عناصر الخطبة
1/الغزو الفكري أشد خطرا من الغزو العسكري 2/سعي الأعداء لإبعاد شباب المسلمين عن دينهم 3/الخطط الخبيثة لإغراق المسلمين في الشهوات والشبهات 4/الدور العظيم للقرآن الكريم لصدِّ الهجمات الفكرية 5/دور المرأة في الحفاظ على هوية الأسرة والمجتمع.اقتباس
وَالْحَقِيقَةُ -أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ- أَنَّهُمْ يَسْعَوْنَ سَعْيًا حَثِيثًا فِي تَنْفِيذِ مُخَطَّطَاتِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا، عَلَى مُسْتَوًى كَبِيرٍ مِنَ التَّنْظِيمِ الْمَدْعُومِ مِنَ الدُّوَلِ الْمُجْرِمَةِ، وَالْقَنَوَاتِ الْآثِمَةِ، وَمَرَاكِزِ الْأَبْحَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَبَثُّوا الشُّبُهَاتِ فِي ...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ الله: فَبَعْدَ هَزَائِمِ الْحَمَلَاتِ الصَّلِيبِيَّةِ الْمُتَكَرِّرَةِ، وَالَّتِي كَانَ آخِرُهَا هَزِيمَتَهُمْ فِي الْمَنْصُورَةِ، وَالَّتِي أُسِرَ فِيهَا لِوِيسُ التَّاسِعُ مَلِكُ فَرَنْسَا فَتْرَةً مِنَ الزَّمَنِ حَتَّى افْتَدَاهُ قَوْمُهُ، وَفُكَّ أَسْرُهُ، فَرَجَعَ إِلَى فَرَنْسَا بِوُجْهَةِ نَظَرٍ جَدِيدَةٍ، حَيْثُ قَالَ لَهُمْ: "إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَهْزِمُوا الْمُسْلِمِينَ، فَلَا تُقَاتِلُوهُمْ بِالسِّلَاحِ فَقَدْ هُزِمْتُمْ أَمَامَهُمْ فِي مَعْرَكَةِ السِّلَاحِ، وَلَكِنْ حَارِبُوهُمْ فِي عَقِيدَتِهِمْ؛ فَهِيَ مَكْمَنُ الْقُوَّةِ فِيهِمْ"، وَمُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بَدَأَ الْغَزْوُ الْفِكْرِيُّ بَدَلًا مِنَ الْعَسْكَرِيِّ.
فَبَعْدَ قُوَّةِ الْحَدِيدِ وَالنَّارِ فِي اسْتِعْمَارِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَالَّتِي لَا تَزِيدُ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا إِيمَانًا وَتَضْحِيَةً فِي سَبِيلِ الدِّفَاعِ عَنْ دِينِهِمْ وَوَطَنِهِمْ، جَاءَتِ الْقُوَّةُ النَّاعِمَةُ، وَالَّتِي هِيَ أَخْطَرُ وَأَعْظَمُ فِي اسْتِعْمَارِ عُقُولِ الْمُسْلِمِينَ، وَاسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُهُ زُوِيمَرُ، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْمُسْتَشْرِقِينَ وَالْمُبَشِّرِينَ الْإِنْجِلِيزِ: "يَهْدِفُ الْغَرْبُ مِنْ خِلَالِ عَمَلِيَّاتِ الْغَزْوِ الْفِكْرِيِّ إِلَى إِخْرَاجِ أَجْيَالٍ مُسْلِمَةٍ تَكُونُ هِيَ طَلِيعَةَ الْفَتْحِ الِاسْتِعْمَارِيِّ فِي الْمَمَالِكِ الْإِسْلَامِيَّةِ"؛ يَعْنِي بِاخْتِصَارٍ هُمْ يَطْمَعُونَ فِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِعْمَارُ الْجَدِيدُ هُوَ عَلَى أَيْدِي شَبَابٍ مُسْلِمٍ تَرَبَّى عَلَى إِسْلَامٍ يُنَاسِبُ الْغَرْبَ، يَفْصِلُ الدِّينَ عَنِ الدُّنْيَا، وَلَا يَعْرِفُ وَلَاءً لِمُؤْمِنٍ وَلَا بَرَاءً مِنْ كَافِرٍ، مَشْغُولٌ بِالتَّفَاهَاتِ، مُنْغَمِسٌ فِي الشَّهَوَاتِ، لَيْسَ لَهُ عِزَّةٌ إِسْلَامِيَّةٌ، وَلَا هُوِيَّةٌ وَطَنِيَّةٌ، وَإِنَّمَا هِيَ اللِّيبْرَالِيَّةُ الْعَلْمَانِيَّةُ.
