عناصر الخطبة
1/الشباب ثروة 2/المقصود بضياع الشباب 3/مظاهر ضياع الشباب 4/أسباب ضياع الشباب 5/آثار ضياع الشباب على المجتمع والأمة 6/سبل حماية الشباب من الضياع 7/توصية وتوجيه.اقتباس
أَنْتَ -أَيُّهَا الشَّابُّ- يَا مَنْ وَهَبَكَ اللَّهُ عَقْلًا؛ تَفَكَّرْ فِي الْحَالِ الَّذِي وَصَلْتَ إِلَيْهِ، هَلْ أَنْتَ رَاضٍ عَنْ وَضْعِكَ وَحَيَاتِكَ؟ أَلَا تَعْتَبِرُ بِأُولَئِكَ الَّذِينَ سَاقَهُمُ الضَّيَاعُ إِلَى مَهَالِكِ الرَّدَى، يُعَانُونَ مَآسِيَ الْإِدْمَانِ، وَيَتَجَرَّعُونَ غُصَصَ الْإِجْرَامِ بَيْنَ جُدْرَانِ السُّجُونِ؟ كَيْفَ بِهِمْ وَقَدْ ضَيَّعُوا مُسْتَقْبَلَهُمْ، وَأَسَاؤُوا إِلَى أَهْلِهِمْ، وَأَوْرَثُوهُمُ الْهُمُومَ وَالْأَحْزَانَ؟...
الخطبة الأولى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مَرْحَلَةَ الشَّبَابِ مِنْ أَهَمِّ مَرَاحِلِ الْعُمْرِ؛ فَهِيَ مَرْحَلَةُ الْقُوَّةِ وَالنَّشَاطِ وَالْهِمَّةِ وَالْعَطَاءِ، وَالْمُجْتَمَعَاتُ إِنَّمَا تَنْهَضُ بِشَبَابِهَا إِلَى الْقِمَّةِ، أَوْ تَنْحَدِرُ بِهِمْ إِلَى الْقَاعِ، فَهُمْ ثَرْوَةُ أَيِّ أُمَّةٍ وَمَجْدُهَا، وَقُوَّتُهَا وَسُؤْدُدُهَا، وَهَلْ كَانَ أَنْصَارُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ -فِي مُجْمَلِهِمْ- إِلَّا مِنَ الشَّبَابِ؟! وَقَدْ خَلَّدَ اللَّهُ ذِكْرَ نَمُوذَجٍ مِنَ الثَّابِتِينَ عَلَى الْحَقِّ فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى)[الْكَهْفِ: 13]، تَنْبِيهًا عَلَى مَا يُمْكِنُ لِلشَّبَابِ أَنْ يَفْعَلُوهُ فِي سَبِيلِ الْحَقِّ وَنُصْرَتِهِ!
أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ: إِنَّ ضَيَاعَ الشَّبَابِ خَسَارَةٌ لِلْمُجْتَمَعِ كُلِّهِ، وَإِنَّ مَا يَتَعَرَّضُونَ لَهُ مِنْ فِتَنٍ عَظِيمَةٍ تَسْتَهْدِفُ دِينَهُمْ وَأَخْلَاقَهُمْ وَقِيَمَهُمْ؛ جَعَلَ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَنْزَلِقُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ، وَيَكُونُونَ فَرِيسَةً لِلشُّبُهَاتِ وَالشَّهَوَاتِ، فَأَصْبَحُوا مَا بَيْنَ شُبْهَةٍ تَسْتَهْدِفُ عَقِيدَتَهُمُ الصَّحِيحَةَ، وَتَطْمِسُ فِطَرَهُمُ السَّلِيمَةَ، وَبَيْنَ شَهْوَةٍ تَهْدِمُ أَخْلَاقَهُمُ الْقَوِيمَةَ، وَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أُمَّتَهُ مِنَ التَّنَكُّبِ عَنِ الصِّرَاطِ حِينَ خَطَّ لِأَصْحَابِهِ خَطًّا ثُمَّ قَالَ: "هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ"، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَقَالَ: "هَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ)؛ وَ"الْمَعْنَى: أَنَّ صِرَاطَ اللَّهِ طَرِيقٌ وَاضِحٌ، يُوصِلُ مَنْ سَلَكَهُ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْكَرَامَةِ، أَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَهِيَ الْبِدَعُ وَالشُّبُهَاتُ وَالشَّهَوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ الَّتِي يَسْلُكُهَا أَكْثَرُ الْخَلْقِ".
