المشروع للخطباء تذكير الناس بالقرآن العظيم في خطب الجمعة، وهذه سنَّة النبي -صلى الله عليه وسلم-وصحبه الكرام كما سيأتي بيانه؛ قال الله -تعالى-: (لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)[الأعراف: 2]، (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ)[ق: 45]، وقال: (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ)[الأنعام: 51]، وقال سبحانه: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)[ص: 29].

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم-يُكثر من قراءة القرآن في خطب الجمعة، حتى قالت أم هشام بنت حارثة بن النعمان: "ما أخذت (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس"(رواه مسلم (873).

وروى البخاري (3230) ومسلم (3992) عن يعلى بن أمية رضي الله عنه أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم-يقرأ على المنبر: (وَنَادَوْا يَامَالِكُ)[الزخرف: 77].

وفي صحيح البخاري (1077) عن ربيعة بن عبدالله أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل، فسجَد وسجد الناس، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها، حتى إذا جاء السجدة قال: "يا أيها الناس، إنا نمرُّ بالسجود، فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه"، ولم يسجد عمر -رضي الله عنه-، وتأمل قراءة عمر الفاروق سورة النحل في جمعتين متتاليتين!

وروى ابن جرير في تفسيره (6 / 172) عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: خطَب عمر يوم الجمعة، فقرأ آل عمران، وكان يُعجبه إذا خطب أن يقرأها.

وروى ابن جرير -أيضًا- في تفسيره (21 / 429) عن يحيى بن رافع قال: سمعت عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يخطب، فقرأ هذه الآية (سَائِقٌ وَشَهِيدٌ)[ق: 21] قال: "سائق يسوقها إلى الله، وشاهد يشهد عليها بما عملت".

وفي هذا الأثر مشروعية تفسير الآيات القرآنية على المِنبَر، ولا يُكتفى بقراءتها إذا كان السامعون لا يفهمون معاني الآيات أو يحتاجون إلى التنبيه على أحكام القرآن، وهذا مِن تدبُّر القرآن الكريم الذي أمرنا الله به في قوله -سبحانه-: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)[ص: 29].

ومثل هذا ما ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قرأ في خطبة الجمعة سورة هود، وفسَّر آية يحتاج الناس إلى تفسيرها، روى ابن جرير (12 / 644) عن سعيد بن جبير قال: "سمعتُ ابن عباس قرأ هذه السورة على الناس حتى بلغ: (وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ)[هود: 120] قال: في هذه السورة".

فما أحوج خطباء الجمعة إلى إحياء هذه السنة المهجورة، فيذكِّرون الناس بآيات الله، ويُبيِّنون لهم معانيه، ومن لم يتعظ بالقرآن فلن يتَّعظ بغيره، وخير الكلام كلام الله؛ قال الله -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)[يونس: 57].

ومن السور والآيات المقترح أن يَخطب بها الخطباء ويُبينوا معانيها للناس:

1- سورة الفاتحة.

2- بداية سورة البقرة في وصف المتقين.

3- صفات المنافقين في أول سورة البقرة.

4- فضائح اليهود في سورة البقرة.

5- آيات الصيام في سورة البقرة.

6- آيات الحج في سورة البقرة.

7- الآيتان 208 و209 من سورة البقرة في الأمر بالدخول في كافة شرائع الإسلام والحذر من اتباع خطوات الشيطان.

8- آية الكرسي.

9- آيات تحريم الربا في سورة البقرة.

10- خواتيم سورة البقرة.

11- (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ)في أول سورة آل عمران.

12- آيات الرد على النصارى في سورة آل عمران، ويمكن أن يضاف إليها آيات سورة النساء والمائدة.

13- (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آل عمران: 103]، وما بعدها من الآيات في سورة آل عمران.

14- (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ....)[آل عمران: 133] الآيات في وصف المتقين في سورة آل عمران.

15 العشر الآيات الخواتيم من سورة آل عمران.

16- الخمس الآيات العظيمة في سورة النساء التي هي أفضل لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس، وقد ذكرها المُفسِّرون في أول تفسير سورة النساء.

17- أخوف آية في كتاب الله وهي في سورة النساء (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)[النساء: 123].

18- آيات سورة المائدة في التحذير من موالاة اليهود والنصارى.

19- الوصايا العشر في آخر سورة الأنعام (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ)[الأنعام: 151]، الثلاث الآيات.

20- (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)[الأعراف: 96] الآيات من سورة الأعراف.

21- الوصايا المشهورة في سورة الإسراء.

22- سورة الكهف كاملة، وقد خطبت بها أنا - بحمد الله - في ثمان خطب.

23- أول سورة "المؤمنون".

24- آخر سورة "المؤمنون".

25- آيتا غض البصر وحفظ الفرج في سورة النور.

26- صفات عباد الرحمن في آخر سورة الفرقان.

27- سورة السجدة كاملة في خطبة أو خطبتين.

28- سورة يس في عدة خطب.

29- آيات التوحيد في سورة الزمر.

30- خواتيم سورة الزمر.

31- وقفات مع سورة الحجرات عدة خطب.

32- سورة ق، تُفسَّر في الخطبتين.

33- سورة الجمعة.

34- سورة المنافقون.

35- سورة تبارك.

36- سورة الحاقة.

37- سورة القيامة.

38- سورة الإنسان وما أعظم أثرها في نفوس السامعين! قال الله في آخرها: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ)، وأنا عن نفسي قد خطبت بها أكثر من عشرين مرة في عدة مساجد.

39- سورة النبأ.

40- النصف الثاني من سورة النازعات أو كل السورة.

41- النصف الأول من سورة التكوير وسورة الانفطار في وصف يوم القيامة.

42- سورة الانشقاق، وما أعظم موعظتها!

43- سورة الأعلى.

44- سورة الغاشية.

45- سورة الفجر، وما أعظم موعظتها!

46- سورة الليل.

47- سورة الزلزلة والقارعة.

48- سورة التكاثر.

49- سورة العصر؛ قال عنها الشافعي: لو ما تدبر الناس إلا هذه السورة لكفتهم!

50- سورة الكافرون والإخلاص.

هذه بعض الآيات والسور التي أقترح للخطباء أن يخطبوا بها، وأكثرها -بحمد الله- قد خطبتُ بها على المنابر، وقد حضر بعض مَشايخي خطبة لي بالقرآن فأُعجب جدًّا بطريقة تفسير القرآن على الناس على المنبر، وشجعني على الاستمرار بهذه الطريقة.

وأنصح الخطباء أن يَحرصوا على إيصال معاني الآيات للناس بقدر أفهامهم، ويتجنَّبوا ذكر خلاف المفسرين وأقوالهم إلا ما دعت إليه الحاجة، والله الموفق.