عناصر الخطبة
1/ تعظيم الأشهر الحرم 2/ قصة وضع التاريخ الهجري 3/ ارتباط التاريخ الهجري بالدين 4/ التأسّف للعدول عن التاريخ الهجري 5/ فضل صيام الشهر المحرم وصوم يوم عاشوراء 6/ بِدَعُ عاشوراء 7/ تآمر الرافضةاهداف الخطبة
اقتباس
وَلِأَجْلِ هَذا كَانُ رَأْيُ عمرَ -رضي الله عنه- سَدِيدًا، إذْ جعَلَهُ تَأْريخًا لِهَذِهِ الأُمَّة، تَضبِطُ أَحْدَاثَهَا، وَتُسجِّلُ فِيهِ مَجدَهَا وَعِزَّها، ويكونُ شِعارًا لها في عِبَادَاتِها ومُعَامَلاتِها وَأَحْوالِها, فالتَّأريخ الهجريُّ مُرتَبِطٌ بالدِّينِ، كحلولِ الزَّكاةِ، وآجالِ الدُّيونِ، وعِدَدِ الطَّلاقِ، ومُددِ الإحدَادِ وغيرها؛ قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) [يونس:5].
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ الذي وَسِعَت رَحمَتُه كُلَّ شَيءٍ، وَعَمَّ إحسَانُهُ كُلَّ حيٍّ، نَشهدُ ألاَّ إِلهَ إلاَّ أَنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ، لَكَ المُلكُ وَلَكَ الحمدُ وأَنتَ على كلِّ شيءٍ قَدِيرٌ.
وَنشهَدُ أنَّ نَبِيَّنَا مُحمَّداً عبدُ الله وَرَسُولُه البَشِيرُ النَّذِيرُ, أَرْسَلَهُ اللهُ بِالهُدى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ على الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ، الَّلهم صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِكْ عَليهِ وَعلى آلِهِ الكِرَامِ, وَأصحَابِهِ الأعْلامِ، وَمَن تَبِعَهُم بِإحسانٍ على الدوام.
أمَّا بعد: فَاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ؛ تَكُونَوا خيرَ عبادِ اللهِ وَأكرَمَهم عليهِ، وَأَقْربَهم إليه، واذكروا وقوفـَكم بين يديه، (يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا) [النبأ:40].
أيُّها المؤمنُ: إذا حلَّ عامٌ هجريٌّ جديدٌ فإنكَ تَشعُرُ بالعزِّ والفَخَارِ بأنَّكَ تنتسبُ لهذا الدِّينِ الْحنيفِ, والتأريخِ الْمَجِيدِ, والْمَنهَجِ النَّبويِّ الرَّشيدِ, الذي يربطُ ماضِي الأَنْبِيَاءِ جَمِيعَاً بِحَاضِرِهم ومُستقبلِ دِينِهم ودَعوتِهم.
وفي مَطلَعِ عَامٍ هِجريٍّ جَدِيدٍ -بِحمْدِ اللهِ- فَإنَّا نَزْدَادُ تَعْظِيماً وَإجلالاً لِما عَظَّمه اللهُ -سبحانَهُ- وحرَّمهُ، فقد أضافَ الرَّبُّ -جلَّ وعلا- الشَّهرَ الْمُحرَّم إلى نَفْسِهِ تَشريفًا وَتَكْريمًا، وَزَادَهُ إِجْلالا وَتَعظِيمَاً, فهو أوَّلُ الأشهرِ الحُرُمِ التي قَالَ عنها: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) [التوبة:36].
وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قال: "السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ؛ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ". قالَ ابنُ عباسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما-: "اختصَّ اللهُ الأَشهُرَ فَجَعَلهُنَّ حَرَامَاً وَعَظَّم حُرمَاتِهِنَّ، وَجَعَلَ الذَّنبَ فيهنَّ أَعْظَمَ وَالعَمَلَ الصَّالِحَ وَالأَجرَ أَعْظَمَ".
شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمِ يذكِّرنا بالسُّنَّةِ العُمَريَّةِ الرَّاشِدَةِ حين جَمَعَ عمرُ -رضي الله عنه- الصَّحَابَةَ وَاسْتَشَارَهُم فِي وَضْعِ تَأْرِيخٍ يَتَعَرَّفونَ به على أُمُورِهم، وَكان ذلكَ سَنَةَ سَّبْعَ عشْرَةَ من الهجرةِ النَّبويَّةِ, فَقَالَ بَعضُ الصَّحابةِ: أرِّخوا كما تؤرِّخ الفرسُ بِمُلُوكِها، وَقَالَ آخَرُونَ: أَرِّخُوا بِتَأْرِيخِ الرُّوم، فَكَرِهُوا ذلكَ، وقالَ بعضهم: أرِّخوا بِمولِدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَالَ آخَرُونَ: بِمبعَثِهِ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مِن هِجْرَتِهِ، فَقَالَ عمرُ -رضي الله عنه- وكان مُلهمًا: "نعم، الهِجْرَةُ فرَّقَتْ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، فَأَرِّخوا بها".
ثُمَّ اسْتَشَارَهُم: فِي أَيِّ شَهْرٍ نَبدَأُ؟ فَاخْتَارُوا المْحرَّمَ وأَجْمَعُوا عليه؛ لأنَّه الشَّهرُ الذي بَايعَ فِيهِ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الأَنْصَارَ عَلى الهِجْرَةِ، فَكَانَ أَولى الشُّهورِ بالأَوَّلِيَّةِ.
وَلِأَجْلِ هَذا كَانُ رَأْيُ عمرَ -رضي الله عنه- سَدِيدًا، إذْ جعَلَهُ تَأْريخًا لِهَذِهِ الأُمَّة، تَضبِطُ أَحْدَاثَهَا، وَتُسجِّلُ فِيهِ مَجدَهَا وَعِزَّها، ويكونُ شِعارًا لها في عِبَادَاتِها ومُعَامَلاتِها وَأَحْوالِها, فالتَّأريخ الهجريُّ مُرتَبِطٌ بالدِّينِ، كحلولِ الزَّكاةِ، وآجالِ الدُّيونِ، وعِدَدِ الطَّلاقِ، ومُددِ الإحدَادِ، وغيرها؛ قال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) [يونس:5].
فالشَّهرُ القَمَرِيُّ يَعرِفهُ كلُّ النَّاسِ؛ أمَّا الميلاديُّ فهو مُرتبطٌ بِدينَينِ بَاطِلينِ: وثنيَّة الرُّومانِ التي تُمَجِّدُ الآلِهَةَ المزعومةَ، وَتَأَرِيخ النَّصارى الذي رُبِطَ بميلادِ المسيحِ -عليه السَّلامُ- كذِبَاً وزوراً؛ من هنا نعرفُ أنَّ تقويمَهم وَضعِيٌّ، غير مَبنيٍّ على أساسٍ كونِيٍّ، بخلاف التَّقويمِ الإسلامِيِّ المرتبطِ بظاهرةٍ كونِيَّةٍ واضِحَةٍ، قال -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) [البقرة:189].
أيُّها المُسلِمون: وإنَّ من المؤسفِ حقَّاً أنْ يَعْدِلَ مُسلِمٌ عن التَّأريخِ الإسلاميِّ الهجريِّ إلى تأريخِ النَّصارى الميلاديِّ الذي لا يَمُتُّ إلى دينِنَا بِصِلَةٍ, فالاعتمادُ على الأشهرِ الغَرْبِيَّةِ فقط طَمسٌ للهويَّةِ الإسلاميَّةِ؛ ألم يقلْ نَبِيُّنا -صلى الله عليه وسلم-: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا، لَا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى".
فيا عبادَ الله: اقدروا للأمرِ قَدْرَهُ، ولا تَتَساهَلُوا فيه، فإنَّ العِزَّةَ باتباعِ سَبِيلِ المُؤمِنينَ، وإنَّ الذُّلَّ والهَوَانَ باتباعِ المُشْرِكِينَ.
