عناصر الخطبة
1/ مكر الأعداء بالإسلام والمسلمين 2/ صور ونماذج من مكائد الكفار بالمسلمين 3/ أخبث مخططات الأعداء وأفتك الأسلحةاهداف الخطبة
اقتباس
إن أعداء هذا الدين، منذ أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وهم يكيدون له، ويحاولون القضاء عليه... في البداية حاولوا صد الناس عن اتباع الرسول ووصفوه بأشنع الأوصاف، وحاولوا قتله عليه الصلاة والسلام، وقاتلوه وقتلوا بعض أتباعه. فلم يفلحوا، ثم لجئوا بعد إلى طريقة خبيثة ماكرة، وهي ..
الحمد لله..
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، واعملوا رحمكم الله أنكم مسئولون عن دين الإسلام، وما قمتم به نحوه، في خاصة أنفسكم ومع غيركم. قال تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) [الزخرف: 44]، وقال تعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) [الأعراف: 6- 7].
عباد الله: إن أعداء هذا الدين، منذ أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وهم يكيدون له، ويحاولون القضاء عليه، قال تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120]، وقال تعالى: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) [النساء: 89]، وقال سبحانه: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة: 217].
أيها المسلمون: في البداية حاولوا صد الناس عن اتباع الرسول ووصفوه بأشنع الأوصاف، وحاولوا قتله عليه الصلاة والسلام، وقاتلوه وقتلوا بعض أتباعه. فلم يفلحوا، ثم لجئوا بعد إلى طريقة خبيثة ماكرة، وهي الدخول في الإسلام ظاهراً، والكيد له باطنًا، فكان فريق المنافقين، وسرعان ما فضح الله كيدهم. وحذّر المسلمين من شرهم، وكشف نواياهم وخططهم، ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، تألب اليهود والمجوس على المسلمين، فأظهر ناس منهم الإسلام خدعه، واندسوا بين المسلمين، تبث الفتنه والإفساد، وادعوا التشيع لأهل البيت، واغتالوا الخلفاء، وأثاروا الحروب بين المسلمين.
ولكن سرعان ما أبطل الله كيدهم، واجتمعت كلمة المسلمين، واستردت الدولة الإسلامية سيطرتها، على مشارق الأرض ومغاربها، في عهد الدولة الأموية والعباسية، فتحول هؤلاء المنافقون من اليهود والمجوس، إلى منظمات سرية، وظهر بعد ذلك القرامطة والباطنية والإسماعيلية، ودسوا في المسلمين نحلة جديدة، هي نحلة التصوف، الذي نمت بذوره، وطورت لهدم الإسلام، فنبتت هاتان الفرقتان. وهم الرافضة والصوفية، فتنه البناء على القبور، وتشييد المشاهد الشركية التي أصبحت أوثاناً تعبد من دون الله، في كثير من البلاد الإسلامية ولا تزال.
أيها المسلمون: جاء بعد ذلك غزو التتار، الذي فتك بالمسلمين وقتل الخليفة، واحتل كثيراً من بلاد المسلمين، وقتل كثيراً من العلماء، وأحرقوا الكتب، ودارت بينهم وبين بقية المسلمين معارك هائلة، انتهت بانتصار المسلمين، ثم جاء بعد ذلك الغزو الصليبي النصراني لبلاد المسلمين فاحتل كثيراً من بلاد الشام، واستولى على المسجد الأقصى مدة من الزمن، وقاتلتهم جيوش المسلمين، حتى نصرهم الله على يد القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، الذي خلص المسجد الأقصى من قبضتهم، ولما ضعف المسلمون في العصور المتأخرة، غزاهم الاستعمار الكافر، واستولى على كثير من بلادهم، وقسمهم إلى دويلات، وبث سمومه وأحقاده فيهم.
ولما انحسر هذا الاستعمار السياسي، بقي الاستعمار الفكري، الذي هو عبارة عن الإلحاد في العقائد، والفساد في الأخلاق، والانحراف في الشهوات البهيمية، وتكونت المنظمات السرية، والإرساليات التبشيرية النصرانية، والمنظمة الماسونية اليهودية، واتجهت كل هذه المنظمات تكيد للإسلام والمسلمين، بشتى الوسائل، وإلى جانب هذه المنظمات الهدامة، الغزو الشيوعي الإلحادي الإباحي، الذي ينكر الأديان جملة، ولا يعترف بوجود الخالق، إن كل هذه الروافد الكفرية، تصب في مصب واحد، وهو قصد القضاء على الإسلام.
وقد استأجرت المؤسسات الكفرية قوماً من جلدتنا، ويتكلمون بلغتنا استأجرتهم لتنفيذ مخططاتهم في المسلمين، واستغلوا غباء الفرق المنحرفة، التي تتسمى بالإسلام، فالصوفية والرافضة وعباد القبور، فشجعتهم وركزتهم، حتى ينتشر مذهبهم المنحرف على أنه هو الإسلام، ويقضي على الدين الصحيح، فلا تجد طائفة منحرفة عن الإسلام، إلا ولها من يدعمها من أمم الكفر، واستغلوا وسائل الإعلام من إذاعة وتلفاز وصحافة، في غالب البلاد العربية ودسوا فيها البرامج الفاسدة المفسدة، من أفلام خليعة، وأغان ماجنة، وصور عارية، ومعازف ومزامير ملهية، وأناشيد مثيرة، وتمثيليات مغرضة، وكتابات منحرفة، في الصحف والمجلات تندد بالدين، وتدعوا إلى الكفر والإلحاد والتحلل، من الأخلاق الفاضلة.