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: لَقَدْ أَصْبَحَتْ ظَاهِرَةُ ضَيَاعِ الشَّبَابِ بَادِيَةً لِلْعِيَانِ، لَا تَكَادُ تُخْطِئُهَا عَيْنٌ، وَلَا يُنْكِرُهَا أَيُّ إِنْسَانٍ، وَهِيَ فِي ازْدِيَادٍ وَاسْتِفْحَالٍ كَبِيرٍ، وَمَا اللَّهَثُ خَلْفَ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَالْمُجَاهَرَةُ بِالذُّنُوبِ وَالْكَبَائِرِ، وَتَعَاطِي الْمُخَدِّرَاتِ، وَالْإِدْمَانُ عَلَيْهَا إِلَّا مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ هَذَا الضَّيَاعِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ شَبَابِ هَذَا الزَّمَانِ.
وَتَتَعَدَّدُ مَظَاهِرُ الضَّيَاعِ فِي صُوَرٍ كَثِيرَةٍ؛ كَسُوءِ الْفُحْشِ وَمَا يَخْدِشُ الْحَيَاءَ مِنْ مُعَاكَسَاتٍ لِلنِّسَاءِ وَالتَّحَرُّشِ بِهِنَّ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْ عَلَاقَاتٍ مُحَرَّمَةٍ فَاجِرَةٍ، يَجْرِي أَصْحَابُهَا خَلْفَ سَرَابِ الْحُبِّ الْمَزْعُومِ، حَتَّى أَخْرَجَهُمُ الشَّيْطَانُ عَنِ الْفِطْرَةِ السَّوِيَّةِ إِلَى عِشْقِ الذَّكَرِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لِلْأُنْثَى، وَمُقَارَفَةِ الْفَوَاحِشِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِهَا فِي وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ، وَمُيُوعَةٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ يَصِلُ إِلَى التَّشَبُّهِ بِالْبَنَاتِ فِي كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ.
وَمِنَ الْمَظَاهِرِ: إِدْمَانُ مُشَاهَدَةِ الْقَنَوَاتِ الْمَاجِنَةِ، بِمَا تَبُثُّهُ مِنْ أَفْلَامٍ وَبَرَامِجَ تَسْتَهْدِفُ الطُّهْرَ وَالْأَخْلَاقَ، وَتُنْحَرُ أَمَامَهَا الْفَضِيلَةُ، وَيَنْتَحِرُ عَلَى قَذَارَتِهَا الْعَفَافُ.
وَمِنْ ذَلِكَ: ضَيَاعُ الْأَوْقَاتِ فِي التَّنَقُّلِ مِنْ وَسِيلَةِ تَوَاصُلٍ إِلَى أُخْرَى، جَرْيًا خَلْفَ السَّفَاهَاتِ وَالتَّفَاهَاتِ، غَيْرَ مُدْرِكِينَ بِفَوَاتِ أَعْمَارِهِمْ فِيمَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ!
وَمِنْ مَظَاهِرِ هَذَا الضَّيَاعِ: مَا يَتَنَافَى مَعَ احْتِرَامِ الْآخَرِينَ؛ كَالتَّفْحِيطِ، وَالِاسْتِعْرَاضِ الْمُتَهَوِّرِ بِالسَّيَّارَاتِ وَالدَّرَّاجَاتِ، تَصِلُ حَدَّ التَّهْلُكَةِ، وَإِزْهَاقِ الْأَرْوَاحِ وَإِتْلَافِ الْمُمْتَلَكَاتِ.
