عناصر الخطبة
1/كثرة الفتن وموقف المؤمن منها 2/من صفات المؤمن الحق 3/ الحث على كثرة الذكر 4/اجتماع العيد والجمعة 5/من أحكام الأضحية.اقتباس
والمؤمنُ الحق يعتصمُ بربه ويتوكلُ عليه؛ لأن قدوتَه وأسوتَه -صلى الله عليه وسلم-, كان متوكلاً على ربه في كل شؤونه, فلم يكن يعبأُ بشيء من أمور الدنيا, مفوضاً أمره إلى مولاه, مهما اشتدت الفتنُ واستفحلت, وكان يقول -عليه الصلاة والسلام-: "اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ...
الخطبة الأولى:
الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر.
الحمد لله الولي الحميد, الغنيِ المجيد, يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد, يعطي ويمنع ويخفض ويرفع, ويقبض ويبسُط, ويعِزُّ ويذل؛ (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)[فصلت: 46], وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ شهادة إيمانٍ وإخلاصٍ وتوحيد, وأشهد أنَّ محمّداً عبدُه ورسولُه, خيرُ الورى وأشرفُ العبيد, صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله -معشر المؤمنين-, (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].
زمنُنا هذا هو زمن التشويشِ والاضطراب, والالتباسِ والارتيابِ, والغموضِ والقلقِ؛ مصادرُ متعددة, ومعلوماتٌ متناقضة, وحقائقُ مغيبة, مخاوفُ صحية, وتقلباتٌ اقتصادية, وقلاقلُ سياسية, وعلى إثر هذه الأحوال, تزعزعت الثقةُ عند كثير من الناس, وامتلأت نفوسُهم إرجافاً وقلقاً, والمؤمنُ الحقُ, لا تزيدُه هذه الأحوالُ إلا يقناً بربه, وتوكلاً عليه, وإيماناً بقدرته -جل وعلا-, وإن الأمرَ كلَّه بيده, والكونَ يجري بتدبيره.
سُبْحَانَ مَن هُوَ لا يَزَالُ مُسَبَّحًا *** أبَدًا ولَيْسَ لِغَيْرِهِ السُّبْحَانُ
سُبْحَانَ مِنْ هُوَ لا يَزَالُ ورِزْقُهُ *** للعالمينَ بهِ عليهِ ضَمانُ
مَلِكٌ عَزِيْزٌ لا يُفَارِق عِزُّهُ *** يُعْصَى ويُرْجَى عِنْدَهُ الغُفْرانُ
يَبْلَى لِكُلِّ مُسَلَّطٍ سُلْطَانُهُ *** واللهُ لا يَبْلَى لُهُ سُلْطَانُ
المؤمنُ الحقُ -معشر المسلمين- يستشعرُ عظمةَ الله وقدرتَه, ولطفَه ورحمتَه, فهو دائمُ الالتجاءِ إليه, والتوكلِ عليه؛ لعلمه بأن الله هو المصرف, وأنه لا يقع شيء إلا بعلمه, (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)[الأنعام: 59].
والمؤمنُ الحق, يعلم أن التوكل على الله, هو الطريق المنجي من كل ضائقة, (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)[الطلاق: 2، 3].
والمؤمنُ الحق, يتوكل على الله, لأنه هو الحيُّ القيوم, (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ)[الفرقان: 58].
والمؤمنُ الحق يعتصمُ بربه ويتوكلُ عليه؛ لأن قدوتَه وأسوتَه -صلى الله عليه وسلم-, كان متوكلاً على ربه في كل شؤونه, فلم يكن يعبأُ بشيء من أمور الدنيا, مفوضاً أمره إلى مولاه, مهما اشتدت الفتنُ واستفحلت, وكان يقول -عليه الصلاة والسلام-: "اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ"(رواه مسلم).
اللهم ارزقنا التوكل عليك, والالتجاء إليك, والاعتصام بك.
الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين, نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فاعلموا -أيها المؤمنون- أنه قد اجتمع في هذا اليوم صلاةُ العيد وصلاةُ الجمعة, ويقرر علماؤنا أن من أدى صلاةَ العيدِ, صارت الجمعةُ في حقه مستحبة, فإن حضرها فهو الأولى والأكمل, وإن لم يحضرِ الجمعةَ فيجب عليه أداءُ صلاةِ الظهر, ومن غاب عن صلاة العيد, فيجب عليه حضورُ الجمعة.
هذا وإن من أعظم الأعمال في هذا اليوم -أيها المسلمون- ذبحَ الأضاحي, والتقربَ إلى الله بها, فهذا هديه -صلى الله عليه وسلم-, حيث ضحى عن نفسه وأهل بيته بكبش, وبكبشٍ آخر لمن لم يضحِ من أمته.
ولابد أن تكون الأضحيةُ سالمةً من العيوب المعلومة, وهي: العوراء البين عورها, والعرجاء البين عرجها, والمريضة البين مرضها, والعجفاء التي لا تنقي, وأن تكون في وقتها الشرعي, ويبدأ من الفراغ من صلاة العيد, حتى غروبِ شمس اليوم الثالث من أيام التشريق, وتجبُ التسمية عند ذبحها, وإن ترك التسميةَ نسياناً جاز أكلها, ويسنُ أن يباشرَ صاحبُها ذبحَها, أو يحضرَ حين ذبحِها, وأن يكون أولَ أكله اليومَ منها, وأن يهديَ ويتصدق ببعضها.
فتقربوا إلى الله بذبح أضاحيكم, وافرحوا بعيدكم, وانشروا السرور بينكم, فدينُنا دينُ السعةِ ورفع الحرج.
صِلوا أرحامَكم, وتفقدوا محاويجَكم, ووسعوا على أهليكِم, تقبل الله منا ومنكم.
الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, ولله الحمد.
اللهم وفقنا لفعل الخيرات والمسابقة إليها, واجتناب المنكرات والابتعاد عنها, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين, اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين, اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين, اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التعليقات