عقبات الزواج عضل النساء ومنعهن من الزواج بالمتدينين ظلما، لأعذار واهية أو شكليات ساقطة، يسألون الخاطب: كم عنده؟ وما عمله؟ ومن أين دَشْرَتُه وقبيلته؟ فتتأخر البنت عن الزواج قهرا، إذ حكم عليها أبوها بالسجن المؤبد في بيته إلى أن يشاء الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". ومن عوائق الزواج غلاء المهور، فمن المؤسف أن أصبحت النساء سلعا تباع في المزاد لأكثر معط...
الخطبة الأولى:
أما بعد:
أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، (ياأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَلأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]، فكما أنكم تعظمونه بالإقسام به فكذلك اتقوه عند الأمر والنهي، واتقوا الأرحام أن تقطعوها، واتقوه فهو ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وهي آدم، ثم خلق منها زوجها وهي حواء، خلقت من ضلع آدم، "إن المرأة خلقت من ضلع" رواه مسلم.
خلق الله المرأة الأولى من الرجل فهي جزء منه يحن إليها حنين الشيء إلى جزء من أجزائه، كما أنها من أعظم أسباب سعادته متى حصل الوئام بينهما، لذلك امتن الله على عباده فقال: (وَمِنْ ءايَـاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـاتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21]، من آياته الدالة على رحمته وعنايته بعباده وحكمته العظيمة وعلمه المحيط, أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا يناسبنكم وتناسبونهن، وتحنون إليهن وتحن إليكم حنين الذات إلى أصلها، لتسكنوا إليها سكن النفس والجسم بالحلال هداية إلى فطرة الله، وجعل بينكم مودّة ومحبة تربط فيما بينكم، كما جعل الرحمة التي يعطف بها أحدهم على الآخر خاصة عند غياب المودة.
ومن تمام تكريم الله لابن آدم أن ربط العلاقة بين الرجال والنساء بالزواج، خلافا لسائر المخلوقات التي لا تغيب فيها الزوجية, لكن تغيب هذه الرابطة رابطة الزواج التي أمر الله بها فقال: (فَنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ النّسَاء) [النساء:3]، بل وجعله من سنن خيرة خلق الله فقال: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً) [الردع:38]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"، وفي الصحيحين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء"، وفي الحديث عند الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أربع من السعادة" وعدّ منها: "الزوجة الصالحة"، وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة" بل قد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي" [الصحيحة625]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- :"ثلاثة حق على الله عونهم: المكاتب يريد الأداء، والناكح يريد العفاف، والمجاهد في سبيل الله"أخرجه الترمذي.
لهذا جاء عن عمر قوله لقبيصة -رضي الله عنهما-: "ما يمنعك عن الزواج إلا عجز أو فجور" [أخرجاه في مصنفيهما وفيه انقطاع]، ويقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لو لم يبق من أجلي إلا عشرة أيام، ولي طول على النكاح لتزوجت، كراهية أن ألقى الله عزبًا" [أخرجه عبد الرزاق وهو ثابت بمجموع الطرق]، ويقول الإمام أحمد -رحمه الله-: "ليست العزوبة من الإسلام في شيء، ومن دعاك إلى غير الزواج دعاك إلى غير الإسلام" [انظر: المغني]، وقال أيضا: النبي تزوج أربع عشرة، وتوفي عن تسع، ولو ترك الناس الزواج لم يكن غزو ولا حج، وقد كان النبي يصبح وليس عندهم شيء، ومات عن تسع، وكان يختار النكاح ويحث عليه، وينهى عن التبتل، فمن رغب عن السنة فليس على حق، ويعقوب في حزنه تزوج وولد له، والنبي قال: "حبب إليّ النساء".، فقيل له: إبراهيم بن أدهم يحكى عنه أنه قال: لروعة صاحب العيال... فما تركه يكمل الكلام حتى صاح به: "وقعت في بنيات الطريق، انظر إلى ما كان عليه محمد وصحبه" ثم قال: "بكاء الصبي بين يدي أبيه يطلب منه الخبز أفضل من كذا وكذا، أين يلحق المتعبد الأعزب؟!".
