عناصر الخطبة
1/ تمسك السلف بالإسلام 2/ العيد في الإسلام 3/ التذكير بالمضطهدين من المسلمين 4/ التحذير من الإعلام الغربي 5/ واجب الدفاع عن الإسلام وإظهار عظمته 6/ الحث على التآلف والتكاتف 7/ كلمة للشباب المسلم 8/ كلمة لرجال الإعلام 9/ كلمة للدعاة إلى الله 10/ كلمة للمرأة المسلمةاهداف الخطبة
اقتباس
تمسّكَ بالإسلام سلفُ هذه الأمة، وحكَّموه في شؤونهم كلِّها، آثروه على كلّ شيء، فحقّق الله لهم قيادةَ الأمم، فسلكوا فيها بالبشرية الصراطَ المستقيم، وقادوهم إلى مجامع الخير في أمور المعاش والمعاد بما لم يشهد له التاريخ مثيلاً، ولم يعرف له العالم نظيرًا..
أما بعد:
فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا-، فتقواه نجاة، وطاعته حياة.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
أيها المسلمون: إن أعظمَ نعمةٍ وأجلَّها نعمةُ الإسلام، منهجٌ متكامل، مشتملٌ على الفضيلة بجميع أنواعها، والمحاسن بشتى كمالاتها ووسائلها.
تمسّكَ بالإسلام سلفُ هذه الأمة، وحكَّموه في شؤونهم كلِّها، آثروه على كلّ شيء، فحقّق الله لهم قيادةَ الأمم، فسلكوا فيها بالبشرية الصراطَ المستقيم، وقادوهم إلى مجامع الخير في أمور المعاش والمعاد بما لم يشهد له التاريخ مثيلاً، ولم يعرف له العالم نظيرًا، حتى قال المنصفون من المؤرخين: "ما عرف التأريخ فاتحًا أعدلَ ولا أرحم من المسلمين".
ذلكم أنَّ الإسلام حقَّق للإنسانية كلِّها الأمنَ والرخاء والصلاحَ والتقدّم والرقي، في أخوَّةٍ سامية، ومواساة راحمة، ومساواة عادلة، وحرِّية حقّة.
فيا أيها المسلمون: هل نعي أنه لا صلاح للأمة اليوم إلا بما صلح به أوَّلها؟! فهل من رجعة صادقة؟! وهل من سيرٍ على هدي أولئك الصالحين؟!
إخوةَ الإيمان: أصلُ الأصول وقضيَّة القضايا تحقيقُ التوحيد لله رب العالمين، توحيدًا سليمًا من المؤثرات الشركية والممارسات البدعية: (قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ الْعَـالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162، 163].
فاللهَ الله أيها المؤمنون، اجعلوا العقيدةَ الأصلَ والأساسَ لكلّ اهتمامات الأمة، وجميع توجهاتها، وشتى أنشطتها وتصرفاتها، فالأمة اليوم قد كثرت عليها المغريات والمتغيِّرات، وعظمت عليها الهجماتُ والتحدِّيات، واشتدَّت بها الكروب والأزمات، فلأجل هذا لا بد أن تتسلّح بسلاح الثوابت الإيمانية، وتتدرّع بدرع الحقائق العقائدية التي تضمَّنتها نصوصُ القرآن والسنة، فليس على وجه الأرض قوَّة تضاهي قوَّتَها، أو حتى تقاربها، فتلكم سفينة النجاة وحبل النجاح، قال الله جل وعلا: (لَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ)[الأنعام:82].
ويوم تكون الأمة هكذا يكون لها عظيمُ الشأن وكبير المقام، ويحصل لها الاستقرار والرخاء والرضا والهناء: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى) [طه:123].
إخوة الإسلام: العيد في الإسلام واحةٌ فيحاء، يجد عندها المسلم وارفَ الظل ونميرَ الماء ورحيقَ الهواء، لهوًا طيبًا مباحًا، وتعبّدًا صالحًا حميدًا، بعزائم ناشطة إلى الخير، ونفوس متفتّحة بآمال واسعة في رحمة الله وفضله: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58].
فالحذرَ الحذر -أيها المؤمنون- من اقتراف الآثام أو ارتكاب معصية الرحمن.
