عناصر الخطبة
1/ وصية بالمحافظة على الصلاة 2/ الأمر بمكارم الخلاق 3/ التحذير من الشرك والظلم 4/ التحذير من عقوق الوالدين وقطع الأرحام 5/ التحذير من الفواحش الزنا واللواط 6/ التحذير من منكرات منتشرة 7/ وعظ النساء وتذكيرهنَّاهداف الخطبة
1/تهنئة المسلمين ببلوغ العيد 2/ التذكير بالمحافظة على الطاعات 3/ بيان ما ينبغي ان يكون عليه المؤمن في مواسم الخير 4/ التحذير من الفواحش والمنكرات 5/ تذكير النساء ووعظهنَّاقتباس
إن هذا اليوم يومٌ عظيمٌ من أيام المسلمين، يومٌ كلُّه برٌ وإحسان, خرج المسلمون إلى مصليات الأعياد متطهرين مكبرين, شكراً لله تعالى على إتمام شهر الصيام، وعونه على القيام. لقد حضر المسلمون وقصدوا مصلاهم وقد أدوا. لقد رحل عنّا رمضان وطويت سجلاتُه ودفاترُه، وكلٌ منّا أدرى بنفسه ما قدم، لكن هل يدركنا رمضانُ القادم؟ هل يمنّ المولى علينا وندرك رمضانَ القادم؟ أم نكونُ من الذين...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله..
أما بعد :
أيها المسلمون : إن يومكم هذا يومٌ عظيم ، وعيد كريم ، فأقول لكم: كل عام وأنتم بخير، تقبل اللهم مني ومنكم، أسأل الله جل وتعالى أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين، ممن تقبل الله صيامهم وقيامهم وكانوا من عتقاءه من النار.
اعلموا رحمكم الله أنه قد ثبت دخول شهر شوال هذا اليوم ثبوتاً شرعياً وأن اختلاف البلدان في دخول الشهر لا يضر؛ وذلك لأن مطالع القمر تختلف بحسب البلدان بإجماع أهل المعرفة في ذلك .
أيها المسلمون : إن هذا اليوم يوم عظيم من أيام المسلمين، يومٌ كلُّه برٌ وإحسان, خرج المسلمون إلى مصليات الأعياد متطهرين مكبرين شكراً لله تعالى على إتمام شهر الصيام، وعونه على القيام. لقد حضر المسلمون وقصدوا مصلاهم وقد أدوا زكاة فِطرهم للفقراء والمساكين فرحين مكبرين مهللين، الله اكبر، الله اكبر، لا اله إلا الله ، الله اكبر الله اكبر والله الحمد.
أيها المسلمون : لقد رحل عنّا رمضان وطويت سجلاته ودفاتره، وكل منّا أدرى بنفسه ما قدم، لكن هل يدركنا رمضان القادم؟ هل يمنّ المولى علينا وندرك رمضان القادم؟ أم نكون من الذين ترحّم عليهم؟
فيا شهر الصيام فدتك نفسي*** تمهّل بالرحيل والانتقال
فما أدري إذا ما الحول ولىّ *** وعدت بقابل في خير حال
أتلقاني مع الأحياء حياً *** أو أنك تلقني في اللحد بالي
يا خسارة من لم يغفر له في رمضان، ويا خسارة من لم يعتق من النار في رمضان، ويا خسارة من حُرم من فيض الرحيم الرحمن.
الله اكبر ، الله اكبر، لا اله إلا الله، الله اكبر، الله اكبر، ولله الحمد. الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا.
أيها المسلمون : أوصيكم ونفسي المقصرة بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جعل يقول وهو يجود بنفسه: الصلاةَ الصلاةَ وما ملكت أيمانُكم، وذلك لأن الصلاة عمود الإسلام وثاني أركانه وآخر ما يبقى منه، لقد كنتم من المصلين ومن روّاد المساجد طيلة شهر رمضان فواصلوا هذا الخير، الصلاة هي الناهية عن الفحشاء والمنكر، ولا دين ولا إسلام لمن تركها. أقيموها جماعةً في بيوت الله وفي أوقاتها التي كتبها الله وعلى الصورة والهيئة التي سنَّها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فالصلاة شأنها عظيمٌ في هذا الدين وقد حكم الله ورسوله على تاركها ومضيِّعها بأنه كافرٌ مشرك, وأن له الويل في الدنيا والآخرة قال الله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [الروم: 31], وقال تعالى (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ) [الماعون: 4، 5] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلاَةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ).
عبادَ الله : احذروا من الشرك بالله فإنه محبِطٌ للأعمال، والجنة حرامٌ على صاحبه، قال الله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: 72]. والشرك نوعان: أكبر وأصغر, فالأكبر أن تشرك مع الله في عبادته غيره، ويدخل فيه الذبح والنذر لغير الله والاستعاذة بغير الله والتبرك بشجر أو حجر, ومنه صرف الدعاء لغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله . قال الله تعالى (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ ) [يونس: 106] وأما الأصغر: فالحلف بغير الله والرياء وإرادة الإنسان بعمله الدنيا قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الزمر: 65].
