عناصر الخطبة
1/تأملات في بداية عام دراسي جديد 2/رسالة للمعلمين والمعلمات 3/الاقتداء بخير المربين وأفضل المعلمين 4/رسالة إلى الطلاب والطالبات 5/رسالة إلى أولياء الأمور.اقتباس
أنتمْ القدواتُ والمربّون، دُلّوهم على طريقِ العلمِ، واغرسوا في قلوبِهم محبتَه والإخلاصَ في طلبِه، ربُّوهم على الصِّدقِ وبذلِ الجهدِ والصَّبرِ والمثابرةِ، والحرصِ والمداومةِ، وعليكمْ باستمالةِ قلوبِهم إليكم، والصبرِ عليهم، والنُّصحِ لهم، وكونوا قدوةً لهم بحسنِ أخلاقِكم وتواضِعكم وصبرِكم وحلمِكم وحسنِ تعاملِكم، فكلُّ ذلكَ له الأثرُ العظيمُ في إيصالِ العلمِ نظريًّا وعمليًّا.
الخطبة الأولى:
إنّ الحمدَ للهِ؛ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ منْ شُرورِ أنفسِنَا ومِنْ سَيّئَاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِهِ اللهُ فلَا مُضِلَّ لَهُ، ومنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ ألّا إِلَهَ إِلّا اللهُ وحدهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنَّ محمدًا عبدهُ ورسولُه، صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وصحبِهِ وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: فاتّقُوا اللهَ أَيُّهَا المؤمنونَ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102].
عبادَ اللهِ: بعد غدٍ تَفتحُ مدارسُ العلمِ أبوابَها أمامَ ملايينِ الطلابِ والطالباتِ، بعدَ انتظارٍ دامَ أكثرَ من عامٍ ونصفِ العامِ؛ بسببِ وباءِ كورونَا الذي عِشْنَاه وعاشَه العالمُ من حولِنا، والحمدُ للهِ الذي امتنَّ علينا بعودةِ الدراسةِ حضوريًّا، وجزى اللهُ خيرًا ولاةَ أمورِنا حفظهم اللهُ وجميعَ الجهاتِ المسؤولةِ على تلكَ الجهودِ التي قدَّموهَا وبذلُوها وما زالتْ من أجلِ الحفاظِ على أرواحِنا جميعًا.
وبمناسبةِ بدايةِ العامِ الدراسيِّ الجديدِ ليَ بعضُ الوقفاتِ، فأقولُ وباللهِ التوفيقُ ومنه العونُ والسدادُ:
أولاً: رسالتي للمعلمين والمعلمات مِمنْ اجْتباهُم اللهُ -تعالى- واصْطفَاهم ليكونوا مشاعلَ نورٍ وهدىً ورحمةً، أقولُ لهم: ها همْ أبناؤُنا وبناتُنا الطلابُ والطالباتُ مُقبلونَ عليكم رغبةً ومحبةً في التعلّمِ منكم العلومَ النافعةَ، فكونُوا على قَدْرِ المسؤوليةِ، واستقبلوهُم بحبٍّ وحفاوةٍ وشوقٍ، وأشْعروهم بمحبتِكم وحرصِكم على مصلحتِهم، وافتحوا لهم قلوبَكم، وآذانَكم..
فأنتمْ القدواتُ والمربّون، دُلّوهم على طريقِ العلمِ، واغرسوا في قلوبِهم محبتَه والإخلاصَ في طلبِه، ربُّوهم على الصِّدقِ وبذلِ الجهدِ والصَّبرِ والمثابرةِ، والحرصِ والمداومةِ، وعليكمْ باستمالةِ قلوبِهم إليكم، والصبرِ عليهم، والنُّصحِ لهم، وكونوا قدوةً لهم بحسنِ أخلاقِكم وتواضِعكم وصبرِكم وحلمِكم وحسنِ تعاملِكم، فكلُّ ذلكَ له الأثرُ العظيمُ في إيصالِ العلمِ نظريًّا وعمليًّا.
وتذكُّروا قولَ الحسنِ -رحمه اللهُ-: "لا يزالُ الرجلُ بخيرٍ إذا قالَ: قالَ للهِ، وإذا عَمِلَ: عَمِلَ للهِ، الإخلاصُ هو الهدى والنورُ، عاقبتُه الرضَا والسرورُ، وجنَّاتُ الفردوسِ والحبورُ، ما كانَ في قليلٍ إلا كثَّره، ولا يسيرٍ إلا بارَكه".
