عناصر الخطبة
1/قرب الساعة وغفلة الناس عنها 2/تحذير النبي أمته من فتنة الدجال 3/من صفات المسيح الدجال 4/عظم فتنة الدجال وبعض من أخباره 5/ما يعصم من فتنة المسيح الدجالاقتباس
الدَّجَّالُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، عَظِيمُ الخِلْقَةِ، لَهُ صِفَاتٌ كَثِيرَةٌ جَاءَتْ بِهَا الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ حَتَّى يَعْرِفُهُ النَّاسُ، فَإِذَا خَرَجَ عَرَفَهُ الـمُؤْمِنُونَ, وَمِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ: أَنَّهُ شَابٌّ أَحْمَرُ، قَصِيرٌ أَفْحَجُ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَجْلَى الجَبْهَةِ، عَرِيضُ النَّحْرِ...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
الحَمْدُ للهِ إِقْرَارًا بِوَحْدَانِيَّتِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى سَوَابِغِ نَعْمَتِهِ، مَنَّ عَلَى العَاصِي بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ، وَمَدَّ لِلْمُسْلِمِ عَمَلاً صَالِحًا بِوَصِيَّتِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الـمُفَضَّلُ عَلَى جَمِيعِ بَرِيَّتِهِ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَتِهِ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الحشر: 18].
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- بَعَثَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدَاً -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بَشِيرَاً وَنَذِيرَاً، فَحَذَّرَ أُمَّتَهُ قُرْبَ قِيَامِ السَّاعَةِ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ، وَذَكَرَ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَعَلَامَاتِهَا، حَتَّى لَكَأَنَّمَا تَقُومَ غَدَاً أَوْ بَعْدَ غَدٍ!.
وَلَقَدْ تَكَاثَرَتِ النُّصُوصُ مِنَ القُرْآنِ الكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى قُرْبِ قِيَامِ السَّاعَةِ وَدُنُوِّهَا، قَالَ -تَعَالَى-: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ)[الأنبياء: 1]، وَقَالَ -سُبْحَانَهُ-: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)[القمر: 1], وَرَوَى البُخَارِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَالَ: "بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتِينِ، وَيُشِيرُ بِإِصْبِعَيْهِ فَيَمُدُّهُمَا".
وَمَعَ حُدُوثِ أَكْثَرِ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى التِي أَخْبَرَ بِهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-, وَالتِي تُنْبِئ ُعَنْ قُرْبِ العَلَامَاتِ الكُبْرَى التِي تَعْقُبُهَا السَّاعَةُ، إِلَّا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فِي غَفْلَةٍ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ إِنَّهُ حِينَ يَتَحَدَّثُ الخُطَبَاءُ وَالوُعَّاظُ عَنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ الكُبْرَى يَظُنُّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهَا بَعِيدَةُ الوُقُوعِ، وَأَنَّهُ لَنْ يُدْرِكَهَا، وَلَنْ تَقَعَ فِي زَمَانِهِ!.
وَإِنَّ وُقُوعَ أَغْلَبِ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الصُّغْرَى إِيذَانٌ -وَلَاشَكَّ- بِقُرْبِ العَلَامَاتِ الكُبْرَى، وَالَّتِي مِنْ أَوَّلِهَا وَأَعْظَمِهَا خَطَرَاً: فِتْنَةُ الـمَسِيحِ الدَّجَالِ، هَذِهِ الفِتْنَةُ العَظِيمَةُ الَّتِي مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ إِلَّا وَحَذَّرَ أُمَّتَهُ مِنْهَا، رَوَى البُخَارِيُّ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في النَّاسِ، فَأَثْنَى علَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: "إِنِّي أُنْذِرُكُمُوهُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا وَقَدْ أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ".
بَلْ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ هَذِهِ الفِتْنَةِ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهَا لِأَصْحَابِهِ، حَتَّى بَلَغَ يَقِينُهُمْ بِهِ أَنْ ظَنُّوا أَنَّ الدَّجَّالَ قَرِيبٌ مِنْهُمْ!, رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيْحِهِ عَنِ النُّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: "مَا شَأْنُكُمْ؟", قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فيه وَرَفَّعْتَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقالَ: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي علَيْكُم، إنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتي علَى كُلِّ مُسْلِمٍ".
أَيُّهَا الـمُسْلِمُونَ: الدَّجَّالُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، عَظِيمُ الخِلْقَةِ، لَهُ صِفَاتٌ كَثِيرَةٌ جَاءَتْ بِهَا الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ حَتَّى يَعْرِفُهُ النَّاسُ، فَإِذَا خَرَجَ عَرَفَهُ الـمُؤْمِنُونَ, وَمِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ: أَنَّهُ شَابٌّ أَحْمَرُ، قَصِيرٌ أَفْحَجُ، جَعْدُ الرَّأْسِ، أَجْلَى الجَبْهَةِ، عَرِيضُ النَّحْرِ، مَمْسُوخُ العَيْنِ اليُمْنَى، وَعَيْنُهُ اليُسْرَى عَلَيهَا لَحْمَةٌ غَلِيظَةٌ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيهِ "كَافِرٌ"، يَقْرَؤُهَا كُلُّ مُسْلِمٍ يَكْتُبُ أَوْ لَا يَكْتُبُ، وَهُوَ عَقِيمٌ لَا وَلَدَ لَهُ.
وَيَتْبَعُ الدَّجَّالِ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ يَهُودِ أصْبَهَانَ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أصْبَهانَ، سَبْعُونَ ألْفًا عليهمُ الطَّيالِسَةُ", وَأَصْبَهَانُ بَلَدٌ فِي إِيْرَانَ اليَوْمَ.
فَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا الدَّجَّالُ لَمْ يَدَعْ بَلَدَاً إِلَّا دَخَلَهُ خِلَالَ أَرْبَعِيْنَ يَوْمًا، مَا عَدَا مَكَّةَ وَالـمَدِينَةَ؛ فَإِنَّهُمَا مَحْرُوسَتَانِ مِنْهُ، مُحَرَّمَتَانِ عَلَيْهِ، فَقَدْ قَالَ الدَّجَّالُ كَمَا فِي حَدِيْثِ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عِنْدَ مُسْلِمٍ: "وَإنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الخُرُوجِ، فأخْرُجَ، فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ، فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ؛ فَهُما مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا اِسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا".
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيات وَالذِّكْرَ الْحَكِيمَ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُم وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إحْسَانِهِ, وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَاِمْتِنَانِهِ, وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الداعي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ وَسُلَّمُ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَإِخْوَانِهِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِ وَاِقْتَفَى أثَرَهُ وَاِسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة: 119].
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لِلْدَّجَّالِ فِتْنَةٌ عَظِيْمَةٌ بِمَا يُجْرِيْهِ اللهُ -تَعَالَى- عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الخَوَارِقِ العَظِيْمَةِ مِمَّا يَفْتِنُ النَّاسَ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُوَلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ؛ مَعَهُ نَهْرانِ يَجْرِيانِ، أَحَدُهُما -رَأْيَ العَيْنِ- ماءٌ أبْيَضُ، وَالآخَرُ -رَأْيَ العَيْنِ- نارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أحَدٌ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذي يَراهُ نارًا ولْيُغَمِّضْ، ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ منه؛ فإنَّه ماءٌ بارِدٌ".
وَمِمَّا جَاءَ فِي فِتْنَتِهِ -أَيْضَاً- مَا جَاءَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنِ النُّوَّاسِ بنِ سَمْعَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ عَنِ الدَّجَّالِ: "فَيَأْتِي عَلَى القَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فيُؤْمِنُونَ به وَيَسْتَجِيبُونَ له، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتي القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ، فَيَرُدُّونَ عليه قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عنْهمْ، فيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ ليسَ بأَيْدِيهِمْ شَيءٌ مِن أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بالخَرِبَةِ، فيَقولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلًا مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ".
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: حَرِيٌّ بِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْأَلَ اللهَ الثَّبَاتَ عَلَى دِيْنِهِ وَالسَّلَامَةَ مِنَ الفِتَنِ؛ فَإِنَّ فِتْنَةَ الدَّجَّالِ عَظِيمَةٌ وَخَطَرَهَا كَبِيرٌ.
وَمِمَّا يَقِي مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ: التَّعَوُذُ بِاللهِ مِنْ فِتْنَتِهِ، وَخَاصَّةً فِي الصَّلَاةِ، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيِنِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ فَيَقُولُ: "الَّلهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الـمَسِيحِ الدَّجَّالِ".
وَمِمَّا يَعْصِمُ مِنَ الدَّجَّالِ -بِإِذْنِ اللهِ-: حِفْظُ آيَاتٍ عَشْرٍ مِنْ سُورَةِ الكَهْفِ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ؛ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ", وَفِي رِوَايَةٍ: "مِنْ آخِرِ سُورَةِ الكَهْفِ".
وَإِنَّ لُزُومَ التَّقْوَى, وَالبُعْدَ عَمَّا يُغْضِبُ اللهَ، وَإِخْلَاصَ العَمَلِ لَهُ، كَفِيلٌ -بِإِذْنِ اللهِ- لِلْوِقَايَةِ مِنْ فِتْنَةِ الـمَسِيحِ الدَّجَّالِ، كَمَا يَنْبَغِي الإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الفِتْنَةِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا، وَعَدَمِ نِسْيَانِهَا وَالغَفْلَةِ عَنْهَا، فَقَدْ جَاءَ فِي الأَثَرِ أَنَّ عَلَامَةَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ نِسْيَانُ ذِكْرِهِ عَلَى الـمَنَابِرِ، رَوَى الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "لَا يَخرُجُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَذْهَلَ النَّاسُ عَنْ ذِكرِهِ، وَحَتَّى تَترُكَ الأَئِمَّةُ ذِكرَهُ عَلَى الـمَنابِرِ".
فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيْحِ الدَجَّالِ.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ -تَعَالَى- قَدْ أَمَرَنَا بِالصَّلَاَةِ عَلَى نَبِيهِ مُحَمٍّدِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَعَلَ لِلصَّلَاَةِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَالْإكْثَارَ مِنْهَا مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأيَّامِ، فَاللهَمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِك عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحبِهِ أَجَمْعَيْن.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالـمُسْلِمِيْنَ، وَأَذِلَّ الشِرْكَ والـمُشْرِكِيْنَ، وَاِحْمِ حَوْزَةَ الدِّيْنِ، وَاِجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنَّاً وَسَائِرَ بِلَادِ الـمُسْلِمِيِنَ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا، وَأَصْلِحَ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَاِجْعَلْ وَلَايَتَناَ فِي مَنْ خَافَكَ وَاِتَّبَعَ رِضَاكَ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ, اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِلْمُسْلِميْنَ وَالـمُسْلِمَاتِ، وَالـمُؤْمِنيْنَ والـمُؤْمِنَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدَعَواتِ.
عِبَادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النحل: 90] ، فَاِذكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذكُركُمْ، وَاُشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكرُ اللهُ أكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
التعليقات