أ. صالح بن أحمد الشامي
تبين لنا مما سبق أن المسجد النبوي في عهد الرسول الكريم، لم يكن فيه محراب، ولم يكن له منارة، كما لم يكن له قبة، وأنه كان خلواً من الزخرفة..
وظل كذلك طيلة عهد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم.
وقد استحدثت هذه العناصر المعمارية في بناء المسجد بعد ذلك، ثم أصبحت عناصر أصيلة في معمار المساجد. وسوف نتحدث عن كل منها في لمحة موجزة:
المحراب:
هو عبارة عن تجويف غير نافذ، في وسط جدار القبلة، يقف الإمام فيه أو أمامه متجهاً إلى القبلة.
وأول من أحدثه في المسجد النبوي هو عمر بن عبد العزيز، في عمارة الوليد بن عبد الملك للمسجد النبوي عام 88 - 91هـ[1].
وهذا لا يعني أن المسجد النبوي هو أول مسجد يقام فيه المحراب، فمن المعروف أن عبدالملك بن مروان بني مسجد قبة الصخرة الذي أنجز بناؤه عام 72هـ وأنشأ في جداره الجنوبي محراباً[2].
ولعل الذي دعاهم إلى إنشائه، هو تحديد مكان الإمام وهو في الوقت نفسه بيان لجدار القبلة.
وفائدة ثانية، أمكن التوصل إليها فيما بعد، وهي تضخيم صوت الإمام بحيث يصل إلى المصلين جميعهم، حتى ولو كان المسجد واسعاً، وذلك اعتماداً على دراسة الصوت وانعكاسه.. وضبط انحناء المحراب بمقاييس مقدرة. ومن المحاريب التي كانت تؤدي هذه المهمة محراب جامع قرطبة[3].
وإذن، فقد كان وجود المحراب تلبية لأكثر من حاجة، ومع ذلك فقد وقف منه بعض الفقهاء موقفاً متشدداً، لكونه شيئاً محدثاً لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن بعض المؤشرات تدل على أن أصل الفكرة لا تخرج عن نطاق السنة. فقد روى الإمام أحمد - في أمر اتخاذ المنبر - عن أبي بن كعب قوله: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع، وكان المسجد عريشاً، وكان يخطب إلى جانب ذلك الجذع.."[4].
ففي قول أبي (كان صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جذع) إشارة إلى أن الجذع كان له مهمة أخرى غير الخطبة إلى جانبه، وهي الصلاة خلفه، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الإمام، فهذا يعني أن الجذع أصبح علامة تحدد مكان الإمام، وبالتالي فهي تحدد جدار القبلة أيضاً، ولا يقبل هنا قول القائل: إن الجذع كان سترة[5]، لأن الجدار كان خلفه مباشرة وفي الجدار كفاية.
المئذنة:
المئذنة هي المكان المرتفع الذي ينادى منه للصلاة، فهي مكان المؤذن.
والمئذنة ليست بدعة من حيث فكرتها ومن حيث وجودها، فقد وجد أصلها زمن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان بلال يرتقي على سطح ليؤذن فوقه، ثم لما بني المسجد جعل له مرقاة فوق سطحه ليؤذن فوقها - كما ذكرنا ذلك من قبل -.
ومن المعروف أن بلالاً علا سطح الكعبة، يوم فتح مكة، ليؤذن فوقه[6]..
ويبدو لي أن المئذنة استكملت شكلها تحت عامل الحاجة، فالمؤذن يضطر أن يرتفع فوق مكان الأذان إذا حان الوقت، في شدة وهج الشمس وحرها، وكذلك في حال نزول المطر.. وهذا ما دعاهم للتفكير في مظلة تقيه حر الشمس، ومطر الشتاء، وكان الشكل الأول البسيط للمئذنة..
ومع الأيام، وكما هي سنن الحياة، بعد تلبية الضرورة، يفكر بالكماليات، ولذا بدأت عمليات التجميل تأخذ مكانها على السطح الخارجي للمئذنة وفي شكلها.
والمئذنة بحكم وظيفتها هي أعلى مكان في المسجد. وبهذا فقد أسندت إليها وظيفة أخرى، وهي كونها شعاراً يعطي هوية البناء ويدل عليه.
