عناصر الخطبة
1/الحاجة إلى معرفة شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم- 2/فوائد معرفة شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم- 3/بعض خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم- وشمائله 4/تربية الأبناء على العناية بسيرة النبي- صلى الله عليه وسلم - 5/بعض فوائد الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم-اهداف الخطبة
اقتباس
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن أزكى الشمائل وأطيبها، وأفضل المناقب والخصال وأكملها؛ شمائل نبينا المصطفى، ورسولنا المجتبى -صلوات الله وسلامه وبركاته عليه-، فقد حلَّاه الله -تبارك وتعالى- بأكمل الشمائل، وأطيب الخصال، وأطيب النعوت -صلوات الله وسلامه وبركاته عليه-. وحاجة الأمة -عباد الله-: إلى معرفة شمائله، والوقوف على خصائصه، والاطِّلاع على سيرته؛ أشد الحاجات، وأعظم الضرورات؛ لما في ذلك -عباد الله- من...
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله، ومبلِّغ الناس شرعه، ما ترك خيرًا إلا دلَّ الأمة عليه، ولا شرًا إلا حذَّرها منه؛ فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
أيها المؤمنون -عباد الله-: اتقوا الله -تعالى-؛ فإنَّ من اتقى الله وقاه، وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه.
وتقوى الله -جل وعلا- هي خير زادٍ يبلِّغ إلى رضوان الله، قال الله -تعالى-: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)[البقرة: 197].
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن أزكى الشمائل وأطيبها، وأفضل المناقب والخصال وأكملها؛ شمائل نبينا المصطفى، ورسولنا المجتبى -صلوات الله وسلامه وبركاته عليه-، فقد حلَّاه الله -تبارك وتعالى- بأكمل الشمائل، وأطيب الخصال، وأطيب النعوت -صلوات الله سلامه وبركاته عليه-.
وحاجة الأمة -عباد الله-: إلى معرفة شمائله، والوقوف على خصائصه، والاطِّلاع على سيرته؛ أشد الحاجات، وأعظم الضرورات؛ لما في ذلك -عباد الله- من الفوائد العظيمة، والعوائد الحميدة، والآثار المباركة التي يجنيها، ويحصِّلها من يوفقه الله -تبارك وتعالى- للوقوف على سيرته العطرة، وشمائله المباركة، وخصاله الجليلة، وخصائصه العظيمة -صلوات الله وسلامه وبركاته عليه-.
أيها المؤمنون -عباد الله-: إن من أعظم واجبات أهل الإيمان؛ الإيمان بهذا الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-، ومما يزيد الشخص إيمانًا به معرفة خصاله، والوقوف على شمائله -صلوات الله وسلامه عليه-، وإذا كان الله -جل وعلا- قد قال في القرآن الكريم في شأن الكفار: (أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ)[المؤمنون: 69].
أي أنهم لو عرفوا شمائله وخصاله وصفاته لآمنوا به واتبعوه؛ فمعرفة شمائله يتحقق بها الإيمان لمن لم يؤمن إذا كتب الله له ذلك، فكيف الشأن -عباد الله- بأهل الإيمان؟! إذ إنَّ هذه المعرفة تزيدهم إيمانا وتقوِّي عرى الإيمان في قلوبهم.
أيها المؤمنون -عباد الله-: ولقد أقسم الله -جل وعلا- في القرآن الكريم بكمال خُلُقه عليه الصلاة والسلام ، فقال جل في علاه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم: 4].
وفي الصحيح عندما سُئلت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن خُلُق النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: "كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ" أي أنه عليه الصلاة والسلام علومه علوم القرآن، وأعماله وعباداته هو ما جاء في القرآن، وآدابه وأخلاقه وتعاملاته كل ذلكم مستمدٌ من القرآن، وقد ترجمت عن ذلك كله رضي الله عنها بقولها: "كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ".
عباد الله: وكل ما يقف عليه المؤمن في كتاب الله -عز وجل- من دعوةٍ لعبادات عظيمة، وآدابٍ جليلة، وبُعدٍ عن المحرمات والآثام، إلى غير ذلك كل ذلكم تحقق في سيرته على أتم وجهٍ، وأكمل حال؛ ولهذا -عباد الله- جعله الله -تبارك وتعالى- قدوةً للعباد، وأسوةً لهم في كل باب، قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)[الأحزاب: 21].
فهو الإمام الأعظم، والقدوة الأكمل -صلوات الله سلامه عليه-، ويتأكد على جميع الأمة أن يأتسوا به، وأن يقتدوا بهديه، وكل ذلكم -عباد الله- فرعٌ عن معرفة شمائله، والوقوف على سيرته، ومعرفة هديه وسنَّته -عليه الصلاة والسلام-، ومن لم يكن على علمٍ ودرايةٍ بذلك لا يتحقق منه هذا الائتساء والاقتداء، إذ إنَّ فاقد الشيء لا يعطيه.
أيها المؤمنون -عباد الله-: وفي معرفة سيرة النبي وشمائله -عليه الصلاة والسلام- زيادةٌ في الإيمان؛ إذ إنَّ هذه المعرفة من أعظم الأمور التي يزيد بها الإيمان، بل يتحقق بها الإيمان ممن لم يؤمن، وكم من أناسٍ مضى عليهم زمنٌ طويل على الكفر والضلال والضياع فما أن منَّ الله عليهم بالوقوف على سيرته والاطلاع على شمائله إلا وتحوَّلوا إلى حُسن الإيمان به وتمام الاتباع له عليه الصلاة والسلام، والسير على نهجه القويم.
