د. خالد الماجد
السؤال:
ما شروط الوصية؟ وماذا يجب على من أراد أن يوصي أو ماهي طريقة الوصية؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالأصل في الوصية قول الله -عز وجل-: "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ" (البقرة:180)، وأكد ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه البخاري عن ابن عمر _رضي الله عنهما_ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين ولمسلم (ثلاث ليال) إلا ووصيته مكتوبة عنده" متفق عليه. زاد مسلم: قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ذلك إلا وعندي وصيتي.
والمراد بالوصية: العهد بشيء بعد الموت من حق أو واجب.
ومع كونها مشروعة في الأصل إلا أن لها أربعة أحكام:
1 – فقد تكون الوصية واجبة وذلك في كل حق واجب على الموصي ليس عليه بينة كشهود يشهدون به لصاحبه، فيوصي به خشية أن يجحده الورثة، أو لا يصدقوا مدعيه، مثل أن تكون عند المرء زكاة لا يعلم بها إلا هو ولا يتمكن من إخراجها في الوقت الحاضر، أو يكون عليه لآخر دين بسبب اقتراض أو مبايعة بأجل أو شراكة بينهما في مال ولا بينة لما تقدم.
2 – وقد تكون مستحبة وذلك في غير الحقوق الواجبة مما هو مشروع كالوصية بإنفاق ثلث ماله أو أقل منه في وجوه البر.
3 – وقد تكون الوصية مباحة وذلك بالوصية ببعض ماله في الوجوه المباحة لكنها ليست من وجوه البر التي تبذل فيها الصدقة كهدية لغني.
4 – وقد تكون مكروهة أو محرمة وذلك إذا أوصى لجهة غير مباحة كالوصية لجهة لهو أو عبث، أو الوصية للأضرحة وتشييد القبور، أو الوصية بإقامة المآتم، أو إقامة الحفلات الغنائية المحرمة، أو الوصية لوارث أو بأكثر من الثلث.
ويشترط لصحة الوصية ثلاثة شروط:
1 – أن يكون المال الموصى به حلالاً؛ فلا تصح الوصية بمال محرم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً".
2 – أن تكون في ثلث ماله أو أقل ولا يجوز بأكثر منه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الثلث والثلث كثير"، والمستحب أن يوصي بأقل من الثلث لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وصفه بأنه كثير، وأوصى أبو بكر بخمس ماله وقال رضيت بما رضي الله به لنفسه الخمس. ويتأكد الاستحباب إن كان في ماله ضيق وله ورثة؛ بل ويستحب ترك الوصية إذا كان المال قليلاً لا يكاد يكفي الورثة؛ لأن الأقربين وهم الورثة أولى بالمعروف، ولقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" متفق عليه.
3 – أن تكون الوصية لغير وارث، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا وصية لوارث" فليس لأحد أن يوصي لولده أو والده أو زوجه، وله أن يوصي لقريب له لا يرث كأخ مع وجود الابن وهكذا. وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر: "إلا ووصيته مكتوبة عنده" يدل على أنه ينبغي على الموصي العناية بتوثيق وصيته وحفظ محتواها من خلال أمرين: كتابة الوصية لتوثيقها وعدم الشك في شيء منها، والثاني: حفظها عنده أو عند من يثق فيه؛ لئلا تضيع.
وقد استحب أهل العلم أن تصدر الوصية بالبسملة وحمد الله والصلاة على نبيه ثم يقول: (فهذا ما أوصى به عبد الله والفقير إليه "ويذكر اسمه" أنه يشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور) وأن تضمن الوصية بتقوى الله والصبر على المصيبة.
والله أعلم.
التعليقات