ومع هذا كله يشهد مجتمعنا اليوم معضلةَ تأخرِ الزواج، وكثرة المشاكل فيه، مما يحتم على الجميع الاعتناء بالموضوع سواء الإخوة أو الأولياء أو المرشدون والمصلحون أو الأغنياء والأعيان من الصالحين.
أيها المؤمنون: لقد يسر الله أمر الزواج غاية التسهيل، وقال -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو داود: "خير النكاح أيسره"، وقال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" رواه الترمذي وابن ماجه.
أما حال الناس اليوم فعقبات وجبال في طريق العفة: منها تأخير الكثير من المستطيعين الزواج إلى أن يتوفر له عمل ثابت! ومن يملك هذا؟! أمضى أناس أعمارهم في شركات ثم طردوا من مناصبهم، ثمّ أليس الرزق بيد الله؟! أو تؤخر البنت زواجها إلى أن تنهي دراستها، وماذا تنفعها الدراسة إذا ضيعت وصف الأمومة؟!
أيها الشباب القادر: توكل على الله، وحصن نفسك، ولا تتعلق بأمور مثالية وهمية متذرعا بما يسمونه تأمين المستقبل! فالله -عز وجل- يقول: (وَأَنْكِحُواْ الأَيَـامَى مِنْكُمْ وَلصَّـالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) [النور:32]، وصديق هذه الأمة -رضي الله عنه- يقول: "أطيعوا الله فيما أمركم من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى"، ويقول ابن مسعود ر-ضي الله عنه-: "لتمسوا الغنى في النكاح".
ومن عقبات الزواج عضل النساء ومنعهن من الزواج بالمتدينين ظلما، لأعذار واهية أو شكليات ساقطة، يسألون الخاطب: كم عنده؟ وما عمله؟ ومن أين دَشْرَتُه وقبيلته؟ فتتأخر البنت عن الزواج قهرا، إذ حكم عليها أبوها بالسجن المؤبد في بيته إلى أن يشاء الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
ومن عوائق الزواج غلاء المهور، فمن المؤسف أن أصبحت النساء سلعا تباع في المزاد لأكثر معط. إن المهر في الزواج -يا عباد الله- وسيلة لا غاية، يقول الفاروق -رضي الله عنه-: "ألا لا تغالوا في صداق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا، أو تقوى في الآخرة، لكان النبي أولاكم بها؛ لم يصدق امرأة من نسائه ولم تُصدق امرأة من بناته بأكثر من ثنتي عشرة أوقية"، ولعله لا يزيد في عملتنا المعاصرة على ثلاثة آلاف دينار، لو فعل هذا أحدهم اليوم لقيل له: تصدّقَ بابنته، وقد زوج المصطفى رجلاً بما معه من القرآن [أخرجه البخاري]، وقال لآخر: "التمس ولو خاتمًا من حديد"[أخرجه البخاري].
ومما عطل الكثير من القادرين على الزواج عنه تكاليف الأعراس والشكليات التي أحيطت به تبذيرا وفخرا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن أناسًا يتخوّضون في مال الله بغير حقه لهم النار يوم القيامة"[أخرجه البخاري].
ألا يتذكر أولئك إخوانا لهم لا يجدون لقمة العيش؟!
المقصود من وليمة العرس -يا عباد الله- الاجتماع لإعلان الفرح بالحلال، أما (الزُّوخ والفُّوخ) فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل، والمتباريان هما المتعارضان بفعلهما ليعجز أحدهما الآخر بصنيعه، وإنما كره لما فيه من المباهاة والرياء.
وفي البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أولم على بعض نسائه بمدَّين من شعير، وفيه أيضا عن أنس في وليمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بصفية: فما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بالأنطاع فبسطت، فألقي عليها التمر والأقط والسمن.
التعليقات