عناصر الخطبة
1/ وجوب إفراد الله تعالى بالعبادة والبعد عن الشرك 2/ وجوب الإصلاح والتعاون مع أهل الحسبة 3/ تنظيم الإسلام أحوال المجتمع وبيان واجبات أفراده 4/ عِزتنا في وحدتنا والتمسك بديننا 5/ وصايا للنساءاهداف الخطبة
اقتباس
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فريضة واجبة, فَضَّل اللهُ هذه الأمة على سائر الأمم بِسَبَبِه, وجَعَلَ أهله هم أتباعُ النبي -صلى الله عليه وسلم- حَقَّا؛ فهو سفينة النجاة، ومن أعظم أسباب الأمن والتمكين في الأرض بإذن الله, ولذلك أمَرَ اللهُ به على وجه الإلزام, وَحَذَّرَ مِن تَرْكِه, وبَيَّن أن تَرْكَه سببٌ لِحُلُولِ العُقوبة واللعنة, وبَيَّنَ سبحانه أنه إذا أنزل عقوبته على أُمَّةٍ بسبب المعاصي فإنه يُنْجي أهلَ النصيحة والدعوة, والنهي عن الفساد ..
إن الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستَعينُهُ ونستَغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرُورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالنا، منْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أن محمّداً عَبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ عليه وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَم.
أمّا بعد: الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر.
الله أكبر, لا إله إلا الله والله أكبر, الله أكبر ولله الحمد.
أيها المسلمون: اتقوا الله وأطيعوه, واشكروه على نِعَمِهِ التي لا تُحْصَى, واعلموا أن التوفيقَ للإيمان وطاعة الرحمن أعظمُ نعمةٍ يُنْعِمُ الله بها على عبده, والتي منها بلوغُ شهر رمضان وصيامه وقيامه, فاسألوا الله المغفرة والقبول, واحرصوا على أن تكونوا بعد رمضان أفضل مما كنتم قبل رمضان.
أيها المسلمون: تذكروا الحِكْمَةَ التي مِن أَجْلِها خُلِقْتُم, وإياكم أن تغيب عنكم! فإن ذلك من أعظم ما يُزَهِّدُ في الدنيا ويُعَلِّقُ القلب بالآخرة, حينما يَعلَم العبدُ يَقِيناً أنه ما خرج من بطن أُمِّه إلا من أَجْلِ أمر واحد فقط, أَلا وهو عبادة الله وحده لا شريك له, واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم-. قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56], وقال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [الأعراف:158].
فالواجب على الجن والإنس جميعاً إفراد الله بالعبادة الظاهرة والباطنة, وترك الشرك بجميع أنواعه وَصُوَرِه, سواء كان دعاءً أو سجوداً أو ركوعاً أو ذبحاً أو طوافاً أو خوفاً أو رجاءً, أو غير ذلك من أنواع العبادات، ولا فرق بين كونها تُصرف للأصنام, أو الملائكة أو الأنبياء أو الصالحين, أو الجن أو عند القبور، كُلُّ ذلك شرك بالله, لا تنفعُ معه الحسنات مهما كَثُرَت.
وكما أنه يجب إفراد الله بالعبادة وترك الشرك, فكذلك يجب إفراد النبي -صلى الله عليه وسلم- بالاتباع, وترك البدع؛ وذلك بتصديقه فيما أخبر, وطاعته فيما أمر, واجتناب ما نهى عنه وزجر, وأن لا يُعْبَدَ الله إلا بما شَرَع، فإن العبد لا يكون مُحقِّقاً للشهادتين إلا بذلك.
ثم اعلموا -يا عباد الله- أن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين, ويجب على الرجال أداؤها مع الجماعة في المساجد, لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بذلك, وأَكَّدَ عَلَيه حتى كاد يُحَرِّق بيوت الذين لا يشهدون الصلاة لولا النساء والصبيان, ولم يأذن للأعمى أن يتخلف عن الجماعة لَمَّا عَلِمَ أنه يسمع النداء. وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: ولقد عَلِمتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق أو مريض. كل ذلك يدل على وجوب أداء الصلاة مع الجماعة, وتحريم التخلف عنها إلا لعذر.
