عناصر الخطبة
1/ تغريب الأعداء للمجتمعات المسلمة 2/ استهداف الأعداء للأطفال 3/ آثار ومخاطر أفلام الكرتون والرسوم المتحركة على الأطفال 4/ التحذير من الرسوم المتحركة وواجب المجتمع تجاههااهداف الخطبة
اقتباس
لقد وُجهت ضربات عديدة إلى مقاتل المجتمع المسلم بقصد تغريبه عن دينه، وتجهيله بحقيقته، ومسخه إلى مجتمع مفتوح على كل الثقافات، ليس له هوية يعتنقها، أو يدافع عنها، ولم تكن طبيعة تلك الضربات عسكرية، بل ضربات من نوع غريب وخبيث قوي المفعول ولو بعد حين، استهدف بها...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار.
عباد الله: أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله وطاعته، استجابة لأمر الله -جل وعلا-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 1.2].
أما بعد:
فيا معاشر الإخوة المؤمنون: لقد وُجهت ضربات عديدة إلى مقاتل المجتمع المسلم بقصد تغريبه عن دينه، وتجهيله بحقيقته، ومسخه إلى مجتمع مفتوح على كل الثقافات، ليس له هوية يعتنقها، أو يدافع عنها، ولم تكن طبيعة تلك الضربات عسكرية، بل ضربات من نوع غريب وخبيث قوي المفعول ولو بعد حين، استهدف بها أعداؤنا فئات عدة من مجتمعات المسلمين، مثل الشباب والنساء، ولكنهم لم يتركوا -أيضًا- فئة عزيزة على نفوسنا جميعًا، تمثل مستقبلنا الواعد، وأمانينا الجميلة، فئة هي أكثر استعدادًا لقبول كل جديد، والتغير السريع، إنها فئة "الأطفال"، تلك الفئة العمرية البريئة، التي تكون في تلك المرحلة مقتصرة على التلقي واكتناز المعلومات، لتحويلها إلى سلوك عملي، يحدد كثيرًا من منحنيات حياتهم بعد البلوغ.
لقد علم هؤلاء بأن غالب الأطفال في عالمنا اليوم يتلقون ثقافتهم -وبخاصة قبل المدرسة- من التلفاز، من مؤثرات الثقافة في حياتهم، وغالبها من أفلام الرسوم المتحركة، وما يسمى أفلام الكارتون، يليها المسلسلات والأفلام وأمثالها، حتى أصبح لتلك الأفلام الكارتونية قنوات خاصة تبث طوال اليوم، في قالب فني جذاب متطور، وأنطقوها بلغتنا، فالتصق بها أطفال المسلمين التصاقًا مخيفًا، أثر على تشكيل نفسياتهم وعقولهم، إلى جانب التأثير السلبي على صحتهم.
إن أفلام الكرتون قنابل تتفجر كل يوم في شاشاتنا الصغيرة دون وعي منا أو متابعة، فهي لا تزال بريئة في أعيننا، مجرد تسلية، ومن عادتنا ألا نتنبه لأمر حتى يبلغ ذروته، لقد أشغلت هذه الرسوم المتحركة أطفال المسلمين أيما إشغال.
فما عادوا يطيقون أن يستغنوا عنها ولو يومًا واحدًا دون أن يشاهدوها، بل فضلوها حتى على مرافقة الآباء والأمهات في النزهات والحفلات، حتى أكلت أوقاتهم، وبدَّدت طاقاتهم، وشلَّت تفكيرهم، فما عاد لهم وقت لمراجعة دروسهم، أو حفظ كتاب ربهم، فضلاً على أن يجلسوا مع أهليهم جلسة صافية، ليتلقوا منهم الأدب والدين والخلق.
ويؤكد أحد الباحثين: أن الأطفال يشاهدون تلك الأفلام "لمدة قد تصل إلى عشرة آلاف ساعة بنهاية المرحلة الدراسية "المتوسطة" فقط، وهذا ما أثبتته البحوث والدراسات من خلال الواقع المعاش.