أيها المؤمنون -عباد الله-: ما أحوج الأمة ذكورًا وإناثا صغارًا وكبارا إلى العناية بدراسة ومطالعة سيرة النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-، والوقوف على شمائله العظيمة، وخصاله المباركة؛ ليزدادوا بذلك إيمانا، ولتقوى صلتهم بالله، وذلك بحُسن اتباعهم للرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-، وقد جعل الله -عز وجل- محبة هذا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عَقدًا عظيمًا من عقود الإيمان لا يتم الإيمان إلا به؛ ففي الصحيح عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".
بل جاء ما يدل على وجوب تقديم محبته على محبة النفس؛ ففي صحيح البخاري عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ نَفْسِي" فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ" فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: "فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي" فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الآنَ يَا عُمَرُ".
أيها المؤمنون -عباد الله-: وإذا كان شأن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومقامه العلي؛ كما أخبر ربنا -جل وعلا- بأنه أوْلى بكل مؤمنٍ من نفسه، وتأملوا في ذلك قول الله -تبارك وتعالى-: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)[الأحزاب: 6].
وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا وَأَنَا أَوْلَى بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ)[الأحزاب: 6]".
وهو -عباد الله- أحرص على كل مؤمن من نفسه، فيجب على كلِّ مؤمن أن يقدِّم محبته عليه الصلاة والسلام على محبته لنفسه وطاعته عليه الصلاة والسلام على طاعته لنفسه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أولى بكل مؤمن من نفسه، ومما يزيد تحقيق العبد لهذه المعاني العظيمة العناية بشمائله، والعناية بسيرته العطرة -عليه الصلاة والسلام-.
أيها المؤمنون -عباد الله-: لنربي أنفسنا وأبناءنا على هذه العناية العظيمة بالسيرة العطرة؛ سيرة النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-.
وانظروا -يا رعاكم الله- إلى الضياع الكثير الذي حصل لكثير من الشباب والشابات عندما يمَّموا في قراءتهم للسيَر والأخبار إلى سير التافهين والتافهات، وأخبار الضائعين والضائعات، من الهمَل، كيف ترتب على ذلك الضياع حتى في العقائد والعبادات! والضياع في الآداب والأخلاق! والاختلال في القيم والموازين! فما أحوج هؤلاء إلى العودة الصادقة إلى هذه السيرة العطرة، والشمائل المباركة، ليقِفوا على هذا المعِين المبارك، والمنهل العذب الذي مَن وقف عليه واهتدى بهداه تحقق له تمام الصلاح والفلاح -بإذن الله-.
اللهم يا ربنا أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ووفِّقنا إلهنا لحسن الاتباع، والاهتداء بهدي نبيك الكريم -عليه الصلاة والسلام-، واجعله يا ربنا أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا ومن الناس أجمعين.
أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله كثيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
أيها المؤمنون -عباد الله-: اتقوا الله -تعالى-.
عباد الله: لقد أمر الله -جل وعلا- في كتابه العظيم بالصلاة والسلام على رسوله -صلى الله عليه وسلم- اقتداءً به جل وعلا وبملائكته، ووفاءً بحق هذا الرسول العظيم -عليه الصلاة والسلام-، فقال جل في علاه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].
وهذه العناية بالصلاة والسلام عليه -صلوات الله وسلامه عليه- حقٌ له على أمته صلى الله عليه وسلم، ومما يزيد المرء عنايةً بهذا المطلب العظيم والمطلب الجليل: العناية بسيرته والوقوف على شمائله -عليه الصلاة والسلام-؛ فإن ذلك يزيد المرء إكثارًا من الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
واعلموا أن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهُدى هدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة.
وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فإنه من صلى عليه صلاةً صلى الله عليه بها عشرا.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارضَ اللهمَّ عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم كن لهم ناصرًا ومُعِينا وحافظًا ومؤيِّدا، اللهم احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم يا رب العالمين، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك اللهم من شرورهم.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه من سديد الأقوال وصالح الأعمال يا رب العالمين.
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللهم اغفر ذنوب المذنبين، وتب على التائبين، واكتب الصحة والعافية لعموم المسلمين يا رب العالمين، اللهم اشفِ مريضهم، اللهم أغنِ فقيرهم، اللهم أشبع جائعهم، اللهم آمن روعاتهم، واستر عوراتهم، يا رب العالمين، اللهم واقضِ الدين عن المدينين، وفرِّج هم المهمومين، ونفِّس كرب المكروبين يا رب العالمين، اللهم واصرف عنَّا وعن المسلمين أينما كانوا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يقربنا إلى حبك يا رب العالمين.
اللهم اغفر لنا ذنبنا كله؛ دِقَّه وجِلَّه، أوَّله وآخره، سرَّه وعلَنه.
اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا.
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت يا مَن وسعتَ كل شيء رحمة وعلما، نتوجَّه إليك ربنا بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من اليائسين.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنا نسألك غيثًا مُغيثا، هنيئًا مريئا، سحًا طبقا، نافعًا غير ضار، عاجلًا غير آجل.
اللهم أغث قلوبنا بالإيمان، وديارنا بالمطر.
اللهم إنا نسألك يا رب العالمين سقيا رحمة لا سقيا هدمٍ ولا عذابٍ ولا غرق.
اللهم أعطِنا ولا تحرمنا، وزِدنا ولا تنقُصنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
عباد الله: اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[العنكبوت: 45].
التعليقات