عناصر الخطبة
1/مكانة المثقفين في الأمة 2/ دور المثقف في كشفِ الشُّبهاتِ.. وإظهارِ الحقِّ 3/ موقف عجيب للشيخ علي الطنطاوي في حواره مع نصراني 4/ اندفاع بعض المثقفين ضد الإسلام 5/ سمات المثقف الحقيقي 6/ وصايا ونصائح لأهل الثقافة والإعلام والصحافة 7/ الدين خط أحمر.
اهداف الخطبة

اقتباس

وإذا أردتَ أن تَعرفَ قوَّةَ الأمَّةِ.. فانظر إلى مُثقَّفيها ومفكريها وعلمائها وأُدبائها.. فإن قاموا بواجبِهم حقَّ الأداءِ ونصحوا للهِ العزيزِ الغفورِ.. من توجيه النَّاسِ وتعليمهم وحثِّهم على الخيرِ وتحذيرِهم من الشُّرورِ.. فإنهم يرتقونَ بأمتِّهم وأوطانِهم إلى معالي الأمورِ. كلٌّ في مجالِه.. بالكلمةِ والمقالِ والرِّوايةِ والمُقابلاتِ.. وبالمقطعِ والتَّقريرِ والتَّغريدةِ والمناسباتِ.. يدعونَ إلى كلِّ فضيلةٍ.. ويُحذِّرونَ من كلِّ رذيلةٍ.. يُحاربونَ الفسادَ والإرهابَ والاختلافَ وسوءَ الأخلاقِ.. ويأمرونَ بالعدلِ والاستقامةِ والاعتصامِ ومحاسنِ الأخلاقِ..

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ بالله مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إله إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ.

 

(يَا أَيُّهاَ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَاْلأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُوْرِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

الثَّقافةُ.. كلمةٌ رنَّانةٌ.. تهفو النَّفوسُ أن تكونَ من أهلِها فتَظفَرُ بلقبِ (مُثقَّفٍ).. كيفَ لا.. وقد قامتْ عليها الأمَّمُ والحضاراتُ.. كيفَ لا.. وقَد أنشئتْ من أجلِها الوَزاراتُ والمؤتمراتُ.. ولا عجبَ في ذلك.. فهل الثَّقافةُ إلا العلمُ، وقد قالَ اللهُ تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) [الزمر: 9].

 

 وإذا أردتَ أن تَعرفَ قوَّةَ الأمَّةِ.. فانظر إلى مُثقَّفيها ومفكريها وعلمائها وأُدبائها.. فإن قاموا بواجبِهم حقَّ الأداءِ ونصحوا للهِ العزيزِ الغفورِ.. من توجيه النَّاسِ وتعليمهم وحثِّهم على الخيرِ وتحذيرِهم من الشُّرورِ.. فإنهم يرتقونَ بأمتِّهم وأوطانِهم إلى معالي الأمورِ.

 

كلٌّ في مجالِه.. بالكلمةِ والمقالِ والرِّوايةِ والمُقابلاتِ.. وبالمقطعِ والتَّقريرِ والتَّغريدةِ والمناسباتِ.. يدعونَ إلى كلِّ فضيلةٍ.. ويُحذِّرونَ من كلِّ رذيلةٍ.. يُحاربونَ الفسادَ والإرهابَ والاختلافَ وسوءَ الأخلاقِ.. ويأمرونَ بالعدلِ والاستقامةِ والاعتصامِ ومحاسنِ الأخلاقِ.. من يُنبِّهُ على الأخطاءِ إن لم يكن هم؟.. ومن يُصلحُ الزَّللَ إن لم يكن هم؟.. ينقدونَ النَّقدَ الهادفَ البَّناءَ.. الذي معه يعلو ويشتَّدُ البِناءُ.

 

وهكذا كانَ حولُ النَّبيِّ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- الكاتبُ والشَّاعرُ والخطيبُ.. كلُّهم يُدافعُ عنه وعن الدِّينِ بما أُوتيَ من قوَّةٍ علميَّةٍ وبلاغيَّةٍ.. وكانوا أشدَّ على الكُفارِ من نَبلِ السِّهامِ.

