عناصر الخطبة
1/شعور المسلم بالقبول 2/حسن الظن بالله تعالى 3/وجوب شكر نعم الله 4/أركان الشكر وأنواعه 5/ رسائل للمرأة المسلمة 6/اجتماع العيد مع الجمعة في يوم واحد.اقتباس
فلتقرَّ عينك بتلك العبادات، ولتكثر الحمد على التوفيق والتمام، واحذر من تدنيس صحائفك بالذنوب بعد أن غسلتها بدموع التوبة، وإن تعثرت وسقطت في ذنب من جديد، فقم بعزم وتوبة أخرى، فلا يزال المؤمن يُفتَن ويتوب حتى يُختم له بخير.
الخُطْبَة الأُولَى:
إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أما بعد فيا أيها الناس: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.
معاشر الصائمين القائمين: تقبل الله طاعتكم، ورفع منزلتكم، وجعلكم من عتقائه من النار، ما أجمل شعور المسلم بالقبول بعد نهاية عمله!، فهنيئًا لكم شهرًا كاملاً كنتم فيه من أهل البر والإحسان، من أهل الطاعة والقربان، من أهل الصوم والقيام، فليكن حُسْن ظنّك بالله عظيمًا أنه قد قَبِلَ منك عملك، فربُّك كريم يقبل العمل على ما فيه من التقصير، ويثيب على القليل الكثير، فهو الشكور الحميد -جل في علاه-.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عبادات ودعوات صعدت إلى الرب الكريم، ودموع وزفرات بدت في مناجاتك لربك، وعكوف وتفرغ للعبادة حرصت عليه، لن يضيع ذلك عند ربك (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)[البقرة: 143].
فلتقرَّ عينك بتلك العبادات، ولتكثر الحمد على التوفيق والتمام، واحذر من تدنيس صحائفك بالذنوب بعد أن غسلتها بدموع التوبة، وإن تعثرت وسقطت في ذنب من جديد، فقم بعزم وتوبة أخرى، فلا يزال المؤمن يُفتَن ويتوب حتى يُختم له بخير.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
عباد الله: يقول -جل في علاه-: (وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)[إبراهيم: 34]، ويقول: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً)[لقمان: 20].
كم هي النعم التي نتقلب فيها، ولا نعرف قيمتها إلا حين نفقدها، وكم هي النعم التي تحيط بنا ولا نشعر بها، وإن الناظر إلى حالنا ليعجب من الاستخفاف بالنعم التي نعيشها، مع ما نراه من زوال نعم من حولنا من الدول، والواجب علينا شكر هذه النعم لله -تعالى-، ولا يتم الشكر إلا باللسان واليد والقلب جميعًا.
وبهذا المعنى يقول الشاعر:
أفادتكم النعماءَ مني ثلاثةٌ *** يدي ولساني والضمير المحجا
فلا تكون شاكرًا للنعم، حتى تشكر الله بلسانك وبقلبك وعملك.
فكثير من الناس تجده يشكر ربه بلسانه، ولا يعرف الشكر بالقلب ، فمن الشكر بالقلب: أن تعتقد جازمًا أن العبادة حق لله وحده، ولا يستحقها أحد سواه.
ومن الشكر بالقلب أيضًا: محبة المؤمنين والمرسلين وتصديقهم فيما جاءوا به ولا سيما نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأنهم بلَّغوا الرسالة وأدوا الأمانة، كما قال -سبحانه-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[النحل:36].
ومن الشكر لله بالقلب: الخوف من الله ورجاؤه، ومحبته حبًّا يحملك على أداء حقه وترك معصيته، وأن تدعو إلى سبيله وتستقيم على ذلك.
ومن الشكر بالقلب: الإخلاص لله ومحبته والخوف منه ورجاؤه.
وهناك نوع ثالث: وهو الشكر بالعمل... بعمل الجوارح والقلب؛ ومن عمل الجوارح أداء الفرائض والمحافظة عليها، كالصلاة والصيام والزكاة وحج بيت الله الحرام والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال كما قال -تعالى-: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ)[التوبة:41].
