الشيخ عادل يوسف العزازي
معناه لغة:
المُعلَن، يقال: باح بسرِّه؛ أي: أظهره وأعلنه، ويطلق المباح على الشيء المأذون فيه.
اصطلاحًا:
ما خيَّر الشارعُ المكلَّف بين فعله وتركه، ولا يلحقه مدح ولا ذم شرعي بفعله وتركه.
ألفاظه:
يسمى: المباح، والجائز، والحلال.
مسائل:
الأولى: صيغ المباح:
أ- "لا حرج"؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((افعل ولا حرج)).
ب- "لا جناح"؛ مثل قوله تعالى: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ﴾ [البقرة: 236].
ت- (جـ) "حل"؛ مثل قوله تعالى: ﴿ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ﴾ [المائدة: 5].
ث- (د) صيغة الأمر التي يقترن بها قرينة تصرفها عن الوجوب أو الندب.
وذلك مثل قوله تعالى: ﴿ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 222]، فإن هذا الأمر ﴿ فَأْتُوهُنَّ ﴾ وهو الأمر بالجِماع بعد تطهر المرأة من حيضها، ليس على الوجوب، بل هو على الإباحة، والقرينة في ذلك أنه كان محظورًا عليه جماعها وقت الحيض بقوله تعالى: ﴿ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222]، فكان الأمر بعد ذلك بجماعها إنما هو إباحة ما كان محظورًا عليه.
الثانية: قال الشنقيطي - رحمه الله - في مذكرته:
اعلم: أن الإباحة عند أهل الأصول قسمان:
الأولى: إباحة شرعية؛ أي عُرفَت من قبل الشرع كإباحة الجماع في ليالي رمضان...
الثانية: إباحة عقلية، وهي تسمى في الاصطلاح البراءة الأصلي[1].
الثالثة: اختلف العلماء هل المباح من التكاليف الشرعية؟
أ- فذهب جمهور العلماء إلى أنه ليس من التكليف؛ لأن التكليف أمر ونهي، والمباح لا يدخل في هذا ولا هذا؛ لأنه ليس أمرًا ولا نهيًا، بل هو مأذون فيه، ويسمى مأمورًا به تجوزًا لا حقيقة.
ب- وذهب الكعبي من المعتزلة إلى أنه تكليف؛ لأن فعل المباح لا يتحقق إلا بترك الحرام، وترك الحرام مأمور به، وعليه فيكون المباح مأمورًا به.
والراجح: ما ذهب إليه الجمهور؛ لأن البحث إنما هو من حيث ذات المباح، لا من حيث ما يعرض له، فالكعبيُّ إنما نظر خارج البحث؛ لأن كلامه تعلَّق بالمباح إذا صار وسيلة لغيره، وهو غير صواب.
الرابعة: المباح قد يكون مندوبًا بالكل؛ كالتمتُّع بالطيبات مما سوى الواجب، فإنه يباح تركها، لكن لا تترك جملة، بل يندب فعلها أحيانًا.
وقد يكون المباح بالجزء واجب بالكل، فإنه لا يجوز للإنسان أن يترك الطعام والشراب جملة، وإن كان تركه لها مباحًا، لكن يجب عليه أن يأكل ليقيم بدنه.
الخامسة: المباح قد يكون وسيلة لمأمور به أو منهي عنه، وفي هذه الحالة يأخذ حكم المقصد، فإذا كان وسيلة إلى واجب كان واجبًا، وإذا كان وسيلة إلى حرام كان حرامًا، وهو ما يعرف بالقاعدة: الوسائل لها حكم المقاصد.
مثاله: شراء السلاح مباح، فإن وجب الجهاد، كان شراؤه واجبًا، وإن كان لفتنة بين المسلمين كان شراؤه حرامًا.
[1] قلت: هذا من حيث التقسيم النظري؛ ولا يعني ذلك إهمال الشرع لبعض الأحكام، فإن هذا من العفو الذي سكت الله عنه.
التعليقات