وَمِنْ مَظَاهِرِ ضَيَاعِ الشَّبَابِ: التَّشَبُّهُ بِالْكَافِرِينَ وَتَقْلِيدُهُمْ، وَالْإِعْجَابُ بِمَا هُمْ عَلَيْهِ لَا فِي أُمُورِ دُنْيَاهُمْ؛ بَلْ بِأَفْكَارِهِمْ قَدْ تَأَثَّرُوا، وَبِأَخْلَاقِهِمْ قَدْ تَشَبَّهُوا، وَقَلَّدُوهُمْ فِي عَادَاتِهِمْ مُعْجَبِينَ بِهِمْ مُغْرَمِينَ، وَقَدْ حَذَّرَنَا نَبِيُّنَا مِنْ ذَلِكَ الْمَسْلَكِ الْمُشِينِ، فَقَالَ: "لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ"، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! آلْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟، قَالَ: "فَمَنْ؟"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَمِنْ أَخْطَرِ مَظَاهِرِ الضَّيَاعِ: الِانْحِرَافُ الْعَقَدِيُّ، وَالتَّشْكِيكُ فِي ثَوَابِتِ الدِّينِ، وَمُعَارَضَةُ الشَّرْعِ بِالْعَقْلِ وَالْأَهْوَاءِ، وَالسُّخْرِيَةُ مِنْ تَعَالِيمِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَتَوَسُّعُ مَوْجَةِ الْإِلْحَادِ بَيْنَ الشَّبَابِ الْغَارِقِ فِي الشَّهَوَاتِ، الْمُنْبَهِرِ بِحَضَارَةِ الْغَرْبِ الْمَادِّيَّةِ وَأَفْكَارِهَا الْفَاسِدَةِ الْعَفِنَةِ.
وَمِنْهَا: تَضْيِيعُ الْوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ، مِنْ تَرْكٍ لِلصَّلَوَاتِ، وَعُقُوقٍ لِلْوَالِدَيْنِ، وَقَطْعٍ لِلْأَرْحَامِ، وَأَذِيَّةٍ لِلْجِيرَانِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا أَوْجَبَهُ اللَّهُ -تَعَالَى-، وَفَرَّطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الشَّبَابِ الْيَوْمَ.
عِبَادَ اللَّهِ: إِنَّ لِكُلِّ نَتِيجَةٍ مُقَدِّمَاتِهَا، وَلِكُلِّ ظَاهِرَةٍ أَسْبَابُهَا، وَمُعَالَجَةُ الظَّوَاهِرِ السَّيِّئَةِ يَبْدَأُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي أَدَّتْ إِلَيْهَا، وَمَا وَصَلَ كَثِيرٌ مِنْ شَبَابِنَا إِلَى مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ مِنَ انْحِرَافٍ فِي الْعَقِيدَةِ، وَفَسَادٍ فِي الْأَخْلَاقِ، وَانْحِطَاطٍ فِي الْقِيَمِ وَالِاهْتِمَامَاتِ، إِلَّا بِسَبَبِ:
إِهْمَالِ الْآبَاءِ تَرْبِيَةَ أَبْنَائِهِمْ؛ فَهُنَاكَ تَفْرِيطٌ كَبِيرٌ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ فِي تَرْبِيَةِ أَوْلَادِهِمْ، وَكَثِيرًا مَا يُدْخِلُ الْأَبُ إِلَى بَيْتِهِ مَا يُفْسِدُ أَبْنَاءَهُ، مِنْ قَنَوَاتٍ هَابِطَةٍ، وَتَرْكِهِمْ يَدْخُلُونَ إِلَى عَالَمِ الْإِنْتَرْنِتْ دُونَ حَسِيبٍ وَلَا رَقِيبٍ، وَلَا تَوْجِيهَاتٍ وَلَا إِرْشَادَاتٍ، فَيَكُونُونَ صَيْدًا سَهْلًا لِتَشَرُّبِ الْأَفْكَارِ الْمُنْحَرِفَةِ، وَالْمَفَاهِيمِ الْمُضَلِّلَةِ، يَقُولُ ابْنُ الْقَيِّمِ: "وَأَكْثَرُ الْأَوْلَادِ إِنَّمَا جَاءَ فَسَادُهُمْ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ وَإِهْمَالِهِمْ لَهُمْ، وَتَرْكِ تَعْلِيمِهِمْ فَرَائِضَ الدِّينِ وَسُنَنَهُ"، وَصَارَ الْحَالُ:
