عناصر الخطبة
1/حقيقة الأمانة 2/منزلتها وشأنها 3/فضائل الأمانة 4/صورها ومجالاتها.اقتباس
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْقِيَمِ وَالْأَخْلَاقِ الَّتِي دَعَا الْإِسْلَامُ إِلَيْهَا؛ فَذَلِكَ مِنَ الْأَمَانَاتِ الَّتِي اؤْتُمِنَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ؛ لِيَنْشُرُوا دِينَ اللهِ، وَيُبَيِّنُوا فَضَائِلَ هَذَا الدِّينِ...
الْخُطْبَةُ الأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71]، أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْأَلُ عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"، قَالَ: وَكَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: "إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).
وَحَقِيقَةُ الْأَمَانَةِ وَمَعْنَاهَا: أَدَاءُ حَقِّ اللهِ بِعِبَادَتِهِ، وَإِخْلَاصُ الدِّينِ لَهُ، وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِ الْخَلْقِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ.
وَقَدْ حَظِيَتِ الْأَمَانَةُ بِمَكَانَةٍ رَفِيعَةٍ وَمَنْزِلَةٍ عَظِيمَةٍ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عُلُوِّ شَأْنِهَا مَا يَلِي:
أَنَّ الْأَمَانَةَ شَرْطٌ فِي تَحَقُّقِ الْإِيمَانِ: "لَا إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ".
كَمَا أَنَّهَا أَبْرَزُ سِمَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، وَقَدْ وَصَفَ اللهُ ثُلَّةً مِنْهُمْ بِذَلِكَ؛ فَقَالَ -تَعَالَى- عَنْ نُوحٍ: (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)[الشعراء:105-107]، وَكَذَا عَنْ هُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، كُلٌّ يَقُولُ لِقَوْمِهِ: (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ).
وَإِنَّ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَكَانَةِ الْأَمَانَةِ -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ-: أَنَّهَا شَرْطٌ فِيمَنْ تَحَمَّلَ مَسْؤُولِيَّةً، تَقُولُ بِنْتُ شُعَيْبٍ لِأَبِيهَا فِي حَقِّ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ)[القصص:26].
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: وَلَمَّا كَانَ حَمْلُ الْأَمَانَةِ ثَقِيلًا؛ وَعَدَ اللهُ الْقَائِمِينَ بِهَا وَالرَّاعِينَ لَهَا بِالْجَنَّةِ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[المؤمنون:8-11].
إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: وَحَتَّى نَنَالَ مَا وَعَدَ اللهُ بِهِ الرَّاعِينَ لِلْأَمَانَةِ يَجِبُ أَنْ نَعْرِفَ الْأَمَانَةَ بِصُوَرِهَا الْمُتَعَدِّدَةِ وَمَجَالَاتِهَا الْوَاسِعَةِ؛ حَيْثُ إِنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ، وَالْمُعَامَلَاتِ، وَالْعَلْاقَاتِ الْفَرْدِيَّةِ وَالْجَمَاعِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ فَمِنْ ذَلِكَ:
الْقِيَامُ بِمَا افْتَرَضَهُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ؛ مِنْ تَوْحِيدٍ، وَصَلَاةٍ، وَصِيَامٍ، وَزَكَاةٍ، وَحِفْظِ الدِّينِ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران:104].
وَمِنْ صُوَرِهَا كَذَلِكَ: حِفْظُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ مِنَ الْوُقُوعِ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ -تَعَالَى-؛ (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)[الإسراء: 36]؛ فَيَجْتَنِبُ الْعَبْدُ اسْتِمَاعَ الْحَرَامِ؛ كَالْأَغَانِي، وَقَوْلِ الزُّورِ، وَالْغِيبَةِ، وَالنَّمِيمَةِ، وَيَهْجُرُ النَّظَرَ إِلَى الْحَرَامِ، وَيَحْفَظُ جَوَارِحَهُ مِنْ كُلِّ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ.
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ: الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْقِيَمِ وَالْأَخْلَاقِ الَّتِي دَعَا الْإِسْلَامُ إِلَيْهَا؛ فَذَلِكَ مِنَ الْأَمَانَاتِ الَّتِي اؤْتُمِنَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ؛ لِيَنْشُرُوا دِينَ اللهِ، وَيُبَيِّنُوا فَضَائِلَ هَذَا الدِّينِ وَخَصَائِصَهُ وَمُمَيِّزَاتِهِ.
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ: إِصْلَاحُ النَّفْسِ وَتَزْكِيَتُهَا، وَصَرْفُهَا عَمَّا حَرَّمَ اللهُ إِلَى مَرْضَاةِ اللهِ وَمَحَابِّهِ؛ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)[الشمس:9-10]، وَفِي الْحَدِيثِ: "كُلُّكم يَغْدُو؛ فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا".