أيها المسلمون: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فريضة واجبة, فَضَّل اللهُ هذه الأمة على سائر الأمم بِسَبَبِه, وجَعَلَ أهله هم أتباعُ النبي -صلى الله عليه وسلم- حَقَّا؛ فهو سفينة النجاة، ومن أعظم أسباب الأمن والتمكين في الأرض بإذن الله, ولذلك أمَرَ اللهُ به على وجه الإلزام, وَحَذَّرَ مِن تَرْكِه, وبَيَّن أن تَرْكَه سببٌ لِحُلُولِ العُقوبة واللعنة, وبَيَّنَ سبحانه أنه إذا أنزل عقوبته على أُمَّةٍ بسبب المعاصي فإنه يُنْجي أهلَ النصيحة والدعوة, والنهي عن الفساد. فالواجب علينا -يا عباد الله- أن نكون صالحين في أنفسنا, مُصْلِحين لغيرنا, مُتعاونين مع أهل الحِسْبَة في تحقيق هذا الركن العظيم.
أيها المسلمون: لقد نَظَّمَ الإسلام أحوالَ المجتمع وعالجها أحسنَ عِلاج، حيث بيّن الله سبحانه ما يجب على الحاكم تجاه مجتمعه, وما يجب على المجتمع تجاه حاكِمِه, وما يجب على المجتمع فيما بينهم.
فالحاكم يجب عليه إخلاص النية لله تعالى, وإقامة العدل, وإزالة الظلم, وتحكيم الشريعة, وأن يكون رحيما رفيقا برعيته.
وأما ما يجب على المسلم تجاه حاكمه المسلم فقد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) [النساء:59]، وأمر الله النبي -صلى الله عليه وسلم- بطاعة ولي الأمر في المَنْشَطِ والمَكْرَه والعُسْرِ واليُسْر, وأمر بالصبر على جُوْرِهِ ما لم يأمر بمعصية الله، ونهى الشارع الحكيم عن مُنابَذَةِ ولِيِّ الأمر، ونَزْعِ يد الطاعة والخروج عليه.
وأما بالنسبة لما يجب على المسلم أن يفعله مع مجتمعه فقد جعل الله تعالى على المسلم حقوقاً تجاه مجتمعه الخاص، وحقوقاً بين أفراد المجتمع العام، وما يجب أن يتعاملوا به فيما بينهم.
فأما المجتمع الخاص فقد أوجب الله تعالى على المسلم بر الوالدين، وصلة الرحم، ومن ذلك ما يجب عليه تجاه زوجته وأولاده، قال تعالى: (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) [التحريم:6]، وقال -عليه الصلاة والسلام-: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته".
وأما ما يجب على أفراد المجتمع فيما بينهم فقد استفاضت نصوص الكتاب والسنة بوجوب إقامة العدل, والوفاء بالعهود, وتحريم الغش والغدر والخيانة, والأمر بإكرام الجار وتحريم أذيته وخيانته, وأن يحب المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه, وتحريمِ السخرية والغيبة والنميمة والكذب، وكل ما يثير العداوة والبغضاء بين المسلمين, ونهى عن التهاجر والقطيعة ما لم يكن ذلك لِلَّه, حيث قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يحل لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمَن هجر أخاه فوق ثلاثٍ فماتَ دخَلَ النَّارَ".
أيها المسلمون: تذكّروا دائما أن الله أعزنا بالإسلام, فإن ابتغينا العزة بغيره أَذلَّنا الله, وتذكّروا دائماً ما يعيشه العالم الإسلامي اليوم من تكالب أعدائه عليه، سواء في الداخل من أبنائه وبني جلدته أو في الخارج.
وتذكّروا أيضاً ما يعيشه المسلمون من فرقة واختلاف, فإن ذلك يعتبر من همومنا التي ينبغي أن لا تغيب عنا, ولأن ذلك من أكبر دوافع بذل أسباب النهوض بالأمة, وإصلاحها.