أخي المسلم: يكفي أن تعلم أن الرسوم المتحركة ما هي إلا حكاية عن واقع راسمها من عقائد وأخلاق يعترف بها، ويتعامل بها؛ كما يثبته علماء الاجتماع، فإذا علمت بأن 70% من هذه الأفلام تنتج في الولايات المتحدة الأمريكية، علمت مدى خطورة نقل خزايا المجتمعات الغربية وعُريها وسقوطها الأخلاقي والديني إلى أذهان أطفالنا؛ مما يدخلهم في دوامة الصراع بين ما يرون وما يعيشون من مُثُل وقيم، وأفكار وحضارات؛ مما يجعلهم في حيرة وتذبذب، كل ذلك ونحن نظن أنهم يستمتعون بما يشاهدون وحسب.
إن الرسوم المتحركة سموم متحركة في شرايين أطفالنا دون أن نتنبه لمدى خطورة ذلك، وجدير بنا أن نقف وقفة حازمة مع "ما لا يتطابق مع ديننا وثقافتنا، وعاداتنا، والذي يخلو من الأهداف والقيم النافعة، أو الذي يساعد على تفريغ أطفالنا من خصائصهم الموروثة، أو توجيههم إلى تقبل الانحراف، يجب ألا نتحرج في رفضه، وعدم قبوله".
إن البيئة التي رفضت من قبل ألوانًا من الأفكار المنحرفة، والمذاهب المضلة، والتقليعات الفاسدة، بدأت تتململ وهي تشاهد الآثار الخطيرة لهذه لمسلسلة كارتونية مثل البيكمون، فاستنهضت همم العلماء والدعاة فأصدروا تحذيراتهم وفتاواهم، فإذا بالمجتمع يقول في صوت واحد: سمعنا وأطعنا، وفي أيام قليلة تراجعت مبيعات السلع المرتبطة بصور البيكومونات ثمانين في المائة، تبعتها العشرون المتبقية في غضون شهور قليلة، بعد أن قامت وزارة التجارة بمطاردتها في الأسواق ومنعت دخولها، وأخرج الأطفال كل المحتويات التي جمعوها وكسروها وأحرقوها، بل وقاطعوا السلع التي التصقت بها تلك الصور، وراحوا ينشرون الفتوى الصادرة من مشايخنا بأيديهم، حتى قال أحد الأطفال: سوف أشتري كل الألعاب الخاصة بالبيكمون من السوق، فعجب منه أحد زملائه فأجابه: لأني أريد أن أحرقها جميعًا؛ إعلانًا لانتهاء عهد هذه الخرافة.
إن هذه الاستجابة تشير بوضوح إلى عمق الإيمان في مجتمعنا المسلم، وأنه مهما نجح الأعداء في التخطيط لإبعاده عن شخصيته المتميزة فلن يفلحوا أبدًا.. إنها طعنة نجلاء في قلوب المبتزين، الذين يلهثون وراء الدرهم والدينار ولو على حساب مستقبل أمتهم وأبناء جلدتهم.
وهي أيضًا إشارة واضحة لنا نحن أولياء الأمور، فكم نكون مخطئين حين نظن أننا لن نستطيع أن نقنع أولادنا بالابتعاد عن مشاهدة هذه الأفلام، فإن أطفالنا قد تربوا في محاضن الإسلام، ومهما أغراهم أعداؤنا بتفاهاتهم وأفكارهم، فإن إرشادهم، ونصحهم، وتوجيههم عمليَّا إلى أفلام أخرى إسلامية المضمون، سوف يحل المشكلة، ويكون البديل الصحيح، بل المعين على تربيتهم بإذن الله.
وللحديث بقية في خطبة قادمة -إن شاء الله-، نستكمل فيها بعض الآثار السلبية لهذه الأفلام، ونحاول أن نرسم الطريق للتخلص منها، وإيجاد البديل عنها -إن شاء الله-.
ثم صلوا وسلموا على معلم الناس الخير ومربي البشرية على منهج الله القويم؛ سيدنا ونبينا وقرة أعيننا محمد بن عبد الله كما أمركم الله -جل وعلا- بذلك، فقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين، وعنا معهم برحمتك وفضلك ومنك يا أكرم الأكرمين.
اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر إخواننا المجاهدين، وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق، وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك.
اللهم فك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين، واهد ضال المسلمين، وهيئ لأمة الإسلام أمرا رشدا يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التعليقات