وَالْحَقِيقَةُ -أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ- أَنَّهُمْ يَسْعَوْنَ سَعْيًا حَثِيثًا فِي تَنْفِيذِ مُخَطَّطَاتِهِمْ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَجِهَارًا، عَلَى مُسْتَوًى كَبِيرٍ مِنَ التَّنْظِيمِ الْمَدْعُومِ مِنَ الدُّوَلِ الْمُجْرِمَةِ، وَالْقَنَوَاتِ الْآثِمَةِ، وَمَرَاكِزِ الْأَبْحَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَبَثُّوا الشُّبُهَاتِ فِي كُلِّ الْمَجَالَاتِ، حَتَّى حَقَّقُوا -لِلْأَسَفِ- كَثِيرًا مِنَ الْأَهْدَافِ الْمَنْشُودَةِ، وَوَصَلُوا إِلَى بَعْضِ الْغَايَاتِ الْمَرْصُودَةِ.
وَالسُّؤَالُ الْأَهَمُّ: كَيْفَ يُوَاجِهُ الْمُسْلِمُونَ كَيْدَ وَمَكْرَ الْغَزْوِ الْفِكْرِيِّ، وَالَّذِي أَصْبَحَ يَصِلُ إِلَى الْجَمِيعِ؟
اسْمَعُوا إِلَى وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأُمَّتِهِ فِي أَكْبَرِ جَمْعٍ فِي زَمَانِهِ؛ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، حِينَ خَطَبَ فِيهِمْ، وَقَالَ لَهُمْ: "وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابَ اللَّهِ"، وَصَدَقَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، إِنَّهُ الْقُرْآنُ كِتَابُ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ فِي كَثِيرٍ مِنْ تَصْرِيحَاتِ الْأَعْدَاءِ التَّحْذِيرُ مِنَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ يُفْسِدُ عَلَيْهِمْ مَكَائِدَ الشَّيْطَانِ، يَقُولُ غِلَادِسْتُونُ، رَئِيسُ وُزَرَاءِ بِرِيطَانْيَا سَابِقًا: "مَا دَامَ هَذَا الْقُرْآنُ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ، فَلَنْ تَسْتَطِيعَ أُورُوبَّا السَّيْطَرَةَ عَلَى الشَّرْقِ، وَلَا أَنْ تَكُونَ هِيَ نَفْسُهَا فِي أَمَانٍ".
تَخَيَّلُوا عِنْدَمَا يُحَاوِلُ الْغَرْبُ إِغْرَاقَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَلَذَّاتِ الدُّنْيَا؛ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَمَلْبَسٍ وَلَعِبٍ وَتَرْفِيهٍ وَسِيَاحَةٍ، وَفِي كُلِّ مَا يَتَنَعَّمُ بِهِ الْجَسَدُ دُونَ الرُّوحِ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْمُسْلِمُ بِقَلْبِهِ هَذِهِ الْآيَةَ: (إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[يُونُسَ: 24]، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، بَلْ يَأْتِيكَ وَصْفُ الْكُفَّارِ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فِي أَبْشَعِ صُورَةٍ: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)[مُحَمَّدٍ: 12]، فَلَا تَكُنْ مِثْلَهُمْ.
عِنْدَمَا يُحَاوِلُ الْكُفَّارُ إِبْعَادَ الدِّينِ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ، فَتَسْمَعُ قَوْلَهُ -تَعَالَى-: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الْأَنْعَامِ: 162]، قَدِ اخْتَلَطَ الدِّينُ بِاللَّحْمِ وَالْعَظْمِ، فَكَيْفَ نَسْتَطِيعُ الِانْفِكَاكَ عَنِ اللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ؟!
عِنْدَمَا تَأْتِي دَعْوَةُ الْإِلْحَادِ لِتُنَاقِشَ الْمَعْقُولَ، فَيَأْتِي الْقُرْآنُ لِيُحَاوِرَ الْعُقُولَ؛ (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ)[الطُّورِ: 35-36]، فَحَيْثُ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، فَالْخِيَارُ الثَّالِثُ أَنَّ هُنَاكَ خَالِقًا عَظِيمًا هُوَ اللَّهُ -تَعَالَى-، وَعِنْدَمَا يَأْتِي الْقُرْآنُ بِالْحَقَائِقِ الْعِلْمِيَّةِ فِي جَمِيعِ الْمَيَادِينِ، الَّتِي وَقَفَ أَمَامَهَا الْعُلَمَاءُ فِي كُلِّ التَّخَصُّصَاتِ فَقَالُوا جَمِيعًا: لَا تَفْسِيرَ لِهَذِهِ الِاكْتِشَافَاتِ الْعِلْمِيَّةِ إِلَّا أَنَّ هُنَاكَ خَالِقًا عَلِيمًا، عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَصَدَقَ اللَّهُ -تَعَالَى-: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)[فُصِّلَتْ: 53].