ووصيَّتي لكم بتقوى اللهِ -تعالى- في إصلاحِ نيَّاتِكم وأعمالِكم، وبذلِ الجُهدِ في تعليمِكم لهؤلاءِ الطُلابِ والطالباتِ، فهم أمانةٌ كُبرى في أعناقِكم، وهمْ الثَمرةُ المرجوّةُ لكم في حياتِكم وبعدَ مماتِكم، فكلُّ مَنْ علَّمَ وأفادَ ووجَّه ونَصَحَ بصدقٍ وإخلاصٍ حازَ الأجرَ العظيمَ والثوابَ الجزيلَ.
أيُّها المعلمونَ والمعلمات: اعلموا -باركَ اللهُ فيكم- أنَّكم تحملونَ أعظمَ رسالةٍ، وتقتدونَ بأعظمِ رسولٍ، فقد كانَ نبيُّكم -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- خيرَ معلِّمٍ للبشريةِ، قالَ معاويةُ -رضي اللهُ عنه-: "فبأبي وأُمي ما رأيتُ مُعلّمًا كرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، ما كَهَرنِي، ولا ضَرَبَنِي، ولا شَتَمَنِي"(رواه مسلم).
وكانَ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- خيرَ المربِّين، وأفضلَ المعلمينَ، كانَ حليمًا رفيقًا رحيمًا رقيقًا، يُيسِّرُ ولا يُعسِّرُ، يُبشِّرُ ولا يُنَفِّرُ، كانَ طلْقَ الوجهِ، دائمَ البِشرِ والسرورِ، قال جريرٌ -رضي اللهُ عنه-: "ما لَقِيتُ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إلا تَبَسَّمَ في وجهي"(رواه البخاري).
واعلموا أنَّ لطلابِكم عليكُم حقوقًا وواجباتٍ، فكونوا على قدرِ المسؤوليةِ، وأدُّوها على قدرِ استطاعتِكم، وسدِّدوا وقاربُوا وأبشرُوا بما يَسرُّكم، واعلموا أنَّه ما صَدَقَ معلَّمٌ في عملِه إلا كان أثرُ ذلكَ في حياتِه وبعدَ مماتِه.
ثانيًا: رسالتي لفلذاتِ أكبادِنا من الطُّلابِ والطَّالباتِ: أقولُ لهم: ها أنتم تقفونَ على مشارفِ عامٍ دراسيٍّ جديدٍ، حيثُ تعودونَ بعدَ غيابِ عامٍ ونصفِ العامِ إلى أماكنِ دراستِكم، وتلتقونَ بمعلمِيكم لتنهلوا منهم العلومَ النافعةَ، فتأدَّبوا معهم، ووقِّروهُم، وتواضَعوا بين أيدِيهم وتذكَّروا أنَّ كلَّ علمٍ نافعٍ تتعلَّمونَه منهم سوفَ يُنيرُ نفوسَكم وقلوبَكم، وهو هدايةٌ لكم إلى الصراطِ المستقيمِ، وسبيلٌ إلى خشيةِ ربِّ العالمين، وطريقٌ موصلٌ إلى جنَّاتِ النَّعيمِ، قال -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: "مَنْ سَلَكَ طريقًا يلتمسُ فيهِ علمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طريقًا إلى الجنَّةِ.."(رواه مسلم: 2699).
واعلموا -باركَ اللهُ فيكم- أنَّكم أملُ الغدِ، ورجالُ المستقبلِ، وعمادُ الأمةِ، فما قامتْ أمةٌ في نهضتِها بعدَ توفيقِ اللهِ إلا بسواعدِ أبنائِها، فأنتمْ العدةُ في البلاءِ، والزينةُ في الرخاءِ، ومشاعلُ النورِ والخيرِ للبشريةِ جمعَاءَ.
