عناصر الخطبة
1/أهمية الزكاة 2/بعض ما جاء من الوعيد في حق مانعي بالزكاة 3/نصاب الذهب والفضة والأوراق النقدية ومقدار ما يخرج منها 4/حكم زكاة الحلي والقول الراجح في ذلك 5/نصاب عروض التجارة ونصابها ومقدار ما يخرج منها 6/أقسام الدين وكيفية زكاة كل قسم 7/نصاب الأسهم والمستندات 8/الأصناف المستحقة للزكاة 9/أناس لا يجوز دفع الزكاة لهماهداف الخطبة
اقتباس
من جحد وجوب الزكاة، فقد كفر، ومن منعها بخلاً وتهاوناً مع اعتقاد وجوبها، كان من فسّاق هذه الأمة، وحكمه في الآخرة، أنه تحت المشيئة، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة، وإن شاء -عز وجل-، عذبه بالنار بقدر فسقه ثم أدخله الجنة. ومن أداها معتقداً وجوبها، راجياً ثوابها، فـ...
الخطبة الأولى:
أما بعد:
أيها المسلمون الصائمون: لقد اعتاد غالب المسلمين، أن يؤدوا زكاة أموالهم، في شهر رمضان المبارك، فكان من المناسب، أن يكون حديثنا في هذه الجمعة، بعد توفيق الله -عز وجل-، عن هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، وهو ركن الزكاة.
أيها المسلمون: إن شرعية الزكاة ثابت في كتاب الله -عز وجل-، وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأجمع المسلمون على ذلك.
لقد قُرن الزكاة في غير ما آية من كتاب الله بالصلاة، في مثل قوله تعالى: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ)[البقرة:43].
وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت".
فمن جحد وجوب الزكاة، فقد كفر، ومن منعها بخلاً وتهاوناً مع اعتقاد وجوبها، كان من فسّاق هذه الأمة، وحكمه في الآخرة، أنه تحت المشيئة، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة، وإن شاء -عز وجل-، عذبه بالنار بقدر فسقه ثم أدخله الجنة.
ومن أداها، معتقداً وجوبها، راجياً ثوابها، فليٌبْشر بالخير الكثير، والخلف العاجل والبركة، قال الله -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَيء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[سبأ: 39].
وقال تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْولَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ وَللَّهُ يُضَـاعِفُ لِمَن يَشَاء وَللَّهُ وسِعٌ عَلِيمٌ)[البقرة: 261].
أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-، أدوا ما أوجب الله عليكم في أموالكم، التي رزقكم الله -تعالى-، فإن بعض المسلمين، تساهلوا في هذا الركن العظيم.
إن بعض المسلمين لا يؤدون زكاة أموالهم -والعياذ بالله-.
لقد أخرجكم الله -يا عباد الله- من بطون أمهاتكم، لا تعلمون شيئاً، ولا تملكون لأنفسكم نفعاً ولا ضراً، ثم يسر الله لكم الرزق، وأعطاكم ما ليس في حسابكم، فقوموا -أيها المسلمون- بشكره، وأدوا ما أوجب عليكم، لتبرأ ذممكم، وتطهروا أموالكم، واحذروا الشح والبخل بما أوجب الله عليكم، فإن ذلك هلاككم، ونزع بركة أموالكم.
أيها المسلمون المؤمنون: هؤلاء الذين بخلوا على الله -عز وجل-، ولم يؤدوا هذا المقدار البسيط، الذي أوجبه الله عليهم في أموالهم، ألم يقرؤوا الوعيد بالنيران في كتاب الله -عز وجل- لمن بخل بما آتاه الله؟
قال الله -عز وجل-: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)[آل عمران: 180].
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ)[التوبة: 34 - 35].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في تفسير الآية الأولى: "من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مُثّل له شجاعاً أقرع -وهي الحية الخالي رأسها من الشعر، لكثرة سمها- مثل له شجاعاً أقرع له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة، يأخذ بشدقيه، يقول: أنا مالك، أنا كنزك"[رواه البخاري].
وقال صلى الله عليه وسلم في تفسير الآية الثانية: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)[التوبة:34].
قال عليه الصلاة والسلام: "ما من صاحب ذهب ولا فضة، لا يؤدي فيها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم، فتكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد"[رواه مسلم].
