عناصر الخطبة
1/العَجَلَة أُسّاس الخيبات وأم الندامات 2/العَجَلَة تورث الطيشَ والتهورَ والسفاهةَ والحمقَ 3/من أشنع مسالك الاستعجال استبطاء نصر الله 4/العجلة في أمور الآخرة محمودةاقتباس
فالعَجُول أموره مُدْبِرَة، وبضاعته كاسدة، ويندفع بلا عقل ولا روية، وكلما لاح له طمع بادَر إليه مما قد يُوَرِّطُهُ في الولوغ في دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وتكفير المسلمين واتهامهم في نياتهم، فأنى يوفَّق هذا العَجُول المتكايس؟ وكيف يسدَّد هذا المستعجل المتحامق؟
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فمع الوصية للمسلمين جميعا بتقوى الله ومراقبته في السر والعلانية؛ فإنا نعوذ بالله من فتنة القول، كما نعوذ به من فتنة العمل، ونعوذ به من التكلُّف لِمَا لا نُحسن، كما نعوذ به من العُجْب بما نُحسن، ونعوذ به من فساد النيات والأعمال، كما نعوذ به من أن يكون في إيماننا دَخَل ودَغَل فتزلَّ أقدامُنا بعد ثبوتها، ويُحال بينَنا وبينَ قلوبنا، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الْأَنْفَالِ: 24].
أيها المسلمون: لقد خلق الله الإنسان على هيئة عجيبة؛ وجعَل فيه من الصفات المتقابلة ما يحيِّر العقل، وفطَرَه على بعض السجايا التي لو بقيت فيه كما هي بدون إصلاح وتهذيب لخسر خسرانا مبينا؛ كصفة الجهل والظلم والجحود والهلع والجزع، بيدَ أن صفة العَجَلَة هي أُسّ الخيبات وأم الندامات، وهي فطرة مؤثرة جدا في شخصية الإنسان تؤدي به إلى عواقب لا تحمد، ونتائج لا تسعد إلا أن يتدارك نفسه برحمة الله، (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ) [الْأَنْبِيَاءِ: 37].
إن الاستعجال في حقيقته هو جلب الشيء بسرعة قبل اكتمال أدواته وطلبه قبل إبَّانه، وفعله قبل أوانه بلا روية ونظر ولا تأنٍّ وفكر، فيأتي الفعل باهتا فجًّا، خاليا من ثماره الناضجة، فيكون الرجل قد أساء من حيث أراد الإحسان، وفشل وهو يريد النجاح، وخسر وهو يطمح في الربح، (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا) [الْإِسْرَاءِ: 11]، إن العَجَلَة يا مسلمون لم تأتِ في القرآن والسنة إلا على وجه النهي والذم واللوم، إلا في مواضع يسيرة جاءت ممدوحةً بلفظها صراحةً، أو بمرادفاتها من المسارعة والمسابقة والمبادرة؛ ولذلك حذرت الشريعة من الاستعجال؛ لأنه في غالبه حركة نفسية عَجِلَة غير مدروسة، وخالية من تقدير العواقب ومن استحضار الظروف والملابسات، وأخذ الأُهْبَة والاستعداد، ويكفي أن نعلم أن الاستعجال إذا أصبح هو الحاكم على شخصية الإنسان أورثه ذلك الطيشَ والتهورَ والسفاهةَ والحمقَ واتباع الهوى والعناد والغرور والاستخفاف، وحُقَّ للاستعجال أن يكون جماع الآفات الإنسانية وبؤرة شر الخصال.
أيها المؤمنون: لقد نهى الله نبيَّه -صلى الله عليه وآله وسلم- عن العَجَلَة في تلقِّي القرآن قبل كماله وانقضاء إيحائه، (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) [طه: 114]، وعاتب ربنا -سبحانه وتعالى- موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- عاتَبَه على أن قَدِمَ إليه وحدَه لميقات ربه ولم يأت مع قومه، (وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى) [طه: 83].
ولو صبر موسى -عليه الصلاة والسلام- مع القوم الخضر -عليه السلام- ولم يعجل لرأى من بديع أقدار الله شيئا عجبا.
ونهى الله نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يكون مثل يونس -عليه السلام- حين خرج مغاضبا قومه مستعجلا أمر ربه، (وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ) [الْقَلَمِ: 48]، وحكم داود -عليه السلام- لأحد الرجلين اللذين تسورا عليه المحراب بعد أن سمع منه قبل الآخر فقضى قبل سماع حجة الخَصْم الآخر، وشعر داود -عليه السلام- أنه استعجل، (وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) [ص: 24].
