عناصر الخطبة
1/من أداب العيد 2/الهدي النبوي في العيد 3/فضل الإصلاح بين المتخاصمين 4/اليهود مصدرو الفتن ومرجوها 5/دور المنافقين في إشعال الفتن 6/دعاة الاختلاط 7/مآسينا والعيد 8/خطبة للنساء 9/نصيحة للنساءاهداف الخطبة
اقتباس
غربت شمسُ ليلةِ العيدِ في مدينةِ حبيبكم، وإذا به يرفعُ صوتَه بأبي هو وأمي مُكبراً مُهللاً حامداً، ليكبر الصحابة بل المدينةُ كلُّها تكبيرَ الحامدين وتهليلَ المعظمين وتحميدَ الشاكرين، فما إن أشرقت شمسُ يومِ العيد إلا والحبيبُ يلبس أجملَ ثيابه في حلة لا يلبسُها إلا في مثل ذاك اليوم والجمعة، وإذا...
الخطبة الأولى:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
الله أكبر العظيمُ المجيد، المبدئ المعيد، الله أكبر كلَّما هلَّ العيد، واستجدَّ جديد،
الله أكبر وعدَ الشاكرين على نعمه بالمزيد، الله أكبر على كلِّ شيء شهيد، الله أكبر الولي الحميد، الله أكبر الفعالُ لما يريد.
(قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) [المؤمنون: 84- 89].
لو سألت العالمَ من عرشِه إلى فرشِه ومن سماءِه إلى أرضِه، أنت مخلوق لمن لأجابك: أنا مخلوق للواحد القهار.
سل الواحة الخضراء والماء جاريا *** وهذي الصحاري والجبال الرواسي
سل الروض مزدانا سل الزهر والندى *** سل الليل والإصباح والطير شاديا
وسل هذه الأنسام والأرض والسماء *** وسل كلَّ شي تسمع الحمد ساريا
فلو جن هذا الليل وامتد سرمدا *** فمن غيرُ ربي يرجع الصبح ثانيا
ولو غاص هذا الماء في القاع هل لكم *** سوى الله يجريه كما شاء راويا
ولو أن هذي الريح ثارت وأعصرت *** أفي كونكم من يمسك الريح ناهيا
لك اللهم الحمدُ يوم أن هديتنا ولك الله اللهم الحمدُ يوم أن لرمضان أحييتنا، ولك اللهم الحمدُ يوم أن للصيام والقيام وفقتنا، لك اللهم الحمدُ يوم أن بالعيد أفرحتنا، فيا رب اقبلنا فيا رب اقبلنا فيا رب اقبلنا، وأشهد أن نبيا محمدا الصادق الأمين قائد الغر المحجلين وإمام المتقين هادينا إلى صراط الله المستقيم:
واللهِ ما خلقَ الإلهُ وما برى *** بشراً يُرى كمحمدٍ بين الورى
المبعوثُ بالقرآنِ فينا *** هادياً زينةُ الأكوانِ بدراً نيّرا
صلى عليك اللهُ يا علمَ الهدى ما هبت النسائم، وما ناحت على الأيك الحمائم.
وبعد:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
غربت شمسُ ليلةِ العيدِ في مدينةِ حبيبكم، وإذا به يرفعُ صوتَه بأبي هو وأمي مُكبراً مُهللاً حامداً، ليكبر الصحابة بل المدينةُ كلُّها تكبيرَ الحامدين وتهليلَ المعظمين وتحميدَ الشاكرين، فما إن أشرقت شمسُ يومِ العيد إلا والحبيبُ يلبس أجملَ ثيابه في حلة لا يلبسُها إلا في مثل ذاك اليوم والجمعة، وإذا به يتجمل ويدهن ويتعطر فكان لا يُشمُّ إلا طيباً طاهراً عليه صلاة ربي ما تتابع النجم زاهرا، وقبل أن يُبارح بيته متوجها إلى مصلى العيد يأكل تمرات وترا، أي واحدة أو ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، وهكذا.
ثم يخرج لصلاة العيد ماشيا على قدميه مع جحافل المؤمنين المكبرين حتى إن أرض المدينة لتكاد ترتج تكبيرا بين عينيه قول ربه: (وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[البقرة: 185].
وكان يأمر أهل المدينة كلَّها رجالَها ونساءَها، حتى ذوات الأعذارِ والخدورِ والصبيان أن يحضروا هذا المشهد العظيم في الصحراء إلى ربهم بارزين ولنعمائه شاكرين.
