الشيخ: ابن باز
س: سؤال من: م. أ - من أمريكا يقول: نود من سماحتكم أن تبينوا لنا حكم الدعوة إلى الله -عز وجل- وأوجه الفضل فيها؟
ج: أما حكمها: فقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب الدعوة إلى الله -عز وجل-، وأنها من الفرائض، والأدلة في ذلك كثيرة، منها قوله سبحانه: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران: 104] ومنها قوله جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل: 125] ومنها قال -عز وجل-: وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [القصص: 87] ومنها قوله سبحانه: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي [يوسف: 108] فبين سبحانه: أن أتباع الرسول ﷺ هم الدعاة إلى الله، وهم أهل البصائر.
والواجب -كما هو معلوم- هو اتباعه والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، كما قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21] وصرح العلماء بأن الدعوة إلى الله -عز وجل- فرض كفاية بالنسبة إلى الأقطار التي يكون فيها الدعاة، فإن كل قطر وكل إقليم يحتاج إلى الدعوة وإلى النشاط فيها، فهي فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين ذلك الواجب، وصارت الدعوة في حق الباقين سنة مؤكدة وعملا صالحا جليلا.
وإذا لم يقم أهل الإقليم أو أهل القطر المعين بالدعوة على التمام صار الإثم عاما؛ لأنهم تركوا الواجب.
أما بالنظر إلى عموم البلاد، فالواجب أن يوجد طائفة منتصبة تقوم بالدعوة إلى الله جل وعلا في أرجاء المعمورة تبلغ رسالات الله، وتبين أمر الله -عز وجل- بالطرق الممكنة، فإن الرسول ﷺ قد بعث الدعاة وأرسل الكتب إلى الناس وإلى الملوك والرؤساء، ودعاهم إلى الله -عز وجل-[1].
نشرت في مجلة الدعوة في العدد (1469) بتاريخ 28/6/1415 هـ. (مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 408/8)
التعليقات