عناصر الخطبة
1/ أحوال الناس التعبدية في رمضان 2/ حياة الأمة بالإسلام 3/ الغزو الشامل على المسلمين 4/ صور من مآسي المسلمين 5/ موعظة للمرأة وتحذيرها من دعاة التغريب 6/ دعوة للمفرطين في رمضان بالبدار بالتوبة 7/ دعوة للفرح بالعيد بعيدا عن منكراته 8/ نصائح بإعانة المسلمين والبر والصلة وصيام ست من شوالاهداف الخطبة
اقتباس
في العيد -والناس مجتمعون- فرصة لتدارس أحوال الأمة، وتلمُّس مواطن الخلل والضَّعف والخَوَر. إن الأمة لن تحيا إلا بالإسلام، ولن يكتب لها عِزٌّ إلَّا به، الإسلام الذي مَن طبَّقه حقَّ التطبيق في نفسه وأهله وماله، في مجتمعه ورعيته، كان له النصرُ الكبير، والفتحُ المبين ..
الحمد لله؛ وفق من شاء من عباده للصيام والقيام، فجازاهم بالمغفرة والرحمة والإحسان، وامتَنَّ عليهم بالقبول والعتق من النار، الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر ما هلَّل المهلِّلون وكبَّروا، الله أكبر ما صام الصائمون وأفطروا، الله أكبر، خشعت القلوب لعظمته وجبروته، الله أكبر، سالت العيون من خوفه وخشيته، الله أكبر، ذلت الرقاب من سطوته وقدرته.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
أما بعد: فيا أيها المؤمنون: في العيد لدى المخبتين تختلط الأفراح بالأحزان، فرحون بإدراك رمضان، وإتمام الصيام والقيام، يكبرون الله ويشكرونه؛ لكن الحزن يأخذ من قلوبهم مأخذاً كبيراً، وينهمل الدمع من عيونهم أسىً على رمضان، لقد كانوا أيام وليالي رمضان يعيشون في نعيم الذكر والدعاء والقرآن، ويتقلبون في رياض العبادات والطاعات، (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) [الذاريات:17-18].
زاحَمُوا الملائكة في المساجد، بينما غيرهم كانوا يزاحمون الشياطين في مجالس الباطل، اجتمعوا على مائدة القرآن والذكر بينما اجتمع غيرهم على موائد اللهو واللعب، بينما الناس في غفلة كانوا هم في خشية، بينما الناس يضحكون كانوا هم يبكون، يرجون رحمة الله، ويخافون عذابه، علموا أن لهم رباً ينزل ثلث الليل الآخر يخاطب عباده، فاستعدُّوا لذلك النزول، قال ربهم: مَن يستغفرني فأغفر له؟ فإذا هم المستغفرون والناس غافلون. قال ربهم: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ فإذا هم الدَّاعُونَ والناسُ لاهون. قال ربهم: مَن يسألني فأعطيَهُ؟ فإذا هم السائلون والناس يلعبون.
استغفروه تعالى فغفر لهم، وسألوه فأعطاهم، ودعوه فاستجاب لهم، فهنيئاً لهم، وتلك بشراهم، دخلوا جنة الدنيا قبل جنة الآخرة، أولئك الذين عرفوا قدر رمضان، وصرفوا أوقاته في عبادة الله تعالى، وهم مع ذلك يرون أن أعمالهم بجانب حق الله تعالى ونعمه قليلة، (يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) [المؤمنون:60].
دخل رجل على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يوم عيد فوجده يأكل خبزاً فيه خشونة، فقال: يا أمير المؤمنين، يوم عيد وخبز خشن؟ فقال -رضي الله عنه-: اليوم عيدُ مَن قُبِلَ بالأمس صيامُه وقيامه، عيد من غفر ذنبه، وشُكِرَ سعيُه، وقُبِلُ عَمَلُه.
اليوم لنا عيد، وغداً لنا عيد، وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو لنا عيد.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
في العيد -والناس مجتمعون- فرصة لتدارس أحوال الأمة، وتلمُّس مواطن الخلل والضَّعف والخَوَر. إن الأمة لن تحيا إلا بالإسلام، ولن يكتب لها عِزٌّ إلَّا به، الإسلام الذي مَن طبَّقه حقَّ التطبيق في نفسه وأهله وماله، في مجتمعه ورعيته، كان له النصرُ الكبير، والفتحُ المبين.
بالدين الصحيح يُحفَظ أفراد الأمة رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً، من الغزو الفكري، والمسخ الأخلاقي؛ وبالدين الصحيح يستعلي الناس على الشهوات، ويردُّون الشبهات، وبالدين الصحيح تزول البغضاء والشحناء، وتُقَوَّى أواصر الحب في الله، والبغض فيه، ويتماسك المجتمع، يحنو الكبير على الصغير، ويعطف الغني على الفقير.