ليصلي الحبيب بالجمع العظيم صلاة العيد كما صليتم، ثم قام مقابل الناس متوكئاً على بلال يخطبهم قائماً على الأرض والناس جلوس على صفوفهم فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن.
ثم يرجع إلى بيته وبهجةُ العيد على محياه والبشرُ والجلالُ يفيض في مرآه يعود من طريق آخر غير الذي جاء منه، ليدخل بيته ويستقبل أهله وفرحة العيد تدوي في بيته الطاهر صلوات ربي وسلامه عليه ليصلي ركعتين في بيته، فمن تعبد إلى تعبد.
يدخل الحبيب على عائشة في بيتها يوم العيد وإذا بجاريتين عندها تضربان الدف وتغنيان بغناء بعاث فيأتيه أبوبكر زائراً لنبيه وابنته ليستنكر ما يرى فيقول: "دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا".
أظهر فرحه بالعيد شرعاً وفعلاً راسماً بفرحه أنسَ المؤمن، وتفاؤلَ الواثقِ بنصر الله.
إخوة الإسلام: عيدكم مبارك، وعيدكم بإذن الله سعيد، فيا مسلمون أعيدوا للعيد بهجته، وارسموا على الوجوه صدقاً فرحته، وكما لبستم من الثياب جديداً، فلتلبس القلوب من الحياة عهداً جديداً.
بشائرُ العيدِ تترا غنيةُ الصورِ *** وطابع البشرِ يكسو أوجه البشرِ
وموكبُ العيد يدنو صاخباً طرباً *** في عينِ وامقةٍ أو قلبِ منتظر
عباد الله: دعونا نزيد صفاءَ هذا اليوم ونقاءَه، بصفاءِ قلوبِنا من البغضاء والحسد والضغينة، ثيابُنا بيضاءُ نقية، فلمَ لا تكون قلوبنا كذلك؟ فندائي في هذا اليوم السعيد لكل أقارب وأرحام لا يتزاورون، كونوا كباراً وتواصلوا وتسامحوا، وخيركم الذي يبدأ بالسلام؛ ف "مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ" [كما عند أبي داود وصححه الألباني].
وندائي لكل أخوين متخاصمين تسامحا وتصالحا؛ ف "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ" [رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
كما أناشد كل زوجين متخاصمين متهاجرين، أن يتراجعا ويتصالحا، فو الله لا تساوي الدنيا بأسرها تهاجركما، فأرجو كما من هذا المكان، تسامحا ارضاءاً للرحمن وانتصاراً على الشيطان: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النــور: 22].
هيا لنعش حقيقةَ العيد وروعتَه، هيا يا كل قريبٍ وصديق لمتخاصمين أصلح ما بينهما، فإصلاح ذات البين خير من كثير من الصلاة والصيام والصدقة، وهو أعظم قربةٍ، خاصةً اليوم، فأتمم إحسانك.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اليهود أعداء، والنصارى أعداء، والمشركون أعداء، عنهم تكلم القرآن، وأفاض وأبان، لكن أولئك تكلم عنهم كثيرا، وأنذر منهم شراً مستطيرا، وحذر مكراً كبيرا، ولاريب فهم بوابة الفتن، ومريدوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، إنهم أهل النفاق يلبسون ثياب الإصلاح على أفئدة عشش فيها الفساد: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ)[البقرة: 11-12].
يذكون ناراً مشتعلة، ويقودا حرباً مفتعلة: (كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ)[المائدة: 64].
يذكون ناراً على حساب أخرى تمشياً مع ظروف الزمان ومعطيات المكان.
أشعلوا نيرانهم على الدعاة والعلماء، ضاقت نفوسهم ذرعا، وتغيظت أفئدتهم حنقا، يوم أن رأوا أهل العلم بالحق يقولون، وللمنكر ينكرون، ولشرع الله يبينون، يوم أن رأوا الناس عليهم يقبلون وعنهم يصدرون، ما اسطاعوا عند ذلك صبرا، فسالت محابرهم خبثا ومكرا، وكتبت أقلامهم، وفاهت أفواههم إفكا وشرا، وتنادوا سرا وجهرا، على قامات الدعاة والعلماء اعتداء، وبحديثهم استهزاء، وبتأويلاتهم وتلبيسهم افتراء، يا سبحان ربي ما رأينا ولا قرأنا عشر معشار هذه الأقلام تكتب نصرة للأقصى، ولا غيرة إذا انتهكت حرمات الله الأعلى.
صدق الله: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ)[التوبة: 67].
إنها حملات ظالمة الهدف منها هو إضعافُ الدعاة والعلماء وإبعادُهم عن مسار الحياة.