واستغلوا كذلك المناهج التعليمية في بعض البلاد العربية، فحولوها أو حولوا الكثير منها، لخدمة عبادتهم، وتلقين الشباب المذاهب الهدامة، وغرس الكفر في نفوسهم، وإعطائهم صورة مشوهة عن الإسلام وعقيدته، وبهذا تمكنت الماسونية وشقيقاتها من المنظمات الكفرية، من تعطيل طاقات هؤلاء الشباب، حتى لا تستفيد منهم مجتمعاتهم، ولا ينتبهوا لكشف مخططاتهم؛ لأن قوة الأمة أو ضعفها، يتركز على شبابها، ومدى انتباههم، واستغلت هذه المنظمات الكفرية كذلك جانب الكتاب والتأليف، واستأجرت بعض الكتاب المشبوهين، المنتسبين للإسلام، والكتاب الجُهال، الذين ليست لديهم معلومات كافيه عن الدين، وثقافتهم فيه ضحلة، فأخذ هؤلاء وأولئك يكتبون عن الإسلام كتابات سيئة، عن تشريعاته وحدوده، في النكاح والطلاق، والحدود والجهاد، يتهمونه فيها بالقسوة والوحشية، وأنه ظلم المرأة، وعطلها عن العمل، وحرم المجتمع من مشاركتها في التنمية والعمل. بل قالوا: إن الإسلام لا يصلح نظاماً للحكم في هذا الزمان، فيجب أن يستبدل بالقوانين الوضعية، فاستجاب لهم من استجاب والله المستعان.
أيها المسلمون: إن طرق وسائل الأعداء لمحاربتنا كثيرة وكثيرة جداً، منها ما سقته لكم ومن طرق وخبث أعداء الدين، دعوتها إلى إحياء الآثار القديمة. والتي انطلت هذه الألعوبة على كثير من المسلمين، شبابها وشيوخها، إحياء الآثار القديمة، والفنون الشعبية المندثرة، حتى يشغلوا المسلمين عن العمل المثمر بإحياء الحضارات القديمة، والعودة إلى الوراء، وتجاهل حضارة الإسلام، وإلا فما كانت المسلمين، من البحث عن أطلال الديار البائدة والرسوم البالية الدراسة، وما فائدة المسلمين من أحياء عادات وتقاليد، أو ألعاب قد فنيت وبادت، في وقت هم في أمس الحاجة إلى العمل الجاد المثمر.
عباد الله: المسلمون يعيشون الآن، وقتاً قد أحاط بهم أعداؤهم من كل جانب، واحتلوا كثيرا من بلادهم، وبعض مقدساتهم، إنهم في مثل هذه الظروف حاجة إلى العودة إلى دينهم، بحاجة إلى أحياء سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى الاقتداء بسلفهم الصالح، حتى يعود لهم عزهم وسلطانهم، وحتى يستطيعوا الوقوف على أقدامهم لرد أعدائهم.
أيها المسلمون: أسألكم بالله، هل حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وما وصلوا إليه من الذل والهوان، لا يأبه لهم، ولا يحسب حسابهم، وليس لهم قيمة، لا في المحافل الدولية، ولا في أخذ آرائهم حتى فيما يخص بلادهم، أسألكم بالله، هل وضع المسلمين، بهذا الحال، الذي أنتم تشاهدونه وتسمعونه، هل هذا وقت ينشغلوا به بالبحث عن آثار الديار، أو أحياء الفنون الشعبية بالأغاني والأسماء، أسألكم بالله، والأعداء قد أفسدوا في بلاد المسلمين ما أفسدوا، وفعلوا ما فعلوا، هل هذا وقت تضيع فيها الأوقات، باللهو واللعب. أين عقولكم يا قوم، أين عقولكم يا رجال الأعداء عمروا بلادهم بالمصانع، ونحن مشغولون بالتراث الشعبي، الأعداء علموا أبناؤهم، العلوم التي تنفع بلادهم من الطب والهندسة وغيرها، ونحن مشغولون بلعب الورق والكرة، وغيرها.
فاتقوا الله عباد الله، تنبهوا لغفلتكم عودوا إلى رشدكم، واعملوا ما فيه صلاح لكم ولأمتكم وأوطانكم، في دينكم ودنياكم (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التوبة: 105] تبارك الله..