عبادَ الله: تَأمَّلُوا في عَدَدٍ مِنْ الشُّعُوبِ العَرَبِيَّةِ التي أُبْعِدَتْ عَنْ التَّأرِيخِ الهِجْرِيِّ! اسْألوهُمْ! واللهِ إنَّ أكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُ بِأيِّ شَهْرِ هِجْرِيٍّ هُوَ، بَلْ لا أُخفِيكُمْ سِرَّاً أنَّ عَدَدَاً مِنْ شَبَابِنَا وَطُلاَّبِنَا لا يَعْرِفُونَهَا تَمَامَاً؛ فَكَيفَ إذا غُيِّبُوا عَنْهَا بالكُلِّيَّةِ؟!.
ومِمَّا قَالَهُ الشَّيخُ ابنُ العُثيمين -رَحِمَهُ اللهُ- في خُطْبَةٍ لَهُ: الشُّهُورُ الإفْرَنْجِيَّةُ شُهُورٌ وَهْمِيَّةٌ غَير مَبْنِيَّةٍ على مَشْرُوعٍ وَلا مَعْقُولٍ وَلا مَحْسُوسٍ، بَلْ شُهُورٌ اصْطِلاحِيَّةٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَقَدْ عُورِضَتْ مِن قِبَلِ الأَحْبَارِ وَالرُّهبَانِ. اهـ.
فَتَأَمَّلْ -أَيُّها المُسْلِمُ- كَيفَ يُعَارِضُ رِجَالُ دِينِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي تَغْيِيرِها! لأنَّهم يَعْلَمُونَ مَا لِذَلِكَ مِنْ خَطَرٍ، وَرِجَالُ دِينِ الإسْلامِ سَاكِتُونَ، بَلْ مُقِرُّونَ، لِتَغْيير تَوقِيتِ الشُّهُورِ الإسْلامِيَّةِ بَلْ العَالَمِيَّةِ التي جَعَلَهَا اللهُ لِعِبَادِهِ إلى التَّوقِيتِ بِالشُّهُورِ الإفْرَنْجِيَّةِ!.
وَقَدْ سُئِلَ الإمَامُ أَحْمَدُ -رَحِمَهُ اللهُ- فَقِيلَ لَهُ: إنَّ لِلْفُرْسِ أَيَّامَا وَشُهُورَا يُسَمُّونَهَا بِأَسْمَاءَ لا تُعْرَفُ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ أَشَدَّ الكَرَاهَةَ!.
وَكَرِهَ التَّابِعيُّ الجَلِيلُ مُجَاهِدٌ -رَحِمَهُ اللهُ- أَنْ يُقَالَ: آذَارْمَاه. إلى أنْ قَالَ: عِبَادَ اللهِ، وَاللهِ مَا قَامَتِ الدُّنيا إلاَّ بِقِيامِ الدِّينِ, وَلا نَالَ العِزَّ وَالكَرَامَةَ إلاَّ مَنْ خَضَعَ لِرَبِّ العَالَمِينَ, وَلا دَامَ الأَمْن وَالرَّخَاء إلاَّ بِاتِّبَاعِ مَنْهَجِ المُرَسَلِينَ، وَلَئِنْ اسْتَمَرَّتْ زَهْرَةُ الدُّنْيا مَعَ المَعَاصِي وَالانْحِرَافِ, إنَّ ذَلِكَ لاسْتِدْرَاجٌ يعْقبُهُ الإهْلاكُ والإتْلافُ؛ فَاعْتَصِمُوا بِطَاعَةِ اللهِ عَنْ عُقُوبَتِكُمْ: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). انتهى كلامُهُ، رَحِمَهُ اللهُ.
نَسْألُ اللهَ أنْ يُرِيَنَا الحَقَّ حَقَّاً وَيَرْزُقَنَا اتِّبَاعَهُ, وَأنْ يُرِيَنَا البَاطِلَ بَاطِلاَ وَيَرْزُقَنَا اجْتِنَابَهُ, وَأنْ يُهَيئَ لنَا مِنْ أمْرِنَا رَشَدَاً, وَمِنْ ضِيقِنَا مَخْرَجَا.
وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائِرِ المُسلِمِينَ فَادْعُوهُ واسْتَغْفِرُوهُ؛ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله تعبَّدنا بالسَّمعِ والطَّاعة، وأمرنا بالسُّنةِ والجَمَاعَةِ، نَشهدُ ألاَّ إله إلاَّ الله وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ على كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ, من يُطعِ اللهَ ورسولَه فقد رَشَدْ، ومن يَعصِ فَقَد غَوَى.
وَنَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عبدُ اللهِ ورسولُه، تَرَكَ أُمَّتَهُ على البَيضَاءِ لا يَزيغُ عَنْها إلاَّ أَهلُ الضَّلال والأَهْواءِ، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على محمدٍ وعلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ اهْتَدى بِهَدْيهِ إلى يَومِ الدِّينِ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة:119].
أيُّها المؤمنونَ: إذا حلَّ عامٌ هجريٌّ جديدٌ فإنَّهُ يذكِّرنا باليومِ العاشِرِ, بيومِ النَّصر العظيمِ، يومَ أنْ نجَّى اللهُ موسى -عليه السَّلامُ- ومن معهُ مِن فرعونَ وبَطْشِهِ وظُلمهِ، فقد أقرَّ اللهُ أعيُنَ المسلمينَ بهلاكِ أَعْتى الطُّغاةِ وَأَشْقَاهُم؛ لذا أَخَذَ رَسُولُنا -صلى الله عليه وسلم- على نفسِهِ العهدَ على صِيامِ ذلكَ اليومِ حين وَجَدَ اليهودَ تصومُهُ وقال: "فَأَنَا أحقُّ بموسى منكم"، فصامَهُ وأَمَرَ بصيامِهِ وقالَ: "لئن عشتُ إلى قَاِبٍلٍ إنْ شَاءَ اللهُ لأُصُومَنَّ التَّاسعَ".
ولمَّا سُئِلَ رسولُنا -صلى الله عليه وسلم- عن فَضْلِه قال: "صومُ يومِ عَاشُورَاءَ إنِّي أحتسبُ على اللهِ أنْ يكفِّرَ السَّنةَ المَاضِيَةَ". قال ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلاَّ هَذَا الْيَوْمَ: يَوْمَ عَاشُورَاءَ".
فاجتهد -أخي- في صيام التَّاسعِ مَعَ العَاشرِ، فَقَدْ قَالَ العُلمَاءُ: وَلَعلَّ السَّبَبَ في صومِ التَّاسعِ مع العاشرِ ألاَّ نَتَشَبَّهَ بِاليهَودِ في إفرادِ العاشرِ.
وعلى هذا؛ فَصِيامُ عَاشُورَاءَ عَلى مَرَاتِبَ: أَدْنَاهَا أَنْ يُصامَ وَحدَهُ، وَفَوقَه أَنْ يُصامَ التَّاسعُ مَعَهُ، وأكْمَلُها أنْ يُصامَ التَّاسعُ والعَاشِرُ وَالحَادِيَ عَشَرَ.
عِبَادَ اللهِ: ومن تَعظيمِ الشَّهرِ وبيانِ فَضْلِهِ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ".
فَاجْتَهِد -أخي المُسلِم- فِي صِيَامِهِ وَلو أَيَّامَ الاثنينِ والخَمِيسِ وَأيَّامَ البِيضِ, (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) [الزلزلة:7].
عبادَ اللهِ: نحنُ أهلَ السُّنَّةِ والجماعةِ نَصُومُ عاشوراءَ اقتداءً بسُنَّةِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-, وَرَجَاءَ تَكْفِيرِ ذُنُوبِ سَنَةٍ كامِلَةٍ, وشكراً للهِ -تعالى- على نجاةِ مُوسَى -عليه الصَّلاةُ والسلامُ-, وإغراقِ رَأسِ الطُّغَاةِ.
