عناصر الخطبة
1/ التدافع بين الحق والباطل سنة مستمرة إلى قيام الساعة 2/ العلمانيون ودورهم الخبيث وكيفية صد خطرهم 3/ المنافقون والأدوار الهدامة في الأمة 4/ مفهوم الحضارة والتلبيس العقلي على الناس 5/ رد السنة بحر ضلال لا ساحل له 6/ المجتمع المدني أوهام وأباطيل 7/ أهمية الاعتصام بحبل الله وسنة رسولهاهداف الخطبة
اقتباس
إن من سنن الله عز وجل سُنّة التدافع، هذه السُّنّة التي ظهرت في أزمان متقدمة، وهي ظاهرة اليوم، وستبقى هذه قائمة… إن سنة التدافع بين الحق والباطل يصطفي الله عز وجل بها من أهل العلم وأهل الفكر وأهل المعرفة من يرفعهم الله عز وجل بذلك؛ لأنهم هم الذين يدافعون عن هذا الدين، والذين يبينونه وينشرونه بين الناس، والذين يدفعون ويحاجون أهل بالباطل بالأدلة الشرعية التي تدحض تلك الشبة وتدمغها ..
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 70-71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فإن من سُنَن الله عز وجل سنة التدافع هذه السنة التي ظهرت في أزمان متقدمة وهي ظاهرة اليوم وستبقى هذه قائمة فالتدافع بين الإسلام وأعدائه .
وإن هذه السُّنّة يخرج منها من يصطفيهم الله عز وجل للدفاع عن هذا الدين، وإن من سنن التدافع أيضًا ما يحصل بين الأمم والشعوب، وما يحدث كذلك بين الحق والباطل من حيث هو فيبقى الأمر ما بين كر وفر وبين انتشار وانحسار وبين نصر وهزيمة، إنها سنن الله عز وجل، وإن الله تعالى ليصطفي من الناس مؤمنهم وكافرهم يصطفي منهم ويختار منهم من ينبري للدفاع عن الحقوق أو ينبري للدفاع عن هذا الدين وعن مسلماته عن هذه الشريعة وعن دفعه لهذا الصنف، ومنه أجل دفع الظلم عن بعض العباد أو بعض البلاد ولا يكون فيه رفعة لهؤلاء الأشخاص الذين يصطفيهم الله عز وجل، أو يختارهم للدفاع عن تلك الحقوق.
على سبيل المثال فالله عز وجل هذه السنة من السنن الماضية المستمرة وبين أعدائه، فإن الإسلام هو دين الله عز وجل الذي اصطفاه لعبادة (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ… ) [آل عمران: 19]، وقال الله: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) [ آل عمران : 85].
هذا الدين هو دين الأنبياء جميعًا هو دين آدم وهو دين نوح هو دين موسى وعيسى وداود وشعيب وإبراهيم وعيسى ونبينا صلى الله عليه وعليهم أجمعين .
هذا الدين الذي اصطفاه الله عز وجل واختاره الله عز وجل ليكون بعد مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو الخاتم وهو المهيمن على جميع الأديان، وهو الناسخ لجميع الأديان وأن من ابتغى غيره فلا يقبل الله عز وجل منه.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: "والذي نفسي محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسلت به إلا كان من أصحاب النار".
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمر رضي الله عنه ورقة من التوراة فقال صلى الله عليه وسلم: "أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ألم آت بها بيضاء نقية؟ لو كان آخى موسى حيًّا ما وسعه إلا اتباعي".
وجاءت الأحاديث الدالة على أن عيسى عليه السلام حينما يعود مرة أخرى فإنه لن يحكم غير الإسلام، بل سيجعل نفسه فردًا من أفراد هذا الأمة، حين يقدم ليصلي بالناس فيقول: "كلا، إمامكم منكم" ويبقى مأموما عليه السلام.
إن سنة التدافع -أيها المؤمنون- بين الحق والباطل يصطفي الله عز وجل بها من أهل العلم وأهل الفكر وأهل المعرفة من يرفعهم الله عز وجل بذلك؛ لأنهم هم الذين يدافعون عن هذا الدين والذين يبينونه وينشرونه بين الناس، والذين يدفعون ويحاجون أهل بالباطل بالأدلة الشرعية التي تدحض تلك الشبة وتدمغها، قال الله تعالى (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) [ الأنبياء: 18].
