عناصر الخطبة
1/أهمية استفادة الأمة من التغيرات والتقلبات 2/وقفات تدبر واعتبار في أحوال الأمة 3/أسباب ضعف الأمة 4/أهم الوسائل المعينة على تحقيق النصر والعزة والتمكين.اقتباس
والأمة الواعية مهما عانت من ضراء, وعالجت من بلاء، وكابدت من كيد أعداء، فإنها سرعان ما تُفيق من غفلتها، وتصحو من رقدتها، فتقيم المائد، وتقوِّم الحائد، وترتق الفتق، وترقع الوهى والخرق، لتعود عزيزة الجانب لا يتجاسر عليها غادر، ولا ينالها عدو ماكر.
الخطبة الأولى:
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله فإن تقواه أفضل زاد، وأحسن عاقبة في معاد.
أيها المسلمون: الأمم تتقلب في أطوار وأطباق، ما بين عزة وذلة، وكثرة وقلة، وغنىً وفقر، وعلم وصناعة، وجهل وإضاعة، وأحوال متقبلة مشاعة. والأمة الواعية مهما عانت من ضراء, وعالجت من بلاء، وكابدت من كيد أعداء، فإنها سرعان ما تُفيق من غفلتها، وتصحو من رقدتها، فتقيم المائد، وتقوِّم الحائد، وترتق الفتق، وترقع الوهى والخرق، لتعود عزيزة الجانب لا يتجاسر عليها غادر، ولا ينالها عدو ماكر.
والأمة المسلمة اليوم تعايش حروبًا ثائرة وشرورًا متطايرة، تشتّت نظامها، وتشعب التئامها، حروب قذرة، يقودها قوم كفرة فجرة، غدرة مكرة، خونة خَسِرَة، لا يرقبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة. هذه فلسطين المباركة، تصبح وتمسي تحت مرارة الفادحة، وألم الفازعة، وصور المأساة، ومشاهد المعاناة، وصرخات الصغار، وصيحات التعذيب والحصار، ولوعات الثكالى، وآهات اليتامى، تصبح وتمسي على صفوف الأكفان المتتالية، وتشييع الجنائز المحمَّلة، والبيوتات المهدَّمة، والمساجد المنتهَكة، أحداثٌُ جسام، تُدمي القلوب وتفطِّر الأكباد، ويقشعر لهولها الفؤاد. أحداثٌ تنادي المسلمين وتستنفرهم، تستصرخهم وتستنصرهم، فهل من مجيب لهذا النداء؟! وهل من مغيث لتلك الدماء والأشلاء؟! هل يليق بالمسلمين -وهم أكثر الناس عددًا وأغناهم موارد- أن يُسلموا إخوانهم لعُصبة الضلال ويهود البغي والاحتلال، النفوسِ الغاوية، والذئاب العاوية، ليصبحوا هدفًا للدبابات والبارجات، وصدفًا للصواريخ والطائرات، وطعمة للكافرين ونهبة للجائرين؟!
أيها المسلمون: إن تلك الأحداث والصور ما هي إلا صرخات إيقاظ واعتبار واتعاظ، ليعرف المسلمون واقعهم ومواقعهم، ويفيدوا من مآسيهم الدروس والعبر، ويقفوا على أسباب النصر والظفر، بعيدًا عن ردود الفعل الوقتية التائهة، والهتافات الضعيفة الضائعة، ويصلحوا المسار، ويتجنّبوا أسباب الذل والخسار.
أيها المسلمون: إن الواجب على الأمة أن تعلم أن ما أصابها فإنما هو بسبب تقصيرها في جنب ملك الملوك، وتفريطها في الحكم بشريعته، واحترام أحكامها ومعالمها، والوقوف عند حدودها، وعدم تصدِّيها لرياح الإفساد ومسيرة التغريب التي نخرت في الأمة وشبابها وفتياتها، حتى صارت تعاني ويلات الانحراف المرّ في صفوف ناشئتها، بعد أن خان المستأمن، وفرط المستحفَّظ، وغش المستودَع، ودلَّس المستشهَد، في أعظم وديعة وأغلى أمانة، وهي حفظ الدين وتحصين مجتمعات المسلمين من عاديات التغريب وحملات التخريب.
أيها المسلمون: إن الناظر بعين البصر والبصيرة يرى الفرق الشاسع والبون الواسع بين مبادئ الإسلام وقِيَمه ونُظُمه كما حددتها نصوصه وموارده، ورسمتها مصادره، وبين واقع المسلمين اليوم. وإن من أمانة الكلمة وصدق الحديث وصراحة المنطق وواجب النصح والبيان القولَ بأن الأمة ما لم تعترف بتقصيرها الكبير وتفريطها الخطير وأثره المستطير على حاضرها ومستقبلها، وتقم بواجب المراجعة والمعالجة والإصلاح، فإن الحديث عن استرداد ديارها المستباحة وأموالها المجتاحة وإيقاف مسلسل الاعتداءات الآثمة لا يعدو أن يكون إمعانًا في الوهم، وإسرافًا في الظن، ومغالطة فاحشة، تجرُّ على الأمة آثارًا سيئة لا يُعرف مداها ولا منتهاها. وإذا كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاموا بمخالفةٍ واحدة لأمره -صلى الله عليه وسلم- في غزوة أحد، فأصابهم ما أصابهم، فما بالكم بجملةٍ لا تُحصى من المنكرات الفاضحة، والمخالفات الواضحة، التي نخشى -والله- من عاقبتها وعقوبتها.
