عناصر الخطبة
1/أدلة الإيمان بالكتب من الكتاب والسنة 2/ما يتضمنه الإيمان بالكتب من أمور 3/ما يجب من الإيمان بالقرآن 4/من ثمرات الإيمان بالكتباقتباس
وهنا مسألة مهمة قد تخفى على كثير من المسلمين وخصوصًا من يسافرون لبلاد الغرب، أو لوجود الطائفة النصرانية في بلادهم، وهي حكم مطالعة واقتناء الإنجيل أو غيره من كتبهم للاطلاع عليها، فقد سُئل شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله- عن ذلك فأجاب...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا)[الكهف: 1]، و(تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)[الفرقان: 1]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا وتبجيلًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا، أما بعد:
أيها الإخوة: اتقوا الله حق التقوى، واعلموا أن الإِيْمَانَ بالكتبِ ثَالِثُ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الإيمانُ، لَا يَقْبَلُ اللهُ إيمانَ إنسانٍ بدون الْإِيمَانِ به؛ لقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)[النِّسَاءِ: 136]، وقَالَ -تعالى-: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[الْبَقَرَةِ: 136]، ولقوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)[سورة البقرة: 4]، وَلحديثِ مسائلةِ جبريلَ عليه السلام الشهير للنَّبِيِّ ﷺ وفيه سؤال جبريل: "أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ قَالَ: "أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ"، قَالَ: صَدَقْتَ"(البخاري ومسلمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-)، وهذا محل إجماع بين أهل الإسلام.
والمقصودُ بالإيمانِ بالكتبِ أي: الكتبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى رُسُلِهِ -عليهم الصلاة والسلام- الْمُطَهَّرَةِ مِنَ الْكَذِبِ وَالزُّورِ وَمِنْ كُلِّ بَاطِلٍ، وَمِنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِهَا، ويتضمن الإيمان بها أربعة أمور: الأول: التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ بِأَنَّ جميعَ الكتبِ مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ -عز وجل- عَلَى رُسُلِهِ إِلَى عِبَادِهِ بِالْحَقِّ الْمُبِينِ، وَالْهُدَى الْمُسْتَبِينِ، وَأَنَّهَا كَلَامُ اللَّهِ -عز وجل- لَا كَلَامَ غَيْرِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ -تعالى- تَكَلَّمَ بِهَا حَقِيقَةً كَمَا شَاءَ وَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَ، فَمِنْهَا الْمَسْمُوعُ مِنْهُ -تعالى- مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بِدُونِ وَاسِطَةٍ، وَمِنْهَا مَا يَسْمَعُهُ الرَّسُولُ الْمَلَكِيُّ وَيَأْمُرُهُ بِتَبْلِيغِهِ مِنْهُ إِلَى الرَّسُولِ الْبَشَرِيِّ كَمَا قَالَ -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)[الشُّورَى: 51]، وَقَالَ -تعالى-: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)[النِّسَاءِ: 164]، وَقَالَ: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ)[الْأَعْرَافِ: 143]، (يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي)[الْأَعْرَافِ: 144]، وَقَالَ: (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)[النَّجْمِ: 10]، وَقَالَ: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا)[الشُّورَى: 52]، وَقَالَ: (يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ)[النَّحْلِ: 2]، وَقَالَ: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا)[الإسراء: 106]، وَمِنْهَا مَا خَطَّهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَ- بِيَدِهِ كَمَا قَالَ -تعالى-: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا)[الْأَعْرَافِ:145].