هذه سُنة من الله عز وجل، وإن من عظمة هذا الدين أنه مهما قسا عليه أعداؤه، ومهما تكالب عليه أعداؤه، ومهما حاربه أعداؤه، ومهما حاول أعداؤه أن يشوّهوه، فإنه يبقى قائمًا، ويبقى شامخًا تنكسر في صخرة هذا الدين جباه أولئك الذين يحالون مصادمته والذين يحاولون تشويهه، أو يحاولون إطفاء نور الله عز وجل مثلهم، كما قال الشاعر:
كنطاح صخرة يومًا ليوهنها *** فما وهاها وأوهي قرنه الوعل
ستتحطم جباه هؤلاء وستتحطم أفكار هؤلاء وتشويه هؤلاء أمام عظمة هذا الدين، وسيبقى ثابتًا، وسيبقى ينوّر للناس أمور دينهم، وأمر حياتهم، بل في النهاية سينتصر الدين حتمًا.
وستذهب تلك الأطروحات التي يطرحها هؤلاء القوم ستذهب أدراج الرياح وسيرميها التاريخ في زبالته، فكم حاولت الاشتراكية والشيوعية، وكم حاولت غيرها تشويه الدين وإبادته، فبقي هذا الدين قويًّا شامخًا بإذن الله عز وجل.
بل إنه في مهد بروزه وظهوره أعني هذا الدين حاول أعداء الله عز وجل من يهود ونصارى وعُبّاد أوثان وأصنام ومنافقون حالوا مجتمعين أن يطفئوا نور الله تعالى فما استطاعوا ذلك.
وكان عدد المسلمين قلة، وكانوا أذلة، ومع هذا كاد الأعداء بكل ما يجدون بكل قوتهم وبكل حدهم وحديدهم، وبكل أحزابهم مجتمعين، وأتوا بحدهم وحديدهم وجاءوا ليحاصروا الإسلام والمسلمين في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المنافقون يتآمرون مع أعداء الله عز وجل حتى قال قائلهم: والله ما أصابنا ما أصابنا إلا بسبب هذا الرجل، وبسبب هذا الدين الذي جاء به، ولولا هذا الرجل ولولا هذا الدين الذي أتى به لما أتتنا قريش، ولما أتتنا الأحزاب ولما تمالأ علينا اليهود ولما جاء الصليبيون، لولا هذا الرجل وهذا الدين.
واليوم نفس المقالة تتكرر مع بعض الفئات المقاتلة التي لا تزال تقاتل وتجاهد تنافح وتدافع عن الدين، وعن الأوطان، ولا تزال هذه الكلمة تعاد، وإن كانت بصيغة أخرى لولا هذه الفئة لما فعل اليهود كذا، ولولا حماس لما دمرت اليهود هكذا، ولولا المقاومة في العراق لما فعلت أمريكا هكذا، ولولا طالبان ما فعل الأمريكان في أفغانستان هكذا، ولولا المحاكم الشرعية لما فعلت الحبشة ما فعلت، ولما فعل هكذا في كثير من البلاد طولاً وعرضًا.
هكذا يرمون هؤلاء الصالحون والمصلحون، يرمونهم عن قوس واجد المنافقون على مر العصور يرومون المسلمين عن قوس واحد مع أعداء الله عز وجل، سواء كان هذا بالتخطيط أو كان في التنفيذ، فهم في ساحة المعركة وهم في معركة القلم وفي معركة الفكر وفي معركة العقيدة، وفي كل مجال من المجالات تجدهم في مقدمة المناوئين والمحاربين لدين الله عز وجل.
إذا كان المنافقون الأوائل قد شككوا في الوحي وشككوا في التدين تارة بعدم التسليم له، وتارة بمحاولة تحريفه، وأخرى بفهمه الفهم السقيم العقيم، فاليوم ما استطاع منافقو اليوم أن يأتوا بشيء جديد، فهم يصدون الوحي، ولا يريدون قرآنًا ولا يريدون سنة، وإن قبل بعضهم بشيء من الآيات فهو يؤولها كما يشاء، ويفسرها كما يريد، ويقبل ما يريد..