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه، حذرنا من مكائد الكفار، وبين لنا أنهم لا يألون جهدًا في طلب الإضرار بنا، وإن تظاهروا لنا بالمودة والصداقة فقال تعالى: (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ) [التوبة: 8]، وأشهد أن لا إله إلا الله، إليه يرجع الأمر كله، ولا عز إلا بطاعته وعبادته وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، نبي شرح الله له صدره، ورفع له ذكره، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وعلى أصحابه، الذين كانوا معه، أشداء على الكفار، رحماء بينهم، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها الناس ومن مكائد الكفار بالمسلمين أيضًا يا عباد الله، تحكمهم في النظم الاقتصادية أو استباحة الربا، والمعاملات المحرمة باسم التنمية الاقتصادية، وتأثر بهم كثير من المسلمين حتى أصبح الربا أساس مصادر الثروة في العالم، وفتحت المؤسسات الربوية، وعممت في كثير من البلاد، وصار كثير من المسلمين يستثمرون أموالهم فيها، أو يقترضون منها بالفوائد الربوية، مع أن الربا من الكبائر، وقد توعد الله آكله بأشد الوعيد، وأعلن الحرب عليه، ولعن صلى الله عليه وسلم آكل الربا، وموكله وشاهديه وكاتبة، وقد تجاهل بعض المسلمين، أو تناس هذه التهديدات الربانية، وتأثر بالدعوات المضللة، وحملة حب المال على التعامل الربوي أخذًا وعطاء.
أيها المسلمون: ومن أخبث المخططات، وأفتك الأسلحة، التي غزوكم بها أعدائكم في هذا الزمان أيضًا، سلاح المخدرات فهم يزرعون المخدرات، ويصنعونها، ويصدرونها إليكم، ويرجون لها بينكم، بطرق متنوعة وخفية، يستخدمون فيها شياطين الإنس من تجار الدمار، الذين يقدمون. بجلب هذه المخدرات، وبيعها في ديار المسلمين، إن المخدرات يا عباد الله، شر من الخمر، لأنها تفسد العقل والمزاج، وتقتل الغيرة في الإنسان، فهي تشارك الخمر في الإسكار، وتزيد عليه في كثرة الأضرار.
فمن مضارها البدنية، أنها تفسد العقل، وتقطع النسل، وتولد الجذام، وتورث البرص وتجلب الأسقام، وتحرق الدم، وتضيق النفس، وتفتت الكبد، وتضعف البصر وتجلب الهموم والوساوس، وتخبل العقل، وتورث الجنون، وتورث قلة الغيرة، وزوال الحمية، حتى يصير آكلها ديوثاً، وتفسد الأمزجة حيث جعلت خلقا كثيرا مجانين، ومن لم يحسن، أصيب بنقص في عقله.
إن المخدرات يا عباد الله، أخطر سلاح الآن، تستخدمه العصابات التخريبية في المجتمعات البشرية، للوصول إلى أغراضها، وغالب من يستخدمه اليهود، لتحطيم الشعوب، ولأجل السيطرة عليها وإذلالها، فالمخدرات من الآفات الخطيرة التي تهدد المجتمع الإنساني بالفناء والدمار.
أيها المسلمون إن من إتقان مروجيها في الإجرام، يستعملون حيلا دقيقة وخفية، لتهريبها وترويجها، لا ينتبه لها كثير من الناس، ويضعونها على أشكال مختلفة، ويدسونها في أشياء يستبعد وجودها فيها. فتنبهوا أيها المسلمون لهذا الخطر، واحفظوا أولادكم أن تصيبهم عدواه، لا تتركوهم يهيمون في الشوارع، ويخالطون من هب ودب فإنه إذا فسد فرد من الأفراد، أثر على البقية، الذين يخالطونه ويجلسون معه، خصوصا هؤلاء الشباب الضائعون، الذين يتجولون في السيارات، فإنهم محل شبهة، وهناك بعض الوافدين إلى هذه البلاد، من دول أخرى، لا يؤمن شرهم، وهناك رسائل ووسائل، وفكر خفي يدبره شياطين الإنس والجنة، ويضرون به تجمعات الشباب.
فأنتم في زمان كثر الشر في أهله، وكثر فيه دعاة الفساد، وأختلط فيه الناس من كل جهة، بسبب تيسر وسائل النقل السريعة، وصار الشر ينتشر بسرعة، وهذا يستدعى منكم شدة الانتباه، وقوة الحذر، والمحافظة على أولادكم، أكثر مما تحافظون على أموالكم، لاسيما وأنتم تعلمون ما يحدث من جراء تعاطي المخدرات، من حوادث الطرق، التي هلك فيها أعداد كبيرة، فالأمر خطير والشر مستطير.
ولا نجاة من شر هذه المخدرات إلا بالاستعانة بالله عز وجل، والمحافظة على الأولاد الصغار من التسيب في الشوارع، ومخالطة المشبوهين، ويجب أيضا التحذير من هذا البلاء عن طريق الوعظ والتذكير، والخطب والمحاضرات، والكتابة في الصحف وغير ذلك من وسائل الإعلام المختلفة وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح.
اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء، فاشغله بنفسه، واجعل اللهم كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرا عليه. اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربنا، إلى من تكلنا، إلى بعيد يتجهمنا، أم إلى عدو ملكته أمرنا، إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالي، لكن عافيتك أوسع لنا، نعوذ نبور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن ينـزل بنا غضبك، أو يحل علينا سخطك لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك.
التعليقات