وهذه يا أيها المسلمون هي الفتنة التي ابتلي بها داود -عليه السلام- وهي الحكم بأحد الخصمين قبل سماع حجة الآخر، وليست كما تزعم الروايات الإسرائيلية أنها فتنة النظر إلى المرأة الحسناء والسعي لأخذها من زوجها، فهذا أمر من الخيانة شنيع، ينزَّه عنه أنبياء الله ورسله -عليهم الصلاة والسلام-.
واستبطأ الصحابة -رضي الله عنهم- النصر والتمكين في الأرض وهم يرون علو الكفر وطول زمنه فبشرهم النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بأن الله سوف يتم هذا الأمر ولكنكم تستعجلون، وتعجل الرماة النصر في معركة أحد وخالفوا أمر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فحقت عليهم سنة الله في المتعجلين النصر والتمكين بغير هدى من الله.
أيها المسلمون: إن العَجَلَة المذمومة إشكالية كبرى في مسيرة الإنسان في هذه الحياة، وعائق كبير من عوائق النجاح، ومزلة قدم تجلب المعاناة وسقوط القمم، فكم خرَّب الاستعجالُ مِنْ خطط منظَّمة، وكم أفسد من أعمال كبار، وضيَّع فرصًا لا يعوض مثلها، وكم ندم الإنسان وأوقعه في الحرج وحرمه من خير وكمال كان قريبا مناله، ولو تأنَّى لظفر به، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وأكثر ما يغيظ الصدور ويورث الضغينة ويحيل الحبيب إلى بغيض ويهدم العلاقات الأسرية والزوجية قارصة عجولة من قوارص الكلام أو تصرُّف أرعن أو سرعة قرار في زفرة غضب، أو نشوة فرح، أو هوج فعل لم يخطم بتمهل وروية، ولم يُزَمَّ بأناة وبصيرة.
إن الاستعجال يحرم العبد من إجابة الله لدعائه؛ فالله -سبحانه- يستجيب لعبده ما لم يستعجل الإجابة، وقد تُبطل العَجَلَة صلاةَ العبد؛ كما دل عليه حديث المسيء صلاته، والذي يسابق إمامَه في الركوع والسجود لا يُؤمن عليه أن يحوِّل الله صورته إلى صورة حمار، وقد يعجل المرء في الحكم على الأشخاص بكفر أو فسق أو بدعة أو صلاح وتقوى وعلم، أو ينتقص من أعمال وجهود ويذمها بادي الرأي فيكون ممن خبط في عمايا، وهوى في جهالة، وظلم ولم ينصف وبخَس الناسَ أشياءهم، وقد يتعجل المرء في كره وذم؛ كما يستعجل في حب ومدح، قال علي -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-: "أَحْبِبْ حبيبَكَ هونًا ما عسى أن يكون بغيضَكَ يومًا ما، وَأَبْغِضْ بغيضَكَ هونًا ما عسى أن يكون حبيبَكَ يومًا ما". (أخرجه البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح).
تَأَنَّ وَلَا تَعْجَلْ بِلَوْمِكَ صَاحِبًا***لَعَلَّ لَهُ عُذْرًا وَأَنْتَ تَلُومُ
إن العَجَلَة -يا عباد الله- شؤم ونذير وهن، وما كان العجول محمودا في قبيل ولا دبير؛ فهي تُعمي البصيرةَ وتسد على العبد موارد التوفيق والسداد، وقد يصاب المرء بداء العَجَلَة في طلب العلم؛ فيستعجل التصدر والوصول أو يقفز فوق المراحل ليستجلب المفاخر ولا يصبر على ذل التعلم وثني الرُّكَب فيُحرم بركةَ العلم ويكون من نتائج ذلك فتوى عَجِلَة غير محررة، وَفَهْم أعوج للنصوص واستدلالات خاطئة.
ومن أشنع مسالك الاستعجال أن يستبطئ العبد نصر الله وتمكينه للأمة وتمكينه لدينه فييأس من روح الله، ويقنط من رحمته ويضعف أمام الباطل ويتنازل عن مبادئه وثوابته، وقد يجتهد اجتهادات خاطئة يستعجل بها مراحل النصر التي لا يمكن أن تتم في عشية وضحاها، بل هي محكومة بسنن كونية وشرعية لا تتبدل ولا تتغير، أو يستبطئ رزق الله؛ فيستعجله بما حرم الله من شهوات البطون والفروج، وكم من أناس سقطوا في الفتنة، وحُرموا من الاتصاف بصفات الكمال من العفة والورع والأمانة والصدق بسبب استعجالهم الخوضَ فيما حرَّم الله، ولم يكبحوا شَرَهَ أنفسِهم؛ فتعجلوا سخط الله عليهم.
