فتاوى الشبكة الإسلامية
السؤال
أرجو من حضرتك الإفادة: أبي وأمي كانا يعملان بالخارج منذ فترة بعيدة، وكانا يضعان الأموال فى البنك فى صور شهادات وهكذا، لست أعلم بالتفصيل وذلك قبل معرفتي أن أموال البنوك تعتبر ربا، ثم مرض والدي بالسرطان ونزلنا من الخارج، وقد صرفنا على علاج المرض كثيرا حتى توفي بعد عام رحمه الله ، وما زالت تصرف أمي علينا من البنك، وذلك لأن أبي لم يكن له معاش، وأمي لا تعمل، فقدمنا طلب معاش ولكن كان حوالي 150 كل 4 أشهر فلا يكفي ونحن 6 أفراد، أمي ونحن 5 منا 4 فى الجامعة وأنا كنت مازلت فى المدرسة، وبعد فترة من حوالي سنه تم تأجير محل فى بيتنا 210 جنيه، وبعدها بفترة تم تأجير محل آخر ولكنه لم يستمر بسبب الجيران وتبقى دخلنا الشهرى 210+ فوائد البنك، وعندما أصبحنا نحن 5 في الجامعة حتى هذا المبلغ لم يكف وتستلف أمي أحيانا من خالتي أو أخوالي، ونحن لسنا مبذرين وحاولنا أن نفتح مشروع محل ولكنه لم يدم وخسرنا وأغلقناه، وحاولنا أن نشترك فى مشاريع بدل البنك ولكنها لم تنفع، وكنت أخاف أن يكون أبي يتعذب بسبب تلك الأموال، ولكن الله طمئن قلبنا ورآه أخى فى المنام بعد الفجر أن قبره منور، وعندما رأى أبي وأراد أن يرفع عنه الكفن كي يحدثه وجد أبي يحمل على صدره مصحفا والحمد لله، ولكن المال لا يكفي مصاريفنا وكل واحد منا عنده مرض أو ألم ليس من الشديد ونحن نحمد الله على الصحة. فهل علينا إثم فى مال البنك أم مرضنا ونقص فى المال هو ابتلاء من عند الله؟ والحمد لله ننجح فى دراساتنا وكل منا فى كليات قيمة. وهل لو هو إثم ماذا نفعل؟ علما بأننا نخرج الزكاة ونتصدق. أرجو الإجابه السريعة كي يطمئن قلبي وأعتذر عن الإطاله؟ وجزاك الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا مراراً وتكراراً خطر الربا على الفرد والمجتمع، فمتعاطيه والمتعامل به واقع في موبقة من الموبقات، مستوجب لسخط الله ولعنته، ومحارب لله ورسوله، وإذا مات فإنه يقوم من قبره في أشنع حال وأقبح منظر كالمجنون الذي يصرع.. والربا ممحوقة بركته تالفة ثمرته، ولعل ما أصاب هذه الأسرة من نكبات وخسائر وأمراض يكون بسبب الربا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ظهر في قوم الربا والزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله. رواه أحمد وحسنه الألباني.
فإذا علم هذا، علم أنه لا يجوز وضع الأموال في البنوك الربوية ولا إبقاؤها فيها، وأنه يجب عليكم أن تخرجوها فوراً من البنك الربوي، وأن تتوبوا إلى الله من أكل الربا، وأن تتخلصوا من الفوائد الربوية الزائدة على رأس المال بإنفاقها في مصالح المسلمين أو الصدقة بها على الفقراء والمساكين، ثم ابحثوا بعد ذلك عن بديل شرعي لحفظ هذا المال وتنميته كالبنوك الإسلامية المنضبطة بالضوابط الشرعية، أو شركات توظيف الأموال التي تقوم على المضاربة الشرعية، ما دمتم عاجزين عن استثمار أموالكم بأنفسكم.
واعلموا أن من اتقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن حفظه حفظه ولم يكله إلى غيره، كما قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا*....... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. {الطلاق:2-3-4}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك. رواه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح، وصححه الألباني. وراجع في ما سبق الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 113881، 115111، 518.
ثم ننبه على أن الفوائد الربوية الزائدة على رأس المال لا يجوز لكم الانتفاع بها إلا إذا كنتم محتاجين ولا تجدون ما يكفي ضروريات الحياة، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 69047.
وبما أنه لا يزال عندكم جزء من رأس المال فهذا يعني أنكم لستم أهل فاقة إن كان هذا الجزء مالاً معتبراً يكفي لسد حاجتكم إلى مظنة الإيسار.
و أما بالنسبة لرؤيا أخيك أباك على الحال التي ذكرت، فإنها لا تدل -إن صدقت- على هوان ذنب الربا، أو أن صاحبه لا خطر عليه في الآخرة، وعلى أية حال فكل الذنوب دون الكفر والشرك في مشيئة الله تعالى، إن شاء غفرها، وإن شاء آخذ بها، ثم إن الرؤيا على أية حال وإن صدق صاحبها لا ينبني عليها أحكام دينية أو دنيوية، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 11052، 34573، 67482.
ثم إن عليكم أن تعلموا أنه غير مستبعد أن تكون رؤيا الأخ من الشيطان؛ ليهون عليكم التمادي في هذه الكبيرة، ويشغلكم عن الاستغفار للوالد، والسعي في تخليصه من تبعات ما كان يفعله، وذلك بسحب المال من البنك الربوي فوراً.
والله أعلم.
التعليقات