عناصر الخطبة
1/ أهمية الصدق 2/ فضل الصدق 3/ الحث على الصدقاهداف الخطبة
اقتباس
هو الصدق في الاعتقاد، المترجم عنه بالأقوال والأفعال المطابقة له في واقع الأمر، فلا شك ولا ريب ولا تزعزع أو تردد فيما يجب الإيمان به، والتسليم به، ولا مخالفة له بالأفعال، ولا تكذيب له عملياً بما ينطق اللسان بخلافه من الأقوال، وإنما اعتقاد صادق مصدق بالأقوال والأفعال التي تظهر ما خفي مما قام بالقلب، تظهره حقيقة واقعية في عالم الحياة، ودنيا الناس مهما كانت الأحوال أو قست الظروف ..
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلّم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فيقول الله -جل جلاله وتقدست أسماؤه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119]
أيها المؤمنون: لقد جاءت نصوص القرآن والسنة مبينة وموضحة أن الصدق أساس عبادة الله وحده التي خلقنا من أجلها، والجامعة لكل ما يحبه الله ويرضاه، وأساس تقوى الله التي أمرنا بها، وبها جماع خير الدنيا والآخرة، بل وأساس لجميع الأخلاق الفاضلة، والقيم الكريمة التي يقوم عليها بناء المجتمعات الحية المتعاونة المتآمنة.
فليس في الأخلاق خلق أمس بالإصلاح والنظام الاجتماعي من الصدق، بل ولا بأفسد لهما من ضده وهو الكذب؛ فبالصدق تضمن الحقوق، وتطمئن النفوس، ويستتب ما تحتاجه الأمة في حياتها من أمن ورخاء واستقرار (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ) [محمد:21]
ولا جرم -أيها الأخوة- فبالصدق وعليه بنيت تربية وإعداد حملة رسالة الله من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأتباعهم بإحسان عليهم جميعاً -صلوات الله وسلامه- ممن أعدوا وأهلوا للقوامة على البشرية، والاستخلاف في الأرض. يقول الله تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَبِيّاً) [مريم:41]
ويقول: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الزمر:33-35] ويقول: (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [المائدة:119]
والصدق الذي مدح الله أهله ووعدهم عليه ما سلف مما يسمو بنفوسهم إلى مصاف الأنبياء ومنازل الشهداء مع الذي أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
هو الصدق في الاعتقاد، المترجم عنه بالأقوال والأفعال المطابقة له في واقع الأمر، فلا شك ولا ريب ولا تزعزع أو تردد فيما يجب الإيمان به، والتسليم به، ولا مخالفة له بالأفعال، ولا تكذيب له عملياً بما ينطق اللسان بخلافه من الأقوال، وإنما اعتقاد صادق مصدق بالأقوال والأفعال التي تظهر ما خفي مما قام بالقلب، تظهره حقيقة واقعية في عالم الحياة، ودنيا الناس مهما كانت الأحوال أو قست الظروف.
فالمؤمن الصادق هو الذي يوحد ما استشعره بقلبه مع ما ينطق به لسانه، أو تتحرك به أركانه يقول -سبحانه وتعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحجرات:15]
ويقول في سياق الرد على من تردد في تحويل القبلة مبيناً تعالى أن أمر المسلم أمر تصديق وطاعة وامتثال وتوجه حيث وجه: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة:177]
فاتّقوا الله -أيها الأخوة المؤمنون-، واصدقوا الله تصدقوا، اصدقوا مع الله في معتقداتكم وأقوالكم وأعمالكم ومعاملاتكم؛ تصدقوا وتدخلوا مدخل صدق، وتخرجوا مخرج صدق، ويجعل لكم تعالى سلطاناً نصيراً، وتسلموا من صفات الذين وُعدوا الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً، ممن يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.
يقول -عليه الصلاة والسلام-: "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عنده صديقاً، وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عنده كذاباً".
وأستغفر الله لي ولكم.
التعليقات