ولتكنْ بدايتكُم صادقةً وجادةً، وإيَّاكُم والكسلَ وضعفَ الهمةِ، وابدأوا عامَكم بجدٍّ ونشاطٍ والتزامٍ في الحضورِ، ولا تؤجلوا عَمَلَ اليومِ إلى الغدِ فتتراكمُ عليكُم الأعمالُ، وكونوا ذَوي همةٍ عاليةٍ في تعلّمِ العلمِ كي تحوزُوا أعلى مدارجِ العلمِ والتوفيقَ والنجاحَ، وعليكُم بإخلاصِ النيِّةِ في الطَّلبِ، لتنفعوا أنفسَكم وترفعُوا الجهلَ عنَّكم، وتنفعوا أوطانَكم وأمتَكم.
أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)[المجادلة:11].
باركَ اللهُ لي ولكمْ في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإيَّاكم بما فيهِ من الآياتِ والعظاتِ والذِّكرِ الحكيمِ، فاسْتَغفروا اللهَ إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على الرسولِ الكريمِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ النبيِّ الأمينِ، صلى اللهُ عليه وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.
أما بعدُ: فاتَّقوا اللهَ أيُّها المؤمنون، واعلموا أنَّ من الوقفاتِ أيضًا:
ثالثًا: رسالتي إلى أولياءِ الأمورِ: اعلموا أيُّها الآباءُ والأمهاتُ أنَّ مسؤوليتَكم عظيمةٌ، ومهمتَكم جسيمةٌ، فقد قالَ نبيُّنَا -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: "كلُّكُم راعٍ وَكلُّكم مَسؤولٌ عن رعيَّتِهِ"(رواه البخاري 893، ومسلم 1829)، وقال أيضًا -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عما استرعاهُ، أحفظَ أم ضيَّعَ؟"(رواه ابن حبان 1562، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة 1636).
وإنّ أولادَكم في أمسِّ الحاجةِ إليكم في ظلِّ ما تعيشُه بلادُنا في مثلِ هذِه الظروفِ الاستثنائيةِ، فهم بحاجةِ إلى مزيدِ عنايةِ ورعايةٍ ومتابعةٍ وتوجيهٍ وإعانةٍ، فلا أقلَّ مِنْ أن تكونُوا عونًا لهم وللمعلمينَ في تعليمِهم وتفوقِهم.
وإنَّ كلَّ وليِّ أمرٍ يتمنَّى، ويرجو أن يَرى ثمرةَ فؤادِه في مكانةٍ مرموقةٍ، ومستوىً علميٍّ كبيرٍ، فعليكم أن تبذلوا جميعَ الأسبابِ من أجلِ تهيئتِهم لبدايةِ دراسةٍ موفقةٍ في هذا العامِ الجديدِ، وكونوا عاملاً قويًّا في إرشادِهم ودفعِهم إلى سُلوكِ طريقِ طلبِ العلمِ والإفادةِ منه.
واعلموا أنَّكم شركاءَ للمدرسةِ في مسؤولِّيتها تجاهَ الطُّلابِ والطَّالباتِ، فليستْ المسؤوليةُ فقطْ في توفيرِ الحقائبِ والدفاترِ والأقلامِ والملابسِ، بلْ بمتابعةِ أحوالِهم في أماكنِ دراستِهم، واحرصوا -باركَ اللهُ فيكُم- على غَرْسِ حبِّ الدراسةِ والمدرسةِ في نفوسِهم، وتوقيرِ المعلمينَ واحترامِهم، فهذا من أعظمِ أسبابِ نجاحِهم وتفوَّقِهم.
ورسالتي الأخيرةُ للجميعِ من معلمينَ ومعلماتٍ وطلابٍ وطالباتٍ وأولياءِ أمورٍ: عليكُم بالأخذِ بجميعِ الاحترازاتِ والإجراءاتِ الوقائيةِ للحفاظِ على أرواحِكم وأرواحَ أبنائِكم من هذا الوباءِ الخطيرِ، ويكفيْنَا شرفًا وفخرًا ما تقومُ به وزارةُ التعليمِ وغيرِها من الجهاتِ ذاتِ العلاقةِ من أجلِ إقامةِ عامٍ دراسيٍّ مميزٍ، يستفيدُ منه الجميعُ.
أسألُ اللهَ -تعالى- أَنْ يوفِّقنا جميعًا لما فيه الخيرُ والصلاحُ والنجاحُ.
هذا وصلُّوا وسلِّموا على الحبيبِ المصطفَى والقدوةِ المجتبى فَقَد أمَرَكُم اللهُ بذلكَ فقالَ -جلَّ وعلا-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
التعليقات