الهدية

ناصر بن محمد الأحمد

2015-01-07 - 1436/03/16
عناصر الخطبة
1/فضل الهدية وأثرها الحسن 2/دلالة الهدية على عقل صاحبها 3/بعض الأمور المستقبحة في الهدية 4/بعض أحكام الهدية وآدابها 5/الهدايا المحرمة وبعض صورها
اهداف الخطبة

اقتباس

إن الهدية لها آثار طيبة على العلاقات الأسرية، والأواصرفيما بين الناس، فهي تأكيد للمحبة والصداقة، وهي عنوان للوفاء، يفرح القلب بها، وينشرح الصدر لرؤيتها، وإن كانت في النفوس بعض المكدّرات انسلّت و...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ...

 

أما بعد:

 

من العادات الجميلة والأمور الطيبة بين الناس: تبادل الهدايا.

 

إن الهدية لها آثار طيبة على العلاقات الأسرية، والأواصرفيما بين الناس، فهي تأكيد للمحبة والصداقة، وهي عنوان للوفاء، يفرح القلب بها، وينشرح الصدر لرؤيتها، وإن كانت في النفوس بعض المكدّرات انسلّت وخرجت، يقول عليه الصلاة والسلام: "أجيبوا الداعي، ولا تردوا الهدية، ولا تضربوا المسلمين".

 

ولقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهدي ويقبل الهديه، ويثيب عليها؛ روى البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَقِطًا وَسَمْنًا، فَأَكَلَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ الْأَقِطِ وَالسَّمْنِ، لكنه كان لا يأكل الصدقة".

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ فَإِنْ قِيلَ صَدَقَةٌ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِصلى الله عليه وسلم، فَأَكَلَ مَعَهُمْ"[رواه البخاري].

 

والهدية كما قيل: تدل على عقل صاحبها، فلا بد من حسن اختيارها وانتقائها لتعبر عن حب مخلص، وصداقة متينة، وليست العبرة بحجمها وكبرها، وإنما بنوعيتها، وحسن اختيارها وما تعبر عنه.

 

أهدى رجل إلى المتوكل قارورة ذهب، وكتب معها: إن الهدية إذا كانت من الصغير إلى الكبير، فكلما لطفت ودقّت كانت أبهى وأحسن، وإذا كانت من الكبير إلى الصغير فكلما عظمت وجلّت كانت أوقع وأنفع.

 

وقيل أيضاً: بأن ثلاثة تدل على عقول أربابها: الهدية والرسول والكتاب، فالكتاب يدل على عقل كاتبه، والرسول يدل على عقل مرسله، والهدية تدل على عقل مهديها.

 

وقد حكى الله -تعالى- عن بلقيس أنها قالت: (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل: 35].

 

فجعلت جواب الهدية دلالة وأمارة.

 

وقد يتغاضى المهدى إليه عن كثير من عيوب المهدي ونقائصه، وما ذاك إلا للآثار الجميلة التي تتركها الهدية في النفوس، فهل يدرك هذا جيداً من لهم اهتمام بدعوة الآخرين، فيستغلوا هذا الأمر في كسب مدعويهم والتأثير عليهم.

 

أيها المسلمون: ومن الأولى أن يهدي الإنسان للأقرب فالأقرب، ولمن له حقوق على الإنسان، وكذلك بين الجيران يبدأ بالأقرب؛ كما في حديث عائشة عند البخاري أنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي جَارَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا أُهْدِي؟ قَالَ: "إِلَى أَقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَابًا".

 

والهدية تختلف بحسب مقامها، وبحسب من يستعبرها، فلا يلزم أن تكون عينية فقد تكون الهدية حكماً شرعياً، أو لفتة علمية، أو مثل ما حصل بين هذين الفاضلين؛ مما ذكره البخاري في صحيحه: عن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً سَمِعْتُهَا مِنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَأَهْدِهَا لِي، فَقَالَ: سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".

 

فأكرم بها من هدية، وأظن أن عبد الرحمن بن أبي ليلى ما فرح بهدية مثل هذه، لكنها تحتاج إلى نفوس أمثال تلك النفوس.