فاتقوا الله -أيها المسلمون-: يا من تتهاونون في دفع زكاة أموالكم، تأملوا الحديث.. فو الله لا يحمى على الذهب والفضة، في نار كنار الدنيا، إنما يحمى عليها في نار أعظم من نار الدنيا، بتسعة وستين جزءاً.
أيها المسلمون: إنه إذا أحمي عليها، لا يكوى بها طرف من الجسم فقط، وإنما يكوى بها الجسم من كل ناحية، الجباه من الأمام، والجنوب من الجوانب والظهور من الخلف.
أيها المسلمون: إن هذا العذاب ليس في يوم ولا شهر ولا في سنة، ولكن في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
فيا عباد الله: يا من آمنوا بالله ورسوله، يا من صدّقوا بالقرآن، وصدقوا بالسنة: ما قيمة الأموال التي تبخلون بزكاتها، وما فائدتها؟ إنها تكون نقمة عليكم، وثمرتها لغيركم، إنكم لا تطيقون الصبر على وهج الحر أيام الصيف، فكيف تصبرون على نار جهنم.
فاتقوا الله -عباد الله- أدوا زكاة أموالكم، طيبة بها نفوسكم، تنجون من عذاب ربكم.
فبادروا بزكاة المال إن بها *** للنفس والمال تطهيراً وتحصيناً
ألم تروا أن أهل المـال في وجل *** يخشون مصرعهم إلا المزكينا
فهل تظنون أن الله أورثكم *** مالاً لتَشْقَوا به جمعاً وتخزيناً
أو تقصروه على مرضاة أنفسكم *** وتحرموا منه معتداً ومسكيناً
ما أنتم غير أقوام سيسألكم *** إلهكم عن حساب المستحقينا
ولن تنالوا نصيباً من خلافته *** إلا بأن تنفقـوا مما تحبونا
أيها المسلمون: لقد جاءت النصوص عامة مطلقة، في وجوب الزكاة في الذهب والفضة.
ففي الذهب إذا بلغ عشرين ديناراً، وفي الفضة، إذا بلغت مائتي درهم، هذا هو نصاب الذهب والفضة، فما كان أقل منه فلا زكاة فيه، وما كان منه فأكثر، ففيه ربع العشر، ففي عشرين ديناراً نصف دينار، وفي مائتي درهم خمسة دراهم.
وهذه الأوراق النقدية، التي تتعاملون بها، بدلاً من الذهب والفضة، لها حكم الذهب والفضة، فإذا بلغت ما يساوي ستة وخمسون ريالاً سعودياً من الفضة ففيها ربع العشر.
عباد الله: وأما حلي المرأة، من الذهب والفضة، إذا كانت تلبسه أو تعيره، فقد اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى-، قديماً وحديثاً، في وجوب الزكاة فيه، وقد أمرنا الله -عز وجل- في حال الاختلاف، أن نرد الأمر للكتاب والسنة، فقال تعالى: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)[النساء: 59].
وإذا رددنا ذلك النزاع إلى الكتاب والسنة وجدنا الصواب، مع الذين قالوا بوجوب الزكاة فيه، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: "أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعها بنت لها، وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أتؤدين زكاة هذا؟" قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بها، سوارين من نار؟" فخلعتهما فألقتهما إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقالت: هما لله ورسوله".
أيها المسلمون: ومما تجب فيه الزكاة أيضاً: عروض التجارة، وهي ما أعده الإنسان للبيع، والاتجار به، من حيوان وعقار وأثاث ومتاع وغير ذلك.
كل شيء عندك للتجارة، فهو عروض تجارة، إذا حال عليها الحول، فقومه كم يساوي، ثم أخرج ربع عشر قيمته.
ومن عروض التجارة أيضاً: ما يكون عند الفلاحين، من الإبل والبقر والغنم، التي يربونها للبيع.
فأما العقارات التي أعدها الإنسان له، ولا يريد بيعها، وإنما يريد أن يسكنها، فهذه ليس فيها زكاة.
ولا زكاة فيما أعده الإنسان لبيته، من الأواني والفرش ونحوها، ولا فيما أعده الفلاح لحاجة الفلاحة، من المكائن والآلات ونحوها.