أما سنة النبي صلى الله عليه وسلم فهم لا يقبلونها أساسًا؛ لأن القرآن عندهم قد يكون له شيء من القداسة حسب زعمهم، وأما سنة النبي صلى الله عليه وسلم قد أسقطوا قدسيتها وأسقطوا حرمتها وأسقطوا حجيتها، وهذا إيغال في الكفر عياذًا بالله تعالى من ذلك، فإن السنة هي الشارحة والمبينة والمفسرة لكلام الله عز وجل قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [ النحل: 44].
من أين لنا أن صلاة الظهر أربع، وأن فيها ركوعًا وسجودين، وأنه لا بد من أن تُفعل بكيفية معينة مع أذكار لكل ركن، كل ذلك ما تعلمناه إلا من السنة النبوية، إن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل ينثني شبعانًا على أريكته، يقول عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع، ألا ولا لقطة من مال معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم، فعليهم أن يقروهم فان لم يقروهم فلهم أن يعقبوهم بمثل قراهم".
أي مثله في الحجية والاحتجاج، لكن هكذا يريد المنافق اليوم، وهكذا يريد أعداء الدين اليوم يريدون أن لا قداسة للقرآن ولا قداسة لسنة سيد الأنام صلى الله عليه وسلم بحجة أن هذا الدين وهذا القرآن وهذا السنة إنما نزلت في عصر من العصور، في زمن من الأزمان على قوم في غاية من البداوة، ولكن الزمان اليوم قد تغير، وتقدم وصار عقول الناس منفتحة، وصاروا يعقلون وصاروا يفكرون..
إن معيار التقدم عندهم هو كيف تفتئتون على شريعة الله عز وجل، ومعيار التقدم اليوم كيف نتمرد على شريعة الله عز وجل؟
إن المعايير الدولية القائمة اليوم للحضارة والتقدم في بلاد الإسلام قائمة على: أنه كلما كانت نسبة عدد المتبرجات عالية في بلد ما فهو دليل الحضارة، وإن كانت نسبة المحجبات عالية في بلد ما فذلك دليل على التخلف وعلى البداوة والفردية، وإن كان هؤلاء يعشون في مدن وإنما كان عندهم شيء من أدوات الحضارة..
إن معيار التقدم عند هؤلاء الناس: هل هذا البلد متمرد على حدود الله عز وجل، يرفض حدود الله عز وجل لا يقيم حدًّا على سارق، ولا يقيم حدًّا على زانٍ، ولا يقيم حدًّا على مرتشٍ، ولا يقيم حدًّا على قاطع طريق، إنما ذلك جريان إذا كان هذا المجتمع متمردًا على هذه الأحكام فهذا معيار التقدم، وإن كان لا يزال يقيم شيئًا من هذه الأحكام، فلا يزال هذا المجتمع متأخرًا متخلفًا بدويًّا قرويًّا لا بد من تعليمه، ولا بد من جعله يتمرد على شريعة الله عز وجل، هذه هي المعايير الدولية اليوم القائمة التي تثبت أن هذا البلد متقدم وأن هذا البلد متحضر أو أنه لا يزال متخلفًا.
ولهذا، فإن قوانين الأمم المتحدة واتفاقية الأمم المتحدة وحقوق الإنسان قائمة على هذا أن القانون الدول هو أعلى سلطة يتحاكم إليها الناس، لا القرآن ولا السنة ولا الأديان ولا التوراة ولا الإنجيل ولا شيء من هذا !!! فصار معيار التخلف هو الاحتكام إلى المحاكم الوطنية يعني التي تقوم بالتحاكم إلى القوانين الوضعية .
إن الغرب يريد منا أن نتحاكم إلى المحاكم الدولية، ولهذا أقاموا الدنيا ولم يقعدوها في كثير من القضايا، وأدخلوها في المحاكم الدولية ومحاكم الجنايات الدولية، وما شاكل ذلك.