الثاني: يجب الإيمان بما ذكره الله -تعالى- في القرآن من هذه الكتب تفصيلًا، وهي القرآن الكريم الذي أنزله الله -تعالى- على نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، والتوراة الذي أنزله الله -تعالى- على رسول الله موسى -عليه السلام-، والإنجيل الذي أنزله الله -تعالى- على رسول الله عيسى -عليه السلام-، والزبور الذي أنزله الله -تعالى- على رسول الله داوود -عليه السلام-، والظاهر والله أعلم أنَّ كُتُبَ اللهِ -تعالى- غيرَ الصحف، فقد أنزلت الصحف على إبراهيم وموسى، ويدل على الفرق بينهما أنَّ الله -عز وجل- أعطى موسى -عليه السلام- صُحُفَاً، وكَتَبَ له في تلك الألواح، كما قال -تعالى-: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ)[الأعراف: 145]، وأوحى -تعالى- إليه بالتوراة أيضًا، فيكون المذكور ستة، وما لم يذكره الله من الكتب مفصلًا يجب نؤمن به إجمالًا، فنقول فيه ما أمر الله به رسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ)[الشورى:15].
الثالث: تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن، وأخبار ما لم يُبَدل أو يُحَرف من الكتب السابقة.
الرابع: الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكما على هذه الكتب مصدقًا لها، كما قال -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ)[المائدة: 48]؛ قال الشيخ السعدي: "أي: مشتملا على ما اشتملت عليه الكتب السابقة، وزيادة في المطالب الإلهية والأخلاق النفسية"، فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، وحث عليه، وأكثر من الطرق الموصلة إليه، وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين واللاحقين، وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة، والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، فما شهد له بالصدق فهو المقبول، وما شهد له بالرد فهو مردود، قد دخله التحريف والتبديل، وإلا فلو كان من عند الله، لم يخالفه.
أيها الإخوة: أما القرآن الكريم فلا يكفي الإيمان به ما ذكرنا في عموم الإيمان بالكتب، بل يجب له مع التصديق اتباعه ظاهرًا وباطنًا والتمسك به، والقيام بحقه، كما قال -تعالى-: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الأنعام: 155]، ولَا بُدَّ فِي الْإِيمَانِ بِهِ مِنَ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ مَنَاهِيهِ، وَتَحْلِيلِ حَلَالِهِ وَتَحْرِيمِ حَرَامِهِ، والانزجار بزواجره وَالِاعْتِبَارِ بِأَمْثَالِهِ، وَالِاتِّعَاظِ بِقَصَصِهِ، وَالْعَمَلِ بِمُحْكَمِهِ، وَالتَّسْلِيمِ لِمُتَشَابِهِهِ، وَالْوُقُوفِ عِنْدَ حُدُودِهِ، وَتِلَاوَتِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالذَّبِّ عَنْهُ من تَحْرِيفِ الغالين وانتحال المبطلين، وَالنَّصِيحَةِ لَهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِجَمِيعِ مَعَانِيهَا، وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي كِتَابٌ بَعْدَهُ، وَلَا مُغَيِّرَ وَلَا مُبَدِّلَ لِشَيْءٍ مِنْ شَرَائِعِهِ بَعْدَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ الْخُرُوجُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَأَنَّ مَنْ كَذَّبَ بِشَيْءٍ مِنْهُ مِنَ الْأُمَمِ الْأُولَى فَقَدْ كَذَّبَ بِكِتَابِهِ، كَمَا أَنَّ مَنْ كَذَّبَ بِمَا أَخْبَرَ عَنْهُ الْقُرْآنُ مِنَ الْكُتُبِ فَقَدْ كَذَّبَ بِهِ، وَأَنَّ مَنْ اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِهِ وَلَمْ يَقْتَفِ أَثَرَهُ ضَلَّ، قَالَ اللهُ -تعالى-: (المص* كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ* اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ)[الأعراف: 1-3].
والقرآن الكريم هو الكتاب السماوي الوحيد الذي يصلنا بالله بعد بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، يقول -صلى الله عليه وسلم- مخاطباً أصحابه: "أبْشِرُوا فَإِن هَذَا القُرآنَ طَرَفُهُ بِيَدِ الله وطَرَفُهُ بِأيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ فإِنَّكُمْ لَنْ تَهْلَكُوا ولَنْ تَضِلَّوا بعدَهُ أبَداً"(رواه الطبراني عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وصححه الألباني).