وهكذا أضحت ركناً أصيلاً ومهماً في بنيان المسجد يحسب حسابه إنشائياً ومعمارياً وجمالياً.
ولعل أول مئذنة بنيت بالحجارة، هي مئذنة جامع البصرة عام 45 هـ فقد جاء في فتوح البلدان: "لما بنى زياد المسجد، جعل لصفَّته المقدمة خمس سوار، وبنى منارته بالحجارة.."[7].
وتتابع بناء المآذن بعد ذلك.
وأول من أدخل المئذنة إلى المسجد النبوي هو عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في توسعة الوليد للمسجد بين عامي 88 - 91[8].
القبة:
القباب شكل معماري عرف قديماً، وقد أدخله المسلمون في بناء المساجد، ولعل الدافع إلى استخدامه كان في البدء دافعاً معمارياً ثم أصبح دافعاً جمالياً.
إن اتساع المسجد يجعل كمية النور في وسطه قليلة، ذلك أن مصدر النور الأساسي هو الضلع الخلفي المقابل لجدار القبلة، فهذا الضلع بسبب كونه الفاصل بين الحرم والصحن يمكن للنور أن يدخل منه إلى الحرم، أما الأضلاع الثلاثة فلم تكن تفتح فيها نوافذ لأنها في غالب الأحيان تكون جدراناً خارجية. ومن هنا كانت القبة وسيلة للحصول على كمية من النور تخدم المسجد في وسطه وداخله. وذلك عن طريق النوافذ التي تكون في القسم الأسفل الذي تقام فوقه القبة. وهكذا فالقبة في هذه الحالة لها ارتباطها الوثيق بالجانب المعماري. وهذا لا يمنع أنها بعد ذلك بدأت تؤدي دورها الكبير في الجانب الجمالي. بل إنها بعد ذلك اقتصرت على أداء وظيفتها في هذا الجانب فقط.. نلاحظ هذا حينما تتعدد القباب في البناء الواحد..
ولعل أقدم قبة شيدها المسلمون هي قبة الصخرة المشرفة، في بيت المقدس، وكان ذلك عام 72هـ في عهد عبد الملك بن مروان[9].
وهذه الصخرة هي المكان الذي عرج منه النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء.
ونلخص ما وصف به هذا البناء فنقول: يغطي هذا البناء مساحة من الأرض تقرب من ألفي متر مربع.
وتعد الصخرة هي مركز البناء، ولذا كانت القبة فوقها، ويبلغ قطر هذه القبة 20،44م، وهي تعتمد على رقبة اسطوانية يقرب ارتفاعها من خمسة أمتار، وقد فتحت فيها ست عشرة نافذة.
وتعتمد الرقبة بدورها على أربع دعامات، بين كل دعامتين منهما ثلاثة أعمدة من المرمر تحمل أربعة أقواس من الرخام الأبيض والأسود. وتشكل هذه الدعامات مع الأعمدة التي بينها دائرة تامة تحيط بالصخرة التي ما زالت على حالها يوم عرج منها المصطفى صلى الله عليه وسلم، شأنها في ذلك شأن صخرات الصفا والمروة.
وتلي هذه الدائرة التي تحمل القبة دائرة - أوسع منها - تحمل السقف، وهي تتكون من ثماني دعامات، بين كل دعامتين منها عمودان من المرمر، يحملان ثلاثة أقواس.
ويشكل الجدار الخارجي الدائرة الثالثة، التي تلي الدائرة الثانية، ولكنه جاء بشكل مثمن، طول ضلعه عشرون متراً، والمثمن هو أقرب شكل إلى الدائرة. فهو من الداخل متناسق مع الدائرتين من الأعمدة، ومن الخارج يعطي منظراً أجمل من منظر الدائرة.. وقد زينت جدران هذا المثمن بنوافذ متناظرة.
أما السقف فقد بني بشكل مائل، يستند في طرفه الداخلي - وهو الطرف المرتفع - على الدعامات التي تحمل رقبة القبة، ثم ينساب مائلاً معتمداً على دائرة الأعمدة الثانية، إلى أن يصل إلى نقطة الاستناد الثالثة وهي الجدار الخارجي، حيث يكون في أخفض نقط له، ويكون ارتفاعه بارتفاع الجدران وهو عشرة أمتار تقريباً.