واعلموا أنه مهما بذل المسلمون حكاما وعلماء وشعوباً من جهود فإنهم لن ينصروا دينهم إلا بالتوحيد والسنة، والسير على منهج سلف هذه الأمة, لأن سُنَنَ الله لا تتبدل ولا تتغير, وَمِن سُنَنِه في ذلك أن دينه لا يظهر إلا بمثل ما كان عليه محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في العلم والعمل.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيم؛ أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ عَلى إِحسانِهِ، وَالشكرُ لَهُ عَلى تَوفِيقِهِ وَامتِنَانِهِ، وَأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وَأشهدُ أنَّ مُحمّداً عَبدُهُ وَرسولُهُ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلم.
أما بعد: الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر.
الله أكبر, لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
يا نساء المسلمين: إن نعمة الله عليكُن عظيمة, ومٍنَّتَه عليكُن كبيرة, وذلك بأن هداكُن للإسلام, وهَيَّأَ لَكُنَّ أسباب السعادة والكرامة, وصيانة الفضيلة والعِفَّة؛ وما ذاك إلا لتبقى المرأة المسلمة زكيَّةً طاهرة مَصُونَةً, شِعارُها الإيمان, والعِفَّة، والطُّهْر، والشرف، والأخلاق الكريمة.
متى ما كانت متمسكةً بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-, ومبتعدةً عن كل ما يؤثر في عقيدتها وأخلاقها وعفتها, من الدعوات الآثمة والمؤامرات الحاقدة, التي تستهدف الإطاحة بإيمانها وشرفها, وإِلْحاقِها بِرَكْبِ العواهر والفاجرات, فاتقين الله, والزمن أحكام الله, فحافظن على الصلاة في وقتها, وتمسكن بالحجاب, واحذرن من الخلوة بالأجانب, ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض, وعليكن بغض البصر, وحفظ الفرج, وترك الغيبة والكذب، وسائر اللغو المحرم, وأكثرن من الصدقة، وتلاوة القرآن، وكثرة الذكر والاستغفار.
اللهم كما بلغتنا رمضان ويسرت لنا الصيام والقيام فتقبل منا, واغفر لنا ذنوبنا, وأعتقنا من النار يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اقبل صيامنا وقيامنا، اللهم اقبل صيامنا وقيامنا، اللهم اجعلنا ممن قبلت صيامه وغفرت له تقصيره وإجرامه.
اللهم اعتقنا من النار، اللهم اعتقنا من النار، اللهم اعتقنا من النار، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشمت بنا أعداء ولا حاسدين.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزةَ الدين، وانصر عبادك المؤمنين في كل مكان.
اللهم اقبل من المسلمين صيامهم وقيامهم, واغفر لأحيائهم وأمواتهم يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيوم، اللهم أصلح شباب المسلمين، اللهم وأصلح شباب المسلمين، اللهم رُدَّ ضالَّهُم إليك ردًّا جميلاً، اللهم خُذْ بأيديهم إلى الهدى والصلاح، اللهم أفرح قلوب المؤمنين بصلاحهم.
اللهم أَصْلِحْ نساءَ المسلمين، اللهم احمهن من التبرج والسفور، اللهم مَن أراد بحجابهن وعفتهنّ سوءاً فأشغله بنفسه، وردَّ كيده في نحره، واجعله عبرة للمعتبرين، يا قوي يا عزيز، يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم مَنْ أراد بلادنا بسوءٍ فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا له يا سميع الدعاء، يا قوي يا عزيز، اللهم وفقّ وُلاة أمرنا لما يرضيك، اللهم وفّقهم بتوفيقك، وأيّدهم بتأييدك، واجعلهم من أنصار دينك, وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، اللهم حبّب إليهم الخير وأهله، وبغّض إليهم الشر وأهله يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم اغفر لموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم، واعف عنهم، ووسع مُدْخَلهم، وأكرم نزلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقِّهِمْ من الذنوب والخطايا كما نقَّيْتَ الثوب الأبيض من الدنس، وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.
التعليقات