عناصر الخطبة
1/أهمية الدعاء وثمراته 2/من آداب الدعاء 3/الاجتهاد في العشر الأواخر 4/التحذير من ضياع وقت الأسحار بغير طاعةاقتباس
فَاحْرِصْ -أَيُّهَا الصَّائِمُ- عَلَى الدَّعْوَاتِ فِي اللَّحَظَاتِ التِي تَسْبِقُ إِفْطَارَكَ, فَاسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَارْفَعْ يَدَيْكَ وَتَضَرَّعْ إِلَى رَبِّكَ, وَاسْأَلْهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ, وَيَحْسُنُ بِكَ أَنْ تَبْدَأَ بِحَمْدِ اللهِ, ثُمَّ تُصَلِّيَ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الْحَمْدُ للهِ مُجِيبِ الدَّعَوَات وَمُجْزِلِ الْعَطَايَا وَالْهِبَات، يُجِيبُ دَعْوَةَ الْمُضْطَرِّينَ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيُنَزِّلُ الرَّحَمَات، أَحْمَدُهُ -تَعَالَى- وَأَشْكُرُه وَأُثْنِي عَلَيْهِ وَأَسْتَغْفِرُه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لُهُ، يُعْطِي وَيَمْنَعُ وَيَخْفِضُ وَيَرْفَعُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- وَاسْتَمِرُّوا فِي الْاجْتِهَادِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ؛ فَقَدْ أَزِفَتْ أَيَّامُهُ عَلَى الْانْقِضَاءِ, وَقَارَبَتْ لَيَالِيهُ عَلَى الانْتِهَاءِ, فَهَا نَحْنُ نَقْتَرِبُ مِنَ الْعَشْرِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رَمَضَانَ التِي كَانَ النَّبِيُّ يَجْتَهِدُ فِيهَا اجْتِهَادًا عَظِيمًا, لَمْ يَفْعَلْهُ فِي غَيْرِهَا مِنَ اللَّيَالِي.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ خَيْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمُسْلِمُ فِي حَيَاتِهِ عُمُومًا وَفِي هَذِهِ اللَّيَالِي خُصُوصًا؛ الدُّعَاء, إِنَّهُ الْعِبَادَةُ الْعَظِيمَةُ التِي يُحِبُّهَا اللهُ -تَعَالَى- وَيَرْضَاهَا مِنْ عِبَادِهِ وَرَغَّبَ فِيهَا, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60], وَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[البقرة: 186], وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ -تَعَالَى- مِنَ الدُّعَاء"(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ), فَتَأَمَّلُوا -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- كَيْفَ أَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ نَدْعُوَهُ وَيُرَغِّبَنَا فِي ذَلِكَ وَيَأْمُرَنَا بِهِ؟!.
إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ جَعَلَ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةَ؛ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ فِي الْإِسْلَامِ, فَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ "إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ"(رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ).
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كَمْ نَحْنُ فِي حَاجَةٍ وَفَقْرٍ إِلَى رَبِّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فَنَدْعُوَهُ؛ فَكَمْ مِنْ مَرِيضٍ يَحْتَاجُ لِلشِّفَاءِ, وَكَمْ مِنْ مُبْتَلَى يَحْتَاجُ لِلْعَافِيَةِ, وَكَمْ مِنْ ضَالٍّ يَحْتَاجُ لِلْهِدَايَةِ, وَكَمْ مِنْ مَظْلُومٍ يَرْغَبُ فِيمَنْ يَنْصُرُهُ, وَكَمْ مِنْ غَائِبٍ يُرِيدُ الرُّجُوعَ إِلَى أَهْلِهِ, وَكَمْ مِنْ فَقِيرٍ تَرَاكَمَتْ عَلَيْهِ الدُّيُونُ, وَضَاقَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ, وَتَنَكَّدَ عَلَيْهِ عَيْشُهُ!؛ فَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ اللهِ؟! أَيْنَ نَحْنُ مِنَ الْغَنِيِّ الْكَرِيمِ؟! أَيْنَ نَحْنُ مِنَ الْبَرِّ الرَّحِيمِ؟!.
أَلَمْ تَعْلَمْ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُ- أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَسْتَحْيِي مِنْكَ أَنْ تُنَادِيَهُ فَلَا يُجِيبَكَ, وَتَدْعُوَهُ فَيَتْرُكَكَ, وَتَرْفَعَ يَدَيْكَ إِلَيْهِ فَيَرُّدَكَ خَائِبًا, عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ, يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفَرًا"(أَخْرَجَهُ أبوداود وَصَحَّحَهُ والألباني).
فَيَا للهُ! كَمْ نَحْنُ مُعْرِضُونَ عَنِ الله؟! وَكَمْ مِنْ غَافِلٍ مِنَّا عَنْ مَوْلَاه؟! وَكَمْ نَحْنُ عَنْ رَبِّنَا الْعَظِيمِ الْكَرِيمِ الْغَنِيِّ مُدْبِرُونَ؟!.
