عناصر الخطبة
1/ الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم 2/ تعامل الرسول مع الشباب 3/ غرس التقوى والقيم في نفوس الشباب 4/ محبة النبي لأصحابه وحله لمشاكلهماقتباس
كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَغْرِسُ في نُفُوسِ الشَّبَابِ تَقْوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ في السِّرِّ وَالعَلَنِ لِعْلمِهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أَنَّهُمْ مَظِنَّةُ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ لِمَا فِيهِم مِنْ...
الخُطْبَةُ الأُوْلَى:
الحمدُ للهِ الذي تَفَرَّدَ بِكُلِّ كَمَالٍ، تَفَضَّلَ علينَا بِجَزِيلِ والْعَطَايَا وَالنَّوَالِ. وَأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الكَبِيرُ الْمُتَعَالِ، وَأَشْهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، كَرِيمُ السَّجَايا وَشَرِيفُ الْخِصَالِ. بَعَثَهُ اللهُ قُدْوَةً لَنَا كَمَا قَالَ: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ). صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ، وَعَلى آلِهِ وَأَصْحابِهِ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إلى يَومِ الْمَآلِ.
أمَّا بَعدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -يَا مُؤمِنُونَ- وَلْنَقْتِدي بِنَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ كَانَ آيَةً في تَعَامُلِهِ مَعَ أَصْحَابِهِ شَبَابًا وَكِبَارًا يَتَعَامَلُ مَعَهُمْ كُلٌّ بِمَا يُنَاسِبُهُ! يَأْتِيهِ مَنْ يَعْرِفُ عَنْهُ سُرْعَةَ الغَضَبِ وَيَسْتَوصِيهِ: فَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: “لاَ تَغْضَبْ” فَيُرَدِّدُ عَليهِ الرَّجُلُ مِرَارًا أَوصِنِي، والرَّسُولُ يُرَدِّدُ: “لاَ تَغْضَبْ”.
وَيَأتِهِ الرَّجُلُ الْجَادُّ فِي حَيَاتِهِ الْرِّاغِبُ فِي الْعَمَلِ كَسُفْيَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا غَيْرَكَ فَيَقُولُ لَهُ نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ: “قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ”.
وَيَعْلَمُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ خَادِمَهُ رَبِيعَةَ بْنَ كَعْبٍ رضِي اللهُ عَنْهُ، لَهُ فِي نَفْسِهِ حَاجَةٌ فَيَقُولُ لَهُ: “سَلْ” فَيَقُولُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ لَهُ: “أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ” قَال: هُوَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَيَقُولُ لَهُ: “فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ”. وَهَكَذَا كَانَ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَتَعَامَلُ وَيُجِيبُ كُلَّ إنْسانٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ وَيُصْلِحُهُ!
عِبَادَ اللهِ: أَمَّا الشَّبَابُ فَلَهُمْ مَزَايَا وَوَصَايَا خَاصَّةً لأنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَعْلَمُ أَنَّهُمْ بِنَاءُ الأُمَّةِ، وَصُنَّاعُ الأَمَلِ، وَعِزُّ الأَوْطَانِ، فَكَانتْ عِنَايَتُهْ بِهِمْ فَائِقَةٌ تَوجِيهًا لَهُمْ وَتَولِيَةً لَهُمْ بِالْمَنَاصِبِ وَدُعَاءً لَهُمْ بِالْحِفْظٍ مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْفِتَنِ. واسْتَمِعُوا إلى نَمَاذِجَ رَائِعَةٍ، وَدُرُوسٍ نَافِعَةٍ لَنَا فِي تَرْبِيَةِ شَبَابِنَا. فَوَاللهِ مَنْ تَعَامَلَ مَعَ الشَّبَابِ وَأَعْطَاهُمْ مَسْؤوليَاتٍ وَثِقَةً وَجَدَ فِيهِمْ هِمَّةً وَعَطَاءً وَإنْجَازًا وَإتْقَانًا! فَنَحْنُ بِحَاجَةٍ لأَنْ نَرْتَقِي بِشَبَابِنَا، في ظِلِّ هَذَا الْوَهَنِ وَالَّلهْوِ والتَّرَفِ التي تُعَانِيهِ كَثِيرٌ مِنْ بِلادِ الإسْلامِ.
عِبَادَ اللهِ: هَلْ تَتَصَوَّرُونَ أَنْ يَبْعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشًا، وَيُؤَمِّرُ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، وَهُوَ دُونَ العِشْرِينَ مِنَ الْعُمُرِ عَلى جَيشٍ فِيهِ كِبَارُ أَصْحَابِهِ كَأَبِي بَكْرِ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا! حَتَّى أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ طَعَنَ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَزْكِيَةً لَهُ وَتَثْبِيتًا: “وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، يَعْنِي أجْدَرَ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ”. تَصَوَّرُوا الدَّفْعَةَ الْمَعْنَوِيَّةَ لِهَذَا الشَّابِ وَلِمَنْ هُمْ عَلى شَاكِلَتِهِ!
