عناصر الخطبة
1/المقصود بالنبراس 2/عندما ينطفئ النبراس 3/منهج الإسلام في غرس معالم النبراس 4/معالم حث الإسلام على الاجتماع وتحذيره من الافتراق 5/حرص الإسلام على نبذ الأنانية 6/معالم ومظاهر النبراساهداف الخطبة
اقتباس
أيها المسلمون: النبراس آيات وأحاديث، كلمات ومواعظ، تذكير وهمسات، إشارات واضحات، ورسائل قصيرات، أرعها سمعك: كن نبراسا في حياتك، كن نبراسا في أسرتك، كن نبراسا في مجتمعك، كن نبراسا في عملك، كن جامعا للكلمة، لا مفرقا لها، كن جامعا للقلوب، لا منفرا لها، كن دالا على الخير، لا دالا على الشر، كن متعاونا على البر والمعروف والإحسان، لا ...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، أرسله ربه بالإيمان مناديا، وللجنة داعيا، أرسله على حين فترة من الرسل، مبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا.
اللهم احشرنا في زمرته، واجعلنا من أتباع ملته، واجعلنا مع ركب أولئك الذين هدى الله، فبهداهم اهتدى، رضي الله عن آله الكرام، وصحابته الأخيار، ومن تبعهم بإحسان، واقتفى أثرهم بإيمان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا ربكم المولى، واشكروه على ما أولى وأعطى وأسدى، وأصلحوا السر والنجوى، واعملوا بالطاعات في الخلوات، وإياكم وذنوب الخلوات، فهي أم الهلكات.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
وتأملوا عفو الكريم الذي قال: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)[طه: 82].
اللهم احشرنا فيمن غفرت لهم، وتجاوزت عن خطيئتهم، وعفوت عن زلتهم، فإنك أنت الغفور الرحيم.
أيها المسلمون: النبراس، قال صاحب المعجم الوسيط: "النبراس" هو المصباح.
فكن مصباح خير، وكن معلم هداية، وكن جامعا للكلمة، وكن رادما للفرقة، وكن محاربا للخلاف، وكن ناشرا للفضيلة، كن مصباحا على القلوب، وكن مصباحا على البلاد والعباد.
وفي الجماعة، قال صاحب المعجم الوجيز: "هي طائفة من الناس يجمعها غرض واحد".
قال ربنا -تعالى-: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ)[آل عمران: 103].
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "هي الجماعة".
ةقال ابن المبارك -رحمه الله-:
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا *** بعروته الوثقى لمن دانا
معاشر من آمن: تأمل وتدبر، عبق القرآن يخاطب روحك، يقرع سمعك، يخاطب فؤادك، ينادي ضميرك، يحرك إحساسك، فيخاطبك بعنوان: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)[المائدة: 2].
قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "يأمر الله -تعالى- المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البر، وترك المنكرات، وهو من عظم التقوى، وينهاكم عن التناصر على الباطل، والتعاون على المآثم والمحارم".
معاشر من آمن: النبراس حين انطفأ النبراس، فقل الآمرون، وقل الناصحون، وقل المذكرون، وقل الواعظون، وقل المنبهون.
لما انطفأ النبراس، قلَّ أن ترى نبراسا في قرية، أو بلدة، قلَّ أن ترى نبراسا في عائلة، أو أسرة، قلَّ أن ترى نبراسا في عمله، أو وظيفته، قلَّ أن ترى نبراسا في سوقه، أو تجارته، قلَّ أن ترى نبراسا في نشر خير، ومصباح معروف، ودلال معرفة، وناشر فضيلة.
فكن نبراس خير، وناشر فائدة.
كالنمل تبني قراها من تماسكها *** والنحل يجني رحيق الزهر أعوانا
معاشر من آمن: تأملت حياتنا وواقعنا، فقبل أن نعيش تفككا في دول، أصبحنا نعيش تفككا في أسر، ونعيش تفككا في أخوة، ونعيش تفككا في محبة، ونعيش تفككا في صداقة، ونعيش تفككا في عمل.