وإياكم وعقوق الوالدين فإنه من كبائر الذنوب قال الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء: 23] وفي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الإشراك بالله وعقوق الوالدين ..."الحديث .
وإياكم وقطيعةَ الأرحام فإن الله تبارك وتعالى لعن قاطعي الأرحام فقال عز من قائل: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [الرعد: 25] وقال جل ذكره : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد: 22، 23].
واجتنبوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) [إبراهيم: 42], وقال عليه الصلاة والسلام: "اتقوا دعوة المظلوم, فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" .
وغضُّوا أبصاركم عن محارم الله ، فإن النظرة سهمٌ من سهام إبليس, ولا تقربوا الزنا فإن فيه خصالاً قبيحةً ماحقةً ومهلكةً في الدنيا والآخرة، وقد نهى الله تعالى من الاقتراب منه فكيف بالوقوع فيه: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) [الإسراء: 32]. واحذروا اللواط فإنه يغضب الرب، وعارٌ ونارٌ وشنارٌ على صاحبه في الدنيا والآخرة, قال صلى الله عليه وسلم: "لعن اللهُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ" قالها ثلاثاً صلوات ربي وسلامه عليه.
وحذارِ ثم حذارِ من جماع الإثم ومفتاح الشر الخمر؛ فإنها تُذِهبُ العقل والغيرةَ على الدين والمحارم، وتورث الخزي والندم والفضيحة، ولو لم يكن من رذائلها إلا أنها لا تجتمع هي وخمر الجنة في جوف عبدٍ لكفت، من شرب الخمر في الدنيا لم يشربْها في الآخرة قاله المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وإياكم ثم إياكم والربا أكلاً وتعاملاً فإنه حرام حرام بنص كلام ربنا (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) [البقرة: 275], وانتبهوا من بعض معاملات البنوك فإنها تحارب الله جِهاراً نهاراً، ففيها عينُ الربا.
واجتنبوا الغيبةَ والنميمةَ وقولَ الزور والعملَ به. وإياكم والوقوع في أعراض الناس فإن القَصَاص سيكون يوم القيامة من الحسنات. وأوفوا الكيل إذا كلتم، وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس أشياءهم. واحذروا المعاصي بجميع أشكالها وألوانها ومن ذلك المجلات الخليعة التي أظهرت المرأة معبوداً وصنماً فافتتن بها شباب الإسلام، زنت أبصارُهم قبل فروجهم إلا من رحم الله، ومن المعاصي التي أحذركم منها الغناءَ والموسيقى الذي ملأ البيوت إلا بيوت من رحم الله، من أصوات المغنين والمغنيات والماجنين والماجنات الأحياء منهم والأموات، فإنها تتنافى مع الدين والرجولة.
وقوموا بحق الجوار لمن جاوركم، قال صلى الله عليه وسلم: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". بِرّوا آبائكم تبرّكم أبناؤكم وصِلوا أرحامكم تكثر أموالكم وتطُل أعماركم ففي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ، ويُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ". وأحسنوا إلى من أساء إليكم ذلكم خير لكم وأزكى وأطهر قال الله تعالى (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت: 34، 35].
مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر وإياكم وتركه مع القدرة عليه (اتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) [الأنفال: 25] وإنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه. وأقيموا أولادكم على طاعة الله, ألزموهم أداء الصلوات المفروضة في المساجد واستروا نسائكم ومحارمكم واقسروهنَّ على الستر والتستر ولا تطيعوهنّ فيما يضر دينكم ودنياكم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) [التحريم: 6]. طهِّورا منازلكم من الصور المجسَّمة وغير المجسَّمة إلا ما لا بدّ منه، وحسابه على من سنّه قال رسول الله صلى الله صلى عليه وسلم: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة". عظِّموا شعائر الله وتعاليم دينه، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
أذكركم جميعاً وأحثُّكم على صيام ستة أيام من شوال ففي الحديث الصحيح "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر".
الله اكبر ، الله اكبر ، لا اله إلا الله ، الله اكبر ، الله كبر ولله الحمد.
أيها المسلمون : تذكروا بجمعكم هذا، يوم َالجمع الأكبر حين تقومون من قبوركم، حافيةً أقدامُكم، عاريةً أجسامُكم، شاخصةً أبصاركم: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ) [الحج: 2]، (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس: 34 - 37], يوم تفرّق الصحفُ ذات اليمين وذات الشمال (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا) [الانشقاق: 7 - 12].
أيها المسلمون : قالوا بأن من أراد أن يعرف أخلاق الأمة فليراقبها في أعيادها؛ إذ تنطلق فيه السجايا على فطرتها، وتبرز العواطفُ والميولُ والعاداتُ على حقيقتها، والمجتمعُ السعيد الصالح هو الذي تسمو أخلاقُه في العيد إلى أرفع ذروة. ولقد رأى أحدُ السلف قوماً يعبثون في يوم العيد بما لا يُرضي اللهَ فقال: "إن كان هؤلاء تُقُبِّل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين, وإن كانوا لم يُتقَبّل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين" .
