عناصر الخطبة
1/المكانة العظيمة لإبراهيم الخليل عليه السلام 2/بعض مواقف ومميزات الخليل إبراهيم عليه السلام 3/بين ثبات الخليل والمؤمنين معه وثبات المرابطين والمؤمنين في بيت المقدس 4/ضلال من يدعو للديانة الإبراهيمية 5/الشد على أيدي المعتقلين والمعتقَلات والأسرى والأسيرات 6/الأخوة الحقيقة أخوة الدين 7/التحذير من المساس بالأقصى والمقدَّسات الإسلامية 8/الفرحة باستقبال حُجَّاج بيت الله الحراماقتباس
فلا ولاء للمشركين، ولا ولاء للملحدين؛ لأنهم يبتغون استباحةَ المقدَّسات والمسرى، بثوب الأُخوَّة الإنسانيَّة، مشاغَبات مزيَّفة، وحجج واهية، فلن تشاركنا الإنسانيَّة بأقصانا، ولا زالت الحفريات حول أركان مسجدنا تشكل خطرًا، والآذان والإدارات والهيئات في صَمَمٍ، ولكن لا مكان لاتباع الديانات في مساجدنا..
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله؛ (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 67].
الحمد لله؛ (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 68].
الحمد لله؛ (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ)[الْحَجِّ: 78].
وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، المتفرد بالإيجاد والعطاء، (جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ)[فَاطِرٍ: 1]، (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ)[الرَّعْدِ: 9]، أعطى آدم الصفوة، وإبراهيم الخُلَّة، وموسى كليمُه، وعيسى كَلمتُه، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- صفيُّه وخليلُه، وأشهد أن سيدَنا وحبيبَنا وقدوتَنا محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القائل: "أنا أول مَنْ تنشقّ عنه الأرضُ يومَ القيامة ولا فخرَ، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر، أنا صاحب لواء الحمد ولا فخر، وأنا أول مَنْ يدخل الجنةَ ولا فخر، آخِذٌ بحلقة باب الجنة فيُؤذَن لي، فيستقبلني وجهُ الجبَّار -جلَّ جلالُه- فأخرُّ له ساجدًا"، (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)[الْبَقَرَةِ: 253]، فأعلى درجات الفضل حيزت لرسولنا الأكرم -صلى الله عليه وسلم- القائل: "أنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة"، وتبعه بالفضل خليل الله إبراهيم -عليه السلام-؛ (وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)[النِّسَاءِ: 125].
سيدنا إبراهيم من أولي العزم من الرسل؛ فقد أخذ الله منه ميثاقًا غليظًا؛ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً)[النَّحْلِ: 120]، ومنذ شبابه؛ (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 51]، (وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[الْبَقَرَةِ: 130-131].
الخليل إبراهيم -عليه السلام- بعَث لنا تحيةً ليلةَ الإسراء والمعراج، فقال: "يا محمدُ، أَقرِئْ أُمَّتَكَ مني السلام"، ولسان المرابطين في الأقصى يقول لسيدنا إبراهيم: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته"، الصلاة والسلام على سيدنا إبراهيم، وعلى آله سيدنا إبراهيم؛ (رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ)[هُودٍ: 73].
رزَق اللهُ إبراهيمَ -عليه السلام- رقةً في قلبه، ورحمةً على عباد الله، وشفقةً على الناس جميعًا، فلم يرضَ لهم عبادةَ الأصنام؛ تلك الأصنام المتلونة، حجارة تارة، وقوى ظالمة تارة، وتماثيل تعبد تارة، وقوانين جائرة تعبد تارة أخرى، فقال لقومه: (مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 52]، ما هذه الوعود التي أنتم لها مصدِّقون مهرولون؟ هل سُلبتُم عقولكم أيها الموحِّدون؟ هل سَلَبَت الأموالُ والإداراتُ والأصنامُ إيمانَكم أيها الغافلون؟ أم هي جاهلية جديدة؟ فجمعوا الحطَبَ للخليل إبراهيم، ولم يبقَ كافرٌ ولا منافقٌ إلا وشارَك في جمع الحطب؛ ليقضوا على داعي الحق، فأُشعل الحطبُ وعلا شررُه، وأُوقدت الحربُ على أهل الحق الثابتين، وتأجَّجَت نيرانُها، وحُوصر الخليلُ في كفة المنجنيق وشُدَّ وثاقُه، وظنَّ ألَّا ملجأَ من الله إلا إليه، واجتمعَتْ على الخليل أبناءُ جِلدته، فقال: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[آلِ عِمْرَانَ: 173]، (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[آلِ عِمْرَانَ: 173]، قد خطَّطُوا لكم فاخشوهم، (فَزَادَهُمْ إِيمَانًا)[آلِ عِمْرَانَ: 173]، تيمُّنًا بإبراهيم، وقالوا مرددين قول الخليل إبراهيم: (حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)[آلِ عِمْرَانَ: 173].
(قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)[الْأَنْبِيَاءِ: 69]، يا مؤامرات كوني بردًا وسلامًا على الأقصى والمرابطين، يا مؤامرات كوني بردًا وسلامًا على فلسطين، وأخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن كل الحيوانات كانت تساعد في إخماد النيران على إبراهيم إلا الوزغ، كان ينفخ على النار لتشتعل، فأمر -صلى الله عليه وسلم- بقتل الوزغ، فاللعنة تلحق مُوقِدَ الفتنة ومُشعِلَها، وبالمناسَبة: نشكر مَنْ سعى بإخماد نار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد بالأمس القريب.
إبراهيم -عليه السلام- صِدِّيقًا نبيًّا، (جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الصَّافَّاتِ: 84]، (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)[التَّوْبَةِ: 114]، (اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)[النَّحْلِ: 121]، (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)[الْأَنْعَامِ: 75]، وتتجدد حيل الكفر على الموحِّدين؛ فكلما مرَّ زمان ابتكر أعداءُ الإسلام خديعةً جديدةً ليُضِلُّوا الناسَ بها؛ فتلك الأصنام التي حطَّمَها إبراهيم ألسبوها لباسًا جديدًا، وقالوا عنها: كواكب، شمس، وقمر، فلما أَفَلَتْ: (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)[الْأَنْعَامِ: 78]، فإنَّنا نبرأ من كل دين يخالف دين الإسلام، فلا ثوب الإبراهيميَّة دين، ولا ثوب البيت الإبراهيمي عقيدة؛ (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 85]، (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ)[الْأَنْعَامِ: 83].
محطة راسية أخرى من سيرة الخليل إبراهيم -عليه السلام-، (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ)، قال الذي آتاه الملك من شدة بطره وطغيانه، قال النمرود متبجِّحًا: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)[الْبَقَرَةِ: 258]، مشاغبةً وتضليلًا، فدجلُ العظمةِ سيطَر على النمرود، ووضع على إحدى عينيه مجهرًا يرصد تلوث الهواء حول أنصاره، وتبكي عينُه مآسيَ الحروب على أوليائه، ووضَع على عينه الأخرى حجابًا من حديد لا يستطيع أن يرى، كيف يقضي البواسل شعائر العيد خلف القضبان، ولم ير كيف تقضي الماجدات أيامهنَّ في السجون، بل إن حجاب عينه منعه من رؤية قطعان المستبيحين للأقصى والمقدسات، فهل صُمَّتْ آذانُ العالَم ولم تسمع بكاء الأطفال المحاصَرِينَ؟ أم لم تصل إلى الإنسانيَّة المنشودة آهاتُ المقهورينَ، وأنينُ المصابينَ؟ (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ) [الْقَلَمِ: 36-37].
لقد سئم المرابطون المناشَداتِ، ووكَلُوا أمرَهم إلى الله، ولن يخدع المرابطون بالمُساعَدات والتسهيلات والزيارات، فطغى النمرود وبغى وغالَط بالتضليل، فمهنتُه الكلامُ وقلبُ الثوابت؛ أما مَيْدان التطبيق والعمل، فهو غير ذلك؛ (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[الْبَقَرَةِ: 258]، (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)[الشُّعَرَاءِ: 62]، ولا يزال أهل الرباط على الحق ثابتين، لا يضرهم المتخاذلون، ولا مَنْ ألبَسُوا الباطلَ ثوبَ الدين، ومَنْ حاوَل أن يُلبس الخليل إبراهيم ثوبَ زور فهو مهزوم مخادع؛ (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)[الْأَنْعَامِ: 82].
(وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى)[النَّجْمِ: 37]، رفَع القواعدَ من البيت فكان مثابةً للناس وأمنًا، وطهَّر البيتَ الحرام من الشرك، وعند مَشاهِد التضحية والفداء نقف عاجزينَ، فكل هذه المحطات في حياة الخليل إبراهيم -عليه السلام- نُسجت بيد العناية الإلهية، ولم تزده إلا ثباتًا، وبقي قلبه مُعلَّقًا مع الله؛ (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[الْبَقَرَةِ: 131]، وتابع -صلى الله عليه وسلم- سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- تطهيرَ البيت العتيق من الأصنام، وقال: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان"، وأتمَّ المهمةَ الخليفةُ عمرُ بنُ الخطاب، فلم يبق كيان ظاهر لدين غير دين الإسلام في الجزيرة العربيَّة، (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[الْبَقَرَةِ: 181].
(إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)[الْبَقَرَةِ: 124]، دعوة الأنبياء هي دعوة للتوحيد، وليست دعوة للقبيلة أو العرقية، فالأُخوَّة المعتبَرة عند الله هي أُخوَّة الإسلام، (قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)[الْبَقَرَةِ: 124]، فمن تبع الملة فهو من أتباع إبراهيم؛ (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ)[الْحَجِّ: 78]، فقد كان مِنْ عمومة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- أناس جحدوا برسالته، فتبَّت أيديهم، وما أغنَتْ عنهم عشيرتُهم ولا أموالُهم، فلا يكتمل الإيمانُ بالتلبية والتكبير فحسبُ، بل كماله بالولاء لله ودينه، والبراء من الشرك وأهله، فقد خُتمت الرسالات بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وخُتمت الشرائع بالإسلام؛ (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ)[الْمُجَادَلَةِ: 22]، فلا ولاء للمشركين، ولا ولاء للملحدين؛ لأنهم يبتغون استباحةَ المقدَّسات والمسرى، بثوب الأُخوَّة الإنسانيَّة، مشاغَبات مزيَّفة، وحجج واهية، فلن تشاركنا الإنسانيَّة بأقصانا، ولا زالت الحفريات حول أركان مسجدنا تشكل خطرًا، والآذان والإدارات والهيئات في صَمَمٍ، ولكن لا مكان لاتباع الديانات في مساجدنا، تحت مسمى: "الإخوة الإنسانيَّة"، أو تحت أي مسمى مزعوم، أنتجه البيت الإبراهيمي زورًا ومشاغبة؛ بيتًا ضرارا، تفريقا، فأقصانا وقصور خلفائنا، وأوقافنا، حق خالص لنا وحدنا.
إنَّها الفتن؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: "يصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويمسي كافرًا، حتى يصير الناس إلى فُسطاطينِ؛ فسطاطِ إيمانٍ لا نفاقَ فيه، وفسطاطِ نفاقٍ لا إيمانَ فيه؛ جاء في الحديث الشريف: "إن الله اتخذني خليلًا، كما اتخذ إبراهيم خليلًا" ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جاد على عباده بالخيرات، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، لا دين إلا دِينه؛ (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)[آلِ عِمْرَانَ: 19]، وأشهد أن سيدنا محمدًا رسولُ اللهِ، عَظُمَتْ به المنةُ، وتمَّت به النعمةُ، وكَمُلَتْ بشريعته الملةُ، بالأمس القريب ودَّعْنا حُجَّاجَ بيت الله الحرام، ونستهلّ مستبشرينَ بقدومهم سالمينَ مقبولينَ -بإذن الله-، فنسأله -تعالى- أن يجعل حجهم حجًّا مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، وأن يجعل تجارتهم لن تبور، قد عادوا مزودين بالتقوى؛ (نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ)[التَّحْرِيمِ: 8]، فنسأل الله -عز وجل- أن يزيدهم ثباتًا وتمسكا بأقصاهم، والتزاما بدين الله؛ (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الْحَجِّ: 32].
(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 127]، (وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 128]، ربنا اجعل هذا البلد آمِنًا وارزق أهله من الثمرات، اللهم احفظ المسجد الأقصى بحفظك، وتولَّاه برعايتك، واحفظ المرابطين فيه، والقائمين والركع السجود، اللهم ارفع الحصار عن إخوتنا المحاصرين، اللهم فرج كربهم، واهدهم سبلهم، واجعل لهم من أمرهم رشدًا ومخرجًا، اللهم أَطلِقْ سراحَ المعتقَلينَ، والماجدات الصابرات، اللهم ارحم شهداءنا، واشف جرحانا، وداوِ مرضانا، يا ربَّ العالمينَ.
اللهم وفِّق طلابنا لما تحب وترضى، واكتب لهم النجاح والتمام، اللهم اجز عَنَّا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خير الجزاء، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، والعشرة المبشرين، والصحابة والتابعين، وبارك لنا بالعلماء العاملين، والأئمة والصالحين، اللهم يا من جعلت الصلاة على النبي من القربات، نتقرب إليك بكل صلاة صليت عليه، من أول النشأة إلى ما لا نهاية للكمالات، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182]، وأَقِمِ الصلاةَ.
التعليقات