أيها المسلمون: إن أرادت الأمة نصر الله وتأييده، وأن يعود لها التأثير في مجريات الأحداث، فعليها أن تُعيد صياغة الحياة في بلادها وفق رسالة الإسلام، وأن تسوس الدنيا بالدين، وتمحو آثار المفسدين، وتجفِّف منابع الشر، وتحسِم مواد الإفساد، وأن تعمل على تحقيق أهدافها، وبناء قوتها واستعدادها، وأن تسعى لإصلاح أوضاعها إصلاحًا شاملاً كاملاً، عقديًّا وأخلاقيًّا وسلوكيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، حتى لا تتحول جهودها في مواجهة التحدِّيات والمؤامرات سلسلةً من الذل والإحباطات، والصدمات والانتكاسات، وإن الإصلاح الصادق ليس إصلاحًا تحرِّكه بواعث وقتية، أو ملابسات ظرفية، وإنما هو إصلاح صادر عن إيمان راسخ وعقيدة صادقة، واستشعار بأنها مسؤولية أمام الله -عز وجل-، يوم يسأل كل عبد عما استرعاه مولاه: أدَّى أم تعدي؟ يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ عليهم وهو مسؤول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته"(أخرجه البخاري).
أيها المسلمون: إن أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين لا يألون إقدامًا ولا ينكسون إحجامًا في التخطيط لإقصاء الإسلام عن الحياة، وإزاحته عن أرض الواقع، ومحاولة تهميشه وحصره وقصره، وتطويع العالم الإسلامي بتبعية الحياة الغربية، يساندهم في ذلك فسّاق مستغربون، ومنافقون علمانيون، تارةً بتأويل نصوص الوحيين ولوي أعناقها، وتارةً بالنيل من علماء الإسلام، وتارة بالنيل من الدعاة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وغمزهم ولمزهم والتطاول عليهم، واتهامهم بما ليس فيهم، وتارةً بالدعوة إلى الاختلاط، وتحرير المرأة، ونبذ قوامة الرجل عليها، جهالاتٌ مطبقة، وأفكار موبقة، تثير البلبلة، وتخلق الخلخلة، وتزرع بذور الفرقة، يلبسون ثياب الإصلاح على أفئدة عشعش فيها النفاق، فهم كالثمرة الفجَّة الملقاة، انفصلت من شجرة الطهر والعفاف والحياة، فسقطت وتعفّنت، وأنتنت وفسدت، فأنَّى يستفاد منها، يُفسدون في الأرض ولا يصلحون؛ (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ)[البقرة: 11، 12].
فعلى الأمة وهي تتلمَّس معالم الإصلاح ومنهجيته ومقوِّماته وأسسه ووسائله أن تحذر أدعياء الإصلاح الذين تربَّوا في حجر الأعداء، فلم تجنِ الأمة من جهودهم إلا كل حنظل، ومن أفكارهم إلا الأحساك والأشواك والهلاك.
وعلى الأمة أن تأخذ الرأي والمشورة من علمائها الأمناء الذين ليس لهم بائقة، ولا يُخاف منهم غائلة، وهم ضمير الأمة وغيظ عدوِّها، وحُرّاس عقيدتها والفضيلة فيها، حتى يصدر التدبير عن دين مشروع، وتجتمع الكلمة على رأي متبوع، يقول الله -عز وجل- حكاية عن ملكة بلقيس: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ)[النمل:32]، وفي صحيح البخاري: "كانت الأئمة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة، ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح الكتاب أو السنة لم يتعدَّوه إلى غيره اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. ويقول عمر بن الحطاب -رضي الله عنه-: "رأي الواحد كالخيط الواحد، والرأيان كالخيط السحيل، والثلاثة كالحبل"(صحيح البخاري: كتاب العلم، باب من سئل علمًا وهو مشتغل في حديثه فأتم (59) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-).
أيها المسلمون: إن معرفة مكامن الداء وبواعث التجاوزات والأخطاء، مع العمل على سدها وصدّها من أعظم وسائل الإصلاح والبناء، وإن استعمال غير الأكفاء الأمناء الأقوياء وإسداء الأمور والثغور إلى من لا يُؤْمَنُ في توجُّهه وأفكاره وولائه وانتمائه هو جرثومة الفساد، وخراب العباد والبلاد، وقد قال رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "إذا ضُيِّعت الأمانة فانتظر الساعة"، قيل: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: "إذا أُسْنِدَ الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"(أخرجه البخاري). يقول ابن بطال: "معنى "وأسند الأمر إلى غير أهله": أن الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده، وفرض عليهم النصيحة لهم، فينبغي لهم تولية أهل الدين، فإذا قلَّدوا غير أهل الدين فقد ضيَّعوا الأمانة التي قلَّدهم الله -تعالى- إياها"(انظر: فتح الباري: 11/334).