أَلْقَاهُ فِي الْيَمِّ مَكْتُوفًا وَقَالَ لَهُ *** إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَبْتَلَّ بِالْمَاءِ
وَمِنْ أَسْبَابِ ضَيَاعِ الشَّبَابِ: وَسَائِلُ الْإِعْلَامِ الْمُخْتَلِفَةُ وَالتَّأَثُّرُ بِمَا يُعْرَضُ فِيهَا، فَقَدْ رَكَّزَ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ عَلَى إِفْسَادِ الشَّبَابِ فِكْرِيًّا وَأَخْلَاقِيًّا مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الْوَسَائِلِ الْحَدِيثَةِ، فَقَدْ سَخَّرَتْ كُلَّ إِمْكَانَاتِهَا، وَأَطْلَقَتْ جُلَّ بَرَامِجِهَا؛ لِنَشْرِ التَّغْرِيبِ وَإِفْسَادِ الْأَخْلَاقِ، وَعَكْسِ الْمَفَاهِيمِ، وَصَرَفَتْ هِمَمَ الشَّبَابِ إِلَى مَا يَضُرُّ، وَحَوَّلَتِ اهْتِمَامَاتِهِمْ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالْعَقِيدَةِ، وَالِانْتِصَارِ لِلدِّينِ، وَخِدْمَةِ الْمُجْتَمَعِ، إِلَى الِاهْتِمَامِ بِالْمَظَاهِرِ وَالتَّفَاهَاتِ، وَالِانْغِمَاسِ فِي الشَّهَوَاتِ، وَالتَّعَلُّقِ بِالْأَضْوَاءِ وَالشُّهْرَةِ.
وَمِنْ أَسْبَابِ ضَيَاعِ الشَّبَابِ: أَصْدِقَاءُ السُّوءِ، فَكَمْ مِنْ شَابٍّ كَانَ تَقِيًّا صَالِحًا فَضَاعَ وَغَرِقَ فِي الْفَسَادِ الْأَخْلَاقِيِّ بِسَبَبِ صَدِيقٍ سَيِّءٍ زَيَّنَ لَهُ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَوْقَعَهُ فِي الْمُوبِقَاتِ! وَكَمْ مِنْ شَابٍّ كَانَ ذَا اسْتِقَامَةٍ وَصَلَاحٍ، فَلَمَّا صَحِبَ قُرَنَاءَ السُّوءِ تَلَوَّثَ عَقْلُهُ بِالشُّبُهَاتِ وَالْأَفْكَارِ الْمُنْحَرِفَةِ، وَأَصْبَحَ دَاعِيَةً مِنْ دُعَاةِ التَّغْرِيبِ، سَاخِرًا مِنْ دِينِهِ وَحَضَارَتِهِ وَقِيَمِهِ!، وَقَدْ حَذَّرَ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مِنْ أَثَرِ الْمُصَاحَبَةِ فَقَالَ: "الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ"(رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ)، فَالصَّاحِبُ سَاحِبٌ، وَالصَّدَاقَةُ مُؤَثِّرَةٌ، وَالطِّبَاعُ سَرَّاقَةٌ، فَلْيَتَأَمَّلِ الْمَرْءُ أَخْلَاقَ صَاحِبِهِ.
وَاحْذَرْ مُصَاحَبَةَ اللَّئِيمِ فَإِنَّهُ *** يُعْدِي كَمَا يُعْدِي الصَّحِيحَ الْأَجْرَبُ
وَمِنَ الْأَسْبَابِ: الْفَرَاغُ وَالْمَالُ؛ فَالْفَرَاغُ بِطَالَةٌ، وَالْبِطَالَةُ مُضِرَّةٌ، وَوَقْتُكَ إِنْ لَمْ تَشْغَلْهُ بِالْخَيْرِ شَغَلَكَ بِالشَّرِّ، وَإِذَا تَوَفَّرَ الْمَالُ وَانْضَافَ إِلَى الْفَرَاغِ، وَكَانَ صَاحِبُهُ فِي مَرْحَلَةِ الشَّبَابِ، مَعَ تَيَسُّرِ دَوَاعِي الْفَسَادِ وَأَسْبَابِهِ وَالْبِيئَةِ الْمُشَجِّعَةِ عَلَيْهِ؛ اكْتَمَلَتْ حَلْقَةُ الضَّيَاعِ، وَأَحَاطَتْ بِصَاحِبِهَا إِحَاطَةَ السِّوَارِ بِالْمِعْصَمِ.