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ: صِيَانَةُ الْأَعْرَاضِ؛ بِأَنْ تَصُونَ نَفْسَكَ وَذَوِيكَ، وَتَصُونَ عِرْضَ الْآخَرِينَ، وَفِي الْحَدِيثِ: "كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ".
وَمِنْ صُوَرِ الْأَمَانَةِ وَمَجَالَاتِهَا: أَدَاءُ الْحُقُوقِ إِلَى أَهْلِهَا؛ كَمَا أَمَرَ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا)[النساء: 58].
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ: الْمَالُ الَّذِي بِيَدِكَ؛ فَهُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَكَ وَأَنْتَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ؛ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبْتَ هَذَا الْمَالَ؟ أَمِنْ حَلَالٍ أَمِّنْ حَرَامٍ؟ وَفِي الْحَدِيثِ: "لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ، وَمِنْهَا: وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ"(صَحِيح التَّرْغِيبِ).
وَمِنْ صُوَرِهَا -أَيُّهَا الْأَخْيَارُ-: الْقِيَامُ بِالْحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ؛ مِنْ تَعْلِيمٍ لِلزَّوْجَةِ وَتَوْجِيهِهَا، وَالتَّعَامُلِ مَعَهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَالْقِيَامِ بِمَا أَوْجَبَ اللهُ لَهَا مِنَ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ؛ كَمَا أَنَّهَا مَسْؤُولَةٌ مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى زَوْجِهَا وَأَوْلَادِهَا، وَعَلَى مَالِهِ وَفِرَاشِهِ.
وَمِنَ الْأَمَانَاتِ كَذَلِكَ: حُسْنُ تَرْبِيَةِ الْأَبْنَاءِ، وَحَثُّ الْأَهْلِ عَلَى سُلُوكِ الْخَيْرِ وَالْبُعْدِ عَنِ الشَّرِّ، وَتَعْوِيدُهُمْ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْآدَابِ وَالْقِيَمِ، وَكُلُّ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ بِهِ السَّلَامَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْفَوْزُ وَالنَّجَاةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التحريم:6].
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ -عِبَادَ اللهِ-: حُقُوقُ الْأَبَوَيْنِ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ كِبَرِ سِنِّهِمَا، وَرِقَّةِ عَظْمِهِمَا، وَضَعْفِ قُوَّتِهِمَا؛ (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)[الإسراء:23-24].
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ -أَيْضًا-: حِفْظُ حُقُوقِ الْجَارِ؛ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، وَكَفِّ الْأَذَى عَنْهُ، وَبَذْلِ الْمَعْرُوفِ لَهُ؛ فَفِي الْحَدِيثِ: "لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائقَهُ".
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ: الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ؛ بِأَنْ تُؤَدَّى كَامِلَةً مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)[المائدة:1].
وَمِنْ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ: وَسَائِلُ الْإِعْلَامِ؛ فَرَجُلُ الْإِعْلَامِ مُؤْتَمَنٌ فِي وَسِيلَتِهِ الَّتِي يَعْمَلُ فِيهَا؛ فِي كِتَابَاتِهِ، وَأُطْرُوحَاتِهِ وَبَرَامِجِهِ؛ فَكُلُّ ذَلِكَ أَمَانَةٌ فِي عُنُقِهِ، وَاللهُ سَائِلُهُ عَنْهَا؛ (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق:18].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ: الشَّهَادَةُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الشَّاهِدِ؛ يُؤَدِّيهَا بِصِدْقٍ وَأَمَانَةٍ؛ فَلَا يَكْتُمْهَا وَلَا يَبْخَسْ شَيْئًا مِنْهَا، بَلْ يُؤَدِّيهَا كَامِلَةً كَمَا تَحَمَّلَهَا كَامِلَةً؛ قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: (وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)[البقرة:283].
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللهِ: فَإِنَّ مَجَالَاتِ الْأَمَانَةِ وَاسِعَةٌ؛ كَمَا سَمِعْتُمْ، وَمُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَكُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ؛ فَلْيَحْرِصْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا عَلَى أَدَائِهَا فِي نَفْسِهِ وَفِي أَهْلِهِ وَفِي عَمَلِهِ، وَعَلَاقَاتِهِ مَعَ الْآخَرِينَ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، كَمَا يَجِبُ الْحَذَرُ مِنْ كُلِّ مَا يَهْدِمُهَا وَيُؤَثِّرُ فِيهَا؛ فَمَنْ أَدَّاهَا بِصِدْقٍ وَأَمَانَةٍ كَانَ مُؤْمِنًا حَقًّا، وَإِنْ غَشَّ وَدَلَّسَ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ؛ "فمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا".
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ وَاحْفَظُوا أَمَانَاتِكُمْ، وَاحْذَرُوا مَا نَهَاكُمُ اللهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ؛ حَيْثُ قَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[الأنفال: 27].
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
التعليقات