إخوة الإيمان: الأعيادُ واحاتٌ وارفة تستقبلها الأمم كما تستقبل القافلة المتعبة ظلال الواحات وماءها العذب الفرات، تطفئ ظمأها، وتجدِّد نشاطها، وتتهيَّأ لغدها، ومن هنا فعلى الأمة الإسلامية أن تستوحي من هذا العيد ما يجدِّد في النفوس الأمل، ويقوِّي الرجاء، بتحقيق ما تؤمن به من أهداف سامية وغايات عالية نحو دينها ودنياها، فتصلح نفسها، وتقيّم أوضاعها، والله -جل وعلا- يقول: (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَلْمُؤْمِنُونَ) [التوبة:105].
أيها المسلمون: شأن الأمة المسلمة المشاركةُ في الخير والنعمة، والمساندة في حال البأساء والشدة: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا"، وإنّ من أبناء أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- من يذوقون من البؤس ألوانًا، ويتجرَّعونه العلقم كيزانًا، يأتي العيد وعليهم حسرةٌ في القلوب، ودموعٌ على الخدود، فكونوا -أيها المؤمنون- أهلَ فضل وإحسان، امسحوا بأيديكم الناعمة دموعَ الحيارى، وقدّموا لهم خيرًا وإحسانًا: (وَمَا تُقَدّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) [المزمل:20].
أيها المسلمون: قضيةُ فلسطين قضيةُ كلّ مسلم، ومما يسلّي المؤمنَ أنَّ نصر الله قادم، ووعده صادق، متى قام المسلمون منتصرين للإسلام، معتمدين على الملك العلام، مستمسكين بحبله المتين، جاء في المسند وغيره عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوِّهم قاهرين، لا يضرّهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"، قيل: يا رسول الله: وأين هم؟! قال: "في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
معاشر المؤمنين: أمّتنا تعاني من أمواجٍ عاتية من التيارات المتلاطمة، وطوفان هائل من التحدّيات المتنوّعة، وأعداءُ الملة ما فتئوا يبثّون أصنافًا من الهجمات الشّرسة، وبثّ ما لا يُحصى من الدسائس والمؤامرات القذرة ضدّ دين الإسلام ونبيه سيد الأنبياء والمرسلين -عليه أفضل الصلاة والسلام-، هجماتٌ تحمل تشويهَ صورة الإسلام، وطمسَ حقائقه الخيِّرة وقيمه النيِّرة ومبادئه العادلة ومقاصده السامية، وإن من ذلك ما تبثّه بعضُ وسائل الإعلام العالمية عن الإسلام وأهله، ووصفهم بأبشع الأوصاف، وإلصاق التهم بهم.
وإن الواجب على المسلمين الحذر من تلك الأبواق الناعقة، والتصدي لها، والتفطن لخطرها.
وإن المتعين على حراس الملة أن يهبّوا من غفلتهم، ويفيقوا من سباتهم، ويكفوا عن انشغالهم بأمور جزئية وأمور فرعية، لينافحوا عن هذا الدين، ويبينوا من يخالفه، ويكشفوا زيفَ تلك الحملات، ويوضِّحوا عوارها، قال الإمام النيسابوري: "الذبّ عن السنة أفضل من الجهاد".
وإن المتعيّن على الأمة حكامًا ومحكومين أن لا يفرّطوا بشيء من ثوابتهم، أو أن يتنازلوا عن شيء من خصائص دينهم.
على المسلمين جميعًا إظهارُ عظمة الإسلام للعالم، وإبراز سموّ تشريعاته، وعظم مقاصده وأهدافه، ونبل تعاليمه ومبادئه، فالإسلام دين الرحمة والإصلاح والاستصلاح، دين الأخلاق العالية: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
الإسلام دين السلام بشتى صوره وبجميع معانيه: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السّلْمِ كَافَّةً)[البقرة:208]. دينٌ يربي على الوسطية في كل شيء، وسطية العقيدة والتعبد، والتعامل والمنهج: (وَكَذلِكَ جَعَلْنَـاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) [البقرة:143].
دينٌ حارب الغلو والتشدد، ونهى عن التقعّر والتنطّع، قال –صلى الله عليه وسلم-: "إياكم والغلو؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو"، "بشروا ولا تنفروا".