أيها المسلمون: إن العَجَلَة من الشيطان؛ لأن الشيطان خُلِقَ من نار والنار من صفاتها الطيش والخفة والإحراق، وهذه الصفات لها تعلق ظاهر بثمار العَجَلَة المذمومة؛ فالعَجُول أموره مُدْبِرَة، وبضاعته كاسدة، ويندفع بلا عقل ولا روية، وكلما لاح له طمع بادَر إليه مما قد يُوَرِّطُهُ في الولوغ في دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم وتكفير المسلمين واتهامهم في نياتهم، فأنى يوفق هذا العجول المتكايس؟ وكيف يسدد هذا المستعجل المتحامق؟
لَا تَعْجَلَنَّ فَلَيْسَ الرِّزْقُ بِالْعَجَلِ***الرِّزْقُ فِي اللَّوْحِ مَكْتُوبٌ مَعَ الْأَجَلِ
فَلَوْ صَبَرْنَا لَكَانَ الرِّزْقُ يَطْلُبُنَا***لَكِنَّمَا خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلِ
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي خلَق النفوس وسوَّاها فألهمها فجورها وتقواها، وقد أفلح مَنْ زكَّاها، وقد خاب من دساها، وأصلِّي وأسلِّم على إمام المرسلين وسيدهم وعظيمهم ومقدَّمهم وعلى آله السادة الشرفاء، وصحابته النجباء النبلاء، والتابعين لهم بإحسان عددَ ما ينزل إلى الأرض ويعرج في السماء.
أما بعد: فإن العَجَلَة -يا مسلمون- آفة العقول والألباب والحِجَا، وهي تُورِثُ فسادَ الرأي والتدبير والنُّهَى، وقد نهى الله نبيَّه -صلى الله عليه وآله وسلم- عن الاستعجال فقال: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) [الْأَحْقَافِ: 35]، وأخبر سبحانه أن قوما يستعجلون العذاب ويستعجلون السيئة قبل الحسنة، وهذا من ضَعْف عقولهم لو كانوا يعقلون.
إن الاستعجال آفة مهلكة إذا لم يبادر العبد إلى إصلاحها وتهذيبها؛ وذلك لا يتم له إلا بأمور مهمة؛ منها:
تعويد النفس وتمرينها على التأني والروية والتمهل والتعقل، وزَمّها بالصبر والتصبر قبل أن يصدر منه أي قول أو فعل أو رأي، والتأني والتروي قيمة مطلَقَة يحبها الله، ويوفِّق صاحبَها للسداد والبصيرة، والله -تعالى- من أسمائه "الحليم والصبور"، وقد ثبَت عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: "التَّأَنِّي مِنَ اللَّهِ، وَالْعَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ" (أخرجه البيهقي في الشُّعَب من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-).
وقد يكون خلق التأني والتؤدة والرزانة وهبيًّا؛ مِنَّةً من الله على عبده، كما يدل عليه حديث أشج عبد القيس حينما قال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: "إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمَ وَالْأَنَاةَ" (أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-).
ويمكن اكتساب خُلُق التأني بمطالعة عِبَر التاريخ وتجارب الأمم، والقراءة في سير العقلاء والنبلاء والجلوس مع أهل العلم والخبرة والتجربة ومشاورتهم مع تدريب النفس وتعويدها على التأني؛ فهذه وسائل مهمة في تهذيب العَجَلَة وإصلاحها، وقد شرع الله -سبحانه وتعالى- الاستخارة والاستشارة من أجل اتقاء شر الاستعجال في اتخاذ القرارات هينةً كانت أم عظيمةً، ولم يكن أحد أكثرَ مشاورةً لأصحابه من رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو النبي الموحى إليه، وقد كان عمر -رضي الله تعالى عنه- يجمع المهاجرين والأنصار لمشاورتهم في كثير من قراراته وهو الْمُحَدَّث الْمُلْهَم.
أيها المسلمون: العَجَلَة فطرة مركوزة في شخصية الإنسان، لا يكاد ينجو من شرها أحد إلا إذا هذَّبها وأصلحها مستعينا بالله بأن يصرفها في وجهها الصحيح، ويعدل مسارها فيما ينفع ويفيد، قال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ التُّؤَدَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ، إِلَّا فِي عَمِلِ الْآخِرَةِ" (أخرجه أبو داود والحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-).
