عناصر الخطبة
1/فوائد النخلة 2/ذكر التمر في السنة 3/التعامل مع التمر الساقط في الأرض 4/زكاة التمراقتباس
أنتَ مجموعةُ أيامٍ، وبكل يومٍ ينقصُ من عامِك، وبين عامٍ يَمضي وآخرُ يَحُلُ؛ تَنقصُ أعمارُنا بمقدارِ ما يَمرُ من أعوامِنا، ثم (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ)، وحينَها: (يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله العليم الحكيم ؛ نحمد ربنا على ما منحنا وأولانا، وأشهد أن لا إله إلا الله الكريم الرحيم، وأشهد أن محمداً عبدالله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)[فاطر: 3].
جناتٌ طيباتٌ، مثمراتٌ مورقاتٌ، باسِقاتٌ لَها طَلْعٌ نَضيدٌ.، رزقاً للعباد..
تغرس النخل باسقات وتجني *** من جناها التمور والارطابا
التمرُ غذاءُ للابدانِ، شفاءُ للأسقام، قوتُ للعيال، قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا يجوع بيت عندهم التمر"(أخرجه مسلم).
وفي نجدٍ حَظائرَ باسِقاتٍ *** عطاءُ اللهِ ربِّ العالمينا
الرَّاسِخَاتُ فِي الْوَحْلِ، الْمُطْعِمَاتُ فِي الْمَحْلِ..
كأنَّ فروعها في كلِّ ريحٍ *** جَوارٍ بالذوائب يَنْتصينا
رُطَبُها تُحْفَةُ الصَّائِمِ، وزادُ المسافرِ، وَنُزْلُ مَرْيَمَ ابْنَةِ عِمْرَانَ (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا)[مريم:25].
التمر طعامٌ يروي ويغني.. في صحيح البخاري قالت عائشةُ رضي الله عنها: إن كان ليمر الهلالُ والهلالُ والهلال، ثلاثةُ أهلةِ في شهرين وما أوقد في بيت آل محمد نار، قيل لها يا أماه فما طعامكم ؟ قالت الأسودان التمر والماء.
ولما فتح الله خيبرَ قالت عائشةُ -رضي الله عنها- : الآن نشبع من التمر، أخرجه البخاري.
التمر دواءُ وشفاءُ بإذن الله، قال -عليه الصلاة والسلام-: "من تصبح بسبع تمرات عجوةٍ لم يصبه ذلك اليوم سمُ ولا سحر"(أخرجه البخاري).
وفي سنن الترمذي "العجوةُ من الجنة، وفيها شفاءُ من السم"(قال الترمذي حديث حسن صحيح).
والتمرُ قوتٌ يؤكلُ ويدخر، وفي صحيح مسلم باب ادخار التمر قوت ا للعيال وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- "يا عائشة بيتٌ لاتمر فيه جياع أهله".
وكان -عليه الصلاة والسلام- يحب التمرَ ويكثرُ من أكله، قال أنس -رضي الله عنه-أُتي النبيُ -صلى الله عليه وسلم- بتمرٍ، فجعل يأكل منه أكلا ذريعا، وفي رواية أكلاً حثيثا (أخرجه مسلم).
ألّذ من السّلوى وأحلى من المُنَى *** وأعذب من وصل الحبيب على الفقرِ
في مسند الإمام أحمد قال أنس -رضي الله عنه-، بعثتني أم سليمٍ بقناعٍ فيه رطبٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجعل النبي يقبضُ قبضةً فيبعثُ بها إلى بعض أزواجه، ويقبضُ القبضةَ فيبعث بها إلى بعض أزواجه، ثم جلس فأكل بقيتَه، أكلُ رجلٍ يُعلم أنه يشتهيه.
وكان -عليه الصلاة والسلام- يجمع أحيانا التمرَ مع غيره من الطعام، قال عبدالله بن جعفر رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكل الرطبَ بالقثاء (متفق عليه).
وفي سنن أبي داود قالت عائشةُ -رضي الله عنها- كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأكلُ البطيخَ بالرطبِ، ويقولُ نكسرُ حرَ هذا ببردِ هذا، وبردَ هذا بحرِ هذا.
وعن ابني بسرٍ رضي الله عنهما قالا دخل علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقدمنا زبدا وتمر، وكان يحب الزبدَ والتمر (أخرجه أبو داود في سننه).