الإسلام دين العدل حتى مع الأعداء، ودين الإحسان مع أتباعه وغيرهم، فمن أصوله الجامعة: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِلْعَدْلِ وَلإحْسَانِ) [النحل:90]. دينٌ تقوم دعوته الإصلاحية للدارين على الرفق والحكمة والعقل والمنطق، قال –صلى الله عليه وسلم-: "إن الله رفيق يحب الرفق".
وإن الواجب على عقلاء العالم عدم الانخداع بتلك الأبواق المضرّة بالبشرية كلها، المفسدة للحقيقة جميعها، والحق أبلج، والعبرة بالحقائق والمعاني.
إخوة الإسلام: بلاد الحرمين عُرفت بالوقفات الخيِّرة، والأعمال الجليلة لخدمة الإسلام والمسلمين، بل ولخدمة البشرية كافة، ولقد أرّق وجودُ الأمن والأمان والخيرات مضاجعَ الأعداء والحاسدين، فراحوا يبثّون عن هذه البلاد الدعايات الكاذبة والشائعات المغرضة، فعلى الجميع الحذر من كيد الأعداء والحاسدين، وعدم الانخداع بتلك الأراجيف التي تبثّها وسائل ضيّعت أمانةَ الكلمة، وعبثت بالمصداقية، وجانبت الموضوعية، وعلى سفينة الخير أن تسير، وعلى قافلة الإصلاح أن تدلج، فلن يغيِّر باطلٌ حقًّا، ولن يبدّل الحقدُ خيرًا، قال الله -جل وعلا-: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:90].
بارك الله لي ولكم في القرآن، ونفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي وفق من شاء لطاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد:
فاتقوا الله -أيها المسلمون-، فمن اتقاه حفظه في دنياه وأخراه.
أيها المسلمون: في العيد تتقارب القلوب، ألا وإن هذه الأمة تبلغ أوجَ عزّها وتنال كمالَ قوتها كلما أزهقت روحَ الشقاق والفرقة بيد التجمع والإلفة، قال الله -جل وعلا-: (وَعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران:103].
أيها الفضلاء: أثمنُ ما في الأمة شبابها، فيا شباب الإسلام: تمسكوا بدينكم، وإياكم والاغترار بعمر الزهور واكتمال القوى، لازموا العلماء، والصقوا بهم، وإياكم والتعجّل والعواطف المتأجّجة، احرصوا على التأصيل المبني على السنة المحمدية والمنهجية الصحيحة، والتزموا منهجًا وسطًا، بلا غلو أو تقصير، ولا إفراط أو تفريط.
عباد الله: بالمكاسب المحرمة تحلّ الآثار السيئة والعواقب الخطرة، فأطيبوا كسبكم، والتزموا منهج ربكم، ألا وإن أعظم الخبائث الكسب بالربا، فلن يفشو الربا في مجتمع إلا وكان على شفا جرف هارٍ من الآفات الجائحة والبلايا المهلكة.
يا رجال الإعلام:الإعلامُ في هذا العصر قناةٌ مهمة وشريان حيوي، يؤثر سلبًا أو إيجابًا على الناس بمختلف الشعوب، فمتى ضعفت الأمانة في هذا الباب كثر النفاق، واستعان الشيطان بالإعلام، ويكون حينئذ بالمسموع والمقروء والمنظور باعٌ للشر طويل.
فيا أهل الإعلام من المسلمين: سيّروا الإعلام بما يصلح العقول ويغذي الأرواح وفق تعاليم الإسلام وأخلاقه العالية، أبرزوا الإعلام بمنظور الإسلام، نشرٌ للفضيلة ومحاربة للرذيلة، توعيةٌ صادقة بقضايا المسلمين، معالجة لمشكلاتهم، بعدٌ عن التبعية لإعلام الأعداء، فرسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته".
دعاةَ الإسلام: أنتم أحسن الناس قولاً، ألا فليكن في أولويات دعوتكم الاهتمام بتوحيد الخالق، والتحذير من الشرك والبدع، ثم انطلقوا راشدين بعد ذلك في بيان حقائق الدين العظمى وأخلاقه العليا ومحاسنه الكبرى، وكونوا -يا رعاكم الله- في حذر من التعصب المقيت والانحياز المذموم.
أيتها المسلمات: لتكن حياتكن في الإسلام أدبًا وحشمةً وسترًا ووقارًا، رفضًا للسيرة المتهتكة والعبث الماجن: (ياأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأزْوجِكَ وَبَنَـاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) [الأحزاب:59].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
التعليقات