وقد جاءت الشريعة بطلب الاستعجال في أمور من الخير وعمل الآخرة لا ينبغي التأني فيها وتأخيرها، فقد أمرت بالاستعجال في رد الحقوق إلى أصحابها والتحلل منها قبل يوم القيامة سواء كانت ديونا أو ميراثا أو عارية أو وديعة أو استيفاء لبيع وشراء، ولا يجوز للمسلم أبدا أن يحبس حقوق الناس عنده، فإن ذلك من الظلم والبغي، والموفَّق هو الذي يستعجل في أداء فريضة الحج، إذا كان مستطيعا ولم يحج مِنْ قبلُ، قال صلى الله عليه وسلم: "تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ، -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ-، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ" (أخرجه أحمد من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-).
والصائم شُرِعَ له تعجيلُ الفطر ولا يزال الناس بخير ما عجَّلُوا الفطرَ، وَشُرِعَ للعبد المسارعةُ والمبادرةُ والمسابقةُ في عمل الخيرات، ولم يكن هناك أحد من الصحابة أسبق لكل خير من أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، والمؤمن العاقل يبادر الأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل، ولا تطيب نفس المؤمن أن يسبقه أحد إلى الله، شعاره دائما: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) [طه: 84].
وإن من أوجب الأعمال التي لا تقبل التأخير والتسويف المبادرة والمسارعة إلى التوبة والاستغفار من كل ذنب وفي كل وقت، والله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، والعبد لا يدري متى يَفْجَؤُهُ الموتُ، فلا يمكَّن من التوبة.
ومن العَجَلَة المحمودة الإسراع بالميت في تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، والإسراع في إكرام الضيف وإطعامه، (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) [الذَّارِيَاتِ: 26]، وكذلك المسارعة في تزويج الفتاة من الكفء المناسب بعد الاستخارة والاستشارة؛ فإن الإسراع في ذلك من الخير ومن العَجَلَة المحمودة.
وتأخير الزواج مصيدة من مصائد إبليس إلا من عذر قاهر، وبكل حال -أيها المسلمون- فالمشروع هو المبادرة والمسارعة والاستعجال في كل أعمال الآخرة التي تقرب إلى الله، وفي أعمال الخير من المروءات ونجدة الملهوف وإطعام المحتاجين ورفع الظلم وغير ذلك، ويكون الهدوء والرزانة والتأني والتؤدة فيما هو دون ذلك من أمور الدنيا وما يتعلق بها، قال الله -تعالى-: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) [آلِ عِمْرَانَ: 133]، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الْجُمُعَةِ: 9]، وقال سبحانه: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا) [الْفُرْقَانِ: 63].
لَا تَعْجَلَنَّ لِأَمْرٍ أَنْتَ طَالِبُهُ***فَقَلَّمَا يُدْرِكُ الْمَطْلُوبَ ذُو الْعَجَلِ
فَذُو التَّأَنِّي مُصِيبٌ فِي مَقَاصِدِهِ***وَذُو التَّعَجُّلِ لَا يَخْلُو مِنَ الزَّلَلِ
عباد الله: صَلُّوا وسلِّموا على رسول الله فقد أمركم بذلك اللهُ حيث قال في محكم تنزيله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الْأَحْزَابِ: 56]. وثبَت عنه -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: "أكثروا من الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكا عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد، إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة"، فاللهم صَلِّ وسلم وبارك وأنعم على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا وسيدنا وقدوتنا محمد وعلى آله وأزواجه وذرياته وصحابته الكرام الأبرار الأطهار، وَخُصَّ منهم أبا بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذا النورين، وعليًّا أبا الحسنين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفينَ في كل مكان، اللهم انصرهم في فلسطين، اللهم انصرهم في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، اللهم انصرهم في بلاد الشام، اللهم انصرهم في بلاد الشام، اللهم انصرهم في بلاد الشام، بقوتك يا قوي يا عزيز.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين المرابطين على الحدود، اللهم انصر إخواننا المجاهدين المرابطين على الحدود، اللهم كُنْ لهم عونًا ونصيرًا ومؤيدًا وظهيرًا بقوتكَ يا قوي يا عزيز.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك، اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، الله وفقه ونائبه لما فيه صلاح البلاد والعباد، واجعلهم مفاتيح للخير مغاليق للشر برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اغفر لنا وارحمنا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، اللهم ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وإذا أردت بخلقك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التعليقات