ذلك هو الشكل المعماري للبناء الذي يعد من الأبنية المعقدة هندسياً.
الزخرفة:
ومما استحدث في بناء المساجد الزخرفة، وغايتها إظهار البناء بأبهى حلة، بحيث يأخذ الجمال مكانه في كل عنصر سواء أكان معمارياً أم تزيينياً. ومن هنا نستطيع أن نصنف الزخرفة فنجعلها نوعين:
• نوع يدخل في تشكيل وبنية العناصر المعمارية نفسها.
• ونوع يظل في إطار مهمته التزيينية الخالصة.
فأما النوع الأول فنجده في الأعمدة والأقواس والقباب والمداخل والمحاريب والنوافذ..
فالأعمدة - على سبيل المثال - هي عناصر معمارية تدخل في صلب البناء ويقوم عليها السقف.. ومع ذلك فقد أخذت نصيبها من العناية الزخرفية فوجدنا منها الاسطوانية والمضلعة، وفي كلا النوعين قد يكون السطح أملس وقد يكون ذا أفاريز.
وقد بذلت عناية كبيرة في شكل نهاية العمود عند اتصاله بالقوس - فقد تكون هذه النهاية بشكل هرم ناقص مقلوب، أو على شكل ناقوس مقلوب.. وقد يزخرف تاج العمود بوريقات ومقرنصات..
وكذلك العقود والأقواس قد اتخذت أشكالاً متعددة، وبرز كل نموذج في قطر من الأقطار.. فهناك العقود نصف الدائرية، وهناك العقود المدببة وهناك العقود التي على شكل نعل فرس، ثم العقود ذات النصوص، حيث يتشكل العقد الواحد من ثلاثة أقواس أو خمسة أقواس صغيرة..
وهناك الأقواس المزدوجة، بحيث يحمل العمود قوسين فوق بعضهما، كما في مسجد قرطبة بسبب ارتفاع السقف..
والقباب كذلك اتخذت أشكالاً متعددة.. وكذلك المداخل..
وتعد المقرنصات من العناصر المهمة التي كان لها دور معماري وتجميلي في آن واد. ذلك أنها ساعدت في عملية الانتقال من شكل معماري إلى آخر، ففي الانتقال من الشكل المربع الذي يحمل القبة، إلى الشكل الدائري - الذي هو شكل القبة - قامت المقرنصات بتغطية معمارية لهذه المثلثات الفراغية التي نتجت عن الفرق بين الشكلين. وكان لها دور مشابه في تغطية الفراغ الناتج عن بروز الشرفة في المآذن عن جسم المئذنة...
وأخذت كذلك مهمة جمالية في الأسقف وفي المحاريب..
أما النوع الثاني من الزخرفة، وهي الزخرفة التجميلية الخالصة، فيمكن ملاحظتها في المنابر والأبواب والجدران والقباب..
ففي سطوح الجدران والقباب والسقوف.. كان للنقش والرسم دوره في عملية التجميل حيث استعملت الأشكال الهندسية والنباتية والكتابة الزخرفية بتناسق عجيب وألوان متناسبة، وكثيراً ما تتداخل تلك العناصر الزخرفية لتؤلف وحدة منسجمة رائعة.
وفي الأبواب والمنابر الخشبية، برزت الأشكال الهندسية الرائعة في تلك الحشوات التي تملأ الفراغ بين العوارض الرئيسية التي يتكون منها الباب أو المنبر وكذلك في أنواع الشبك التي تزين بعض النوافذ.
وقد شاركت في عمليات التجميل تلك التفريغات الجصية التي أخذت مكانها في جسم المآذن أو فوق الأقواس والمداخل..
لقد قامت الزخرفة بدور كبير في عملية التجميل ففي كثير من المساجد، ما تكاد تقع عينك على شيء حتى تجد الزخرفة قد دخلت في كل جانب من جوانبه.. الحفر.. الفسيفساء.. الألوان.. المقرنصات..
ومع مرور الزمن.. والانتقال من قطر إلى آخر.. كان الفنان يستفيد من الخبرات السابقة، ويبتكر الجديد الذي يعبر فيه عن قدرته وإبداعه.