نعم لإسقاطِ المرجعية الشرعية أرادوا، وبتشويهِ صورة العلماء وضربِ أقوال بعضهم ببعض كتبوا ونادوا، ولِما قال العلماء نقصوا وزادوا.
لَقَدْ تمالؤا عَلَى مَسْخِ الْإِسْلَامِ بِاسْمِ الْتَّسَامُحِ وَالْتَّيْسِيْرِ، وَعَمَدُوا إِلَى دَعْمِ كُلِّ مَنْ يَنْتَهِجُ هَذَا المنْهَجَ الْفَاسِدَ، وَأَبْرَزُوهُمْ فِي إِعْلَامِهِمْ، وَأَضَلُّوْا الْعَامَّةَ بِهِمْ، مَعَ تَحْيِيدِ الْعُلَمَاءِ الْرَّاسِخِيْنَ، وَالْطَّعْنِ فِيْهِمْ، وَمَعَايِيْرُ الْتَّيْسِيْرِ عِنْدَهُمْ هِيَ إِلْغَاءُ كَلِمَةِ حَرَامٍ مِنَ الْفَتَاوَى، أَوْ تَضْيِيقُ نِطَاقِهَا إِلَى أَقْصَىْ حَدٍّ، وَتَوْسِيْعُ المُبَاحَاتِ مَا أَمْكَنَ ذَلِكَ، وَاسْتِدْعَاءُ المهْجُوْرِ مِنَ الْأَقْوَالِ، وَإِحْيَاءُ شُذُوْذِ الْفِقْهِ، وَجَمْعُهُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ؛ لِيَكُوْنَ فِقْهَاً لِيبْرَاليَّاً جَدِيْدَاً.
حتى جاء الخطاب الملكي لهم ولغيرهم راداً بكل حزم موكلاً الأمر إلى أهله محذراً من التجرؤ على الكتاب والسنة، والتطاولِ على العلماء، والتطرقِ لشواذ الآراء فشرقت حلوقهم به، وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
فاعلموا -رعاكم الله- مغازي القوم ومخازيهم، وباطلَ زيفهم ودعاويهم، واقدروا للعلماء قدرهم، ودفاعاً عنهم، وتربية على احترمهم وإجلالهم.
وأشعل المنافقون ناراً أخرى وبما أوتوا من قوة أذكوا أوارها، في قضية الاختلاط وفرضه واقعاً في المجتمع بل جهدوا أمرهم في شرعنته ونفي حرمته، فبدأوا بإثارة الشبه في جواز الاختلاط، ومن قال إن الاختلاط حرام قالوا إن النساء كانوا يصلين مع الرجال في مسجد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وهذا اختلاط، ويا سبحان الله ألم يكن يأمرهن أن يستأخرن عن الرجال وخير صفوفهن آخرها، ألم يكن متحجبات، ألم يأمر الرجال أن يستأخروا حتى يخرج النساء، ألم يأمر النساء أن يلزمن حافاة الطرق لا أواسطها، إنهن في طاعة وفي مسجد ألم يقلن لهن: "وبيوتهن خير لهن" قولوا لي بربكم أين هذا الاختلاط الذين يستدلون به؟!
وقالوا لو كان الاختلاط: ممنوعاً لما سمح النبي –صلى الله عليه وسلم- بالاختلاط بالطواف بالبيت الحرام.
وفي أي حديث صحيح يثبت أن الرجال كانوا يطوفون مختلطين مع النساء في الطواف إن هذا ما كان موجوداً على عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري: كانت عائشة تطوف في ناحية عن الرجال لا تخالطهم كانت النساء تطوف بالليل، وقبل الطواف يُخرج الرجال ثم يبدأن الطواف، واقع اليوم ليس حجة وإنما الحجة ما كان على عهده، وشبهة أخرى وشبهات.
التمسوا من عليهم مسوح الخير، أو بعض علم ففتنوهم، فقالوا: ما قالوا فطارت بأقوالهم ركبانهم، وأبرزوها ضاربين بأقوال هيئة كبار العلماء في الاختلاط عرض الحائط.
رفعوا عقيرتهم في الاختلاط، ووجدوا له باباً يسيراً على الناس، دخلوا به من بوابة الوظيفة والمال فاغتر به أناس، حتى ولو كان على حساب أعراضهم، نعم نادوها للتمريض في المستشفيات مع الرجال، طلبوها لتعمل في استقبال المستوصفات للرجال والنساء على حد سواء، وأخيرا دعوها كاشيرة في الأسواق.