ويقولون: إن القانون الدولي إذا تصادم مع أي قانون أو مع أي شرع هكذا نص ميثاق الأمم المتحدة، فالتحاكم لا يكون إلا لميثاق الأمم المتحدة، وإلى قوانين الأمم المتحدة مع هذا القرآن والسنة يجب أن يسقط أمام للقانون الدولي، هكذا الغرب يجرنا من أجل أن نوقع على اتفاقيات كثيرة، منها اتفاقية: لاهاي، ومنها أيضًا ما كان قبل ذلك في عضوية الأمم المتحدة ومجلس الأمن وما شاكل ذلك .
كل هذا يجرون المسلمين من أجل ألا يحتكموا إلى شريعة الله العليا التي يرجع إليها الناس حال الاحتكام .
هكذا مقياس التقدم والحضارة عند هؤلاء الناس وعند المنافقين الذين يروجون لمثل هذه الفكر، ولهذا ليس القضية في مطابخ السياسة كما يسمونها، بل انتقلت العدوى حتى إلى القنوات الفضائية، وإلى تلك العقول الملوثة التي كثيرًا من البرامج في داخل هذه القنوات القضائية، فصار شريعة الله عز وجل والثوابت الدينية صارت محلاً للنقاش لا يقصد بهذا أنها تدخل إلى البرلمانات، فهذا نوع من أنواع الازدراء والاحتقار لشريعة الله عز وجل أن تقدم شريعة الله تعالى من أجل أن يصوّت عليها هل نحتكم إلى شرع الله عز وجل أو لا نحتكم إلى شرع الله، قالوا الشعب هو الذي يقرر هل يريد أن يحتكم إلى شريعة الله عز وجل أم لا يريد أن يحتكم إلى شريعة الله أين الشعب ؟ الشعب مغيب .
ومن النواب .. أكثر النواب لا يفقهون من شرع الله شيئًا، ولا يفقهون من القوانين الدولية ومآلات هذه القوانين شيئًا، بله هم وراء كتل وراء أحزاب هذه الأحزاب هي التي تعطيهم الخطوط العامة صوتوا لهذا أو لا تصوتوا، ولكن هذا القنوات المشبوهة التي أحيانًا تجدون في برامجها وتتابعون في برامجها هل أنت مع إقامة حد الرجم هل تعتقد أن حد الرجم من الدين أو ليس من الدين؟ هل أنت مع تعدد الزوجات، أو لست مع تعدد الزوجات؟! هل أنت مع حد شارب الخمر أو لست مع حد شارب الخمر ؟
وإن كانوا في النهاية أحيانًا يقولون: هذه على كل حال الأصوات التي قالت: بأن حد الرجم ليس من شريعة الله عز وجل 80%. والذين قالوا: إنها من شريعة الله عز وجل 20%، لكن الحقيقة أن الرجم من شريعة الله عز وجل.
هذه مغالطة وهذه في الحقيقة تعريض للثوابت الدينية للنقاش مع من؟ مع جهال لا يفقهون من دين الله شيئًا حتى صار الكُتاب والصحفيون منتقدين لشريعة الله عز وجل، ويفسرون أحكام الله عز وجل، ويتكلمون يكل أريحية، ولا يجوز لأحد أن يتكلم ومعهم أو أن يحاكمهم أو أن يرد عليهم، فإن كثيرًا من الردود التي ترد إلى كثير من الجرائد والمجلات تُرمى في الزبالة، هذه حرب شرسة شعواء معلنة على شريعة الله تعالى وعلى دين الله تعالى، إنهم باختصار يريدون دينًا إسلاميًّا علمانيًّا، هذا هو الذي يريده هؤلاء من المسلمين أن يكون لهم دين علماني أن يكون هذا الدين مردّ حريات لأناس في المسجد.. عبد الله تعالى اقرأ القرآن، اعتكف صم افعل ما تشاء، ولكن في الخارج الدين ليس له دخل أبدًا!!
الدين كما يقولون: لا سياسة للدين، أنتم أيها المسلمون لا عمل لكم في الدين والدين لا علاقة له بالسياسة الدين لا علاقة له المعاملات قضية ربا وما ربا لا علاقة للدين بهذا.