••••
التزام.. والتزام
مآذن وقباب.. محاريب ومنابر عالية.. زخارف وألوان..
تلك هي المستحدثات في المساجد. ومع هذا نقول إن المساجد ظلت في إطار الالتزام. فقد حافظ المسجد على شكله الإنشائي، الذي اقتبسه من المسجد القدوة، وأما تلك الإحداثات فهي إما ذات أصل طرأ عليه بعض التعديل - كالمنبر والمئذنة، والمحراب - وإما دفعت إليها حاجة معمارية - كالقبة والأقواس -
على أن هذه الإحداثات سرعان ما أخذت مكانها فأصبحت جزءاً لا يتجزأ في بناء المساجد. فكانت بذلك عناصر تؤكد وحدة المساجد في كل أرجاء الأرض كما أكدت وحدتها وحدة الاتجاه إلى الكعبة المشرفة.
والأمر الذي نحب الوقوف عنده هو قضية "الزخرفة" هل ظلت في حدود الالتزام الإسلامي، أم كانت خروجاً عليه؟
وقبل الإجابة على السؤال، ينبغي علينا أن نستطلع موقف الجيل الأول من هذه القضية، ونجد تلخيصاً لهذا الموقف في خبر عبد الله بن عمر حيث قال:
"إن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنياً باللبن وسقفه الجريد وعمده خشب النخل. فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمر، وبناه على بنيانه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشباً.
ثم غيره عثمان فزاد فيه زيادة كثيرة، وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقَصَّة[10]، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج[11]"[12].
ويتبين من هذا:
أن أبا بكر جدد بناء المسجد بعد أن نخر خشبه دون أن يزيد في مساحته كما أنه لم يغير مواد البناء التي كانت مستعملة فيه[13].
ثم زاد عمر في مساحته ولكنه أعاد بنيانه بالمواد نفسها.
ثم وسعه عثمان وأدخل فيه - لأول مرة - العناصر التجميلية..
ويبدو أن بعض الناس قد لام عثمان على ما أحدث من هذه الزخرفة، فقد روى البخاري ومسلم أن عثمان رضي الله عنه قال - عند قول الناس فيه حين بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم -: "إنكم أكثرتم، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة"[14].
وواضح من قول عثمان أنه لم ير في تلك الزخرفة، وتلك العناية بنوعية مواد البناء خروجاً على ما ورد في حديث الرسول الكريم، الذي يرغب ببناء المساجد، وإذن فالبناء مطلوب وإجادة العمل فيه كذلك، وذلك بغية التقرب إلى الله تعالى.
وحدثت التوسعة الأخرى بعد ذلك في عهد الوليد بن عبد الملك على يد عمر بن عبد العزيز، تلك التوسعة التي دخلت فيها الزخرفة على نطاق واسع. مما جعل ما حدث في عهد عثمان لا يعد شيئاً يذكر..
ومما جاء في وصف توسعة الوليد: ".. ونقش حيطانه بالفسيفساء والمرمر وعمل سقفه من الساج وحلاه بماء الذهب، ونقش رؤوس الأساطين والأعتاب بالذهب.."[15].
وفي صدد المقارنة بين ما حدث في عهد عثمان وما حدث في عهد الوليد يمكن الاستفادة من الخبر التالي: "لمّا حج الوليد وقدم إلى المدينة بعد فراغ عمر من عمارة المسجد، أخذ ينظر في جدره وسقفه ونقوشه وجميل شكله، حتى إذا تم النظر، التفت إلى أبان بن عثمان وقال: أين بناؤنا من بنائكم؟ قال أبان: بنيناه بناء المساجد، وبنيتموه بناء الكنائس.."[16] يقصد المغالاة في ذلك. وهذا يدل على أن زخرفة عثمان كانت أمراً يسيراً.
نخلص مما سبق إلى أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - آثراً بقاء المسجد على ما كان عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم، دون أدنى تعديل في مواد البناء أو شكله أو أسلوبه، وجنح عثمان - رضي الله عنه - إلى تعديل مواد البناء، وإدخال بعض الجماليات، وتوسع الوليد في تلك الزخرفة.