فاتقوا الله في أعراضكم واعلموا أن سفينتكم مستهدفة، وأن طهارتكم ونقاءكم مستهدف، وماذا والله جنت مجتمعات الاختلاط من الاختلاط إلا الفضائحَ، وألوانَ القبائح.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
هو ابني، وهو ابنك، هم أولئك الذين نحضر حفل تكريمهم حفظة للقرآن ونحن فرحين، ونحزن إذا رأيناهم في الطرقات تائهين ونأسى إذ القيناهم في دور الأحداث منحرفين.
نعم هم شبابنا مناطُ آمال الأمة ومعقدُ رجائها، نعم هم شبابنا الذين ابتعدنا كثيراً عن آمالِهم وهمِومهم وأحاديثهم ومجالسهم ابتعدنا عن حوارهم عن إشباع أرواحهم، وافق هذا زمنُ سعارِ شهواتٍ محموم، مما جعل بيوتاتٍ كثيرةٍ تشتكي منهم، أمهات يبكين دمعاً وأباءٌ بهم يضيقون ذرعاً، وتجمعات مشبوهة وشللية لطالما ضج المجتمع من أذاها، واكتوى بلظاها.
أخاطب نفسي المقصرة وأخاطبكم وفيكم الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات ومن سلكوا سبيل الاستقامة اصدقوني ماذا قدمنا لهم؟! وماهي الأبواب التي فتحها المجتمع لهم؟! وماهي المحاضن التي احتضنتهم فحققت آمالهم؟!
حضرت قبيل رمضان لأحد مناشط مركز الحي بوسط السيح لأجد تجمعاً شبابياً يفوق الخمسمائة شاب بعضهم جاء من الرياض بحثاً عن برامج تشبع رغباتهم.
وكفاك أن تعرف أنها مجهودات محتسبين ينتظرون دعما ومؤازرةً مني ومنك.
أين دور المدارس الإيجابي في استقطاب هؤلاء الشباب في برامج مسائية متنوعة؟! أين دور الأندية وبيوت الشباب؟! أين دور الجامعات وبرامجها المجتمعية، وأنشطتها اللامنهجية؟! أين المحتسبون الذين سخروا أوقاتهم لهؤلاء الفتية؟!.
بوركت جهود حلقات تحفيظ القرآن لكن مازالت قليلة ومازالت تحتاج إلى وقوفنا جميعا معها، ومازلنا بحاجة إلى أندية ومراكز شبابية تحتضن شبابنا.
ملتقى دعوي أقامه المكتب التعاوني للدعوة بالمحافظة حضوره اليومي يفوق الثلاثة آلاف شاب يبحثون عن مثل هذه المناشط والمحاضن.
بعضهم يأتي بالحبوب المخدرة معه ليضعها على طاولة المصلحين والدعاة معلناً توبته ومعلناً معها نهاية مرحلة ضياع وتضييع دامت أكثر من خمسة عشر عاما.
وكفاك أن تعرف أن الملتقى قام على جهود محتسبين.
إن قضيةَ الشبابِ وانحرافَهم وماذا قدمنا لهم؟ قضية كبرى لابد لها من طرح ونقاش وحوار وحلولٍ عملية، لئلا تضيع ثمراتنا بين أيدينا، ربنا اغفر لنا فأنت الرحيم الغافر.
الخطبة الثانية:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله حبيب رب العالمين صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه أجمعين.
وبعد:
يا صائمون يا قائمون: لتعلموا أن أراضي المسلمين التي تثعب دما زاكياً في فلسطين أو العراق أو الصومال أو غيرها ما كانت على الله بخافية، ولكنها سنة الله الباقية، فهي بلاءٌ وابتلاء، ومس وضراء، فلنقدم يداً بعطاء، ولساناً صادقاً بدعاء، ووعياً بدوائر الأعداء، وعملاً إيجابياً مؤثراً في ميادين الدعوة والنصرة والعطاء، عسى الله أن يرفع عن أمتنا الضراء ويكشف اللأواء إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد أن خطب الرجال، في مثل هذا اليوم الأغرّ، مشى متوكئاً على بلال وخطب النساء، وكان من خطبته أنه تلا عليهنّ آية مبايعة النساء في سورة الممتحنة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [الممتحنة: 12] فلما فرغ من الآية قال: "أنتنّ على ذلك"؟ فأجابت امرأة عن النساء "نعم يا رسول الله" [رواه البخاري].