إن الغزو الذي تواجهه الأمة من أعدائها لإفساد عقيدتها، وإذهاب هويتها، والقضاء على أخلاقها وقيمها، واستبدال ثقافتها لن يوقفه إلا تطبيق كامل للإسلام، وإن الضعف الذي تواجهه الأمة، والذلة المضروبة عليها، عسكرياً وسياسياً، اقتصادياً وتقنياً، لن يزيل هذا الضعف والعجز إلا الإسلامُ الصحيح، الإسلام الذي يجب أن يكون عقيدة وقولاً وعملاً، وليس مجرد شعار تلوكه الألسن، ويكتب على الأوراق، وتهتفُ به الجماهير.
إن الأمة في سنوات مضت، وبلاد كثيرة، قد جربت مذاهب متعددة، ورفعت شعارات متنوعة من القومية والوطنية، والبعثية والاشتراكية، والعلمانية والحرية، فما نالت إلا انتكاساً مِن بعد انتكاس، تجرعت غصص الهزائم تلو الهزائم، وذاقت مرارة الذل والاستعباد، فهل يكون العيدُ فرصة لمراجعة حساباتها، والتأمل في واقعها؟ وذلك مسؤوليةُ كُلِّ فَردٍ من أفراد المسلمين، حسب طاقته ووسعه، من إصلاح البيوت، وحفظ النساء، وتربية الأولاد، وتعاهُد القرابات والجيران، ونشر الخير بين الناس، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإزالة أسباب الفتنة والفساد، وتعطيل وسائل إشاعة الفاحشة.
ومن كان يظن من أفراد الأمة أن الأمر لا يعنيه، وأنه غير مسؤول، ففهمه سقيم، وعقله عليل، وخيره قليل، وإنّ من لم يعمل خيراً لأمته ومجتمعه فهو أدعى لعمل الشر، ومن كان لا يأبه بحال أمته ومجتمعه ولا يرى أنه مسؤول فليعلم أنه معول من معاول الهدم والتدمير.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الإخوة: والحديث عن المسلمين وقضاياهم في العيد يجرُّنا إلى الحديث عن بلاد من المسلمين كثيرة، ربما لا يجد أهلُها طعم العيد إلا مُرَّاً، بلاد أحرقتها الفتنة فجعل الله بأس أبنائها بينهم، فاستحر القتل فيهم، ورفع الأمن منهم، فاحمدوا الله على العافية، وسلوه السلامة.
بلاد فقيرة لا يشبع أهلها حتى في يوم العيد، بطون جائعة، وأجساد عارية، نساء مرملة، وأطفال ميتمة، يا ترى! كيف سيكون عيد المشردين والمستضعفين من المسلمين؟ هل يفرحون بالعيد في ملاجئهم ومخيماتهم التي ضجت من الفقر والبؤس والمرض؟ هل يفرح بالعيد أهل الأقصى، وهم يرون اليهود يحكمون الأرض، ويتسلطون على العباد، ويلغون في الدماء، ويهدمون الدور، ويعبثون في المقدسات، ويمارسون أبشع صور الذل والقهر والتسلط، وبلاد أخرى من المسلمين منكوبة، يعاني أهلها من تسلط عدوهم، وضعف حيلتهم، وقلة نصيرهم.
تذكر -يا أيها المسلم- في صبيحة العيد وأنت تقبل أولادك، وتأنس بزوجك، ويجتمع شملك على الطعام الطيب، والشراب الطيب، تذكر يتامى لايجدون في تلك الصبيحة ابتسامة الأب، وأيامى لا يجدن حنان الزوج، اذكر جموعاً من المسلمين شردها الظلم والطغيان، فإذا هي في يوم العيد تشرق بالدمع، وتكتوي بالنار، وتفقد طعم الراحة والأمن والاستقرار، لا ينسيك العيد إخوانك؛ فأنت حين تأسو جراح إخوانك إنما تأسو جراحك.