وعلى كل من ولاه الله أمرًا من أمور المسلمين خلافةً أو وزارة أو أمارة أو قضاءً أو رئاسة أو قيادةً أن يتخذ بطانة صالحة وجماعة ناصحة، تحثه على الخير والرشاد، وتنهاه عن البغي والفساد، يقول رسول الله الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "ما بعث الله من نبي ولا كان بعده من خليفة إلا له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالًا -أي: لا تقصِّر في إفساد أمره- فمن وُقي شرها فقد وقي"(أخرجه البخاري والنسائي) وزاد: "وهو إلى من يغلب عليه منهما".
أيها المسلمون: وعلى الأمة أن تعمل جاهدةً وهي تلتمس الحلول والمخارج أن لا تنطق الرويبضة أو الفويسقة من الناس في أمورها العامة, وأحداثها الهامة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سيأتي على الناس سنوات خداعات، يُصدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"، قيل: وما الرويبضة؟ قال: "الرجل التافه يتكلم في أمر العامة"(أخرجه ابن ماجه).
أيها المسلمون: إن الواجب على الأمة أن تقدِّم مقتضيات العقيدة وموجبات الشريعة ومصلحة الدين وحب الله ورسوله على كل أواصر القربى ومناصب الدنيا ولذائذها، في كل مواقفها وعلائقها، وفي جميع أمورها وشؤونها، وأن تكون على يقين لا يساوره شك أن ذلك سبيل صلاح دنياها وانكشاف بلواها. وإن لا تفعل ذلك فهي على خطر أن ينالها ذلك الوعيد الذي تنقدُّ منه الضلوع والتهديد الذي تنماع منه القلوب وتسيل الدموع، الوارد في قوله -جل في علاه-: (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:24]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "من كانت الآخرة همَّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدِّر له"(أخرجه الترمذي).
ومن نقض عهد الله وعهد رسوله سلَّط الله عليه عدوه فأذلّه وأخذ بعض ما في يده، يقول رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر المهاجرين! خمسٌ إن ابتلِيتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخِذُوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا الزكاة إلا مُنِعُوا القَطْر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوَّهم من غيرهم، وأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا ألقى الله بأسهم بينهم"(أخرجه الحاكم والبيهقي).
فاتقوا الله عباد الله، وكونوا ممن آمن بربه حق الإيمان وأسلم، وفوَّض أمره إلى مولاه وسلَّم، وانقاد لأوامره واستسلم، فقد أسال عليكم من وابل الآلاء وأزال عنكم من وبيء اللأواء، وأسبل عليكم من جميل الغطاء وواسع العطاء ما يوجب الخجل منه والحياء.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا أيها المسلمون: اتقوا الله وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة:119].
أيها المسلمون: إن الأمة المسلمة لا يجوز أن تقيس مسيرتها السلوكية والتربوية والأخلاقية بمن هم دونها من حثالة البشر، ولا يجوز لها أن تبرِّر تقصيرها بذلك، ولكن عليها أن تعرض أوضاعها الحاضرة وحياتها المعاصرة على نصوص الوحيين الشريفين؛ لأنها الميزان الحق والمقياس الصدق على تقدّم الأمم وتأخرها، وزينها وشينها، قال بعض أهل العلم: "من لم يزن أفعالهُ وأحواله في كل وقت بالكتاب والسنة فلا تَعدُّه في ديوان الرجال". وعن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قام رجل فقال: يا رسول الله، إن حمدي زَيْن وإن ذمِّي شَيْن، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ذلك الله -عز وجل-"(أخرجه الترمذي وغيره).
أيها المسلمون: وواجب على الأمة أن ترعى في مسيرتها الإصلاحية المباركة قاعدة سدّ الذرائع والوسائل المفضية للمفاسد، سواءً كانت موضوعةً للإفضاء إلى مفسدة، أو موضوعةً للمباح قُصد بها التوصل إلى مفسدة، أو موضوعةً للمباح لم يُقصد بها التوصل إلى مفسدة، ولكنها مفضية إليها غالبًا، ومفسدتها راجحة على مصلحتها.
أيها المسلمون: ليَقُم كل واحد منكم بواجبه في مسيرة الأمة الإصلاحية، بإصلاح نفسه؛ لأن مسيرة الإصلاح تبدأ بإصلاح الذات، ثم تنصدّ إلى إصلاح الأهل والقرابات، ومن ثم إلى سائر الفئات والطبقات، وعلى العلماء والدعاة والمصلحين أن يقوموا بدورهم في نشر العلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بهمَّة لا تعرف الفتور، وعزيمة لا تعرف العجز، وقوة لا تعرف الضعف، وحكمة وحنكة لا تعرف التهور.
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[التوبة:105].
وصلوا وسلموا على خير البرية، وأزكى البشرية؛ فقد أمركم الله بذلك فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم...
التعليقات