مصطفى مهدي
إنَّ الله -تعالى- قد خلق البشر، وأمدَّهم بالصلاحية للتَّحلّي بالضدَّين، وجعل فيهم الإرادة الحرَّة والاختيار، ومرج البشر بعضهم ببعض في مُجتمعات وشعوب وقبائل، وشرع لهم المنهج القويم المُعين على إقامة شرْعه وامتِثال أمره في الدّنيا، وبلوغ رضوانه والفِرار من نيرانه في الآخرة.
والله -تعالى- عندما حدَّ الحدود والشَّرائع، راعى خِلقة الإنسان وجبلَّته، فلم يكلّف الله -تعالى- نفسًا إلاَّ وُسْعها، كما تواترتْ على ذلك أدلَّة الشَّريعة، وكذلك راعى - سبحانه - الخلَل الَّذي يقع فيه الإنسان، والتَّقصير الَّذي يصدر منه بين الحين والآخر.
ومن المقرَّر أنَّ الخلل الَّذي يُصيب حجر إحْدى البنايات، لا بدَّ سيؤثِّر على وحدة البناية ككلّ؛ فلذلك شرع الله - سبحانه - الطَّرائق العديدة لعلاج هذا الخلل، وبيَّن الوسائل الَّتي يتمكَّن بها الفرد والمجتمع من تقْويم المعوجّ من بني البشَر، ومن هذه السَّبل المتعدِّدة إحدى شعائر الإسلام العظيمة الَّتي تحفظ الإسلام وكيانه في حياة الفرد والمجتمع من جانبي السَّلب والإيجاب، تلك الشَّعيرة التي خُصَّت بها أمَّة محمَّد -صلى الله عليه وسلم- من دون الأمم لِما حمَّلها الله -تعالى- من عظيم المهمَّات والرّسالات، ألا وهي شعيرة الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر.
معنى الأمْر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر:
قال الشَّيخ السعدي (1 - 142): "المعروف ما عُرِف بالعقل والشَّرع حُسْنه، والمنكر ما عُرِف بالشَّرع والعقل قبحُه"، فالمعروف هو كلّ ما حثَّ عليه الشَّرع الصَّحيح والعقْل الصَّريح من أعْمال الخير والطَّاعات والعبادات الواجبة والمندوبة، سواء كانتْ ظاهِرة أو باطنة، وسواء تعلَّقت بمصلحة الفرْد أو المجتمع، وسواء ارتبطتْ بالمصلحة الآجلة أو العاجلة، والمنكر على الضدّ من ذلك.
فالأمر بالمعروف هو حثّ النَّفس والغير على الْتِزام المعروف المشار إلى معناه سابقًا، والنَّهي عن المنكر هو كفّ النفس والغير عن المنكر المشار إليه سابقًا من كونه ضدَّ المعروف.
حكمه والأدلة على ذلك:
ذكر الشَّرع الحنيف الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر في كتابه بصورتين:
الأولى: الآيات والأحاديث الصَّريحة التي تناولتْ لفظَي المعروف والمنكر، نحو قوله -تعالى-: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]، وقوله - سبحانه -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110]، وقوله - جلَّ ذكرُه -: ﴿ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 114]، وقوله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].
وقوله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه التّرمذي (4 - 468) عن حذيفة - رضي الله عنْه -: ((لَتَأمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ ولَتَنْهَوُنَّ عَن المُنْكَرِ، أوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعونَهُ فلا يُسْتَجابُ لَكُمْ)).