أيها الإخوة: لست أدعو إلى أن يكون العيد كشهود جنازة، ولا أن ينقلب الفرح بالعيد إلى حزن؛ ولكن لابد أن نظهر في أعيادنا بمظهر الأمة الواعية التي لا يحول احتفاؤها بأعيادها دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فئام من أبنائها؛ لماذا لا نقتصد في لهونا وسرفنا لنوفر من ذلك ما تحتاجه أمتنا في صراعها الدامي المرير؟ لماذا لا نقتصد في لعبنا وضحكنا حتى تبدو على وجوهنا مسحة من الحزن الكريم الوقور، ينم عن مبلغ عنايتنا بقضايانا، واهتمامنا بما يجري في أمتنا من أحداث ونكبات؟.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا اله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الإخوة: في العيد تتقارب القلوبُ على الودِّ، وتجتمع على الألفة، وفي العيد يتناسى ذوو النفوس الطيبة أضغانهم، فيجتمعون بعد افتراق، ويتصافون بعد كدر، ويتصافحون بعد انقباض، فالعيد فرصة لبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران، والعطف على الصغار فرصة للتزاور والتهادي، وإصلاح المتخاصمين، والاجتماع على المحبة والألفة، والتواصي بالحق، والتعاون على البر والتقوى، وذكر الله وشكره وحسن عبادته؛ فأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المؤمنات: اتقين الله في أنفسكن، وفي دينكن وأمتكن، إن المرأة المسلمة لا زالت تملك وتحرس عمادَ الأمة وأملَ المستقبل، إنَّ سر تفوق الأمم راجعٌ إلى إدراك نسائها وتعقلهن، وإن سبب انتكاس الأمة وتقهقرها يكون بسطحية نسائها، واهتمامهن بالتافه من الأمور، والرديء من الأخلاق، وإهمال تربية النشء.
القادة والساسة، والعلماء والمفكرون، والأطباء والمعلمون، والمنتجون من أبناء الأمة، هل ولدوا من غير نساء؟ وهل تربوا إلا على أيدي النساء؟.
أيتها الصائمة القائمة: إن المرأة إذا كانت فاشلة في تربية نفسها، والحفاظ على أخلاقها، والتمسك بدينها وحجابها، فهي أحرى أن تكون فاشلة في تربية نشئها من بنين وبنات، وإذا لم تحسن تربيتهم فهي المعول الأول لهدم الأمة وسقوطها.
أيتها المسلمة القانتة: لقد توالت الحملاتُ اليهوديةُ والصليبية على المرأة المسلمة، ولقد نعق الناعقون من العلمانيين والمنافقين بشعارات متنوعة لهدم البيت المسلم، وتقويض دعائم الفضيلة باسم الحرية والعمل، والمساواة في الحقوق، وهذه الشعاراتُ أولُ من صاح بها اليهود لإفساد المجتمعات، فهل تنجرف المسلمةُ الديّنةُ الخيّرةُ خلف هذه الشعارات الزائفة؟
إن الحرية التي يزعمها الزاعمون، ويصيح بها الأفاكون إنما هي حرية لإفساد الدين، حرية في تمرد البنات على ولاية الآباء، وتمرد الزوجة على زوجها لإسقاط المجتمع في مهاوي الرذيلة والفاحشة، وإذا اختارت المسلمة التمسك بدينها وحجابها، فلا حرية حينئذ، بل دكتاتوريةٌ وتسلط.
أيتها المسلمة: انظري -يا رعاك الله- إلى المسلمات اللائي تمسَّكْن بحجابهن، كيف كان مصيرهن في دول الغرب المتحضر؟ ألم تطرد المسلمة من جامعتها ومدرستها لتمسُّكِها بحجابها؟ فأين هي الحرية؟ إن الحرية المضمونة عندهم هي التي توصل المرأة إلى الفاحشة والبغاء؛ بل إلى الكفر والإلحاد وما عدا ذلك فلا حرية! والإسلام قد كرم المسلمة، فلم يجعلها سلعة تباع وتشترى، ولا هي عشيقة مزاج وهوى؛ بل زوج وأم ومربية، فهل ترفض المسلمةُ نعمة دينها وحجابها لتنجرف في طريق الرذيلة.
أيتها الأخت المسلمة: إن المرأة المسلمة المستمسكة بدينها وطهرها وحجابها تجاهد الأعداء أعظم من جهاد الرجال الأقوياء، إنها لاتزال بحجابها تقهر الأعداء قهراً يفوق قوة السلاح وخداع السياسة. إن المسلمة على مرّ التاريخ بدينها وإسلامها توجه صفعات موجعة لوجوه الأعداء والمستعمرين.
ها هـي المرأة المسلمة في شتى أنحاء العالم تعود لربها، وتتزيا بحجابها، مع ماتواجهه من ضغوط ومضايقات؛ لكنها لا تزال قوية أبيّة، لا يهمها أن تُفْصَل من مدرستها أو جامعتها إذا كان ذلك من أجل حجابها في ذات الله تعالى، وابتغاء مرضاته، فهل نحن -يا أيتها المسلمة- ننام حيث يفيق الآخرون، وننحدر حينما يصعدون؟! كلا والله! لا نريد أن نكون كذلك.
وإنك في هذا البلد الطيب مثال لنساء المسلمين في أنحاء العالم، يُنظر إليك نظرة إجلال وتقدير، تقود إلى الامتثال والتقليد، فاحذري التقليد الأعمى للكافرات أو الفاسقات في اللباس أو التبرج، أو السفور أو الاختلاط.