أيها المسلمون: النبراس ذلكم المصباح المنير على إخوانه، وأقاربه وأرحامه، وجيرانه وأهله، نفعه متعدد، لكنه مصباح لأقرب الأقربين؛ لأن شعاره: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)[الشعراء: 214].
وتأمل الإعجاز النبوي كيف يغرس تلك المعالم في النفوس، حتى يزرع في أعضاء الإنسان أن تكون نبراسا.
تأمل الإعجاز النبوي، وهو يغرس تلك المعالم بتشبيه عجيب، ونداء لطيف، يقرع المسامع، يحرك الإحساس، ينادي المشاعر، يحرك الغافلين، ينادي التائهين، من بعيد، فيقول لهم: أقبلوا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، قال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم..".
تأمل هذه الثلاث القواعد النفسية: "مثل المؤمنين في توادِّهم وتعاطفهم وتراحمهم؛ مثل الجسد الواحد، إذا تألّم بعضه تداعى سائره".
تأمل الإعجاز النبوي هنا.
يقول الأصفهاني -عليه رحمة الله-: "في هذا الحديث بيان أن الناس كجسد واحد، يعاون بعضه بعضا، حتى إذا استقل أحد الأعضاء، وخمل بقية الأعضاء؛ اختل كيان الجسد".
إنك عندما تتأمل هذا الإعجاز؛ لترمقه بعين البصيرة، وتستقبله بنفس تتوق أن تكون نبراسا في إدراك أثر الفرقة، وقلة الطاعة، وواقع المسلمين اليوم، وواقع الحياة التي نعيشها تحتاج إلى نبراس؛ يتذكر إذا أرادت العين أن تعصي حاربناها ونصحناها، وإذا أرادت اليد أن تسرق نصحناها وذكرناها، وإذا أراد القلب أن يعيش الحقد والضغينة حاربنا ما أراد غزوه، فطردناه عن ذلكم البدن، فصحت تلكم الروح، وعاشت تلكم السريرة، يوم أن يأتي الشيطان بنزغاته فينزغ في العقل والقلب، فيصدقها الفرج، فإذا بالجسد كله لا يطاوع، بل يمتنع ويريد أن يمتنع؛ لأن الأعضاء كلها تريد أن تخذل ذلكم العضو الذي أراد الفساد والإفساد.
عندما ترى مثل هذا ألا تستيقظ فتكون نبراسا وأنت ترى التائهين والضائعين والغافلين في واقعنا؟
إذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتيه ذلكم الرجل؛ كما عند البخاري، فيقول: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله كيف تقول في رجل أحب قوما ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المرء مع من أحب".
معالم المحبة إذا دخلت داخل النفوس، جمعت الكلمة، ووحدت الصف.
لن نلتقي بالأبدان، بل ينبغي أن نلتقي بالقلوب، وأنت تسمع حديثي لا يكن حضورك للجمعة ببدنك، إنما ليكن بقلبك، لنوحد صفوف القلوب، ولنجمع الكلمة.
بعد صلاة الجمعة تلتقي الأسر في بيوتها، وفي منازلها، فهل يا ترى كلهم مثل النبراس بعضهم لبعض؟
هل أصبح الأخوة والأخوات مثل النبراس، إذا ضعف أخ أعانوه وسددوه وناصحوه، أم أنهم يعيشون الأنانية في حياتهم؟
تأمل معي -رعاك الله-: منهج الإسلام في غرس معالم النبراس، أليس النبي -صلى الله عليه وسلم- يبين لنا أثر الجماعة، ولملمة الصفوف، وتوحيد الآراء، حتى لو كان غيرك يخالف رأيك، فإن تنازلك عن بعض الآراء من أجل الجماعة، قوة ليس ضعفا.
ليس الإنفراد بالقوة، وليس تمزيق الصف بقوة.
إن بقاء أصل الجماعة خير من ذهابها، وإن الأمن والأمان والراحة والاطمئنان، لا يخفى أنه يوجد ما يعكرها، ولكن يوم أن تكون اليد واحدة، والجماعة واحدة، نتذاكر وإياكم قول الحبيب -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة -أي صلاة الجماعة- إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية"[رواه أحمد وهو في صحيح الجامع].