والشكر لله سبب للمزيد من النعم، كما قال -سبحانه-: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)[إبراهيم:7]، ومعنى تأذن: يعني أعلم عباده بذلك، وأخبرهم أنهم إن شكروا زادهم، وإن كفروا فعذابه شديد، ومن عذابه أن يسلبهم النعمة، ويعاجلهم بالعقوبة فيجعل بعد الصحة المرض، وبعد الخصب الجدب، وبعد الأمن الخوف، وبعد الإسلام الكفر بالله -عز وجل-، وبعد الطاعة المعصية.
فمن شكر الله -عز وجل-: أن تستقيم على أمره وتحافظ على شكره حتى يزيدك من نعمه، فإذا أبيت إلا كفران نعمه ومعصية أمره فإنك تتعرض بذلك لعذابه وغضبه، وعذابه أنواع؛ بعضه في الدنيا وبعضه في الآخرة.
ومن صور عذابه سلب النعم؛ كما قال -تعالى-: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)[الصف:5]، وتسليط الأعداء، وعذاب الآخرة أشد وأعظم؛ كما قال -سبحانه-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ)[البقرة:152]، وقال -تعالى-: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)[سبأ:13]؛ فأخبر -سبحانه- أن الشاكرين قليلون وأكثر الناس لا يشكرون.
فأكثر الناس يتمتع بنعم الله ويتقلب فيها ولكنهم لا يشكرونها، بل هم ساهون لاهون غافلون، كما قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ)[محمد:12].
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المؤمنون: انظروا إلى من حولكم من الدول والشعوب، فالبعض منهم كان غنيًّا في الصباح ولم يُمْسِ إلا وقد افتقر، والبعض كان غنيًّا في المساء ولم يصبح إلا وقد افتقر، وآخرون باتوا آمنين وأصبحوا في خوف لا يأمنون، فارعوا نعم الله فإنها تفر ممن كفرها، قال -سبحانه-: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)[النحل: 112].
تفقدوا المحاويج ممن حولكم، خصوصًا أقاربكم، تصدقوا وأنفقوا، واسوا الفقراء، فإن المال عارية عندكم، والحياة دوّارة، عودوا أولادكم على احترام النعم، وعدم الإسراف وكب النعم وترك الوجبات، علموهم قدر النعمة قبل أن تسلب منهم.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم أدم علينا نعمك، وارزقنا شكرها، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم..
الخطبة الثانية:
أما بعد فيا أيها الناس: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشر النساء المؤمنات: أنتن مصانع الرجال، وستر البنات، والقدوة في المجتمع، بكن تصلح المجتمعات، وبكن تفسد وتتفكك، فاتقين الله أن تكنَّ سببًا في هلاك هذه الأمة، أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كيفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ". وفي روايةٍ: "لِيَنْظُرَ كيفَ تَعْمَلُونَ".
قرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، احرصن على الستر وعدم التكشف أمام الأجانب، فإن ذلك من أسباب دخول النار، أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال -صلى الله عليه وسلم-: "صِنْفَانِ من أهلِ النارِ لمْ أَرَهُما بَعْدُ: قومٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كَأَذْنابِ البَقَرِ يَضْرِبُونَ الناسَ بِها، ونِساءٌ كَاسِياتٌ عَارِياتٌ، مُمِيلاتٌ مائِلاتٌ، رُؤوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ البُخْتِ المائِلَةِ، لا يَدْخُلَنَّ الجنةَ، ولا يَجِدَنَّ رِيحَها، وإِنَّ رِيحَها لَيوجَدُ من مَسِيرَةِ كذا وكذا".
كنَّ صانعات للأجيال، مربيات للأبطال، ولا تغرقن في تتبع الموضات، والجري خلف المواقع والدعايات.
عباد الله: إذا وافق يوم العيد يوم جمعة، جاز لمن حضر العيد أن يصلي الظهر أربعًا في بيته ولا يشهد الجمعة، وهذه رخصة لمن احتاج إليها، وشهود الجمعة أفضل.
اللهم تقبل منا الصيام والقيام والدعاء، اللهم اجعلنا ممن فاز بالعتق من النيران، اللهم ارزقنا الاستقامة على الطاعة، وأذقنا لذتها وحلاوتها، وحفظها من البطلان
اللهم أنج المستضعفين...
التعليقات