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يَغْرِسُ في نُفُوسِ الشَّبَابِ تَقْوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ في السِّرِّ وَالعَلَنِ لِعْلمِهِ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- أَنَّهُمْ مَظِنَّةُ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ لِمَا فِيهِم مِنْ قُوَّةِ الْبَاعِثِ لَهَا فَقَدْ حَثَّهُمْ عَلى الْعِبَادَةِ وَجَعَلَ مِنَ السَّبْعَةِ الذِينَ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: “شَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ”. وَحَثَّهُمْ على الزِّوَاجِ عِنْدَ الاسْتِطَاعَةِ، وَعَلى الصَّومِ حَالَ عَدَمِهِ فَقَالَ: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ”. فَكَانَ يُوَجِّهُ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كُلَّ أَحَدٍ بِمَا يُناسِبُهُ. حَقًّا كَمَا وَصَفَهُ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
بَاركَ اللهُ لَنَا في القُرآنِ العَظِيمِ، وَبِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرسَلِينَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُمْ ولِسَائِرِ الْمُسلمينَ فَاستَغفِرُوهُ، إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله على ما أَنعَمَ وَأَولى، وَأَشْهَدُ أَلَّا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ العَليُّ الأَعلى، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا وَحبِينَا مُحَمَّدًا عبدُاللهِ وَرَسُولُهُ خَيرُ نَبِيٍّ وَأزْكَى، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلى آلِهِ وَأصْحَابِهِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا يَا أُولي الألبَابِ وَاشْكُرُوهُ عَلى نِعَمٍ أَسْدَهَا عَلينَا فَنِعْمَةُ الإيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ فَقَدْ ذَكَّرَنَا اللهُ بِهَا فَقَالَ: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
عِبَادَ اللهِ: عَظِيمٌ هَذّا النَّبِيُّ الْكَرِيمُ لَقَدْ كَانَ مُحِبًّا لإصْحَابِهِ وَأُمَّتِهِ نَاصِحًا لَهُمْ مُشْفِقًا عَليهِمْ مُرَاعِيًا لِمَشَاعِرِهِمْ وَاحْتِيَاجَاتِهِمْ وَرَغَبَاتِهِمْ! قَالَ الْصَّحَابِيُّ الشَّابُّ مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، -يَعْنِي نَتَعَلَّمُ دِينَ اللهِ -تَعَالى-- فَظَنَّ أَنَّا اشْتَهَيْنَا أَهْلِينَا، فَسَأَلْنَا عَنْ مَنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِينَا؟ فَأَخْبَرْنَاهُ -وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا- فَقَالَ: “ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي”. أَرَأيتُمْ كَيفَ رَاعَى مَشَاعِرَ الشَّبَابِ وَأَمَرَهُمْ بِالرُّجُوعِ إلى أَهْلِيهِمْ! فَسُبْحَانَ مَنْ أَعْطَاهُ البَصِيرَةَ في مَعْرِفَةِ نَفْسِيَّاتِ وَاحْتِيَاجَاتِ أَصْحَابِهِ.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كَانَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بَصِيرًا بِمُعَالَجَةِ كُلِّ مَا يُوَاجِهُ أَصْحَابَهُ كُلٌّ حَسَبَ اسْتِعْدَادِهِ وَطَاقَتِهِ، فَكَثِيرًا مَا تَتَفَاوَتُ إِجَابَاتُهُ على أَسْئِلَتِهِم وِفْقَ حَالِهِمْ وَاحْتِيَاجِهِمْ، ذَلِكَ لِأَنَّهُ وُلِدَ وَكَبُرَ مَعَهُمْ. وَعَاشَ بِيئَتَهُمْ وَحَيَاتَهُمْ، فَأَدْرَكَ مَزَايَاهُمْ وَشَخْصِيَّاتِهِمْ.