 

أيها المسلمون: ويجوز قبول الهدية من الكفار، وكذلك إهدائهم، أما عن قبول هداياهم، فقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل الهدايا من اليهود، ومعروف قصة اليهودية التي أهدت له شاة، وكانت مسمومة، فأخذها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأكل منها، وأطعم بعض أصحابه منها أيضاً.

 

وأما عن إهدائهم، فقد قال الله -تعالى-: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[الممتحنة: 8].

 

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: رَأَى عُمَرُ حُلَّةً عَلَى رَجُلٍ تُبَاعُ، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: ابْتَعْ هَذِهِ الْحُلَّةَ تَلْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الْوَفْدُ، فَقَالَ: "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مِنْهَا بِحُلَّةٍ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَالَ: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا تَبِيعُهَاأَوْ تَكْسُوهَا، فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ"[راوه البخاري].

 

ويجوز أخذ الهدية من رجل يتعامل بالربا؛ لأن القاعدة عند العلماء، هو: أن ما حرم لكسبه فهو حرام على الكاسب فقط بخلاف ما حرم لعينه.

 

فالذي مكسبه حرام يجوز الأكل عنده، وقبول هديته، والتعامل معه بيعاً وشراءً، ويكون إثمه عليه.

 

أما ما حرم لعينه، فهو حرام على الآخذ وغيره، انتبه لهذا المثال: إنسان سرق مال شخص، ثم جاء وأعطاك شيئاً من هذا المال، نقول: يحرم عليك أخذه؛ لأن هذا المال حرام بعينه، بخلاف هدية آكل الربا، فالهدية في أصلها مباحة، وإن كان كسب مهديها حراماً، ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأكل من طعام اليهود إذا أهدوا إليه مع علمه بأن اليهود يتعاملون بالربا، بل توفي صلوات ربي وسلامه عليه ودرعه مرهونة عند يهودي.

 

أيها المسلمون: من المستقبح في الهدية: أن يرجع الإنسان في هديته؛ فعن ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ"[راوه البخاري].

 

ومما يجب تجنبه في الهدية: الامتنان بها، فإن هذا من اللؤم، وقلة المروءة.

 

أهدى رجل للأعمش بطيخة فلما أصبح، قال: يا أبا محمد كيف كانت البطيخة؟ قال: طيبة! ثم أعاد عليه ثانياً: كيف كانت البطيخة؟ قال: طيبة! فأعادها ثالثاً، فقال: إن خففت من قولك وإلا قئتها، وأهدى أبو الهذيل إلى أستاذ له ديكاً، فكان بعد ذلك إذا خاطبه أرّخ بديكه، فيقول: إنه كان يوم أهديت إليك الديك، وأنه كان قبل الديك بكذا، وبعد الديك بكذا، وكلما ذكر شيئاً بجمال أو سمن قال: هو أحسن من الديك أو أسمن من الديك الذي أهديته إليكم.

 

وأصبح هذا مثلاً لمن يستعظم الهدية.

 

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، واتباع سنة …

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين ...

 

أما بعد:

 

إن الهدية من الأشياء الجميلة، بل من الأمور التي يحث عليها في الإسلام، لكن في المقابل هناك بعض أنواع من الهدايا حرمتها الشريعة، وتعد من الهدايا المحرمة، ننبه على بعض صورها لوقوعها بين الناس، وانتشار بعض صورها:

 

فمن الهدايا المحرمة: عدم العدل بين الأولاد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اعدلوا بين أولادكم في العطية"[راوه البخاري].

 

وفيه أيضاً: أن النعمان بن بشير أعطاه أبوه عطية، وكان يحب أن يشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذه الأعطية، فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أعطيت سائر أولادك مثل هذا؟" قال: لا. قال "فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" قال: فرجع فردّ عطيته".

 

ومن الهدايا المحرمة: ما كان في نفسه محرماً كآلات الطرب، والألبسة المحرمة وغيرها؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- قَالَ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حُلَّةً سِيَرَاءَ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ اشْتَرَيْتَهَا فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ؟ قَالَ: "إِنَّمَا يَلْبَسُهَا مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ"[راوه البخاري].