 

بل قد تكونُ حجَّةُ المثقَّفِ الأديبِ أحياناً أشدَّ وأقوى من حجَّةِ غيره في كشفِ الشُّبهاتِ.. وإظهارِ الحقِّ إزالةِ الغَمامِ عن الأعينِ والغَشاواتِ.. واسمع إلى هذا الموقفِ من الأديبِ البليغِ الشيخِ عليٍّ الطنطاوي -رحمهُ اللهُ-، يقولُ:

 

"كان من عادةِ رؤساءِ الجمهوريةِ في دمشق أنهم يَدْعونَ القُضاةَ والعُلماءَ، ومن يسمونهم برجالِ الدِّينِ إلى مائدةِ الإفطارِ في رمضانَ، وقد ذهبتُ مرتينِ فقط إلى دعوتينِ من الرئيسينِ هاشم بك الأناسي وشكري بك القوتلي -رحمةُ اللهِ عليهما-، فجمعَ أحدُهما بينَنا نحن قضاةُ الشَّرعِ والمشايخِ ورجالِ الدينِ من النَّصارى، وكانت أحاديثُ مما يُتحدثُ به في أمثالِ تلك المجالسِ، أحاديثُ تمسُّ المشكلاتِ ولا تخترقُها، وتطيفُ بها ولا تُداخلُها، ففاجأنا مرةً واحدٌ من كبارِهم يعتبُ علينا، إننا ندعوهم كفَّاراً.

 

فجزعَ الحاضرون ووجموا، وعرتِ المجلسَ سكتةٌ مُفَاجأةٌ، فقلتُ للرئيسِ: تسمحُ لي أن أتولى أنا الجوابَ؟

وسألتهُ: هل أنت مؤمنٌ بدينِك؟، قال: نعم، قلتُ: ومن هم الذين تدعونهم مؤمنين بهِ: أليسوا هم الذين يعتقدونَ بما تعتقدُ؟، قالَ: بلى، قلتُ: وماذا تسمِّي مَن لا يعتقدُ بذلك؟، ألا تدعوه كافراً ؟، فسكت..

 

 قلتُ: إنَّ الكافرَ عندك هو الذي يرفضُ أن يأخذَ بما تراهُ أنتَ من أُسسِ الدِّينِ، وأصولِ العقائدِ، وكذلك نحنُ، فالنَّاسُ عندنا بين مسلمٍ يؤمنُ بما نؤمنُ به من رسالةِ محمدٍ -صلى اللهُ عليه وسلمَ-، وإنَّ القرآنَ أنزلهُ اللهُ عليهِ، وآخرُ لا يؤمنُ بذلك فنسميه كافراً، فهل أنت مسلمٌ؟، فضحك، وقال: لا، طبعاً.

 

 قلتُ: وهل أنا في نظِرك وبمقاييسِ دينِك مؤمنٌ بما لدى النَّصارى أو كافرٌ به؟، فسكت وسكتوا، قلتُ: أنا أسألُك، فإن لم تجب أجبتُ عنك، أنا عندك كافرٌ لأني لا أعتقدُ بأنَّ المسيحَ ابنُ اللهِ، ولا بأنهم ثلاثةٌ الأبُ والابنُ وروحُ القُدسِ، والثلاثةُ واحدٌ، ولا بمسألةِ الفداءِ، ولا بأمثالِ ذلك مما هو من أصولِ عقائدِ النَّصارى.. وأنت عندي كافرٌ لأنك تقولُ بها، فلماذا تنكرُ عليَّ ما تراهُ حقاً لك؟

 

 إن دينَنا ظاهرٌ معلنٌ، ليس فيه خبايا ولا خفايا ولا أسرارَ، والقرآنُ يُتلى في كلِّ إذاعةٍ في الدُّنيا، حتى أنني سمعتهُ مرةً في إذاعةِ إسرائيلَ، والقرآنُ يقولُ: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ) [المائدة: 72]، ويقولُ في الآيةِ الثَّانيةِ: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ) [المائدة: 73]، فالكفرُ والإيمانُ إذن مسألةٌ نسبيةٌ، ما تسميه أنت كفراً أسميه أنا إيماناً، وما أسميه أنا كفراً تسميه أنت إيماناً، واللهُ هو الذي يفصلُ بيننا يومَ القيامةِ، فسكتوا.. انتهى كلامُ الطَّنطاوي رحمَه اللهُ تعالى رحمةً واسعةً.