ما أروع أحاديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "إنما يأكل الذئب من الغنم" التي شذت بفكرها وعقلها وجسمها وشكلها ونفسيتها وآرائها، يأكلها الشيطان.
إنك اليوم ترى ذلك في صفوف التيارات الإسلامية، والتيارات التجارية، والتيارات السياسية، والتيارات الأسرية العائلية.
عندما ترى التمزق في العوائل والأسر، وترى التمزق على صنوف عامة، تدرك أن الذي يشذ ويخرج عن رأي الجماعة، ماذا يا ترى يقع؟
إنني أتأمل في حديث اليوم، وأقول في نفسي: أما أتى الصحابة يوما يشتكون من مشكلة في الطعام ما هي المشكلة يا ترى؟
يشتكون من مشكلة تراودهم في الطعام، إذ يقولون: يا رسول الله نأكل ولا نشبع، فقال صلى الله عليه وسلم: "فلعلكم تفترقون؟".
تأمل الإعجاز النبوي: "لعلكم تفترقون؟".
قالوا: نعم يا رسول الله، قال: "اجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه".
قال الله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا)[النــور: 61].
فهذه الآية فيها بيان الرخصة: أنه قد يصيب الإنسان يوم أن يأكل لوحده، فقد عذره الله.
لكن دعوني أقف وإياكم مع هذا الحديث: "لعلكم تفترقون؟".
إذاً، إذا أردنا أن نتهم دولة، أو نتهم وزارة، أو نتهم إدارة، أو نتهم عائلة، أو نتهم، حتى زوجين: "لعلكم تفترقون؟".
إن الافتراق أخبر الله -جل وعلا- عنه بقوله: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46].
تذهب ريحكم قوتكم، ومكانتكم وسيادتكم.
تفشلوا في خططكم وتخطيطكم.
تفشلوا فيما تريدون أن تصلوا إليه من سمات راقيات، وأماني طيبات، وأحوال زاكيات.
ألا فليراجع كل إنسان منا نفسه، ولينظر فيها أيمتلك نفسا مليئة بصفات النبراس؟ وعقلا يضيء بالمصباح، مع بزوغ الصباح، حينما ينادى: "حي على الفلاح" فتزكوا النفوس، وتشمر الخواطر، وترتقي إلى المعالم؟.
تأمل أن الوحدة على طعام تحل فيه البركة، فكيف بالاجتماع في تربية، أو دعوة، أو إصلاح، أو تجارة، أو غير ذلك من المعالم الرائعات.
وتأمل كيف نهى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ كما روى مالك، فقال: "الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب".
أو ينهي عن الوحدة والفرقة، في مثل هذا؛ لأن الجماعة لها أثرها وعمقها وبركتها؟
أليس كل ملفات حياتنا تحتاج إلى مراجعة؟ أنعيش الألفة والمحبة المليئة بالنتاج أم لا؟.
كن نبراس خير، إذا كان منام الإنسان ينهى صلى الله عليه وسلم؛ كما عند أحمد: أن يبيت الرجل وحده، أو يسافر وحده.
ما أروع هذا الكلام ليدركه الغافلون الذين هم عن ربهم ساهون، والذين هم للصلاة مضيعون، والذين هم للجماعة تاركون، قال الله -تعالى-: (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ)[العنكبوت: 45].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله صاحب الفضل والمنة، والصلاة والسلام على من بعثه الله للأمة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
عباد الله: كن نبراسا؛ فأعداء الله حريصون على الاتحاد، وجمع الكلمة في سياستهم وتجارتهم، وحقوق بعضهم البعض، وإذا ألقينا النظر إلى واقعنا رأينا أننا بأمس الحاجة إلى إتحاد وجمع الكلمة.
فالنمامون وأهل البهتان، وناشرو الرذيلة: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ)[الصف: 8].