 

ومن الهدايا المحرمة: تلك الهدايا التي تهدى بمناسبات الكفار، كالهدايا التي تهدى بمناسبة رأس السنة الميلادية، أو ما يسمونه بعيد الكرسمس، أو غيرها من المناسبات الغير إسلامية.

 

وبالمناسبة أحذّر الأخوة الذين لهم تعامل مع الكفار، التعامل الاضطراري، كأن يكونوا في شركة واحدة، أو ما أشبه ذلك، إياكم ثم إياكم والمجاملات على حساب الدين، فإن هذه قضايا تمس معتقد المسلم، فالحذر الحذر.

 

ومن الهدايا المحرمة: ما أعطي للرجل بسبب أعمال أوكله بها الوالي أو السلطان؛ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى: ابْنَ الْلَّتَبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا، ثُمَّ خَطَبَنَا فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانِ اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ، حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ بَصْرَ عَيْنِي، وَسَمْعَ أُذُنِي"[رواه البخاري].

 

ومن الهدايا المحرمة: ما يأخذه بعض الناس من هدايا تعطى له حين يستخدم جاهه في شفاعة معنية، وهو ما يسميه العلماء: أخذ الأجرة على الشفاعة، فإنها -والعياذ بالله- من الهدايا المحرمة، مثاله: كلّمت شخصاً ليتوسط في توظيف أحد أولادك في مصلحة ما أو في نقل أحد بناتك وهي مدرسة من منطقة لأخرى، ثم شفع لك هذا الرجل بجاهه، وتم التوظيف أو النقل، فأكرمته بهدية، حرام ولا يجوز.

 

اسمع لهذا الحديث العظيم، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من شفع لأخيه شفاعة، فأهدى له هدية عليها فقبلها منه، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الربا".

 

ومن الهدايا المحرمة: ما يأخذه القاضي أو الوالي ليغيّر حكم الله -عز وجل-، فإن ما أخذه سحت وغلول، يقولعليه الصلاة والسلام: "الهدية إلى الإمام غلول".

 

قال الله -تعالى-: (فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)[النمل: 36].

 

ومن الهدايا المحرمة: ما يهديه الموظف لرئيسه في العمل، وما يهديه الطالب لأستاذه في المدرسة، وما تهديه الطالبة لمدرستها، فكل هذا من الهدايا المحرمة، ولا يجوز لهم أخذها.

 

ومن الهدايا المحرمة: الرشوة، وهذا باب واسع وعريض، وقد فتحت في أيامنا هذه على مصراعيه، وتساهل الآخذ والمعطي فيه، وانتشر وباؤه، حتى الذي لا يريد أن يتعاطاه يجبر أحياناً تحت ضغط الواقع، خصوصاً من له حق شرعي، ولا يستطيع أن يصل إلى حقه إلاّ عن طريق الرشوة -والعياذ بالله-، فلا تكفيه هذه العجالة، بل يحتاج إلى حديث خاص وسيكون -بإذن الله تعالى-.

 

لكن بمناسبة الرشوة وما وصل إليه الحال عندنا نذكر هذه القصة، ذكروا: أن الحجاج استعمل المغيرة بن عبيد الله الثقفي على الكوفة، فكان يقضي بين الناس، فأهدى إليه رجل سراجاً من نحاس أصفر، وبلغ ذلك خصمه، فبعث إليه ببغلة، فلما اجتمعا عند المغيرة جعل يحمل على صاحب السراج، وجعل صاحب السراج يقول: إن أمري أضوأ من السراج، فلما أكثر عليه، قال: ويحك إن البغلة رمحت السراج فكسرته!.

 

وصل الوقاحة ببعض الموظفين الذين يأخذون عن طريق الرشاوي أضعاف أضعاف رواتبهم: أن كتب أحدهم على لوحة صغيرة فوق مكتبه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)[فصلت:34].

 

نعوذ بالله من الخذلان.

 

اللهم رحمة اهد بها قلوبنا، واجمع بها شملنا، ولم بها شعثنا، ورد بها الفتن عنا.

 

 

 

المرفقات
الهدية.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life