 

ولكن للأسف.. وُجدَ اليومَ من المُثقَّفينَ من حاربَ الدِّينَ.. واعتدى على شَعائرِ ربِّ العالمينَ.. وعادى أهلَ الصَّلاحِ من المسلمينَ.. وحاربَ الفضيلةَ والعفافَ والمحتسبينَ.. وإذا قيلَ له: لا تُفسدْ في الأرضِ، قالَ: بل أنا من المُصلحينَ.

 

فانتبه أخي المثقَّفُ والمُفكِّرُ.. فليسَ كلُّ من فكَّرَ هُديَ إلى الحقِّ.. اسمعْ إلى قولِه تعالى: (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ *ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ) [المدثر: 18 - 23].. ثمَّ ماذا خرجَ لنا بعد هذا التَّفكيرِ والنَّظرِ.. (فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ) [المدثر: 24- 25].. فتبَّاً لفكرٍ إذا لم يكنْ له هدايةٌ من اللهِ وتوفيقٍ.

 

قالوا: الـمثقَّفُ، قلتُ: ليس مثَقفا *** من يمنَحُ الأخلاقَ والدِّينَ القَفا

ليسَ الـمُثقَّفُ منْ إذا سمِعَ الهَوى *** لبَّى وإِن سَمِع الأذانَ تخَلَّفا

ليسَ الـمـثقَّفُ من تَراهُ مُبجِّلاً *** كتُبَ الضَّلالِ ولا يُبجِّلُ مُصحَفَا

ليسَ الـمُثقَّفُ من يُعَاقرُ كَأسَهُ *** لا نفسُهُ رضِيَتْ ولا عَقلٌ صَفَا

يَمشِي كمَا يمْشِي الغُرابُ مُقَلِّدا *** فيُضِيعُ مِشيتَهُ ويَنسَى الـمَوقِفا

يَرنُو إلى الفِكرِ الدَّخيل ِفقلَبُهُ *** بوَلائِهِ للغَربِ أصبَحَ أجْوفا

ليسَ الـمثقَّفُ من إذا بَرَزَ الهُدى *** والحقُّ في الدُّنيا تَراجَعَ واخْتَفى

وإذَا بَدتْ رُوحُ الضَّلالِ تحَرَّكتْ *** أشواقُهُ فَسَعى إليهَا واحْتَفَى

 

ليسَ الـمثقَّفُ منْ يذُمُّ دُعَاتَنا *** وشُيوخَنا ظُلماً، ويَمدحُ أُسْقُفا

ويَرى حُدودَ الشَّرعِ فينَا قَسوةً *** تُؤذِي الـمشاعِرَ، والحِجابُ تخَلُّفا

يرتادُ أوْكارَ الفسَادِ مُجاهراً *** مُتلبِّساً بضَلالِهِ مُتلفلِفا

ليسَ الـمُثقَّفُ من يَزورُ سِفارةً *** غَربيَّةً مُتودِّداً مُتلطِّفا

يُهدِي لهَا الأسرَارَ من أوْطَانِهِ *** مُتجاوِزاً في قولِهِ مُتَعَسِّفَا

ليسَ الـمثقَّفُ من يصُوغُ رِوَايةً *** تَطوي الرَّذيلةُ في مَداها الأحرُفا

يَرمي بهَا حِصنَ الفَضِيلةِ والتُّقى *** مُتَباهِياً بضَلالِهِ مُتَطرِّفَا

ينسَاقُ في دَرِبِ الضَّلالِ مُجادلاً *** مُتلوَّناً (مُتَحامِلاً) مُتفلْسِفا

ليسَ الـمُثقَّفُ من يَبيعُ صَلاحَهُ *** ويظَلُّ في طُرُق الضَّلالةِ مُسْرفَا

 

إنَّ الـمُثقَّفَ منْ يُعزُّ بدينِهِ *** عِزَّاً ينَالُ بهِ الـمَقامَ الأشرَفا

إنَّ الـمُثقَّفَ من يُضِيءُ حياتَهُ *** بالحَقِّ يَبقى صَادقاً مُتعفِّفا

يَحمِي حِمَى الأَوطَانِ من أعْدَائِها *** ويصُدُّ عنهَا الكاذِبَ الـمتَزَلِّفا

إنَّ الـمُثَقَّفَ منْ يُعطِّرُ فِكرهُ *** بتُقَاهُ، يتبَّعُ النَّبيَّ الـمُصطفَى

 

أقولُ ما تسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ من كلِ ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ على إحسانِه والشُّكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، أشهدُ أن لا إله إلا هو وحدَه لا شريكَ له إعظاماً لشأنِه، وأشهدُ أن محمَّداً رسولُ اللهِ الدَّاعي إلى سبيلِه ورضوانِه، صلى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه الطَّيبينَ الطَّاهرينَ، وعلى آلِه وذريتِه والتَّابعينَ لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ..

