تنبيه الأنام بفضل شهر الله الحرام

محمد بن سليمان المهوس

2023-07-27 - 1445/01/09
عناصر الخطبة
1/في تعاقب الليالي والأيام عظة وعبرة 2/فضائل شهر محرم 3/بعض البدع المتعلقة بشهر الله المحرم

اقتباس

إِنَّ اللهَ اصْطَفَى صَفَايَا مِنْ خَلْقِهِ، اصْطَفَى مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ رُسُلاً، وَاصْطَفَى مِنَ الْكَلاَمِ ذِكْرَهُ، وَاصْطَفَى مِنَ الأَرْضِ الْمَسَاجِدَ، وَاصْطَفَى مِنَ الشُّهُورِ رَمَضَانَ وَالأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَاصْطَفَى مِنَ الأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاصْطَفَى مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللهُ، فَإِنَّمَا...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَعَاقُبُ الشُّهُورِ وَالأَعْوَامِ، وَتَوَالِي اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ، وَمَوْعِظَةٌ دَامِغَةٌ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ؛ حِكْمَةٌ فِي تَعَاقُبِهَا، وَمَوْعِظَةٌ فِي سُرْعَةِ انْقِضَائِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَارِنَا، وَكَمَا قَالَ الأَوَّلُ:

إِنَّا لَنَفْرَحُ بِالأَيَّامِ نَقْطَعُهَا *** وَكُلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الأَجَلِ

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ فِي بِدَايَةِ أَيَّامِ الْعَامِ الْجَدِيدِ، وَالَّذِي جَعَلَ اللهُ فَاتِحَتَهُ شَهْرًا مُبَارَكًا؛ شَهْرَ اللهِ الْمُحَرَّمَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الأَشْهُرِ الْحُرُمِ الَّتِي قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْهَا فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ... )[التوبة: 36].

 

وَقَدْ فَصَّلَتِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ الْمُشَرَّفَةُ هَذِهِ الأَشْهُرَ الْحُرُمَ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ"(رواه البخاري).

 

وَشَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ شَهْرٌ شَرَّفَهُ اللهُ وَفَضَّلَهُ وَاصْطَفَاهُ وَأَضَافَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إِلَى اللهِ وَعَظَّمَهُ، قَالَ قَتَادَةُ -رَحِمَهُ اللهُ-: إِنَّ اللهَ اصْطَفَى صَفَايَا مِنْ خَلْقِهِ، اصْطَفَى مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ رُسُلاً، وَاصْطَفَى مِنَ الْكَلاَمِ ذِكْرَهُ، وَاصْطَفَى مِنَ الأَرْضِ الْمَسَاجِدَ، وَاصْطَفَى مِنَ الشُّهُورِ رَمَضَانَ وَالأَشْهُرَ الْحُرُمَ، وَاصْطَفَى مِنَ الأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَاصْطَفَى مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَعَظِّمُوا مَا عَظَّمَ اللهُ، فَإِنَّمَا تَعْظُمُ الأُمُورُ بِمَا عَظَّمَهَا اللهُ بِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَهْمِ وَأَهْلِ الْعَقْلِ.

 

وَمِنْ فَضَائِلِ هَذَا الشَّهْرِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيَّنَ فَضْلَ صِيَامِهِ، فَفِي صَحِيحِ الإِمَامِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ"، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ -رَحِمَهُمُ اللهُ- فِي صِيَامِ الشَّهْرِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، قَالَ ابْنُ بَازٍ -رَحِمَهُ اللهُ-: الصِّيَامُ فِي شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ مَشْرُوعٌ، وَمَنْ صَامَهُ كُلَّهُ فَهَذا حَسَنٌ .

 

وَمِنْ فَضَائِلِ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ: صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَعَاشُورَاءُ: هُوَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ مِنْ شَهْرِ مُحَرَّمٍ؛ وَلِهَذَا الْيَوْمِ مَزِيَّةٌ وَلِصَوْمِهِ فَضْلٌ، قَدِ اخْتَصَّهُ اللهُ -تَعَالَى- بِهِ، وَحَثَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، فَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي نَجَّى اللهُ -تَعَالَى- فِيهِ مُوسَى مِنَ الْغَرَقِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا يَعْنِي عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقَالَ: "أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ"(رواه البخاري)، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ"، وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ التَّاسِعِ وَالْعَاشِرِ جَمِيعًا؛ وَهَذَا لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- صَامَ الْعَاشِرَ وَنَوَى صِيَامَ التَّاسِعَ؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ"(رواه مسلم)، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِيِ فَضْلِ صِيَامِهِ "صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ"(رواه مسلم).

 

اللَّهُمَّ وَفِّقْنَا لاِغْتِنَامِ الأَوْقَاتِ، وَأَعِنَّا فِيهَا لِلْعَمَلِ بِالطَّاعَاتِ، وَالْبُعْدِ عَنِ السَّيِّئَاتِ يَا رَبَّ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ.

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى-، وَاعْلَمُوا أَنَّ هُنَاكَ بِدَعًا تَنْتَشِرُ فِي بِدَايَةِ الْعَامِ الْهِجْرِيِّ وَنِهَايَتِهِ، وَفِيِ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرّمِ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ، وَلَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ -رُضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ-، وَالَّتِي مِنْهَا: الاِحْتِفَالُ فِي الْمَسَاجِدِ أَوِ الْبُيُوتِ أَوِ الطُّرُقَاتِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الأَمَاكِنِ بِذِكْرَى هِجْرَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، أَوْ تَخْصِيصُ آخِرِ أَوْ أَوَّلِ جُمْعَةٍ مِنَ الْعَامِ بِمَزِيدٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ.

 

وَمِنَ الْبِدَعِ عِنْدَ بَعْضِ الطَّوَائِفِ: مَنْ يُعَظِّمُ يَوْمَ عَاشُورَاء وَيَجْعَلُهُ عِيدًا، يَتَجَمَّلُونَ فِيهِ، وَمِنْهُمْ مِنْ يَتَّخِذُ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ مَأْتَمًا وَحُزْنًا وَنْيَاحَة وَلَطْمًا، وَمِنْهُمْ مِنْ يَفْرَحُ بِذَلِكَ اَلْيَوْمِ شَمَاتَةً بِقَتْلِ اَلْحُسَيْنْ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ-، وَكُلُّ ذَلِكَ قَدْ ضَلَّ وَأَضَلَّ عَنْ سَوَاء اَلسَّبِيلِ، وَهَدَى اَللَّهِ أَهْلَ اَلْإِسْلَامِ لِلْحَقِّ فَصَامُواَ ذَلِكَ اَلْيَوْمِ اِقْتِدَاءً بِنَبِيِّهِمْ، وَلَمْ يَصْحَبُوا ذَلِكَ بِنَوْعٍ مِنْ اَلْمُحْدَثَاتِ.

 

وَمِنَ الْبِدَعِ مَا يَتَنَاقَلُهُ النَّاسُ عَبْرَ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ مِنْ طَلَبِ الْمُسَامَحَةِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِن الْعَامِ، وَكَذَلِكَ الاِسْتِغْفَارُ وَالدُّعَاءُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الْعَامِ وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ لِتُطْوَى صَحِيفَتُكَ بِالاِسْتِغْفَارِ، وَيَكُونَ الاِسْتِغْفَارُ أَوَّلَ مَا يُدَوَّنُ فِيهَا، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا"(رواه مسلم).

 

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56]، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رواه مسلم).

المرفقات
storage
storage
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life