وخلاصة ذلك: أن كل شيء تعده لحاجتك أو للاستغلال، سوى الذهب والفضة، فلا زكاة فيه.
وما أعددته للإتجار والتكسب، ففيه الزكاة.
عباد الله: أما بالنسبة للعقارات المعدة للإيجار، فإن الزكاة في ربع العشر من قيمة الإيجار، وليس من قيمة العقار نفسه.
وإذا كان هناك أراضٍ عند أحد فإن كان يريدها للسكنى، وينوي أن يبنيها ثم يسكنها، فهذا لا زكاة عليها، وإن بقيت لعدة سنوات.
وإذا كان يبيع ويشتري بها فحكمها حكم عروض التجارة، تقوم كل سنة ثم يزكى ربع العشر من قيمتها.
وإن كان لا يريدها للسكنى ولا يبيع ويشتري في الأراضي، لكن نوى أن يبنيها إما فلل أو شقق ثم يؤجرها، فهذا أيضاً لا زكاة فيها، حتى يبنيها.
والزكاة تكون في ربع العشر من قيمة الإيجار فيما بعد متى حال عليها الحول.
وأما بالنسبة للديون التي عند الناس، فلا يجب عليك إخراج زكاتها حتى تقبضها، فإذا قبضتها، فإن كان الدين على مليء، وجب أن تخرج عنه زكاة كل السنوات الماضية.
وإن كان على فقير لم يجب أن تخرج إلا عن سنة واحدة فقط، وإن أخرجت زكاة الدين قبل قبضه فلا بأس.
وأصحاب المزارع، هؤلاء أيضاً عليهم إخراج زكاة هذه الزروع والثمار، فإن كل ما يقتات ويدخر ففيه الزكاة، قال صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة".
وهذا هو نصاب زكاة الزروع: خمسة أوسق، وهي قرابة الستمائة وخمسة وسبعون كيلو جراما.
فمن ملك هذه الكمية، فإن كان هو يسقيها ففيها نصف العشر، وإن كانت السماء والأنهار تسقيها، ففيها العشر كاملاً، قال صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت الأنهار والغيم العشور، وفيما سٌقي بالساقية نصف العشر"[رواه مسلم].
ولا يشترط الحول في زكاة الزروع والثمار، وإنما زكاته مرة واحـدة فقـط: (وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)[الأنعام: 141].
وأيضاً هذه الأسهم والمستندات التي بأيدي الناس هذه الأيام، فإن فيها الزكاة.
فصاحب السهم مخير بين أن يزكي رأسماله كل سنة، وإذا قبض الربح زكاة لما مضى أو لعام واحد على خلاف بين أهل العلم.
وبين أن يسأل رأس كل حول عند قيمة أسهمه ويزكيها حسب ما يفيده به القائمون على الشركة، أو المؤسسة التي ساهم فيها.
وزكاتها زكاة النقدين، إذا بلغت نصاباً ففيها ربع العشر.
أما السندات، فهي ديون مؤجلة.
والصحيح من كلام أهل العلم وجوب تزكية الديون إذا كانت على موسرين، فإذا حال الحول على الديون، ومنها السندات، زكاها كغيرها من الأموال الموجودة عنده.
وإن آخر زكاتها حتى قبضها زكاها إذا قبضها لما مضى من السنوات.
وفقني الله وإياكم لمعرفة الحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه.
وهدانا وإياكم الصراط المستقيم، إنه جواد كريم.
أقول ما سمعتم...
الخطبة الثانية:
أما بعد:
أيها الناس: إن الزكاة لا تنفع، ولا تبرأ بها الذمة، حتى يخرجها الإنسان على الوجه المشروع، وحتى توضع في الموضع الذي وضعها الله فيه، وهم الأصناف الثمانية التي ذكرها الله في كتابه، في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[لتوبة: 60].
فهؤلاء ثمانية أصناف:
الأول: الفقراء، وهم الذين لا يجدون من كفايتهم، إلا شيئاً قليلاً دون النصف، فإذا كان الإنسان لا يجد ما ينفق على نفسه وعائلته نصف سنة، فهو فقير، فيعطى ما يكفيه وعائلته سنة.
الثاني: المساكين، وهم الذين يجدون من كفايتهم النصف فأكثر، ولكن لا يجدون ما يكفيهم سنة كاملة، فيكمل لهم نفقة السنة.