الثَّانية: ذكر مفْهوم الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر، من خلال ذمّ الصّفات القبيحة والحثّ على الصّفات الحسنة، حال حكاية قصص الأُمَم المكذِّبة، وما خُصَّت به كلّ أمَّة من خصال الشَّرّ المضافة إلى الكفر وتكذيب الرُّسل، كما في قصَّة قوم لوط - عليه السلام - وقوم شعيب - عليه السلام - وبيان عاقبة ذلك، فيدرك العاقل الفاهم عن الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- أنَّ المراد إعدام الأوَّل وإيجاد الثَّاني، ولا سبيل إلى ذلك إلاَّ من خلال الأمر والنَّهي، وكذلك نحو قوله -تعالى-: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 78 - 79]، وقوله - جلَّ وعلا - في قصَّة قوم شُعَيب وما تميَّزوا به من الخصال الخبيثة الَّتي يجب إزالتُها من الحياة، وتَحجيمها إلى أقصى حدّ وبكل قوَّة ووُسع: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 85 - 86].
لذلك كان من البدهي أن يكون الأمْر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر من الواجبات المؤكَّدة المحتَّمة - عينًا وكفايةً - الَّتي تتناسب مع كوْن الشَّريعة أتتْ لجلْب المصالح وتكْميلها، ودرْء المفاسد وتقْليلها، وقد انعقد على ذلك دلالة الكتاب والسنَّة والإجماع.
فمن الآيات ما سبق ذِكْره، ومن الأحاديث ما سلف الإشارة إليْه مع الحديث الَّذي خرَّجه مسلم (186) عن أبي سعيد الخدْري - رضِي الله عنْه - قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فاسْتَطَاعَ أنْ يُغَيِّرَهُ بِيَدِهِ فلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فبِلِسانِه، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فبِقَلْبِه، وذَلِكَ أضْعَفُ الإيمانِ)).
وأمَّا الإجماع فيقول الإمام ابنُ حزم - رحِمه الله -: "اتَّفقت الأمَّة على وجوب الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر بلا خلافٍ بين أحد منهم؛ لقوله -تعالى-: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104]"؛ "الفصل في الملَل والنِّحل" (2 /110).
ضوابط أرْكان الأمْر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر:
إنَّ هذه الشَّعيرة لا تقوم إلاَّ بثلاثة أرْكان، هي عمادها وأساسُها، ولكلّ ركن منها ضوابط نصَّ عليْها العلماء بناءً على دلالة النُّصوص الشَّرعيَّة، بالإضافة إلى اعتبارات أُخرى تمثّل عنصرًا هامًّا في توجيه تلك الشَّعيرة الإسلاميَّة المهمَّة؛ مثْل اعتبار الزَّمان المكان، وانتِشار العلْم وقلَّته، وأثَر العُرف والعادة والبيئة، إلى غير ذلك من الأمور الَّتي يجب أن تُراعى عند إقامة هذه الشَّعيرة، وهذه الأركان هي:
الركن الأوَّل: المسألة المأمور بها أو المنهيّ عنها:
فيجب معرفة حقيقة حكمها؛ حتَّى لا يُقْدم المرء على الأمر بما ليس بمعروف، أو النَّهي عمَّا ليس بمنكر، فيفْتري على الشَّرع كذبًا، أو يضيّق على النَّاس ما وسَّعه الله -تعالى- عليهم، أو يُبيح لهم ما حرَّمه الله تعالى، أو تكون المسألة ممَّا فيه خلاف اجتِهادي يؤيّده الدَّليل الشَّرعي، أو يكون الفاعل من المقلّدين لبعض العلماء الثّقات المعروفين بالعلم والفقْه والعدالة والتديّن، فيكون الأمر معهم من باب النَّصيحة والإرشاد، لا من باب أمرٍ بمعروف واجب، أو نَهي عن منكر محرَّم.
وكذلك يجِب إدْراك مراتب المأْمورات والمنهيَّات، من حيث الأحكامُ التَّكليفيَّة الأرْبعة من واجبٍ ومندوبٍ ومحرَّم ومكروه؛ لأنَّ عليه يكون الأمر إمَّا واجبًا أو مندوبًا، والأوَّل فرض، والثَّاني نصيحة وإرشاد.