قضية الحريات الشخصية هل يجوز للفتيات في بلاد الإسلام أن تقيم علاقات مع شباب آخرين وتخرج وتدخل، وتسمر وتسهر، وتسافر وتدخل في النوادي الرياضية، وما شاكل ذلك أم لا؟
هذا لا علاقة للدين فيها أبدًا إطلاقًا، هذا هو الذي يريده هؤلاء منا، وهذا هو السبب في كيدهم لدين الله تعالى.
إن هذا الدين ليس منحصرًا في باب من الأبواب، ولكن هذا الدين دين شامل ومتكامل بل هو منهج للحياة حكمًا في القضايا في السياسة، وفي الإعلام، وفي قضايا المال وفي قضايا التعبد والسلوك والأخلاق ولمعتقد إلى آخره الغرب يريد منا أعداء الإسلام منافقو هذه الأمة العلمانيون، يريدون إسلامًا علمانيًّا.
كن مثل اليهودي والنصراني يدخل إلى الكنيسة في يوم الأحد ويوم السبت ويدفع للقس دولارًا أو دولارين، ويسمع إلى بعض الترنيمات، ثم بعد ذلك يمضي بحرية يفعل ما يشاء هذا هو هدف أعداء الله عز وجل من عداوتهم لهذا الدين يريدون أن يكون هذا الدين دينًا إسلاميًّا علمانيًّا يتوافق مع الطريقة الأمريكية والطريقة الفرنسية والطريقة الأوربية.
ولكننا نسأل الله تعالى أن يردهم خائبين، وأن يرد وأن يريد كيدهم في نحورهم كما نسأله تعالى أن ينصر هذا الدين وأهله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
إن من جملة الشعارات التي يرفعها هؤلاء القوم ما يطلقون عليه بالمجتمع المدني، والمجتمع المدني لا يعنون به بالطبع من يسكن المدينة وفي مقابلة القروية والبداوة يعني مجتمع القرية ومجتمع المدينة، ومجتمع جهل متمسك بالدين متمسك بالثوابت متمسك بالسلوكيات والأخلاقيات والعادات الإسلامية والعربية.
أما المجتمع المدني عندهم فهو ذلك المجتمع الذي يتمرد على الدين، وهم يسعون جاهدين، لبث ما يسمى بالمجتمع المدني، إنها شعارات براقة، ولكن من تعرف على ماذا يقصدون من هذه العبارات عرف مكرهم وخبثهم، فالسكوت عن الطعن في الدين مثلاً، السكوت عمن يسب الذات الإلهية أو يسب النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من علامات المجتمع المدني؛ لأن هذا المجتمع يمارس حرياته، ويفتح الباب على مصراعيه لحرية الفكر والرأي والنقد، وكل إنسان يتكلم بما يشاء كذلك من جملة الشعارات التي يرفعونها حرية ممارسة النقد، وليت هذا النقد يتصيدون به نقد الأوضاع من وجود ظلم وتمييز وفقر ومرض، وانعدام مقومات الحياة المدينة، وكذلك ليت هذا النقد يقصدون به الكلام على استنزاف ثروات البلاد الإسلامية الكلام على النهب والاحتيال والسرقات والرشاوى، ليت هذا النقد يقصدون به النقد الذي يبني، ولكن حرية النقد عندهم، وإن كان هذا جزءًا من الحرية، لكن المقصود منه نقد الدين، ونقد القرآن، ونقد السنة، ونقد الثوابت، ونقد كل ما له صلة بدين الله عز وجل، هذا هو الذي يقصده هؤلاء الناس بمعنى أنه حتى لا يكون عالمًا، بل ما في أحد أصلاً له قداسة في هذه الحياة لا من قريب ولا من بعيد؛ فكون المسلمين انتفضوا غيرةً للنبي صلى الله عليه وسلم وما قاطعوا البضائع وخرجوا في المظاهرات هذا دليل مؤشر على المجتمع في بلاد الإسلام لا يزال متأخرًا، ولا يزال متخلفًا؛ لأن هذه القضايا فكرية وقضايا حريات شخصية، وهم عندهم في بلادهم ما عندهم مانع في أن نتكلم في موسى وعيسى عليهم السلام في الرب في التوراة في الإنجيل، ما عندهم مشكلة في هذا، لكن هم يرون أن المسلمين لا يزال عندهم تخلف، ولا يمكن أن يبلغوا الحضارة والتقدم إلا حين يجدون مثل هذا الكلام ولا يحركون ساكنًا، بل يقولون هذه حرية هذا هو المقصود بممارسة النقد مبدأ.