إِنَّ الْفَرَاغَ وَالشَّبَابَ وَالْجِدَةْ *** مَفْسَدَةٌ لِلْمَرْءِ أَيُّ مَفْسَدَةْ
وَمِنْ أَسْبَابِ الضَّيَاعِ: الْجَهْلُ، فَالْعِلْمُ سِلَاحٌ تُصَدُّ بِهِ الشُّبُهَاتُ، وَتُتَّقَى بِهِ الشَّهَوَاتُ، وَمَنْ وَلَجَ غِمَارَ الْفِتَنِ بِدُونِ وِقَايَةٍ تَشَرَّبَتْ نَفْسُهُ الْفِتَنَ، وَانْغَمَسَ فِي وَحْلِ الشَّهْوَةِ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ عَرْضَ الْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا؛ نُكِتَتْ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ"(صَحِيحُ مُسْلِمٍ)، وَمَا أَكْثَرَ الْفِتَنَ، وَشِدَّةَ تَتَابُعِهَا فِي عَصْرِنَا!، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ.
وَمِنَ الْأَسْبَابِ: تَعْقِيدُ أُمُورِ الزَّوَاجِ، وَتَكَالِيفُهُ الْبَاهِظَةُ، وَانْسِدَادُ بَابِ الْحَلَالِ أَمَامَ الشَّبَابِ، مَا يُؤَدِّي إِلَى انْجِرَارِ بَعْضِهِمْ نَحْوَ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، فَسُبُلُهَا مُيَسَّرَةٌ، وَطَرِيقُهَا مُمَهَّدَةٌ، وَالْمُثِيرَاتُ إِلَيْهَا كَثِيرَةٌ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ"(أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ).
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إِنَّ ضَيَاعَ هَذِهِ الشَّرِيحَةِ الْمُهِمَّةِ مِنَ الْمُجْتَمَعِ لَهُ آثَارُهُ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ؛ فَمِنْ تِلْكَ الْآثَارِ:
تَعْزِيزُ السَّلْبِيَّةِ فِي نُفُوسِ الشَّبَابِ، فَلَا تَرَى مِنْهُمُ اهْتِمَامًا بِأَنْفُسِهِمْ فَضْلًا عَنْ مُجْتَمَعِهِمْ، حَيْثُ يُصْبِحُونَ عَالَةً عَلَى غَيْرِهِمْ، لَا نَفْعَ مِنْهُمْ وَلَا إِنْتَاجَ، وَتُصْبِحُ اللَّامُبَالَاةُ سِمَةً مُتَأَصِّلَةً فِيهِمْ، وَكَمْ هُمُ الشَّبَابُ الْعَاطِلُونَ عَنِ الْعَمَلِ، الَّذِينَ اتَّخَذُوا النَّهَارَ نَوْمًا وَاللَّيْلَ إِزْعَاجًا، قَدْ أَنَّ آبَاؤَهُمْ بِالشَّكْوَى مِنْ بِطَالَتِهِمْ وَمَضَرَّتِهِمْ وَقِلَّةِ نَفْعِهِمْ!
وَمِنَ الْآثَارِ: الْأَمْرَاضُ النَّفْسِيَّةُ؛ نَتِيجَةً لِهَذِهِ الْأَزَمَاتِ وَالْمُشْكِلَاتِ الَّتِي يُعَانُونَهَا، فَقَدْ يَحُلُّ الشَّابُّ مُشْكِلَةً بِمُشْكِلَةٍ أُخْرَى!، كَمَنْ يُدْمِنُ عَلَى الْمُخَدِّرَاتِ لِلْهُرُوبِ مِنْ وَاقِعِهِ السَّيِّئِ، فَلَا تَزْدَادُ حَيَاتُهُ إِلَّا تَعْقِيدًا وَنَكَدًا؛ (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا)[طه: 124]؛ مَلِيئَةٌ بِالْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْأَحْزَانِ وَسُوءِ الْعَاقِبَةِ.