 

أما بعد: فيا أهلَ الثَّقافةِ والإعلامِ.. ويا أهلَ الصَّحافةِ والأقلامِ.. ويا أهلَ النُّهى والأحلامِ.. دينُكم دينُكم.. ووطنُكم وطنُكم.. وأهلُكم أهلُكم.. إذا قلتُم فاعدلوا.. وإذا انتقدتم فلا تُعمِّموا.. اجمعوا القلوبَ ولا تُفرِّقوها.. أحسِنوا الظُّنونَ ولا تُسيئوها.. اتركوا الشِّقاقَ والخلافَ العقيمِ.. حتى لا يأتيَ الفشلُ والذُّلُّ الأليمُ.. واسمعوا وصيَّةَ ربِّكم تعالى حينَ قالَ: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46].

 

ومهما كانَ ومهما حدثَ.. فاعلموا أنَّ شعائرَ الدِّينِ خطٌّ أحمرُ.. لا نقبلُ المساسَ به من أيِّ شخصٍ كائناً من كانَ.. ولا نقبلُ الطَّعنَ في أحكامِ الإسلامِ في أيِّ زمانٍ ومكانٍ.. فهي كاملةٌ تامَّةٌ بإتمامِ اللهِ –تعالى- لها: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) [المائدة: 3].. ليسَ فيها نقصٌ ولا خللٌ بل صالحةٌ ناصحةٌ خالصةٌ إلى يومِ القيامةِ.. وإن كانَ من سوءِ فِهمٍ فهو في قُصورِ فِهمِنا.. وقلَّةِ علمنا.

 

الأخطاءُ الفرديَّةُ فرديَّةٌ.. والآراءُ الشَّخصيَّةُ شخصيَّةٌ.. لا تُمثِّلُ إلا أصحابَها ولا تُسيءُ إلَّا إلى مُرتكبيها.. فليسَ خطأُ الطَّبيبِ سبباً في إغلاقِ المستشفياتِ.. وليسَ غلطةُ معلمٍ سبباً لإغلاقِ المدارسِ والجامعاتِ.. وليسَ سوءُ تعاملِ رجلِ الهيئةِ سبباً لإلغاءِ الهيئاتِ.. بل هي أخطاءٌ تُعالجُ بالهدوءِ ومن أهلِ الاختصاصِ.. لتفادي أثرِ هذه الأخطاءِ على الصَّالحِ العامِّ والخاصِ..

 

ولنجتمعُ الآنَ حيثُ تكالبَ علينا الأعداءُ.. ولنكونَ صفَّاً في الدَّاخلِ يعمُّه الصَّفاءُ.. واعلموا أنه لا وِفاقَ ولا محبةَ إلا أن نعتصمَ بحبلِ اللهِ تعالى جميعاً.. (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 105].

 

اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُلُوبِنَا، وَأَزْوَاجِنَا، وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمِكَ مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ، قَابِلِينَ لَهَا، وَأَتِمِمْهَا عَلَيْنَا.

 

 اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، واخذُل الشركَ والمشركين، اللهم انصُر دينَكَ وكتابَكَ وسُنَّةَ نبيِّك وعبادَكَ المؤمنينَ،اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المُسلمينَ، ونفِّسْ كربَ المكرُوبِين، واشفِ مرضانا ومرضَى المُسلمين، برحمتِك يا أرحم الراحمين، اللهم انصُر إخواننا المُستضعَفين في دينهم في سائر الأوطان.

 

 اللهم انصُر إخواننا المُستضعَفين في دينهم في سائر الأوطان، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاةَ أمورنا، واجعل ولايتَنا فيمن خافك واتقاك واتبع رِضاك يا رب العالمين.

 

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا لما تحبُّه وترضاه من الأقوال والأعمال يا حي يا قيوم، اللهم أصلِح له بِطانتَه يا ذا الجلال والإكرام، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

 

المرفقات
المثقف.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life