فنسأل الله جل وتعالى أن يرحمنا برحمته ، وأن يتجاوز عنا، كما نسأله جل وتعالى أن يجعلنا من الذين قَبِلهَم في رمضان إنه ولي ذلك والقادر عليه .
نفعني الله وإياكم بهدى كتابه وإتباع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله معيدِ الجمع والأعياد، ومبيدِ الأمم والأجناد، وجامعِ الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ندَّ ولا مَّضاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفضَّل على جميع العباد، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وسلم تسليماً كثيرا .
الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا, الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
أما بعد : فيا أيتها الأخوات الحاضرات معنا في هذا المشهد العظيم، الممتثلات أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهود الخير ودعوة المسلمين، أسال الله جل شأنه بكل اسم هو له، أن يجعلنا وإياكنّ ممن قال فيهم سبحانه : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) [الأحزاب: 35]. أذكركنّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن خطب الرجال، في مثل هذا اليوم الأغرّ، مشى متوكئاً على بلال رضي الله عنه، وخطب النساء وكان من خطبته أنه تلا عليهنّ آيةَ مبايعة النساء في سورة الممتحنة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الممتحنة: 12] فلما فرغ من الآية قال : أنتنّ على ذلك ؟ فقالت امرأة واحدة، ولم تجبه غيرها: نعم يا رسول الله، رواه البخاري. ثم أمرهنّ بالصدقة ، وقال لهنّ: تَصَدَّقْنَ ، فإنَّ أكثركُنَّ حَطَبُ جهنم، فقامت امرأة من سِطَةِ النِّساءِ، فقالت: لِمَ يا رسولَ الله؟ فقال : لأنكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ ، وتَكْفُرْنَ العَشيرَ. قال : فجعلنَ يتصدَّقْنَ من حُلِيِّهنَّ ، يُلْقينَ في ثوب بلال من أقْرِطَتِهِنَّ وخواتيمهن في ثوب بلال رضي الله عنه ، صدقةً لله .
فيا أيتها الأخوات والأمهات : اتقين الله تعالى وكنّ خير خلف لخير سلف. أيتها النساء: إن عليكنّ أن تتقينَ الله في أنفسكنّ وأن تحفظنَ حدوده، وترعينَ حقوق الأزواج والأولاد، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله.
أيتها الأخوات والأمهات: اصغينَ جيداً لهذه الأحاديث من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي رواها البخاري في صحيحه, قال النبي صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، وذكر نساءً كاسياتٍ عارياتٍ مائلاتٍ مميلات, رؤوسهنّ كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها" وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ يَكْفُرْنَ, قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟! قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ؛ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ" . وعن عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْفَجْرَ فَيَشْهَدُ مَعَهُ نِسَاءٌ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ مُتَلَفِّعَاتٍ فِي مُرُوطِهِنَّ, ثُمَّ يَرْجِعْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ مَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ" . وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ, وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ" . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ, وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ, فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ" . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الْإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ". وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ". وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: "الْحَمْوُ الْمَوْت" . وعَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ".
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تجعلنا من الذين قبلت منهم رمضان وأعتقتهم من النيران . اللهم اجعلنا ممن صام رمضان إيمانا واحتسابا فغفرت له ما تقدم من ذنبه ، اللهم اجعلنا ممن قام رمضان إيمانا واحتسابا فغفرت له ما تقدم من ذنبه، اللهم اجعلنا ممن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا فغفرت له ما تقدم من ذنبه.
اللهم إنا نسألك أن تفرج عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم فرجاً عاجلاً غير آجل ، اللهم فرج هم المهمومين ونفس كرب المكروبين ، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا .
اللهم أعد علينا رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن في أمن وإيمان وعلى طاعة واستقامة يا رب العالمين .
اللهم انصر إخواننا المجاهدين في الشيشان ، اللهم انصرهم على الروس الكفرة يا رب العالمين ، اللهم والعن كل من ساعد الروس من اليهود والنصارى وغيرهم ، اللهم وأحصهم عددا وأهلكهم بددا ولا تغادر يا ربي منهم أحدا . اللهم واجمع كلمة المجاهدين على الحق ، اللهم وسدد رميهم ، اللهم عطفك ورحمتك باللاجئين المستضعفين يا قوي يا عزيز.
أيها المسلمون: هناك الكثيرُ من الأسر الفقيرة والعوائل المحتاجة ينتظرون من أمثالكم أن تقدِّموا لهم يدَ المساعدة في هذا اليوم المبارك، وسيقف بالأبواب من يجمع صدقاتكم وتبرعاتكم.
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العلمين. وصلى اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
التعليقات