عناصر الخطبة
1/أهمية الدعاء وفضله 2/موانع إجابة الدعاء 3/أسباب إجابة الدعاء وموجباته 4/بعض ثمرات الدعاء
اهداف الخطبة

اقتباس

إِذَا جَمَعَ مَعَ الدُّعَاءِ، حُضُورَ الْقَلْبِ، وَجَمْعِيَّتَهُ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَصَادَفَ وَقْتًا مِنْ أَوْقَاتِ الْإِجَابَةِ السِّتَّةِ، وَهِيَ: الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ، وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَأَدْبَارُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَعِنْدَ صُعُودِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى تُقْضَى الصَّلَاةُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَآخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَصَادَفَ خُشُوعًا فِي الْقَلْبِ، وَانْكِسَارًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ، وَذُلًّا لَهُ، وَتَضَرُّعًا، وَرِقَّةً.
وَاسْتَقْبَلَ الدَّاعِي الْقِبْلَةَ. وَكَانَ عَلَى طَهَارَةٍ. وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ. وَبَدَأَ بِـ...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله رب العالمين أمر بالدعاء ووعد بالإجابة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له توعد المجرمين بالعقاب، ووعد المتقين بالإثابة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- حق تقواه، واعلموا أن الدعاء أعظم أنواع العبادات؛ فعن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدعاء هو العبادة" ثم قرأ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)[غافر:60].

 

وقد أمر الله -عز وجل- بدعائه في آيات كثيرة، ووعد بالإجابة، وأثنى على أنبيائه ورسله، فقال: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ)[الأنبياء:90].

 

وأمر سبحانه بدعائه، والتضرع إليه، لا سيما عند الشدائد والكربات، وأخبر أنه لا يجيب المضطر إلا هو، فقال: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ)[النمل: 62].

 

وذم الذين يعرضون عن دعائه، فقال: (فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)[الأنعام: 43].

 

وهذا من رحمته وكرمه سبحانه، فهو مع غناه عن خلقه يأمرهم بدعائه؛ لأنهم هم المحتاجون، بل إنه ليثيبهم على دعائهم إياه، فلله الحمد والمنّة، والشكر على كرمه، وعظيم فضله علينا.

 

وفي الحديث القدسي: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم".

 

فادعوا الله -عباد الله-: وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لن يمل حتى تملوا، وأكثروا من الدعاء، فإن الدعاء كله خير، ولو لم يكن من الدعاء إلا أنه عبادة ثياب عليها فاعلها لكفى، فكيف وفيه ما فيه من دفع السوء؟!.

 

روى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له، فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعاه ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، أو يستعجل بقول: دعوت ربي فما استجاب لي" [5714 صحيح الجامع"].

 

وروى الإمام البيهقي -رحمه الله- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من يخل بالسلام".

 

فادعوا الله -أيها الناس-: واعلموا أن لإجابة الدعاء شروطاً لا بد من توافرها، فقد وعد الله -سبحانه- أن يستجيب لمن دعاه، والله لا يخلف وعده، ولكن تكون موانع القبول من قبل العبد نفسه.

 

فمن موانع إجابة الدعاء: أن يكون العبد مضيعاً لفرائض الله، مرتكباً لمحارمه ومعاصيه، فهذا قد ابتعد عن الله، وقطع الصلة بينه وبين ربه، فهو حري إذا وقع في شدة ودعا أن لا يستجاب له، وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة".

 

فمن عامل الله -عز وجل- بالتقوى والطاعة في حال رخائه عامله الله باللطف والإعانة في حال شدته؛ كما قال تعالى عن نبيه يونس -عليه السلام-: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[الصافات: 143- 144].

 

أي لولا ما تقدم له من العمل الصالح في الرخاء.

 

وقد ذكر جل شأنه فرعون حيث كان طاغياً ناسياً لذكر الله -عز وجل- وحتى إذا أدركه الغرق، قال: (آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ)[يونس: 90]..

 

فقال تعالى: (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [يونس:91].

 

فمن تعرف إلى الله في الرخاء أعانه الله وتعرف عليه في الشدة.

 

ومن أعظم موانع الإجابة: أكل الحرام، وشرب الحرام، ولبس الحرام، فقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له" [روى الإمام مسلم -رحمه الله-].