وَمِنْ آثَارِ ضَيَاعِ الشَّبَابِ: انْتِشَارُ الْجَرَائِمِ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَتَهْدِيدُ الْأَمْنِ، وَإِقْلَاقُ السَّكِينَةِ، وَتَعْرِيضُ حَيَاةِ النَّاسِ لِلْخَطَرِ؛ بِسَبَبِ بَعْضِ الْأَفْعَالِ الَّتِي يَرْتَكِبُهَا الشَّبَابُ، إِمَّا لِغِيَابِ الْوَعْيِ نَتِيجَةً لِلْمُخَدِّرَاتِ وَالْخُمُورِ، أَوْ مُفَاخَرَةً لِأَصْدِقَائِهِمُ انْدِفَاعًا وَطَيْشًا، أَوْ لِاعْتِنَاقِهِمْ أَفْكَارًا وَتَصَوُّرَاتٍ مُنْحَرِفَةً، مُخَالِفَةً لِلدِّينِ وَقِيَمِ الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ.
أَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ، أَمَّا بَعْدُ:
فَيَا عِبَادَ اللَّهِ: وَالسُّؤَالُ الْبَدَهِيُّ: مَا هُوَ الْمَخْرَجُ وَالْحَلُّ مِنْ هَذَا الضَّيَاعِ الَّذِي يَعِيشُهُ كَثِيرٌ مِنْ شَبَابِنَا الْيَوْمَ، وَهَلْ لِهَذِهِ الظَّاهِرَةِ مِنْ وِقَايَةٍ وَعِلَاجٍ؟
اعْلَمُوا- أَيُّهَا الْأَحِبَّةُ- (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)[الرَّعْدِ: 11]، وَإِنَّ الْحَلَّ لَهَذَا الضَّيَاعِ عَمَلِيَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الشَّبَابِ وَالْأُسْرَةِ وَالْمُجْتَمَعِ؛ فَلِكُلٍّ دَوْرُهُ فِي الْوِقَايَةِ وَالْعِلَاجِ.
فَأَنْتَ -أَيُّهَا الشَّابُّ- يَا مَنْ وَهَبَكَ اللَّهُ عَقْلًا؛ تَفَكَّرْ فِي الْحَالِ الَّذِي وَصَلْتَ إِلَيْهِ، هَلْ أَنْتَ رَاضٍ عَنْ وَضْعِكَ وَحَيَاتِكَ؟ أَلَا تَعْتَبِرُ بِأُولَئِكَ الَّذِينَ سَاقَهُمُ الضَّيَاعُ إِلَى مَهَالِكِ الرَّدَى، يُعَانُونَ مَآسِيَ الْإِدْمَانِ، وَيَتَجَرَّعُونَ غُصَصَ الْإِجْرَامِ بَيْنَ جُدْرَانِ السُّجُونِ؟ كَيْفَ بِهِمْ وَقَدْ ضَيَّعُوا مُسْتَقْبَلَهُمْ، وَأَسَاؤُوا إِلَى أَهْلِهِمْ، وَأَوْرَثُوهُمُ الْهُمُومَ وَالْأَحْزَانَ؟
أَيُّهَا الشَّابُّ: أَنْتَ طَاقَةٌ مُتَجَدِّدَةٌ، عَزِيمَةٌ قَوِيَّةٌ، طُمُوحٌ وَهِمَّةٌ، فَاصْرِفْ وَقْتَكَ فِيمَا يَنْفَعُكَ وَيَعُودُ عَلَيْكَ بِالْخَيْرِ، فَإِنَّ الْعُمْرَ يَمْضِي سَرِيعًا، وَيُوشِكُ أَنْ تَصْحُوَ مِنْ غَفْلَتِكَ وَقَدْ فَاتَكَ مِنْ عُمْرِكَ أَفْضَلُهُ، فَاسْتَغِلَّ شَبَابَكَ فِيمَا يَنْفَعُكَ فِي دُنْيَاكَ وَأُخْرَاكَ، فَاللَّهُ سَائِلٌ كُلَّ شَابٍّ: "عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ؟"(التِّرْمِذِيُّ).