يَا مُسْلِمُ: ادْعُ رَبَّكَ وَأَبْشِرْ, الْجَأْ إِلَى مَوْلَاكَ وَلا تَحْزَنْ, تَعَلَّقْ بِخَالِقِكَ وَلا تَخَفْ, وَاعْلَمْ أَنَّ رَبَّكَ يَسْمَعُ دَعَوَاتِكَ, وَلا تَخْفَى عَلَيْهِ حَاجَاتُكَ, وَلا تَغِيبُ عَنْ سَمْعِهِ هَمَسَاتُكَ, لَكِنَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ يُؤَخِّرُ عَنْكَ الْإِجَابَةَ؛ لِتُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ, وَلِكَيْ تَزْدَادَ قُرْبًا, وَتُكْثِرَ مِنَ التَّضَرُّعِ وَالرَّجَاءِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: أَبْشِرْ فَإِنَّكَ لَنْ تَدَعُوَ بِدَعْوَةٍ إِلَّا أُجِيبَتْ إِمَّا عَاجِلًا أَوْ آجِلًا, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ؛ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا", قَالُوا: إِذَنْ نُكْثِرُ، قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ: حَسَنٌ صَحِيح), وَمَعْنَى "اللَّهُ أَكْثَرُ" يَعْنِي: اللهُ أَكْثَرُ إِحْسَانًا وَإِجَابَةً مِمَّا تَسْأَلُونَ.
وَاحْذَرْ -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ- مِنَ الاسْتِعْجَالِ فِي الْإِجَابَةِ؛ ثُمَّ تَتْرُكَ الدُّعَاءَ, أَوْ تَظُنَّ أَنَّ رَبَّكَ يُخَيِّبَكَ, بَلْ اسِتَمِرَّ وَأَبْشِرْ بِالْخَيْرِ, فَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُول اللَّهِ -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- قَالَ: "لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَم يدعُ بإِثمٍ أَوْ قَطِيعةِ رَحِمٍ؛ مَا لَمْ يَسْتعْجِلْ", قِيلَ: يَا رسُولَ اللَّهِ! مَا الاسْتِعْجَالُ؟, قَالَ: "يَقُولُ: قَدْ دعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ, فَلَم أَرَ يَسْتَجِيبُ لي؛ فَيَسْتَحْسِرُ عِنْد ذَلِكَ، ويَدَعُ الدُّعَاءَ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
أَيُّهَا الصَّائِمُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ أَنْفَعَ مَا يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الدُّعَاءِ هُوَ السُّجُودَ, وَقَبْلَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
وَإِنَّ الصَّائِمَ دُعَاؤُهُ مُسْتَجَابٌ وَخَاصَّةً عِنْدَ فِطْرِهِ, فَأَكْثِرُوا مِنَ الدُّعَاءِ طُوَالَ الْيَوْمِ وَخَاصَّةً قُبَيْلَ الْإِفْطَارِ؛ فَهُوَ وَقْتٌ حَرِيٌّ بِالْإِجَابَةِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ"(رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
فَاحْرِصْ -أَيُّهَا الصَّائِمُ- عَلَى الدَّعْوَاتِ فِي اللَّحَظَاتِ التِي تَسْبِقُ إِفْطَارَكَ, فَاسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ وَارْفَعْ يَدَيْكَ وَتَضَرَّعْ إِلَى رَبِّكَ, وَاسْأَلْهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
وَيَحْسُنُ بِكَ أَنْ تَبْدَأَ بِحَمْدِ اللهِ, ثُمَّ تُصَلِّيَ عَلَى رَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ, لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فَقَالَ: "عَجِلَ هَذَا", ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ, ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ"(رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالْأَلْبَانِيُّ).
فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ لا يُخِيِّبَ رَجَاءَنَا, وَأَنْ يَقْبَلَ دُعَاءَنَا, أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ, وَأَسْتَغْفُرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّنَا عَلَى مَشَارِفِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ, وَقَدْ كَانَ رَسُولُنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخُصُّهَا بِمَزِيدِ عِنَايَةٍ وَاجْتِهَادٍ, وَيُمَيِّزُهَا بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلْهَا فِي غَيْرِهَا.
فَمِنْ ذَلِكَ: الاعتكافُ وإِحْيَاءُ اللَّيْلِ كَامِلًا, فعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ, حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ, ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ", وقَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ -أَيْ: الْعَشْرُ الْأَخِيرُ مِنْ رَمَضَانَ- شَدَّ مِئْزَرَهُ, وَأَحْيَا لَيْلَهُ, وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهما), فَكَانَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحْيِي اللَّيْلَ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وَمِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ أَنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ الْيَوْمَ وَخَاصَّةً النِّسَاءُ وَالشَّبَابُ يَسْهَرُونَ طُولَ اللَّيْلِ, وَلا يُفَكِّرُ أَحَدُهُمْ فِي اغْتِنَامِ وَقْتِ النُّزُولِ الِإلَهِيِّ آخِرَ اللَّيْلِ بِرَكْعَةٍ أَوْ دَمْعَةٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أَوْ ثُلُثَاهُ، يَنْزِلُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ"(رَوَاهُ مُسْلِم).
فَاللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ الْقَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَهُ, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ عِلْمَاً نَافِعًا وَعَمَلًا صَالِحًا اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ, اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِيمَهَا وَخَيْرَ أَعْمَارِنَا آخِرَهَا وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ لِقَاءَكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا التِي فِيهَا مَعَاشُنَا, وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا التِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا, اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا, اللَّهُمَّ جَنِّبْ بِلادَنَا الْفِتَنَ وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلمِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
التعليقات