أختي المسلمة: اللهَ اللهَ في الإسلام! لا تكوني عوناً على هدمه، ورمحاً مسدداً إلى صدره، حفظ الله نساء المسلمين بحفظه، وأسبغ عليهن ستره.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الإخوة في الله: تقوى الله تعالى ليست في رمضان فقط، بل هي في سائر الأيام والشهور؛ إن من الناس من يجعل العيد فسقاً وفجوراً، وكفراً لنعم الله تعالى، وليس من الشكر في شيء أن تتبرج النساء في العيد، ويتساهلن بالحجاب، ويجبن البلاد طولاً وعرضاً في الأسواق والشوارع والمنتزهات، وكلٌّ مسؤول عن رعيته.
وثمة منكر آخر يلاحظ في العيد وهو ارتفاع أصوات المعازف والغناء من داخل البيوت وفي الأسواق والشوارع، فهل يشكر الله تعالى على نعمة رمضان والعيد بمعصيته؟ فسبحان الله! كيف ينقلبُ الحال وينتكسُ الناس في آخر ليلة من رمضان؟ كان صوتُ القرآن عالياً في المساجد والبيوت، وربما في الأسواق، وبعدها بليلة ينقلبُ الأمر رأساً على عقب فتحلُ المزامير محل الذكر والدعاء، ويحلُ الغناء محل القرآن، ويقضى الليل في السهر المحرم على آلات اللهو واللعب، بينما كان يقضى في الصلاة والقيام!.
فتعس عبد عاهد ربه في رمضان على لزوم الطاعة وهجران المعصية، وعمَّر شهره بأنواع العبادات، ثم في العيد ينقض العهد، ويختم عمله بالمعصية والكفران! وطوبى لعبد لم تُفقده فرحةُ العيد شعوره، ولم يذهبْ بريقُ المعصية صوابه؛ بل استمر على العهد والتوبة، وشكر الله على الإحسان إحساناً، وأتبعَ الحسنة حسنةً مثلها، وأعقب الطاعة طاعة، ذلك الذي فاز وَرَبِّيّ وهذه علامة القبول والتوفيق، والانتكاسُ والنكوص علامة الردِّ والخذلان، ألَا وإن الأعمال بالخواتيم، ألا وإن الأعمال بالخواتيم، فأحْسِنوا ختام شهركم في عيدكم باجتناب المعاصي.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الإخوة المؤمنون، أيها الصائمون القائمون، أيها المخبتون المتقون: لئن فقدتم رمضان في صيام نهاره وقيام ليله؛ فإن الصيام والقيام سنة باقية، فقد ندبكم نبيكم -صلى الله عليه وسلم- إلى صيام الاثنين والخميس، وأفضل الصيامِ صيامُ داود -عليه السلام-؛ كان يصومُ يوماً ويفطرُ يوماً، لمن قدر على ذلك، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاةُ الليل يناجي فيها العبدُ ربه، ومن وصايا نبيكم -صلى الله عليه وسلم- المحافظة على الوتر وصلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر.
ومما يناسب ذكرهُ والعمل به بعد رمضان صيامُ ستة أيام من شوال، مَن صامها مع رمضان كان كمن صام الدهر كله كما صح ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها المفرطون المذنبون: يا من قضَيْتُم رمضان فيما لا ينفع ولا يفيد من أنواع اللهو والزور والإثم، رمضان قد مضى، طويت صحائفه، وختمت أعماله، حسَنها وقبيحها، خيرها وشرها، مرَّ عليكم وأنتم في لهوكم كما مرَّ على المصلين في مساجدهم، لم يتخلف عنهم إليكم، ولم يسارع إليهم عنكم، لا فرق إلا في الصحائف؛ فصحائفهم قد ابيضت من الحسنات، وصحائفكم قد اسودت من السيئات.
ولّى رمضان وذهب معه جوع الصائمين، وتعب القائمين، ونصب المخبتين؛ لكن بقي الأجر؛ ذهب رمضان وذهبت معه لذة الفضائيات، والعصيان، ومجالس الزور والبهتان؛ لكن بقي الوزر! ففي هذا اليوم المبارك هل يجد الندم إلى قلوبكم سبيلاً؟ وهل تجد التوبة إلى نفوسكم طريقاً؟ فتوبوا ما دامت التوبة ممكنة قبل أن يحال بينكم وبينها.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الإخوة: ابتهجوا بعيدكم بطاعة الله -عزوجل-، وصِلوا أرحامكم، وبروا والديكم، وأحسنوا إلى جيرانكم، ولا تنسوا إخوانكم المجاهدين من صالح دعائكم، وفضول أموالكم.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أعاده الله علينا وعليكم باليُمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
التعليقات