وَإليكُمْ -يَا رَعَاكُمُ اللهُ- قِصَّةً صَحِيحَةً بِأَسَانِيدِهَا. غَرِيبَةً فِي أَلْفَاظِهَا وَتَصْرِيحَاتِهَا وَمَعَانِيهَا، قَدْ تَكُونُ جَدِيدَةً عَليْنَا! لِصَحَابِيٍّ قَدْ تَسْمَعُ بِاسْمِهِ لأَوَّلِ مَرَّةٍ هُوَ الْشَّابُّ: شَكَلٌ بنُ حُمَيدٍ العَبْسيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقُلتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ. يَعْنِي: دُعَاءً أَلْجَأُ وَأَسْتَجِيرُ إلى اللهِ فِيهِ بِأَنْ يحفَظَنِي مِن شُرُورِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِكَفِّي! فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، أَمْسَكَ بِهِ بِيَدِهِ؛ لِإعْطَائِهِ شُعُورًا بِمَزِيدِ اعْتِنَاءٍ وَاهْتِمَامٍ بِهِ وَبِسُؤَالِهِ، فَقَالَ لَهُ:
النًّصِيحَةُ الأُولَ قُلْ: “اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي”. أَي مِنْ كُلِّ مَا حَرَّمْتَهُ عَليَّ يَا رَبِّ مِنْ سَمَاعِ شِرْكٍ وَغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَزُورٍ وَتَنَصُّتٍ وَتَجَسُّسٍ وَمَعَازِفَ وَلَهْوٍ، بِحَيثُ لا أَسْمَعُ إلاَّ مَا يُرضِيْكَ مِنْ ذِكْرٍ وَنُصْحٍ وَمَوعِظَةٍ.
النًّصِيحَةُ الثَّانِيَةُ: قُلْ: “وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ بَصَري”. بِأَنْ أُطلِقَهُ بِنَظَرِ مَا لا تَرْضَاهُ عَليَّ يَا رَبِّ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ النَّظَرِ إلى النِّسَاءِ، وَمَوَاقِعِ الْحَرَامِ ، وَاحْتِقَارِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ.
والْوَصِيَّةُ الثَّالِثَةُ: قُلْ: “وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ لِسَانِي”. أَي اعْصِمْنِي مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ أَنْطِقُهُ بِلِسَانِيِ، مِن كَذِبٍ وَغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَسَبٍّ، وَاللِّسَانُ ذُو حَدَّينِ فَإنَّهُ مِنْ أَخْطَرِ الْجَوَارِحِ، إمَّا قَولُ بَاطِلٍ، أَو قَولُ الْحَقِّ وَذِكْرُ اللهِ وَحَمْدُهُ وَتَسْبِيحُهُ. وَرَابِعُ الْوَصَايَا قُلْ: “وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ قَلْبِي”. مِنْ أَنْ أَعْتَقِدَ اعْتِقَادًا فَاسِدًا، أَو يَكونَ بِي كِبْرٌ أَو حِقْدٌ أَوْ حَسَدٌ أَوْ حُبٌّ لِلْمَعَاصِي وَأَهْلِهَا.
عِبَادَ اللهِ: أَمَّا خَامِسُ الْوَصَايَا وَأَعْجَبُهُا فَقُلْ: “وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَنِيِّي”. يَعْنِي اعْصِمْ فَرْجِي مِنْ أَنْ أُوقِعَهُ في غَيرِ حِلِّهِ وَمَحلِّهِ! وَاسْتَمِعُوا لِقَولِ اللهِ -تَعَالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ).
يا مُؤمِنُونَ: تَخصِيصُ هذِه الْمَذْكُورَاتِ الْخَمْسِ بِالاسْتِعَاذَةِ مِنْهَا؛ لأنَّها أَصْلُ كُلِّ شَرٍ وَقَاعِدَةُ كُلِّ بِلاءٍ! وَصَدَقَ الْمَولَى حَينَ قَالَ:(إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا). فَكُلُّ الْجَوَارِحِ سَتَنْطِقُ عَلينَا وَتَقُولُ: (أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
فَمَا أَرْحَمَكَ يَا رَبَّنَا وَأَحْلَمَكَ عَلى مَنْ عَصَاكَ! فَالَّلهُمَّ اجْعَلْنَا لَكَ مِن الْتَّائِبِينَ الذَّاكِرينَ.
الَّلهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ مِن سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ وَبِكَ مِنْكَ لا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيكَ.
اللهم أصلح شبابَ الإسلامِ وَالْمُسلِمِينَ وَوَفَّقْنَا وَإيَّاهُم للعملِ الذي يُرْضِيكَ، اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلينَا الإيمانَ وزَيِّنْهُ في قلوبِنَا وكرِّه إلينَا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ واجعلنَا من الرَّاشِدينَ.
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ.
اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والْمُسلِمِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّين، واجْعَلْ بَلدَنَا آمِنًا مُطمئِنًّا وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسلمينَ.
اللهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وَوَفِّقْ أَئِمَّتَنَا وَوُلاةَ أَمْرِنَا، وَاجْزِهِمْ خَيرًا عَلى خِدْمَةِ الإسلامِ والْمُسلمينَ.
اللَّهُمَّ انصُر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنَا واكفِنا شَرَّ الفَواحِشِ والفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، واغْفر لَنا وَلِوالِدِينا والمُسلِمِينَ أجمَعِينَ ياربَّ العالمينَ.
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ).
التعليقات