فهل تظنونَ -يا مؤمنينَ- أنْ يحيدَ عن الْهَدي النَّبويِّ أُنَاسٌ لهم فُهُومٌ وعقولٌ ودينٌ وَتُقَى؟ إي واللهِ! لقد تَنَكَّبَ الرَّوافِضُ عن الصِّراطِ، وَعَاثُوا فِي دِينِ اللهِ الفَسَادَ والإفْسَادَ، حَرَّفُوا شَرِيعَةَ اللهِ, وَقَلَّبُوا الحَقَائِقَ وَالأُمُورَ.
وَمَعَ الأَسَفِ! هَؤلاءِ يَنتَسِبُونَ إلى الإسلامِ كَذِباً وَزُوراً وبُهتاناً وفُجُوراً، ودينُ اللهِ براء من عقيدتِهم وَصَنِيعِهِم وَشِركِيَّاتِهِم وخُرافاتِهم وحسينيَّاتِهم!.
إنَّهُمُ الرَّوافِضُ، كَذَّابُو مَحَبَّةِ آلِ بيتِ رَسُولِ اللهِ عَليهِ وَعلى آلِهِ وِأَصْحَابِه الصَّلاةُ والسَّلامُ، لَمْ تعُد أعمالُهُم سرَّاً, ولا حَبِيسَةَ الْحُسَينِيَّاتِ، إنَّما تُبثُّ عبرَ الفضائياتِ للعالم أجمع؛ فهل يحسنُ السُّكوتُ والتَّغاضِي وطأطأة الرؤوسُ؟.
يا أهل السُّنَّة والجماعةِ: إنَّ الرَّافِضَةَ شوكةٌ في خَاصِرةِ الأُمَّةِ الإسلاميةِ منذُ مَقْتَلِ عُثمَانَ بنِ عفَّانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأرضاهُ- إلى جرائِمِهم الباطنيَّةِ والصَّفَويَّةِ، حتى بلاد الحرمينِ الشَّريفينِ لم تَسْلَمْ مِن أَذَاهُم وَفَوضَاهُم.
وَفِي الشَّامِ وَحَلَبٍ سَامُوا الآنَ أَهلَها سُوءَ العذابِ بِدَعمِ ومُساندةِ النُّصيريةِ العلويَّةِ! وَأَرْضُ الحِكمَةِ والإيمَانِ لَم تَسْلَمْ مِن الحَوثيِّينَ أذْنَابِ وَأدَواتِ الرَّوافِضِ، فها هم يُحاصرونَ البلادَ، ويُشيعُونَ فيها الحِصَارَ وَالفَسَادَ، وإنَّ ربكَ لهم لبالمرصاد! (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال:10].
فاللَّهُمَّ إِنَّا نَسألُكَ أَن تُرِيَنَا في غُلاةِ الرَّافِضَةِ يَومًا أَسوَدَ، اللَّهُمَّ أَحصِهِم عَدَدًا، وَاقتُلهُم بَدَدًا، وَلا تُغَادِرْ مِنهُم أَحَدًا، اللَّهُمَّ لا تَرفَعْ لهم رَايَةً، وَلا تُبَلِّغْهُم هَدَفًا وَلا غَايَةً، وَاجعَلْهُم لِمَن خَلفَهُم عِبرَةً وَآيَةً، اللَّهُمَّ وَعَليكَ بِجَمِيعِ أَعدَاءِ دِينِكَ مِنَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَأَبرِمْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَمرًا رَشَيدًا، يُعَزُّ فِيهِ أَهلُ طَاعَتِكَ، وَيُذَلُّ فِيهِ أَهلُ معصيتكَ، وَيُؤمَرُ فِيهِ بِالمَعرُوفِ وَيُنهَى عَنِ المُنكَرِ يَا سَمِيعَ الدُّعَاءِ.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على محمدٍ وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ وإيمانٍ وسلِّم تسليماً مزيداً، (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت:45].
التعليقات