السؤال
أنا طالبة أدرس في تخصص الشريعة، لكن كثيرا ما يستهزئ بي البعض عندما أنصحهم أو أوجههم، ويقولون ما عليك منا يا المطوعة، وكثيرا من تلك العبارات. سؤالي هو: كيف أرد عليهم؟ ولا أجعلهم يؤثرون علي.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبارك الله فيك، ووفقك في طلبك للعلم الشرعي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ. رواه مسلم، وقال تعالى آمرا بطلب الازدياد منه: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا. {طه:114}
وأما ما تشكين منه من سماع لما يؤذيك من استهزاء، وغلظة في الردود لبعض من تذكرينهم بالله؛ فهذا ما لم يسلم منه أنبياء الله تعالى الذين هم صفوة خلقه، وأكرمهم عليه، قال تعالى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ. {الحجر:97-98} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن سمع كلاما يؤذيه -كما في صحيح البخاري-: رحمة الله على موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر. فلك أسوة حسنة بأنبياء الله تعالى والمصلحين من عباده المؤمنين، وعليك بالصبر على طريق الدعوة إلى الله، قال سبحانه: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. {لقمان:17}. واحتسبي الأجر على ما يصيبك في سبيل الله عز وجل، وذكري نفسك بما ورد من نصوص في فضل الصلاح وقت كثرة الفساد؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: بدأ الإسلام غريبًا ثم يعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء. قيل: يا رسول الله! ومن الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس. رواه أحمد وصححه الألباني.
وعليك أن تجعلي قصدك هداية الناس، ودعوتهم إلى الله، لا الانتصار للنفس، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. {فصلت: 34-35} ونوصيك بالرفق واللين في التعامل؛ فإن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا عَائِشَةُ؛ إِنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ. رواه مسلم.
وأما إذا خشيت من تأثرك بمن تدعينهم على دينك، فعليك بالابتعاد عنهم كما بين في الفتوى رقم: 256678. ومن أنفع ما يثبت الإنسان، ويعينه على الطاعة الرفقة الصالحة، فاحرصي عليها.
وينظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها : 182273 ، 285424 ، 222685.
والله أعلم.
التعليقات