 

وعلى النقيض من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "أطب مطعمك تكن مجاب الدعوة".

 

فليعقل هذا أولئك الذين يأكلون الحرام، ويتعاملون بالربا، وغش المسلمين.

 

ليعقل هذا أولئك القوم الذين تقوم تجارتهم على غش المسلمين، ونشر الفساد وبيعهم البضائع التي تضرهم في دينهم ودنياهم، كبيع الأفلام والوسائل المفسدة وبيع الدخان والمجلات وكل من شأنه ضرر المسلمين في دينهم ودنياهم.

 

ومن موانع إجابة الدعاء: عدم الإخلاص فيه لله -عز وجل-؛ لأن الله -عز وجل- يقول: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)[غافر:14].

 

فليعقل هذا أولئك الذين يدعون مع الله الأضرحة التي لا تضر ولا تنفع نفسها فضلاً عن غيرها.

 

ومن موانع قبول الدعاء: أن يدعو الإنسان وقلبه غافل؛ فقد روى الحاكم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل الدعاء من قبل غافل لاه".

 

ومن موانع قبول الدعاء: ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن أن يبعث عليكم عذاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم".

 

فاتقوا الله -أيها المسلمون-: واحرصوا على اجتناب موانع الدعاء؛ لتفوزوا بإجابة الدعاء في الدنيا والرخاء، والأجر في الآخرة، ودفع كل سوء.

 

نفعني الله وإياكم بهدي سيد المرسلين.

 

أقول ما تسمعون...

 

 
الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على فضله وإحسانه، يجيب الداعين، ويحب المتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة الحق اليقين.

 

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل الداعين، وأخوف الخلق وأخشاهم لرب العالمين، صلى الله عليه وسلم.

 

أيها المسلمون: اتقوا الله وأطيعوه، وراقبوه ولا تعصوه.

 

أيها الناس: اعلموا أن لقبول الدعاء أسباب إذا وافق لها العبد حصلت له الإجابة، قال ابن القيم -رحمه الله- مبيناً ذلك: "وَإِذَا جَمَعَ مَعَ الدُّعَاءِ، حُضُورَ الْقَلْبِ، وَجَمْعِيَّتَهُ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَصَادَفَ وَقْتًا مِنْ أَوْقَاتِ الْإِجَابَةِ السِّتَّةِ، وَهِيَ:

 

الثُّلُثُ الْأَخِيرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ، وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، وَأَدْبَارُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَعِنْدَ صُعُودِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى تُقْضَى الصَّلَاةُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَآخِرُ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ.

 

وَصَادَفَ خُشُوعًا فِي الْقَلْبِ، وَانْكِسَارًا بَيْنَ يَدَيِ الرَّبِّ، وَذُلًّا لَهُ، وَتَضَرُّعًا، وَرِقَّةً.

 

وَاسْتَقْبَلَ الدَّاعِي الْقِبْلَةَ.

 

وَكَانَ عَلَى طَهَارَةٍ.

 

وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى اللَّهِ.

 

وَبَدَأَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.

 

ثُمَّ ثَنَّى بِالصَّلَاةِ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

 

ثُمَّ قَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ حَاجَتِهِ التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ.

 

ثُمَّ دَخَلَ عَلَى اللَّهِ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَتَمَلَّقَهُ وَدَعَاهُ رَغْبَةً وَرَهْبَةً.

 

وَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ.

 

وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ دُعَائِهِ صَدَقَةً، فَإِنَّ هَذَا الدُّعَاءَ لَا يَكَادُ يُرَدُّ أَبَدًا، وَلَا سِيَّمَا إِنْ صَادَفَ الْأَدْعِيَةَ الَّتِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا مَظَنَّةُ الْإِجَابَةِ، أَوْ أَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلِاسْمِ الْأَعْظَمِ".

 

عباد الله: الدعاء فيه تفريج للكربات، وإغاثة اللهفان، والنصر على الأعداء، فأكثروا من الدعاء لأنفسكم وإخوانكم المسلمين.

 

وادعوا على الكفرة، وأعداء الدين، فإن الله قريب مجيب.

 

واعلموا أن دعوة المظلوم مستجابة، فاحذروا الظلم، قال صلى الله عليه وسلم: "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" فلا تظالموا.

 

 

 

المرفقات
الدعاء5.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life