الثالث: العاملون عليها، وهم الذين يوكلهم الحاكم العام للدولة، بجبايتها من أهلها، وتصريفها إلى مستحقها، وحفظها، ونحو ذلك، فيعطون من الزكاة بقدر عملهم وإن كانوا أغنياء.
الرابع: المؤلفة قلوبهم، وهم رؤساء العشائر، الذين ليس في إيمانهم قوة، فيعطون من الزكاة، ليقوى إيمانهم، فيكونوا دعاة للإسلام وقدوة صالحة في قبائلهم.
الخامس: الرقاب، ويدخل فيها شراء الرقيق من الزكاة وإعتاقه، ومعاونة المكاتبين، وفك الأسرى من المسلمين.
السادس: الغارمون، وهم المدينون، إذا لم يكن لهم ما يمكن أن يوفوا منه ديونهم، فهؤلاء يعطون من الزكاة، ما يوفون به ديونهم.
السابع: في سبيل الله، وهو الجهاد في سبيل الله، فيعطى المجاهدون من الزكاة ما يكفيهم لجهادهم.
الثامن: ابن السبيل، وهو المسافر الذي انقطع به السفر، فيعطى من الزكاة، ما يوصله إلى بلده.
فهؤلاء هم أهل الزكاة.
أيها المسلم: إذا أعطيت زكاتك شخصاً يغلب على ظنك أنه مستحق، فتبين لك فيما بعد أنه غير مستحق، أجزأت عنك، والإثم عليه، حيث أخذ ما لا يستحق.
ويجوز -أيها الإخوة- أن تدفعها إلى أقاربك الذين لا تُنفق عليهم، إذا كانوا مستحقين لها، أي أحد الأصناف الثمانية.
ويجوز أن تدفعها لشخص محتاج للزواج، إذا لم يكن عنده ما يتزوج به.
ولا يجوز دفع الزكاة، في قضاء دين على ميت، ولا يسقط بها دين على معسر.
ولا يجوز كذلك صرف الزكاة في بناء المساجد، وإصلاح الطرق ونحوها.
أيها المسلمون: ولا زكاة في مال، حتى يحول عليه الحول، فلو تلف المال قبل تمام الحول أو نقص النصاب، فلا زكاة فيه، ولو مات المالك قبل تمام الحول، فلا زكاة عليه ولا على الورثة، فلو ورث الشخص مالاً فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول عنده.
أيها المسلمون: وهنا مسألتان، كثيراً ما يقع السؤال عنهما:
المسألة الأولى: أن بعض الفقراء يكون أخرق.
والأخرق، هو الذي لا يحسن التصرف في ماله، فلو أعطي مالاً أفسده، فقد يقول المزكي: هل يجوز أن أشتري له بالزكاة، ما يحتاج إليه وأعطيها إياه؟
فالجواب: أن ذلك لا يجوز، ولكن لك أن تقول له: اشتر حاجتك من السوق، فإذا اشترى، جاز لك أن تدفع عنه من الزكاة.
المسألة الثانية: أن بعض الناس -هداهم الله- ممن يخرجون زكاة أموالهم، لا يتحرّون عن من يدفعون إليهم الزكاة، وكأنها مسألة تخلص، يريد أن يخرجها ويتخلص منها، ويتصور أنه بفعله هذا تبرأ ذمته.
أبداً، لا بد من التحري فيمن تعطيه هل هو مستحق أم لا؟
ويدخل في هذا: أن بعض الناس كان له عادة، أو العادة لوالده منذ القديم: أنه كان يعطي الزكاة لفقير محتاج، وسار على هذه العادة عشرين سنة، ثم إن هذا الفقير أغناه الله، ومازالت العادة مستمرة، بل يتصور أن هذا من البر بأبيه الذي كان يعطي هذا، فهو يعطيه بعد أبيه.
وهذا خطأ ظاهر -أيها الإخوة- فإن هذا الذي استغنى الآن، لا يجوز دفع الزكاة له، ولا تبرأ الذمة بدفعها إليه.
ثم إن هذا الذي يقبلها ويأخذها حرام عليه لا يجوز له أن يقبلها.
اللهم أرنا الحق حقاً، وارزقنا اتباعه ...
التعليقات