ويمكننا القول بأن المسجد في الحالين ظل في حدود الالتزام. ذلك أن التشريع الإسلامي يتميز بخصائص منها: الواقعية والمرونة، وانطلاقاً منهما فإن الكثير من التكاليف جاءت ضمن إطار من الفسحة، فهي تتراوح بين حد أعلى يعدُّ مثلاً للكمال، وبين حد أدنى لا يجوز الخروج عليه[17].
وبناء على هذا فقد كان فعل كل من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما في شأن بناء المسجد التزاماً بالحد الأعلى، التزاماً بالذروة من الكمال.. فلم يغيرا في البناء وأبقياه كما كان في عهده صلى الله عليه وسلم.
وما فعله الوليد كان التزاماً أيضاً، فهو لم يفعل شيئاً حرّمه الإسلام ولم يكن في عمليات الزخرفة شيء قال الإسلام بمنعه، وظلت الزخرفة ضمن إطار من الزخرفة الهندسية والنباتية التي يبيحها الإسلام، ولم يحدث أن وجد في تلك الزخرفة شيء من رسوم الأشخاص أو ذوات الأرواح. وإذن فقد ظل ضمن دائرة الالتزام، وإن كان بعمله ذاك قد انتقل من درجة الفاضل إلى درجة المفضول.
وما فعله عثمان رضي الله تعالى عنه كان وسطا ًبين تلك الدرجتين..
وقد اختلف موقف الفقهاء من هذه القضية - قضية تزيين المساجد - ولعل الرأي الوسط هو ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة، إذ رخص في ذلك إذا وقع على سبيل التعظيم للمساجد، ولم يقع الصرف على ذلك من بيت المال[18].
وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى عدم صحة بناء المساجد من مال الزكاة. إذ للزكاة مصارفها الخاصة بها.
وذلك موقف سديد، فلا مانع من تجميل المساجد وإنفاق المال فيها في غير الضرورات. إذا لم يكن ذلك على حساب جهات أخرى، وكان من أموال المتبرعين وليس من بيت مال المسلمين.
وإذن فالمعارضة ليست لذات الزخرفة، إذا كانت في إطار المباحات.
[1] انظر (فصول من تاريخ المدينة المنورة) ص 55. وقد نقل ذلك عن السيوطي.
[2] انظر (العمارة العربية الإسلامية) لمؤلفه د. فريد محمود شافعي ص 152.
[3] ذكر لنا هذا عند زيارتنا له في صيف 1404هـ ولم يتح لنا تجربة ذلك. على أن هندسة الصوت معروفة قديماً ففي المسارح الرومانية ما يشبه ذلك. وقد شاهدت ذلك في مسرح بصرى.
[4] مسند الإمام أحمد 5/138.
[5] السترة: شيء يضعه المصلي أمامه تاركاً مسافة مقدار سجوده، وهي سنة إذا كانت الصلاة بأرض فلاة..
[6] انظر كتاب (من معين السيرة) للمؤلف ص 392و 399.
[7] فتوح البلدان للبلاذري ص 427. مكتبة النهضة المصرية. نشره: صلاح الدين المنجد.
[8] فصول من تاريخ المدينة المنورة ص 66.
[9] نسب ابن كثير في البداية بناء قبة الصخرة إلى الوليد [البداية 9/165] ولكن الكتابة المدونة إزاء سقف المسجد تبين أن البناء تم سنة 72هـ. مما يؤكد أنه كان زمن عبد الملك.
[10] القصة: الجص.
[11] الساج: نوع من الخشب.
[12] الحديث رواه البخاري وأبو داود. انظر جامع الأصول 11/185 رقم 8718.
[13] سنن أبي داود. كتاب الصلاة/ بناء المساجد.
[14] جامع الأصول 11/186 رقم 8719.
[15] مرآة الحرمين. تأليف إبراهيم رفعت باشا 1/463.
[16] المصدر السابق 1/463.
[17] كثيرة هي التكاليف التي جعلت على التخيير. فكفارة اليمين: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. وأفضلها العتق، وأقلها الإطعام. والصلاة لها بدء وقت، ونهاية وقت، وهي في الوقت الأول أفضل.. والصدقة أمر مشروع وهي إذا كانت سراً أفضل..
[18] انظر فتح الباري 1/541.
التعليقات