نَسْأَلُ اللَّهَ -تعالى- أَنْ يَرْزُقَنَا كُلَّ ذَلِكَ وَيُوَفِّقَنَا لَهُ وَيُعِينَنَا عَلَيْهِ، وَيُثَبِّتَنَا بِهِ وَجَمِيعَ إِخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ إِنَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
أيها الإخوة: قَالَ أبو ذر -رضي الله عنه- يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، قَالَ: "أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ رَأْسُ الْأَمْرِ كُلِّهِ"، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زِدْنِي، قَالَ: "عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَذِكْرِ اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ، وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ"(رواه ابن حبان في صحيحه، وقال: الألباني حسن لغيره).
أيها الأحبة: وهنا مسألة مهمة قد تخفى على كثير من المسلمين وخصوصًا من يسافرون لبلاد الغرب، أو لوجود الطائفة النصرانية في بلادهم، وهي حكم مطالعة واقتناء الإنجيل أو غيره من كتبهم للاطلاع عليها، فقد سُئل شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله- عن ذلك فأجاب بقوله: "لا يجوز اقتناء شيء من الكتب السابقة على القرآن، من إنجيل أو توراة أو غيرهما، لسببين: السبب الأول: أن كل ما كان نافعًا فيها فقد بيَّنه الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم، السبب الثاني: أن في القرآن ما يغني عن كل هذه الكتب؛ لقوله -تعالى-: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ)[آل عمران: 3]، وقوله -تعالى-: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ)[المائدة: 48]، فإن ما في الكتب السابقة من خير موجود في القرآن.. أما قول السائل: إنه يريد أن يعرف كلام الله لعبده ورسوله عيسى، فإن النافع منه لنا: قد قصه الله في القرآن، فلا حاجة للبحث في غيره، وأيضا: فالإنجيل الموجود الآن محرّف، والدليل على ذلك أنها أربعة أناجيل، يخالف بعضها بعضا، وليست إنجيلا واحدا، إذن فلا يعتمد عليه" انتهى من (مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين).
أما الراسخون في العلم الذين يستعملون هذه الكتب في مجادلة اليهود والنصارى، وإقامة الحجة عليهم فيجوز لهم ذلك؛ لما عندهم من علم ومقدرة تؤهلهم لمعرفة الباطل الذي أدخل في هذه الكتب، والحذر منه، ورده والتحذير منه أيضا، مع ما في مجادلتهم لأهل الكتاب ورد باطلهم من المصلحة الشرعية المطلوب تحصيلها؛ ولهذا تتابع أهل العلم على استعمال هذه الكتب في محاجة اليهود والنصارى، في القديم والحديث.
وللإيمان بالكتب ثمرات جليلة منها: إثبات صفة الكلام لله -تعالى-؛ فالكتب السماوية هي كلام الله، ومنها: بيان حكمة الله -تعالى- وعنايته بخلقه؛ فقد جعل لكل قوم كتاباً يناسب طبائعهم وأحوالهم، ومكانهم وزمانهم كما قال الله -تعالى-: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)[المائدة: 48]، ومنها استشعار رحمة الله -تعالى- في خلقه؛ فما أنزل الكتب إلا لهداية الناس وإرشادهم إلى طريق الحق والصواب، ومنها: إدراك مكانة الأنبياء والرسل وفضلِهم على سائر الخلق، باختصاص الله -تعالى- لهم بإنزال الكتب عليهم، ومنها: تثبيت قلب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن كان معه من المؤمنين، ومن سار على هديه من المسلمين إلى يومنا هذا، بأن طريقهم هو طريق الحق.
أسأل الله -تعالى- أن يجعل القرآن ربيع قلوبنا، إنه جواد كريم.
التعليقات