ثم أمرهنّ بالصدقة، وقال لهنّ: "تصدّقن فإن أكثركنّ حطب جهنم"، فقالت امرأة من وسط النساء: لماذا يا رسول الله؟ فقال: "لأنكنّ تكثرن الشكاية، وتكفرن العشير" فجعلن رضي الله عنهنّ يلقين من قروطهنّ وخواتيمهنّ وقلائدهنّ في ثوب بلال صدقةً لله.
فيا أيتها الأخوات والأمهات: اتقين الله -تعالى- وكنّ خير خلف لخير سلف.
أيتها الأخوات الكريمات: إن من النساء من كان لها أثر تغيير مسار التاريخ بأمر الله -تعالى-.
هذه خديجة وسابقتها في الإسلام، وتلكم عائشة وأثرها في تعليم الأنام، ولم تزل ثلة من الصالحات المصلحات متواكبة جيلاً بعد آخر إلى يومنا هذا.
وفي مجتمعاتنا اليوم من الصالحات المصلحات في البيوت ودور تحفيظ القرآن والمدارس والكليات وغيرها ما هو مفخرة الأمة واعتزازها.
معاشر النساء: الله الله في بيوتكن بحسن التربية، فالنشأ الصغير تحت أنظاركن.
الله الله في حق الأزواج وطاعتهم جاء في الحديث الذي صححه الألباني يقول: "ألا أخبركم بنسائكم في الجنة" يعني "من نساء الدنيا" قلنا بلى يا رسول الله، قال: "الولود الودود التي إذا غضبت أو أسيء إليها أو غضب زوجها، قالت: هذه يدي في يدك لا أكتحل بغمض حتى ترضى".
أخيتي: احذري تمييع الحجاب فالحجاب ستر وليس زينة، العباءة الضيقة والمخصرة واللماعة والشفافة ومطرزة الأكمام والفرنسيه كل هذه ليست حجاباً: (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر: 49].
أيتها المرأة المسلمة في هذه البلاد: لقد صمدت كثيراً ودافعت التغريب طويلاً، فأنت آخر حصنٍ بعدُ لم يسقط ولن يسقط بإذن الله، لقد ضاق العلمانيون المنافقون بك ذرعاً فصاروا يحيكون المؤامرات لك ليلاً ونهاراً، أشعلوا قضية قيادة المرأة للسيارة تكتب فيها أقلام مأجورة وتعالت صيحات موتورة، وهي والله باب سوء، باب لخلع الحجاب وللاختلاط ولضياع الأعراض، فتبصري يا رعاك الله وصموداً وصبراً وثباتاً واستعلاءاً على كيد الشيطان وحزبه إن كيد الشيطان كان ضعيفا: (وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران: 120].
أُخيه يا رعاك الله: يكدر أسماعنا، ويؤلم قلوب الغيورين رجالاً ونساءً ما نسمعه عن بعض النساء في المناسبات من لبس البناطيل والشفاف، صدور بادية ونحورٌ عارية فأين الحياء يا أمة الله، والغيرة الغيرة يا أولياء النساء على أعراضكم.
يا أخية: لا تودعي رمضان بحفلات أعياد تسمع فيها الموسيقى، وكلمات الحب الفاضح، ورقصات المجون فذاك وربي حرام حرام، ومن إتباع الحسنة السيئة.
يا أهل العيد وصية حبيبكم صلى الله عليه وسلم هو في سكرات الموت -الصلاة الصلاة- تارك الصلاة خارج عن دين الله، لا يزوج من بنات المسلمين، وإن زوج وجب التفريق بينهما، وإن مات لا يدفن في مقابر المسلمين ولا يُدعى له ولا يورث.
كم هم الذين فرطوا في صلاة الفجر والعصر فناموا عنها؟ أما من يقظة وتوبة إلى الله.
واعلموا رحمكم الله: أن الأعياد في الإسلام ثلاثة عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الأسبوع هو الجمعة، وما عداها من الأيام التي تتكرر في كل عام فهي بدعة لا يجوز الاحتفال بها ولا إحياءها.
واعلموا أن عيدكم هذا العام وافق يوم الجمعة، فمن صلى العيد جاز له ترك الجمعة، لكن لابد أن يصلي الظهر في بيته إذ لا تشرع صلاتها في مساجد الأوقات، وإن صلى الجمعة سقطت الظهر عنه بذلك جاءت السنة عن حبيبكم صلى الله عليه وسلم.
واعلموا -رحمكم الله- أن من علامة قبول الحسنة إتباعها بمثلها، ومن ذلك صيام الست من شوال، فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
التعليقات