عناصر الخطبة
1/بعض الآثار السيئة للمعاصي 2/بعض عقوبات المعاصي المعاصرة 3/تفشي المعاصي في العصر الحاضر وأسباب ذلك 4/أقسام الذنوب وأصنافها وتفاوتها 5/التحذير من المعاصي 6/تفاوت الكبائر في الإثم والمفسدة 7/بعض الأودية النافعة لعلاج المعاصياهداف الخطبة
اقتباس
ما الذي أغرق قوم نوح بالطوفان؟ وأغرق فرعون وجنوده في البحر؟ وما الذي سلط الريح العقيم على عاد؟ وما الذي أرسل الصيحة على ثمود؟ وما الذي أرسل الحاصب وأمطر الحجارة على قوم لوط وقلب عليهم عالي البلاد سافلها؟ وما الذي خسف الأرض بقارون؟ وما الذي أمطر النار المحرقة وأرسل الصيحة على قوم شعيب؟ أليست...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله ...
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، بفعل ما أمركم به، واحذروا معصيته، بارتكاب ما نهاكم عنه.
واعلموا أن للطاعة آثاراً حميدة، وعاقبة سعيدة، وأن للمعاصي آثاراً قبيحة، وعقوبات شنيعة، قال تعالى في بيان آثار المعاصي: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)[الروم: 41].
أي بأن النقص في الزروع والثمار بسبب المعاصي.
وقال بعض السلف: "من عصى الله في الأرض فقد أفسد فيها؛ لأن صلاح الأرض والسماء بالطاعة".
وذلك؛ لأن الحدود إذا أقيمت انكف الناس، أو أكثرهم عن المعاصي، وإذا تركت المعاصي كان ذلك سبباً في منع حصول البركات من السماء والأرض.
وثبت في الصحيحين: أن الفاجر إذا مات يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب، قال بعض السلف: "إذا أجدبت الأرض قالت البهائم: هذا من أجل عُصاة بني آدم، لعن الله عصاة بني آدم".
وجاء في الحديث: "وما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، وما بخس قوم المكيال والميزان، إلا ابتلوا بشدة المؤنة، وجور السلطان".
فالمعاصي -يا عباد الله- تسبب قصم الأعمار، وانحباس الأمطار، وخراب الديار، وغور الآبار، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)[الأعراف: 130].
ما الذي أغرق قوم نوح بالطوفان؟ وأغرق فرعون وجنوده في البحر؟ وما الذي سلط الريح العقيم على عاد؟ وما الذي أرسل الصيحة على ثمود؟ وما الذي أرسل الحاصب وأمطر الحجارة على قوم لوط وقلب عليهم عالي البلاد سافلها؟ وما الذي خسف الأرض بقارون؟ وما الذي أمطر النار المحرقة وأرسل الصيحة على قوم شعيب؟ أليست هي الذنوب والمعاصي؟!
قال تعالى: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)[العنكبوت: 40].
إن الذنوب هي التي أهلكت هذه الأمم الماضية، وهي التي تهلك الأمم اللاحقة، قال تعالى: (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ * ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ * كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ)[المرسلات: 16- 19].
وهذا ما ذكره الله من عقوبات الأمم الماضية، وما نشاهده اليوم وما نسمعه من العقوبات بالأمم المعاصرة فيه أكبر زاجر، وأعظم واعظ لنا، فها هي الحروب الطاحنة تشتعل نيرانها في البلاد المجاورة، وهي حروب دمار، لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، لما يستعمل فيها من الأسلحة الفتاكة، والانفجارات المروعة، والقذائف المدمرة، بعيدة المدى، التي لا يمنع منها حصون، ولا تقي منها دروع، كانت حروب الزمن الماضي بالسيف والبندقية يُقتل فيها أفراد، ويمكن التحصين منها.
أما هذه الحروب المعاصرة، فهي حروب إبادة تُهلك فيها الجماعات بقذيفة واحدة، وتُدك الحصون، وتشعل النيران في البيوت والمساكن، وتمزق الأجسام بلا حدود، ومن ينجُ منها يبقى بلا مأوى ولا طعام ولا شراب، كما تسمعون عن ملايين اللاجئين الذين شردوا من بلادهم، وفيهم النساء الأرامل، والأطفال اليتامى، وفيهم المرضى والجرحى، وكبار السن والمعوقين، وصاروا يعيشون في مخيمات على المساعدات الدولية، التي لا تسد حاجتهم، ولا تروي غلتهم.
ومن عقوبات المعاصي أيضاً -والتي تحل بالأمم المعاصرة-: كثرة الزلازل والبراكين التي تدمر البلدان، وتهلك عشرات الألوف من بني الإنسان، وتترك الكثير بلا مأوى.
ومن العقوبات التي تحل بالأمم المعاصرة: عقوبات الجدب، وانحباس الأمطار، حتى أجدبت الأرض، وتعطلت الزراعة، وهلكت المواشي، وشاعت المجاعة، حتى هلك خلق كثير، ومن بقي حياً ارتحل من بلده إلى بلد آخر، لطلب لقمة العيش، إما من الصدقات، وإما من الأجرة التي يحصلون عليها من العمالة لدى الدول الغنية.