بالإضافة إلى أنَّه إذا كانت المسْألة من الأمور الطَّارئة الحادِثة في مجتمعِنا المعاصر، فيجِب حُسن تصوُّرها، بالإضافة إلى الإلْمام بالواقع المحيط بالمسْألة؛ من البيئات والثَّقافات والخلفيَّات الفكريَّة، والمجتمعات الَّتي نشأتْ فيها هذه المسائل، مع الاهتِمام بمعرفة مدى سَعة المساحة الشَّرعيَّة للمسألة؛ حتَّى لا نضيّق واسعًا، ولا نوسّع محدودًا.
الرّكن الثَّاني: الآمر أو النَّاهي:
لأنَّ الأمر والنَّهي من الفروض، فيجب كوْن الآمر مكلَّفًا، ولا يُمنع غير المكلَّف من الأمر والنَّهي؛ ليعتادَه، ولكن بشرط التحلّي بالآداب والخلُق الكريم، لا بأن يرى نفسَه أفضل من المأْمور والمنهيّ.
ويجب كوْن المرء فقيه النَّفس، متحلّيًا بالصَّبر والرّفق واللِّين في موطنه، والقوَّة والشّدَّة في موطنِها، راغبًا في بذْل النُّصح وتقْديم يد العوْن لإخوانه، لا للتَّرفّع عليهم، فيخلص النّيَّة لله -تعالى- ويُريد وجْه الله - سبحانه - والدَّار الآخِرة ونصرة شريعتِه، وإنقاذ أخٍ له من براثن المنكر، أو الأخْذ بيدِه إلى بَرّ المعْروف والبِرّ.
ومن مهمَّات ما يجب أن يتعلَّم: حُكْم المسألة، بالإضافة إلى التَّحلّي بالصّفات اللازِمة لمختلف مراحل الأمْر والنَّهي.
فالأمر والنَّهي مراحل، فمن ذلك:
1- مرحلة التدرّج:
فيتدرَّج المرء من الأدْنى إلى الأعلى بالقوْل ثمَّ الفعل؛ اعتبارًا بمبدأ التدرّج في الشَّريعة، خصوصًا مع من ألِف المنكر، وما حال الصَّحابة - رضوان الله عليهم - وتَحريم الخمر عنَّا ببعيد.
أمَّا مَن كان لديْه استعداد للانتهاء الفوْري بالقول أو الفعل، فالأولى اعتبار ذلك لوجهين:
أ- إنقاذه من التَّمادي في المنكر.
ب- إعْدام المنكر من الوجود؛ طاعةً لله - تعالى.
2- اعتبار الوسع:
وهو نوْع من التدرّج، ولكن من الأعلى إلى الأدْنى؛ بسبب الوسع والطَّاقة، فالنَّاظر في حديث أبي سعيدٍ - رضي الله تعالى عنه - يرى الكثير من الفقْه الذي يندرج تحت بيان النبي -صلى الله عليه وسلم- لمراتب الإنكار، فبدأ باليد، فمَن لَم يستطع باليد فباللّسان، ثم بالقلب؛ ((مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فاسْتَطاعَ أنْ يُغَيِّرَه بِيَدِه فلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِه، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فبِلِسَانِه، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فبِقَلْبِه، وذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ)).
فالسّلطان والوالِدان والزَّوج والأب قد يغيِّرون باليد، بِخلاف المحكوم والابْن والجار ونحوهم ممَّن لا يستطيع ذلك، فيلزم اللّسان، وإن لَم يأمن ضررًا محقَّقًا، فلا أقلَّ من لزوم الإنكار بالقلب وهجر المنكر وأهله ومحلّهم.
ويضاف إلى ذلك اعتبار أمرٍ آخَر، وهو المجاهرة أو الإسْرار بالأمر والنَّهي، فليحذَرْ كلَّ الحذَر من الخلْط في ذلك، فلكلّ مقامٍ مقال، فإنَّ هذا المبحث يَعتريه عدَّة اعتِبارات، بها تختلف الأحوال ومراتب الإنكار من حيث وقوع الانتِفاع وأمْن العواقب.
