عناصر الخطبة
1/شعار العشر الأوائل من ذي الحجة 2/بشرى لمن هلل وكبر 3/فضائل يوم عرفة 4/من أعمال يوم النحر 5/الأضحية سنة مؤكدة 6/شروط الأضحية.

اقتباس

يوم التاسع من ذي الحجة هو يوم عرفة، سيقف الحجاج في صعيد عرفة، ويشاركهم المسلمون في أماكنهم وبلدانهم بصيام هذا اليوم، الذي هو أهون أيام النوافل صومًا، فأفضل ما يُصام من العشر: صيام يوم عرفة لغير الحجاج، أما الحاج فالسُّنة في حقه أن يُفطر...

الخطبةُ الأولَى:

 

الحَمْدُ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شهادةً نرجو بها النجاة والفلاح يوم لقاه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله ومصطفاه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ، وعلى آله، وأصحابه، ومن سلف من إخوانه من المرسلين، وسار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فاتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من دينكم الإسلام بالعروة الوثقى؛ فإن أجسادنا على النار لا تقوى؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا المؤمنون: هذه العشر الفاضلات قد انتصف، فمضت أيامها بما أودعتموه فيه من أداء الفرائض وإتباعها بالنوافل والانتهاء عن المحرمات، وبقي من هذه العشر أقل من نصفها، فما أنتم صانعون فيها يرعاكم الله؟ العشر شعارها عند المؤمنين التكبير المطلق؛ الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

 جاء في الحديث الصحيح عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أنه قال –وهذه بشرى لكم أيها المكبرون، وبشرى لكم أيها الملبّون-: "ما أهلَّ مهلٌ إلا بُشِّر، وما كبّر مكبرٌ إلا بُشِّر"، قالوا: بِمَ بُشِّر يا رسول الله؟ قال: "بُشر بالجنة".

 

عباد الله: يوم التاسع من ذي الحجة هو يوم عرفة، سيقف الحجاج في صعيد عرفة، ويشاركهم المسلمون في أماكنهم وبلدانهم بصيام هذا اليوم، الذي هو أهون أيام النوافل صومًا، ففي صحيح مسلم من حديث أبي قتادة الأنصاري -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أنه رجلاً سأل النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- عن صيام يوم عرفة، قال: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر سنتين الماضية والباقية"، وسأله عن صيام يوم عاشوراء قال: "أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية".

 

فأفضل ما يُصام من العشر: صيام يوم عرفة لغير الحجاج، أما الحاج فالسُّنة في حقه أن يُفطر، تأسيًا بنبينا محمدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

 

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله، الحمد لله الذي أعاد مواسم الخيرات على عباده تترا، فلا ينقضي موسمٌ إلا ويعقبه آخرُ مرةً بعد أخرى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً نرجو بها النجاة والفلاح في الدنيا والأخرى، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، عبده المصطفى ونبيه المجتبى، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه أولي النهى، وسلّم تسليمًا كثيرًا دائمًا أبدًا محتفى.

 

أما بعد: عباد الله: إن من أفضل الأعمال في يوم العيد، يوم النحر، يوم الحج الأكبر: ذبح الهدايا للحجاج المتمتعين والقارنين، وذبح الأضاحي للمسلمين في أماكنهم، فما تُقرِّب إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- في يوم العيد بشيءٍ أفضل من إهراق دم، وإن الدم –يا عباد الله- ليبلغ عند الله بمكان؛ أي بمنزلةٍ عظيمة رفيعة، قبل أن تبلغ قطرته الأرض.

 

 وذبح الأضاحي -يا عباد الله- سنةٌ مؤكدة، وهو واجبٌ لمن كانت عنده وصايا من آبائه وأجداده؛ (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)[البقرة: 181].

 

ومن أراد أن يضحّي فإنه يشارك الحجاج في نوع الإحرام؛ في إمساكه عن شعره فلا يأخذ منه شيئًا، وعن ظفره وعن بشرته فلا يمسها بالأخذ منها، لما رواه مسلم من حديث أم المؤمنين أم سلمة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- قالت: قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "إذا دخل العشرُ وأراد أحدكم أن يضحّي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره ولا من بشرته شيئًا".

 

 وهذا الحكم -يا عباد الله- خاصٌّ بالمُضحِّي في خاصة نفسه، لا من يُضحِّي عنهم من أهله وولده، ولا من يقوم بالأضحية عنه وكالة، كما يعتقده بعض الناس؛ فيظن أنه إذا وكَّل وكيلاً يذبح أضحيته أنه لا يُمسك عن شعره وظفره، وإنما الذي يمسك هو الوكيل، وهذا ظنٌ خاطئ؛ فإن الذي يمسك وجوبًا شرعيًّا هو المضحي في خاصة نفسه.

 

واعلموا –عباد الله- أنه لا يجزئ في الأضاحي من لم تبلغ السن الشرعية؛ فأما من الضأن فما بلغت جذعًا وهي ستة أشهرٍ فأكثر، وأما من الماعز والتيوس فما بلغت سنيًّا وهو سنةٌ فأكثر، وأما من البقر فما كانت مسنة، وهي ما لها سنتان، وأما من الإبل فما بلغت خمس سنين، هذه السن الشرعية المعتبرة في الأضاحي والهدايا.

 

ولا بد أن ينتبه المضحي والمهدي إلى سلامتها من العيوب الشرعية، والمجمع عليها أربعٌ قال فيها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "لا تجزئ العوراء البيّن عورها، ولا العرجاء البيّن ضلعها، ولا العجفاء البين عجفها، ولا المريضة البيّن مرضها"؛ لأن الله -جَلَّ وَعَلا- طيبٌ ولا يقبل إلا طيبًا.

 

ثُمَّ اعلموا -عباد الله- أنَّ أصدق الحديث كلام الله، وَخِيرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَى الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار، ولا يأكل الذئب إِلَّا من الغنم القاصية.

 

 اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم اللهم تسليمًا.

 

اللهم تقبَّل منا ومن الحجاج والعُمّار والساعين سعيهم، اللهم اجعلنا في عشرنا هذه من الموفقين، واجعلنا في أعمارنا وأعمالنا من المقبولين، واجعلنا من النار من المعتقين، واختم لنا يا ربنا حياتنا برضوانك، والنجاة من نيرانك، يا رب العالمين.

 

اللهم أبرم لهذه الأمة أمرًا رشدًا يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم آمِنا والمسلمين في أوطاننا.

 

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجعل ولاية أمر المسلمين فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك، اللهم اجعله عزًا للإسلام ونصرًا للسنة، واجعله كهفًا على عبادك وأوليائك المؤمنين، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم اجعل قبورنا وقبورهم رياضًا من رياض الجنة، وأنزلنا في آخرتنا فردوسك الأعلى، يا ذا الجلال والإكرام، نسألك ذلك بوجهك الكريم، وأن ندخلها بغير حسابٍ ولا عذاب، وأن تحل علينا رضوانك، فلا تسخط علينا أبدًا.

 

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم غيثًا مغيثًا هنيئًا مريئًا سحًا طبقًا، اللهم سقيا رحمة، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذابٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ ولا نصب، اللهم أغث بلادنا بالأمن والأمطار والخيرات، واملأ قلوبنا بمخافتك وتعظيمك وتوحيدك، يا ذا الجلال والإكرام رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

عباد الله: إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، اذكروا الله يذكركم، واشكروه عَلَى نعمه يزدكم، ولذكر اللَّه أَكْبَر، والله يعلم ما تصنعون.

 

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life