ومن العقوبات التي تحل بالأمم المعاصرة: ما يصيب الثمار والزروع من الآفات التي تقضي على المحاصيل أو تنقصها.
ومن العقوبات في الأمم المعاصرة: انتشار الأمراض المستعصية التي يعجز الطب عن معالجتها"كمرض السرطان، والإيدز، والهربس" وغيرها.
وكثرة موت الفجأة، بالإصابات المفاجئة وبحوادث المراكب الجوية والبرية والبحرية، في الطائرات والسيارات والقطارات والبواخر، التي يذهب فيها جماعات من الناس في لحظة واحدة.
ومن عقوبات المعاصي في الأمم المعاصرة: تسليط الظلمة والجبابرة على الشعوب، وتسليط الأحزاب المتعارضة بعضها على بعض، وتسليط الكفار على المسلمين، لما ترك المسلمون الجهاد، وقصروا فيما أوجب الله عليهم؛ كما قال تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ)[الأنعام: 65].
ومن أعظم عقوبات المعاصي: أنها تؤثر في القلوب مرضاً وظلمة وقسوة، كما قال تعالى: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[المطففين: 14].
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه، وإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت، فذلك قول الله -تعالى-: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)"[قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"].
وقال الحسن البصري: "هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب ويموت".
فاتقوا الله -عباد الله- واحذروا المعاصي، فإننا في زمان عظمت فيه الفتنة بسبب اختلاط الأشرار بالأخيار، لتقارب البلدان، وسهولة المواصلات، وتوفر وسائل الإعلام التي تنقل الشرور من الأغاني والمزامير والدعايات المغرضة بواسطة الإذاعات والتلفزيونات، وأجهزة الفيديو بأفلامها المفسدة، حتى صار العالم كالبلد الواحد ما يحدث في أقصاه يصل إلى أقصاه في أسرع وقت، مسموعاً ومرئياً ومقروءاً.
أيها المسلمون: إن الذنوب تتفاوت، وتنقسم إلى: كبائر وصغائر، وتتفاوت مفاسدها وعقوباتها في الدنيا والآخرة، قال الإمام العلامة ابن القيم -رحمه الله-: "ثم هذه الذنوب تنقسم أربعة أقسام: مُلكية، وشيطانية، وسبعية، وبهيمية، لا تخرج عن ذلك".
فالذنوب المُلكية: أن يتعاطى ما لا يصلح له من صفات الربوبية، كالعظمة والكبرياء والجبروت والقهر والعلو بغير الحق، واستبعاد الخلق، ونحو ذلك، ويدخل في هذا الشرك بالرب -تبارك وتعالى-.
وهذا القسم أعظم أنواع الذنوب، ويدخل فيه القول على الله بلا علم في خلقه وأمره.
فمن كان من أهل هذه الذنوب، فقد نازع الله -سبحانه- في ربوبيته وملكه، وجعل نفسه له نداً، وهذا أعظم الذنوب عند الله، ولا ينفع معه عمل.
وأما الشيطانية، فالتشبه بالشيطان في الحسد والبغي، والغش والغل، والخداع والمكر، والأمر بمعاصي الله وتحسينها، والنهي عن طاعة الله وتهجينها.
والابتداع في دينه والدعوة إلى البدع والضلال، وهذا النوع يلي النوع الأول في المفسدة، وإن كانت مفسدته دونه.
وأما السبعية، فذنوب العدوان والغضب، وسفك الدماء، والتوثب على الضعفاء والعاجزين.
وأما الذنوب البهيمية، فمثل الشره، والحرص على قضاء شهوة البطن والفرج، ومنها يتولد الزنا والسرقة، وأكل أموال اليتامى والبخل والشح والجبن والهلع والجزع، وغير ذلك.
وهذا القسم أكثر ذنوب الخلق؛ لعجزهم عن الذنوب السبعية والمُلكية، ومنه يدخلون إلى سائر الأقسام.
عباد الله: لقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من المعاصي وعقوباتها عموماً، وحذر من كبائر الذنوب خصوصاً؛ لأن خطرها أشد، ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟" قلنا: بلى يا رسول الله، فقال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور".
وفي الصحيح أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات" قيل: وما هنّ يا رسول الله؟ قال: "الإشراك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات".
وفي الصحيح أيضاً عنه صلى الله عليه وسلم: أنه سُئل أي الذنب أكبر عند الله؟ قال: "أن تجعل لله نداً وهو خلقك" قيل: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك" قيل: ثم أي؟ قال: "أن تزني بحليلة جارك" فأنزل الله -تعالى- تصديقها: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ)[الفرقان: 68].