أيضًا تغيير حرية الدين، هذا مما يكرس له الغرب، ومما يكرس له العلمانيون والمنافقون في بلاد الإسلام، وربما ألفوا في ذلك مؤلفات، وربما استدلوا بأدلة يفهمونها حسب ما يهوون وحسب ما يريدون، وما عندنا مشكلة أساسًا في قضية تغيير الدين .
كون يهودي يتغير إلى نصراني ما عندنا مشكلة، هندوسي يتغير نصراني ما عندنا مشكلة، الكفر ملة واحدة، نصراني مع هندوس يعبد الفئران يعبد البقر والفروج، ويعبد الأنهار والأشجار ما عندنا مشكلة.
نحن في هذا نحن عندنا قضية دعوة، ندعو الناس وندعو المجتمعات كلها إلى دين لله عز وجل، لأن الكفر كله ملة واحدة، لكن في ديننا لا ليس الأمر هكذا فالقضية ليست فوضى، إن هذا الدين لا يسمح أساسًا أن يغير المسلم دينه فمن غير دينه فاقتلوه.
وقد مارس المسلمون على مر العصور إقامة ما يسمى حد الردة؛ ابتداء من بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه إلى وقت ليس بالبعيد لا تزال تقام هذه الحدود .
ولكن هذا في بلاد الغرب، وعند أعداء الله عز وجل من مؤشرات التخلف ومؤشر من مؤشرات أن هذا المجتمع يحتاج إلى زمن حتى يعلم .
بالمناسبة هم يقولون: إن ما بين المغرب العربي إلى الهند والباكستان هذه مجتمعات لا تزال متخلفة، وبالتالي فلا بد من العمل الدءوب في أوساطها حتى يثوروا.
ولهذا فإن القسيسين شغالون في التنصير شغال في هذه البلاد من المغرب العربي إلى الهند والباكستان يعملون ليلاً ونهارًا، وينفقون مليارات من الدولارات، وعندهم من الإذاعات والكتب والمجلات وعندهم من المقويات وعندهم من الدعاة وعندهم من الأطباء ما الله تعالى به عليم لدرجة أنهم يأتون إلى بعض القرى التي ليس فيها كهرباء كيف ينشرون الأشرطة يدويًّا حتى يسمع الكلام المحرف، ويدخل في النصرانية، وهذا من حرصهم على تنصير المسلمين .
حتى إنهم يقولون: إن المسلمين لا يزالون وثنيون، كيف يحرمون الوثنية وهم يطوفون حول حجر ويتمسحون فوق حجر ويفعلون كذا ويفعلون كذا. والمرأة لا تزال كذا إلى آخره.
فهم شغالون والمسلمون في غفلة من هذا، وعلى كل حال هذا المبدأ مرفوض في دين الله تعالى، إن الإسلام العلماني الذي يرغبون ما تبثه في بلاد الإسلام .
هذا هو معناه أن لا تكون هنالك قدسية القرآن ولا سنة ويحقرون الذين في المساجد، ومن عباراتهم الدين ملك للجميع الدين ليس حكرًا على أحد، ولهذا انبرى الصحفيون وانبرى الجهال يكتبون ويفسرون ويؤولون القرآن الكريم والسنة النبوية حسب ما يهوونه السنة ليس عندهم حرمة .
هكذا يريد هؤلاء القوم ولكن المسلم الحق هو الذي يتصدى لمثل هذه القضايا وهو الذي سيكتب الله عز وجل له الأجر والمثوبة بإذن الله عز وجل، إن شارك فعليًّا أو شارك بكلمته أو بالصد عن هؤلاء القوم أو بالثبات على دينه.
والحمد لله رب العالمين.
التعليقات