وفي مسند الامام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحبُ التمرَ مع اللبنِ، ويسميه الأطيبان.
وكان -عليه الصلاة والسلام- لا يستقذر من التمرِ شيئا، قال أنس -رضي الله عنه-أٌتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بتمرٍ عتيقٍ، فجعل يفتشُه يُخرج منه السوس (أخرجه أبو داود).
والتمرُ -معشر المسلمين- زادُ المسافرِ، قال جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما- بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثمُائةِ راكبٍ أميرُنا أبوعبيدةَ ابنَ الجراحِ، نحملُ زادنا على رقابِنا، فكان مزودي تمر، الحديث.. (أخرجه البخاري ومسلم).
والتمر خيُر ما يقدمُ للأضياف، قال أبو هريرة -رضي الله عنه- خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذاتَ يومٍ فإذا هو بأبي بكرٍ وعمرَ فقال ما أخرجكما من بيوتِكما هذه الساعة؟ قالا: الجوعُ يا رسول الله. قال: "وأنا والذي نفس يبده لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا"، فقاموا معه، فانطلق إلى رجلٍ من الأنصارِ، فنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه ثم قال: "الحمدلله ما أحدٌ اليومَ أكرمُ أضيافا مني، فانطلق فجائهم بعذقٍ فيه بسرُ وتمرُ ورطب، فقال كلوا من هذ"(أخرجه مسلم).
وفي صحيح مسلم قال عبدالله بن بسر نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أبي فقربنا إليه طعاما وتمر، فكان يأكل التمرَ ويلقي النوى بين أصبعيه، ثم أُتي بشراب فشربه، قال وأخذ أبي بلجام دابته فقال يا رسول الله ادع الله لنا فقال: "اللهم بارك لهم فيما رزقتهم وغفر لهم ورحمهم".
وفي التمر سُننٌ : منها الإفطارُ عليه، قال أنس -رضي الله عنه-كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يفطرُ على رطبٍ، فإن لم يجد فتمرات، فإن لم يجد حسا حسواتٍ من ماء (أخرجه أهل السنن)، وعند أبي داود وحسنه الترمذي "نعم سحورِ المؤمن التمر".
وفي صحيح البخاري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يغدوا يوم الفطرِ حتى يأكل تمراتٍ وترا.
(فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)[النحل:114].
واستغفروا ربكم إنه كان غفارا.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: يا أيها الناس اشكروا نعمة الله عليكم، ورعو نعمته حق رعايتها ولا تستكثروا النعمة عليكم بأن لا تبالوا بتساقط الطعامِ والتمرِ في بيوتِكم أو مزارعكم أو اسواقكم؛ فمن لا يشكرُ قليلَ النعمةِ لا يشكرُ كثيرها، قال -عليه الصلاة والسلام-: "إذا سقطت من أحدكم اللقمةَ فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان"(أخرجه مسلم)، ومن وجد تمرةً ساقطةً في الأرض فليكرمها إما بأكلِها، أو رفعها، أو التصدقِ بها، قال -عليه الصلاة والسلام- "إني لأنقلبُ إلى اهلي فأجدُ التمرةَ ساقطةً على فراشي فأرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون من الصدقة".
وفي حديث أنس -رضي الله عنه- قال مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتمرةٍ في الطريق فقال "لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتُها"(متفق عليه).
وما يدريك فلعل هذه التمرةَ تُنجيك من عذاب الله، قال -عليه الصلاة والسلام- "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
ومن حق هذه النعمة إخراج زكاتها، ومقدار نصاب الزكاة فيها ثلاثمائة صاع بما يعادل ستمائة كيلوا تقريبًا ففيه نصف العشر، وتضم الانواع بعضها إلى بعض في تكميل النصاب؛ لأنها كلها من جنس التمر.
وإن من شكرِ هذه النعمة النصحُ للمسلمين، وعدمُ غشِهم في طعامِهم، وغذائهم، وبيعهم وشرائهم... قال جرير بن عبدالله -رضي الله عنه-بايعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة، والنصح لكل مسلم، متفق عليه.
ورفع السلع ممن لا يريد شرائها محرم، في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنه- قال نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن النجش.
وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد..
اللهم ادفع وارفع عنا الغلا والوباء...
التعليقات