أيها المسلمون: إن الكبائر أيضاً تتفاوت، وهي ليست على درجة واحدة من الإثم والمفسدة، فبعضها أشد من بعض، خصوصاً التي يصل ضررها للآخرين، وكلما اتسعت دائرة الضرر، كانت أشد على صاحبها، فمن ذلك الزنا مثلاً.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى- عن الزنا ما نصه: "ومفسدة الزنا مناقضة لصلاح العالم، فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها، ونكست رؤوسهم بين الناس، وإن حملت من الزنا، فإما أن تقتل ولدها، فتجمع بين الزنا والقتل، وإن أبقته حملته على الزوج فأدخلت على أهلها وأهله أجنبياً ليس منهم، فورثهم وليس منهم، ورآهم وخلا بهم، وانتسب إليهم، وليس منهم، وأما زنا الرجل، فإنه يوجد اختلاط الأنساب، وإفساد المرأة المصونة، وتعريضها للتلف والفساد.
ففي هذه الكبيرة خراب الدنيا والدين، فكم من الزنا من استحلال محرمات، وفوات حقوق، ووقوع مظالم؟
ومن خاصيته: أنه يوجب الفقر، ويقصر العمر، ويكسو صاحبه سواد الوجه، وثوب المقت بين الناس.
ومن خاصيته أيضاً: أنه يشتت القلب ويمرضه إن لم يُمته، ويجلب الهم والحزن والخوف، ويباعد صاحبه من الرحمن ويقربه من الشيطان، فليس بعد مفسدة المقتل أعظم من مفسدة الزنا.
ولهذا شرع فيه القتل على أشنع الوجوه، وأفحشها وأصعبها -يعني أن الزاني يجب رجمه بالحجارة حتى يموت- ولو بلغ الرجل أن امرأته أو حُرمته قُتلت كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت، وخص سبحانه حدّ الزاني بثلاث خصائص من بين سائر المحدود:
أحدهما: القتل فيه بأشنع القتلات.
الثاني: أنه نهى عباده أن تأخذهم بالزناة رأفة في دينه، بحيث تمنعهم من إقامة الحدّ عليهم.
الثالث: أنه أمر سبحانه أن يقام حدّ الزاني بمشهد من المؤمنين، فلا يكون في خلوة حيث لا يراه أحد" انتهى كلامه -رحمه الله تعالى-.
فاتقوا الله -عباد الله- واجتنبوا الذنوب والمعاصي ما ظهر منها وما بطن.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا)[الفرقان: 68- 71].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
إن الحمد لله...
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى- واسألوه من فضله، فإنه كريم، وخافوا من عقابه، فإن عقابه أليم.
عباد الله: كما أن للمعاصي عقوبات، فإن لها علاجاً تعالج به، ويُتقى به شرها: "ما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاء".
ومن أعظم ما تعالج به المعاصي: التوبة والاستغفار، قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الأنفال: 33].
وقد أمر الله بالاستغفار والتوبة في آيات كثيرة من كتابه، ووعد بالمغفرة، قال تعالى: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى)[طه: 82].
وقال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)[النساء: 17- 18].
وفي الحديث القدسي: أن الله -تعالى- يقول: "يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم".
والاستغفار هو طلب المغفرة، مع ترك الذنوب، والندم على فعلها، وعدم العودة إليها، وليس معناه التلفظ به باللسان مع البقاء على الذنوب والمعاصي.
ومما تعالج به المعاصي: نصيحة العصاة، ووعظهم وتذكيرهم: (مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)[الأعراف: 164].
ومما تعالج به المعاصي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال عليه الصلاة والسلام: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
فيجب على المسلم إنكار المنكر بحسب استطاعته، يجب على قيّم البيت أن يأمر من تحت يده، وينهاهم من أولاده، وأهل بيته، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)[التحريم: 6].
فوقاية النفس والأهل من النار واجبة، وذلك بالتزام طاعة الله، والابتعاد عن معصيته.
ويجب على ولاة الأمور وأهل الحسبة: القيام على من تحت ولايتهم بأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وإلزامهم بطاعة الله، والأخذ على أيديهم.
ويجب على عموم المسلمين: التعاون مع أهل الحسبة في ذلك، قال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى)[المائدة: 2].
وقال عليه الصلاة والسلام: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".
فإذا أهمل جانب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وترك العصاة بدون إنكار، عمت العقوبة الجميع؛ كما قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)[المائدة: 79].
والمعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وإذا ظهرت ولم تنكر عمت عقوبتها الجميع -نسأل الله العافية-.
ومما تعالج به المعاصي: تأديب العصاة بإقامة الحدود والتعزيرات الشرعية، التي تردع العاصي قال عليه الصلاة والسلام: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع".
والله -عز وجل- يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن الأمر خطير، فخذوا لأنفسكم، قبل فوات الأوان، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله..
وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار.
اللهم إنا نسألك رحمة ...
التعليقات
mohsin shaikh ahmed
12-07-2019مقالك جيد جدا THANKS
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
16-07-2019كتب الله أجرك وتقبل من الجميع وشكرا لزيارتك