قال الله -تعالى- عن أولئك الكفار: (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)[الأنفال: 73].
ويقول الله عنهم: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ)[التوبة: 67].
وقال الله -تعالى-: (وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً)[التوبة: 36].
إن هذه الآيات التي تقرع الأسماع تخاطب كل مؤمن ومؤمنة إلى إدراك حقيقة غابت عنا اليوم، من التمزق والتشرذم، وكل يريد أن ينشئ تيارا، وكل يريد أن ينشئ بنفسه فرقة واختلافا.
إن لملمة قلوب المسلمين مطلب، وإن جمع الكلمة من أعز المطالب، فإذا زعزع الأمن، واختل الرأي، وذهبت الكلمة أدراج الرياح، وأصبح الناس في شذر مذر، ماذا عساكم أن تنتظرون؟.
أيها المسلمون: لقد نهى الإسلام عن كل سبب يدعو إلى الفرقة والاختلاف أيا كان ذلك نوعه، من أفرادنا، وفي مساجدنا، وفي بيوتنا، وأعمالنا وحياتنا، فكل من يدعو إلى فرقة واختلاف، لا بد أن ننبذه، وأن نحاربه، ولا بد أن نفرق بين المناصحة ومبادلة الخير، وبين زعزعة الأمن، والراحة والاطمئنان، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الحجرات: 13].
هذا الحديث الذي ينبذ العصبية، ويحارب زراعة الفرقة في القبيلة، لذلك تأمل أسرار التربية على التغافر، وعدم التهاجر، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهم الذي يبدأ بالسلام".
لقد نهى المسلم المنفرد بنفسه أن يفعل هذا، فكيف بواقعنا اليوم الذي نراه بين الشعوب والقبائل، وبين الدول، عندما نرى التهاجر الذي يقع بين الموظفين والزملاء، بين الإخوان، الذي يهجر اليوم أخته، أو أخاه، عشرات السنين، لا يزوره، ولا يأتيه.
ماذا تسمونه هذا؟
يوم أن تكون نبراسا؛ غافرا لزلات إخوانك، متجاوزا عن عثراتهم، ماحيا سوءاتهم، فلا تنبش مقابر الحياة، ولا تكشف العوار، فالدنيا زائلة، واليوم أنت على ظهرها، وغدا ستكون في باطنها، ثم يأتي اليوم الذي قال الله فيه: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ)[الحاقة: 18].
لقد أمرنا الإسلام بالتثبت في نقل الأخبار عبر أي وسيلة كانت؛ لأنها من أسباب حدوث الفرقة، وإشاعة البغضاء في المجتمع: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات:6].
شخصا كان أو دولة، قناة كانت أو وسيلة، رسالة كانت أو برقية، فلا تنقلها، أبقها عندك، ادفنها بعدم نشرها.
إذا أردنا حرب الإشاعات، وتناقل الأخبار، فلتدفنها ولتجعلها تقف عندك.
إن أعظم علاج للفتنة، قال الغزالي -رحمه الله-: "بالسكوت عنها".
فالنار إذا لم تجد ما تأكله ماتت.
لقد حرص الإسلام أيضا على نبذ الأنانية، قال الله: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الحشر: 9].
قال عليه الصلاة والسلام؛ كما عند البخاري: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
أيها المسلمون: النبراس آيات وأحاديث، كلمات ومواعظ، تذكير وهمسات، إشارات واضحات، ورسائل قصيرات، أرعها سمعك: كن نبراسا في حياتك، كن نبراسا في أسرتك، كن نبراسا في مجتمعك، كن نبراسا في عملك، كن جامعا للكلمة، لا مفرقا لها، كن جامعا للقلوب، لا منفرا لها، كن دالا على الخير، لا دالا على الشر، كن متعاونا على البر والمعروف والإحسان، لا الإثم والعدوان.
فكل رذيلة تنتشر، وكل رذيلة تغمس المجتمع، وتضر به، في خاصرته أقوى علاج لها: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[آل عمران:104].
اللهم أعز الإسلام، وانصر المسلمين...
التعليقات