التعلق بالتمائم والحروز

سالم بن محمد الغيلي

2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/وحدانية الله تعالى في الخلق والتقدير 2/ أفعال الله كلها حكمة 3/أهمية التعلق بالله والتوكل عليه 4/تحريم تعليق التمائم والحروز.

اقتباس

لنُفوِّض أمرنا إلى الله، ونتقيد بشرعه وسُنّة نبيه -صلى الله عليه وسلم-, لا نزيد فيها ولا نبتكر ولا نخترع؛ فإنها غير قابلة للاختراع والزيادة, يكفينا ما في كتاب الله وما في سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ولنعتقد ولنؤمن بأن الله -تعالى- وحده بيده الضر والنفع, وأن...

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

 

عباد الله: يقول الحق -تبارك وتعالى-: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ)[سورة يونس:31].

 

والله -تعالى- خلقنا وما تركنا هملاً, لا ندري ماذا نفعل، أو أين نذهب، أو كيف نتصرف أو ما هو الحلال وما هو الحرام، أو ماذا نأتي وماذا نترك (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا)[سورة المؤمنون: 115].

 

ليس في أفعال الله عبث؛ فالله -تعالى- خلقنا ونظَّم حياتنا بشرعه بمنهجه بأوامره ونواهيه.

بيّن لنا الحلال والحرام.. بيَّن لنا ما يُصْلِحنا وما يُفْسِدنا.

 

ومع ذلك يأتي الشيطان إلى ضعاف الإيمان وضعاف النفوس إلى الجهلاء والبسطاء, فيلبِّس عليهم ويصرفهم إلى الغواية، إلى التعلق بغير الله، إلى الضعف، إلى الشرك, فيهوي الإنسان وتضيع عليه حياته.. تضيع دنياه و أُخراه.

 

إن التعلق بالله والتوكل عليه والالتجاء إليه والاكتفاء بما شرع, عزّ وقوة وصلابة وهيبة وعافية ونجاة.

 

والتعلق بالخلق وما في أيديهم والتعلق بالشركيات من تمائم وحروز وتعاويذ وربطات، والتعلق بالسحرة والمشعوذين والعرافين, ضعفٌ ومرضٌ وذنبٌ قد يُخْرِج صاحبه من الإسلام إلى الكفر والشرك بالله.

 

إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- ما ترك خيرًا إلا دلَّنا عليه ولا شرًّا إلا حذَّرنا منه. لقد حذرنا من تعليق التمائم والحروز والكتب. نهانا عن تعليقها على الأجساد والأولاد والدواب والسيارات والبيوت والمتاجر.

 

لأنها -والله- لا تقي ولا تمنع من الجن ولا من السحر ولا من العين ولا من الحسد ولا من الحوادث ولا من الخسائر ولا من الآفات ولا من المخاطر, (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[سورة الأنعام: 17].

 

لكنه الجهل والغباء وضعف الإيمان يعصف بصاحبه حتى يورده المهالك. لا يجوز تعليق التمائم... لا يجوز تعليق الحروز... لا يجوز تعليق الكتب. والذين يعلقونها يعتقدون فيها؛ يعتقدون أنها تشفي وتحمي وتمنع وتنفع, والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال فيها: "من علَّق تميمةً فقد أشركَ"(صحيح الجامع للألباني). وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الرُّقى، والتَّمائمَ، والتِّوَلةَ شِركٌ"(صحيح أبي داود للألباني).

 

ومن اعتقد فيها أنها تشفي وتمنع وتحفظ من دون الله؛ فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج من الإسلام. ومن اعتقد أنها سبب للشفاء بإذن الله؛ فقد وقع في الشرك الأصغر, والشرك الأصغر كما يقول علماء التوحيد: "الشرك الأصغر أكبر من الكبائر"؛ وقد قال فيه -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أَخْوَفَ ما أَخافُ عليكُمُ الشِّركُ الأصغرُ"(صحيح الترغيب للألباني).

 

وقد يدخل معها الربطات التي تُلْبَس في الأيدي وفي الأعناق وحول البطن... قد يدخل فيها الخرز وصور الكفّ، والقفل وصور حدوة الحصان, وصور العيون الزرقاء التي توضع في حالات الجوال.

 

قلت لأحد الشباب: ماذا تفعل بهذه الربطة التي في ذراعك؟ قال: أشعر معها بالراحة والسعادة والطمأنينة. وهي والله غير ذلك؛ إذ لا سعادة فيها ولا طمأنينة, إن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا على مُعَلِّقي التمائم, دعا عليهم ودعاؤه مستجاب, فقال -صلى الله عليه وسلم-: "من تعلَّقَ تميمةً فلا أتمَّ اللهُ له، ومن تعلقَ ودعةً فلا ودعَ اللهُ له"، وفي روايةٍ أخرى: "من تعلَّقَ تميمةً فقد أشرك"(فتاوى نور على الدرب لابن باز 1/377).

 

ألا يا عباد الله: لنُفوِّض أمرنا إلى الله، ونتقيد بشرعه وسُنّة نبيه -صلى الله عليه وسلم-, لا نزيد فيها ولا نبتكر ولا نخترع؛ فإنها غير قابلة للاختراع والزيادة, يكفينا ما في كتاب الله وما في سُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

 

ولنعتقد ولنؤمن بأن الله -تعالى- وحده بيده الضر والنفع, وأن مقاليد الأمور بيده, وتدبير كل شيء إليه, ورزق كلّ حيّ عليه. وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لن يكن.

 

اللهم وفقنا لتقواك، واجعل عملنا في رضاك, نعوذ بك من التمائم والشرك والشك.

 

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمدًا طيبًا مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى.

 

عباد الله: حقِّقوا التوحيد, فقد أفلح مَن وحَّد الله ولم يشرك به شيئًا (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)[سورة النساء:48]؛ (مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)[سورة الحج:31].

 

وتعليق التمائم والحروز والكتب شرك وبُعْد من الله, حتى وإن كانت مكتوبة بآيات القرآن, فإنه لا يجوز تعليقها، وانظروا إلى فتوى الإمام ابن باز -رحمه الله-, وتأملوا فيها, "حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-  عندما رأى رجلاً في يدِه حلقةٌ من صُفْرٍ فقال: "ما هذا؟"؛ فقال: مِن الواهنةِ -يعني: علقتها من أجلِ الواهنةِ- قال: "انزعها فإنها لا تزيدُكَ إلا وهنًا؛ فإنك لو متَّ وهي عليك ما أفلحتَ أبدًا"(فتاوى نور على الدرب لابن باز1/383).

 

وأقبل إليه رهطٌ فبايعَ تسعةً وأمسك عن واحدٍ، فقالوا يا رسولَ اللهِ: بايعتَ تسعةً وتركتَ هذا؟ قال: "إنَّ عليه تميمةً"؛ فأدخل يدَه فقطعها فبايعَه، وقال: "من علَّقَ تميمةً فقد أشركَ"(السلسلة الصحيحة للألباني).

 

فلنتعلق بالله، ونتوكل عليه، وندع التعلق بالتمائم والحروز والكتب والربطات والخواتم والخرق والصور, (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[سورة يونس:107].

 

وصلوا وسلموا...

 

والله أعلم.

المرفقات
1LxCOPW2AVorfnB8nqM8SdepbE3sprZa0ja3bnvL.doc
URQTahSFRkIZ1HWdhSYXRyd2uXvzefbXgLkRFrEZ.pdf
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life