فمثلاً السّلطان وذو القوَّة غير الضُّعفاء وعوامّ النَّاس، ومَن يُجاهر بالمعصية بِخلاف مَن يستتر بها، وعلى كلّ حال فالبدء بالنّصح والتوجيه مع الإسرار أوْلى، خصوصًا مع الجهَّال؛ لما فيه من خير من عدَّة أوجه، منها:
1- العمل بالستْر المأمور به شرْعًا.
2- الإحسان إلى العاصي بِما يكون سببًا في تلْيِين قلبه وصلاحه.
3- أمْن أن تأخذه العزَّة بالإثم فيعتدي على الآمِر؛ لما فيه من هتْك حرمته - المأمور - بين النَّاس.
وأمَّا المجاهرة بالأمْر، فله أيضًا جملة من المحاسن، خصوصًا مع المجاهرين الَّذين لا يرتدِعون، وكذلك إن كان من ذي سلطان، فمِن ذلك:
1- كسْر شوكتِهم، وعدم اغتِرار العوامّ بهم.
2- إلْحاق العقوبة بهم، وزجْر غيرهم عن الوقوع في مثل صنيعهم.
3- استِفادة قطاع عريض من النَّاس بذلك؛ فالعاصي لعلَّه يتوب أو يكفّ عن المجاهرة، والآخرون يمنعون أنفسهم من الإقدام على المهالك والموبقات، إلى غير ذلك من إظهار تلك الشَّعيرة التي يَجب أن تعمَّ وجه المجتمع المسلم.
الركن الثالث: المأمور أو المنهي:
ولأنَّه لا أمر ولا نَهي على غير بالغ عاقل؛ فيشترط كون المأمور أو المنهيِّ مكلَّفًا، إلاَّ أنَّ غير المكلف إن تلبَّس بمحرَّم، يزجر ويؤْمَر وينهى وليُّه.
ومن ذلك أيضًا مراعاة المراتب والمقامات، لا خوفًا من الخلْق، ولكن درءًا لمفاسد أكبر؛ فالحاكم غير المحكوم، والعالم غير العامّي، وذو السلطان والرَّأي والمكانة الاجتماعية غير ضعاف النَّاس، والمتعلّم غير الجاهل، والَّذي نشأ في بيئة إسلاميَّة سنّيَّة غير من نشأ في بيئة ابتِداع عقدي وسلوكي، وكذلك مَن نشأ في بلاد المسلمين والعرب والشَّرق له اعتبارات أخرى عمَّن نشأ في بلاد العجم كأوربَّا وأمريكا.
فيجب اعتبار الثقافات والخلفيَّات الفكريَّة، بالإضافة إلى الإحاطة بالواقع، وهي من الأمور الشَّديدة الأهمّيَّة في الأمر والنَّهي وفقْهه.
فهذه إشارات تُغني عن كثير العبارات، في واحدٍ من الموْضوعات الَّتي صنّفت فيها التَّصانيف والرسائل العلمية الكثيرة، وأُلْقِيت فيها الخطب والعِظات، ومع ذلك فإنَّ مُجتمعاتِنا التي تَموج بالمعاصي والكبائر والصَّغائر تشكو إلى الله -تعالى- تقْصير المسلمين زرافاتٍ ووحْدانًا من القيام برُكن من أركان الدّين، وشعيرة من سمات الصَّالحين وعباد الله المخْلصين.
فهل نُراجع أنفُسَنا وديننا ونبدأ من اليوم تعلُّم فقْه الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر، ثم ممارسته إيمانًا واحتسابًا؛ نصرة لله -تعالى- ولكتابه ولرسوله -صلى الله عليه وسلم- وسنَّته، ونشرًا للخير، وقمعًا للشَّرّ؟
اللَّهُمَّ استجب.
التعليقات