وَمِنْ طُرُقِ الْحِمَايَةِ: الِاهْتِمَامُ بِبِنَاءِ الْأُسْرَةِ بِنَاءً صَالِحًا؛ فَالْأُسْرَةُ هِيَ الْمَحْضِنُ الْأَوَّلُ لِلتَّرْبِيَةِ، وَكُلُّ انْحِرَافٍ أَوْ تَقْصِيرٍ أَوْ إِهْمَالٍ فِي هَذَا الْبِنَاءِ؛ يَكُونُ أَثَرُهُ عَلَى الْأَوْلَادِ بِلَا شَكٍّ، وَمِنْ هُنَا كَانَ اهْتِمَامُ الْإِسْلَامِ بِالْأُسْرَةِ مِنْ قَبْلِ نَشْأَتِهَا، فَأَمَرَ النَّبِيُّ بِحُسْنِ اخْتِيَارِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، فَهُمَا رُكْنَا هَذِهِ الْأُسْرَةِ، وَحَجَرَا الزَّاوِيَةِ فِي التَّرْبِيَةِ، قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، وَقَالَ: "إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ".
وَمِنْ هُنَا كَانَتْ مَسْؤُولِيَّةُ الْوَالِدَيْنِ فِي التَّرْبِيَةِ عَظِيمَةً، وَكَلَّفَهُمُ اللَّهُ وِقَايَةَ أَوْلَادِهِمْ مِنَ الِانْحِرَافِ وَالضَّيَاعِ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التَّحْرِيمِ: 6].
وَمِنَ الْحِمَايَةِ: الِاهْتِمَامُ بِوَسَائِلِ الْإِعْلَامِ؛ فَإِنَّ لَهَا دَوْرًا خَطِيرًا وَعَظِيمًا فِي تَنْشِئَةِ الشَّبَابِ وَتَوْجِيهِ اهْتِمَامَاتِهِمْ، وَتَنْمِيَةِ أَفْكَارِهِمْ، لَا يَنْبَغِي لِإِعْلَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَكُونَ أَدَاةَ هَدْمٍ لِأَخْلَاقِ الْمُجْتَمَعِ، أَنْ يَكُونَ إِعْلَامَ ضِرَارٍ هَمُّهُ الْمَالُ وَالْكَسْبُ، وَلَوْ عَلَى حِسَابِ الْعَقِيدَةِ، وَعَادَاتِ الْمُجْتَمَعِ الْحَمِيدَةِ، فَلْيَحْذَرْ أَرْبَابُ الْإِعْلَامِ مِمَّا يَبُثُّونَهُ لِلنَّاسِ أَنْ يَكُونَ مُحَادَّةً لِلَّهِ وَشَرْعِهِ؛ (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[النُّورِ: 19].
وَمِنْ ذَلِكَ: تَقْوِيَةُ الْوَازِعِ الدِّينِيِّ فِي نُفُوسِ الشَّبَابِ، إِنَّ يُوسُفَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ذَلِكَ الشَّابُّ الْغَرِيبُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ وَوَطَنِهِ وَأَهْلِهِ، تَتَوَفَّرُ لَهُ كُلُّ دَوَاعِي الْحَرَامِ وَأَسْبَابِهِ بِكُلِّ يُسْرٍ وَسُهُولَةٍ، لَكِنَّ نِدَاءَ الْإِيمَانِ فِي دَاخِلِهِ أَقْوَى مِنْ كُلِّ شَهْوَةٍ وَغَفْلَةٍ تَصْرِفُهُ عَنْ إِيمَانِهِ وَطَاعَةِ رَبِّهِ؛ (قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[يُوسُفَ: 23].
أَيُّهَا الْمُرَبُّونُ: إِنَّ التَّرْبِيَةَ فِي هَذَا الْعَصْرِ لَيْسَتْ سَهْلَةً، وَلَكِنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ إِذَا تَضَافَرَتِ الْجُهُودُ، وَأَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا دَوْرَهُ، لَابُدَّ أَنْ يَشْعُرَ الْجَمِيعُ بِأَنَّهُمْ عَلَى سَفِينَةٍ وَاحِدَةٍ، إِنْ غَرِقَتْ غَرِقَ كُلُّ مَنْ فِيهَا وَهَلَكَ، فَتَعَاوَنُوا وَارْحَمُوا الشَّبَابَ وَارْفُقُوا بِهِمْ، وَأَعِينُوهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ وَإِصْلَاحِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا تَكُونُوا عَوْنًا لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ احْفَظْ شَبَابَ الْمُسْلِمِينَ، وَخُذْ بِأَيْدِيهِمْ إِلَى صَلَاحِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ.
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
التعليقات