عناصر الخطبة
1/ حاجة الناس للتعاون 2/ التشريعات الإسلامية الداعمة للتعاون المُراعية للمصالح الكلية 3/ ثمرة التعاون 4/ وحدة المسلمين من أصول الإسلام 5/ جهود بلادنا والتحالف العربي في دعم اليمناقتباس
التعاون هو سبيل النجاح، وإدراك الغايات السامية، والأهداف النبيلة، روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا"، وشبك بين أصابعه. متفق عليه.
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
أيها المسلمون: سخر الله -عز وجل- الناس بعضهم لبعض، فلا يستطيع أحد أن يستقل بنفسه؛ لذلك، لا بد من التعاون بين الناس لقيام المجتمعات وبنائها وتقدمها ورفعتها، ولا يمكن أن يعيش الفرد بدون معونة الآخرين، ولا يحيا حياة آمنة مطمئنة بدون تعاون مع غيره.
وللتعاون أهمية بالغة في تماسك المجتمع، ونشر المحبة فيه، وتحقيق التكافل بين أفراده؛ ورسالة نبينا -صلى الله عليه وسلم- رسالة الجماعة، رسالة التأليف والبناء، والتآلف والإخاء، مليئة بالتعاليم الربانية، تنشر الأمن، وتبني مجتمعا إسلاميا مترابطا متكاتفا.
عن النعمان بن بشير -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" متفق عليه.
لذلك شرع الله الزكاة ورغب في الصدقة، ورغب في الوقف بكل أنواعه وجميع أبوابه، وحث على الإحسان للجيران ومعاونتهم، وعيادة المرضى والوقوف بجانبهم، ومساعدة المحتاجين وإدخال السرور على قلوبهم. ودعا جميع أفراد المجتمع الواحد أن يتعاونوا فيما بينهم على البر والتقوى.
إخوة الإيمان: التعاون هو سبيل النجاح، وإدراك الغايات السامية، والأهداف النبيلة، روى أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا"، وشبك بين أصابعه. متفق عليه.
إن هذا الحديث العظيم خبر من النبي -صلى الله عليه وسلم- عن المؤمنين أنهم على هذا الوصف، ويتضمن الحث منه على مراعاة هذا الأصل، وأن يكونوا إخوانا متراحمين متحابين متعاطفين، يحب كل منهم للآخر ما يحب لنفسه، ويسعى في ذلك.
وأن عليهم مراعاة المصالح الكلية الجامعة لمصالحهم كلهم، وأن يكونوا على هذا الوصف، فإن البنيان المجموع من أساسات وحيطان محيطة كلية وحيطان تحيط بالمنازل المختصة، وما تتضمنه من سقوف وأبواب ومصالح ومنافع، كل نوع من ذلك لا يقوم بمفرده حتى ينضم بعضه إلى بعض؛ كذلك المسلمون، يجب أن يكونوا كذلك فيراعوا قيام دينهم وشرائعه وما يقوّم ذلك ويقويه، ويزيل موانعه وعوارضه.
فالفروض العينية يقوم بها كل مكلف، لا يسع مكلفا قادرا تركها أو الإخلال بها، وفروض الكفايات: يجعل في كل فرض منها من يقوم به من المسلمين، بحيث تحصل بهم الكفاية، ويتم بهم المقصود المطلوب.
قال -تعالى- في الجهاد: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) [التوبة:122]. وقال -تعالى-: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104].
وأمر -تعالى- بالتعاون على البر والتقوى، فالمسلمون قصدهم ومطلوبهم واحد، وهو قيام مصالح دينهم ودنياهم التي لا يتم الدين إلا بها، وكل طائفة تسعى في تحقيق مهمتها بحسب ما يناسبها ويناسب الوقت والحال.
ولا يتم لهم ذلك إلا بعقد المشاورات والبحث عن المصالح الكلية، وبأي وسيلة تدرك، وكيفية الطرق إلى سلوكها، وإعانة كل طائفة للأخرى في رأيها وقولها وفعلها، وفي دفع المعارضات والمعوقات عنها، فمنهم طائفة تتعلم، وطائفة تعلم، ومنهم طائفة تخرج إلى الجهاد بعد تعلمها لفنون الحرب، ومنهم طائفة ترابط وتحافظ على الثغور ومسالك الأعداء، ومنهم طائفة تشتغل بالصناعات المخرجة للأسلحة المناسبة لكل زمان بحسبه، ومنهم طائفة تشتغل بالحراثة والزراعة والتجارة والمكاسب المتنوعة، والسعي في الأسباب الاقتصادية، ومنهم طائفة تشتغل بدرس السياسة وأمور الحرب والسلم، وما ينبغي عمله مع الأعداء مما يعود إلى مصلحة الإسلام والمسلمين، وترجيح أعلى المصالح على أدناها، ودفع أعلى المضار بالنزول إلى أدناها، والموازنة بين الأمور، ومعرفة حقيقة المصالح والمضار ومراتبها.
وفي الجملة، يسعون كلهم لتحقيق مصالح دينهم ودنياهم، متساعدين متساندين، يرون الغاية واحدة، وإن تباينت الطرق، والمقصود واحدا، وإن تعددت الوسائل إليه.
ولهذا؛ حث ديننا على ما يقوي هذا الأمر وما يوجب المحبة بين المؤمنين، وما به يتم التعاون على المنافع، ونهى عن التفرق والتعادي، وتشتيت الكلمة، في نصوص كثيرة، حتى عُد هذا أصلا عظيما من أصول الدين تجب مراعاته واعتباره، وترجيحه على غيره، والسعي إليه بكل ممكن.
فنسأل الله -تعالى- أن يحقق للمسلمين هذا الأصل، ويؤلف بين قلوبهم، ويجعلهم يدا واحدة على من ناوأهم وعاداهم، إنه كريم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فيا إخوة الإيمان، يقول ربنا -تبارك وتعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) [التوبة:71]، ولا يخفى عليكم ما تبذله بلادنا في قيادة التحالف العربي نصرة وعونا لإخواننا في اليمن، وحفاظا على أمنهم واستقرارهم، بإنقاذهم من الخونة المتربصين باليمن وأمنه، وقدمت كثيرا من المبادرات التي لا تقل أهمية عن عاصفة الحزم التي جنبت اليمن عبث الحوثيين وأعوانهم ممن خانوا وأرخصوا وطنهم.
ومن ذلك المبادرة بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة وتقديم المساعدة للمتضررين والمنكوبين، وفي المقابل يستقوي الحوثيون التي تعيث في الأرض فسادا، فقد ساهمت في زعزعة استقرار اليمن، ونشر الفوضى، في الوقت الذي ترفع فيه الشعارات الممانعة والموت لإسرائيل وأمريكا، ولسان حالها يقول: إنما نحن مصلحون! بينما الواقع يقول: إنهم هم المفسدون.
فنسأل الله -تعالى- أن يبطل كيدهم، ويهتك سترهم، وينتقم منهم، ويخذلهم عاجلا غير آجل، كما نسأله -تعالى- أن ينصر بلادنا وحلفاءها عليها، وأن يعينهم على إعادة الأمن والاستقرار إلى بلاد اليمن.
التعليقات