فَيَا عَجَبًا كَيْفَ يُعْصَى الْإِلَهُ *** أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الْجَاحِدُ
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةٌ *** تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا، بِالْعَدْلِ قَائِمًا، وَلِلْإِيمَانِ نَاصِرًا وَدَاعِمًا، وَلِلْكُفْرِ مُحَارِبًا وَدَاحِرًا، فِيهِ خَبَرُ الْأَوَّلِينَ، وَنَبَأُ الْآخِرِينَ، وَحِكْمَةُ النَّبِيِّينَ، وَهِدَايَاتُ الْمُرْسَلِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَّا بَعْدُ:
عِنْدَمَا يَأْتِي الْغَزْوُ الْفِكْرِيُّ بِالشَّهَوَاتِ، فَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِالْوِقَايَةِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ؛ (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[النُّورِ: 30]، وَجَاءَ بِالْبَدِيلِ فِي الدُّنْيَا؛ (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)[الرُّومِ: 21]، وَجَاءَ بِالْعِوَضِ فِي الْآخِرَةِ؛ (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)[آلِ عِمْرَانَ: 14-15].
وَأَمَّا أَمْوَاجُ الْغَرْبِ الْعَاتِيَةُ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَتَحَطَّمَ عَلَى صَخْرَةِ: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الْحُجُرَاتِ: 10].
وَأَمَّا تَفْكِيكُ الْأُسْرَةِ فَهُوَ عَنْ طَرِيقِ الْمَرْأَةِ، يَقُولُ نَفَرٌ مِنَ الْمُبَشِّرِينَ: "بِمَا أَنَّ الْأَثَرَ الَّذِي تُحْدِثُهُ الْأُمُّ فِي أَطْفَالِهَا ذُكُورًا وَإِنَاثًا حَتَّى السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ عُمْرِهِمْ بَالِغُ الْأَهَمِّيَّةِ، وَبِمَا أَنَّ النِّسَاءَ هُنَّ الْعُنْصُرُ الْمُحَافِظُ فِي الدِّفَاعِ عَنِ الْعَقِيدَةِ، فَإِنَّنَا نَعْتَقِدُ أَنَّ الْهَيْئَاتِ التَّبْشِيرِيَّةَ يَجِبُ أَنْ تُؤَكِّدَ جَانِبَ الْعَمَلِ بَيْنَ النِّسَاءِ الْمُسْلِمَاتِ"، فَسَعَوْا جَاهِدِينَ لِإِخْرَاجِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا، وَالتَّهْوِينِ مِنْ أَمْرِ الْحِجَابِ، وَفُرِضَ الِاخْتِلَاطُ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ، وَلَوْ تَدَبَّرَتِ الْمَرْأَةُ كِتَابَ رَبِّهَا لَرَأَتْ أَنَّ عِزَّهَا فِي بَيْتِهَا، وَنَجَاحَهَا فِي حَيَائِهَا، وَفَلَاحَهَا فِي سَتْرِهَا، وَشَرَفَهَا فِي طَاعَةِ زَوْجِهَا، وَمَجْدَهَا فِي بِرِّ أَبْنَائِهَا، وَوَاللَّهِ إِنَّ الْمَرْأَةَ الْغَرْبِيَّةَ تَتَمَنَّى أَنْ تَعِيشَ فِي الْمُلْكِ الَّذِي تَعِيشُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ حَفِظَ حُقُوقَهَا، وَأَنْزَلَ سُورَةً مِنَ الطِّوَالِ لِلدِّفَاعِ عَنْهَا مِنْ ظُلْمِ الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَهِيَ سُورَةُ النِّسَاءِ، فَيَا أَيَّتُهَا الْأُمُّ، وَيَا أَيَّتُهَا الْأُخْتُ، وَيَا أَيَّتُهَا الزَّوْجَةُ، وَيَا أَيَّتُهَا الْبِنْتُ؛ (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)[الْأَحْزَابِ: 33].
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
التعليقات