عناصر الخطبة
1/ ما أعظم الله تعالى وما أكفر الإنسان! 2/ الأفعال الربانية تحار فيها العقول 3/ بوابة الإلحاد وطريق الشك والارتياب 4/ قبح الاعتراض على حكم الله تعالى 5/ الحكمة تابعة للعلم والقدرة 6/ ماذا يفعل من ابتلي بكثرة الوارد من الشبهات على قلبه ؟ 7/ حال المعترض على أفعال الله تعالى 8/ الشر لا ينسب لله تعالى وإن كان لا يقع إلا بقدره سبحانه 9/ وجوب التأسي بأدب الصالحين مع رب العالمين.
اهداف الخطبة

اقتباس

الأفعال الربانية التي تحار فيها العقول، وتذهل من كثرتها ودقتها وتنوعها النفوس؛ قد ضل فيها كثير من البشر، وهي بوابة الإلحاد لمن لم يؤمن ويسلم، وهي طريق الشك والارتياب لمن أقحم عقله في الغيب المستور، وتكلف كشف القدر المكنون، وبحث في علل أفعال الرب سبحانه وتعالى، وجعل شرط الإيمان أن يعلم علة كل فعل لله تعالى، وحكمة كل قدر قدره سبحانه ..

 

 

 

 

 

الحمد لله الخلاق العليم، العزيز الحكيم؛ لا يُدرك كنهه، ولا يحاط بعلمه، ولا يعلم الخلق شيئًا عنه إلا ما علمهم؛ دلهم على قدرته بمخلوقاته، وبرهن لهم على علمه بآياته، وجعل دون الغيب ستارًا لا يكشف شيء منه إلا بأمره (عَالِمُ الغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) [الجنّ:26 - 27]، نحمده حمدًا يليق به، وكل حمد نحمده يقصر عنه، ونشكره شكرًا يزيد نعمه، ومهما شكرناه لا نَفِيه حقه، ولكنه عفو كريم، بر رحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخاتم رسله؛ رأى من آياته الكبرى ما رأى، وعلم من خلقه سبحانه ما علم؛ فزاده ما علم وما رأى تعظيما لله تعالى وعبودية ومحبة وخوفا ورجاء، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وأخبتوا له وأسلموا؛ فإن شأنه سبحانه عظيم، وإن حقه علينا كبير، وحقه الإيمان، ولن يحقق عبد الإيمان إلا بالاستسلام، ولن يستسلم إلا بقلب سليم من الشك والشرك والجحود (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة:112].

أيها الناس: ما أعظم الله تعالى وما أكفر الإنسان، وما أحلم الله سبحانه وما أضعف الإنسان، وما أكرم الله عز وجل وما أجحد الإنسان.

عباد الله: تلمسوا عظمته سبحانه في خلقه وآياته.. انظروا كم خلق منذ أدركتم معنى الخلق؟ كم أوجد في هذا الكون من بشر وحيوان وطير وجماد؟ تأملوا آياته في تقلب القلوب وتغير الأجواء وتبدل الأحوال.. تأملوها في تغير الناس والدول والأمم، كم من جبار قصمه؟ وكم من عزيز أذله؟ وكم من غني أفقره؟ وكم من دول سادت ثم بادت، وله سبحانه في كل يوم أفعال ومقادير وأقضية لا يحصيها غيره، ولا يقدرها سواه (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرَّحمن:29].

تلكم هي أفعال الرب سبحانه (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) [هود:107] لا يحيط بها علمًا سواه (وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا) [الأنعام:59].

هذه الأفعال الربانية التي تحار فيها العقول، وتذهل من كثرتها ودقتها وتنوعها النفوس؛ قد ضل فيها كثير من البشر، وهي بوابة الإلحاد لمن لم يؤمن ويسلم، وهي طريق الشك والارتياب لمن أقحم عقله في الغيب المستور، وتكلف كشف القدر المكنون، وبحث في علل أفعال الرب سبحانه وتعالى، وجعل شرط الإيمان أن يعلم علة كل فعل لله تعالى، وحكمة كل قدر قدره سبحانه.

قليل من الملاحدة الذين أنكروا الله تعالى نشئوا على الإلحاد؛ لأن الإيمان بالخالق سبحانه مغروس في الفطر، بل إن أكثر الملاحدة قديمًا وحديثًا يقرون بأنه لا يمكن أن يوجد الكون وما فيه بلا موجد له.

لكن أكثرهم في القديم والحديث وصلوا للإلحاد عبر طريق تعليل أفعال الله تعالى، ولم تستسلم قلوبهم لشرعه، ولم تؤمن وتسلم بقدره، بل اشتغلوا بماذا؟ وكيف؟ ولماذا؟!

بالاعتراض على أفعال الرب سبحانه وعلى أوامره، ورميها بماذا؟ وكيف؟ ولماذا؟ زاغت عقول الأذكياء، وفسدت قلوب الأتقياء، فانتكست بعد استقامتها، وارتكست في الشك بعد يقينها، وارتمست في الجحود بعد تصديقها، وانغمست في النفاق بعد إيمانها..

يغتر الواحد من هؤلاء المفتونين بذكائه وحدة عقله، ويعتقد أن التسليم بأفعال الله تعالى دون معارضة مخالف للعقل، وأن إيمانا هذا طريقه ليس إلا إيمان العوام والعجائز والمقلدة، وأن في العقل قدرة على كشف الغيب، وتعليل الفعل، والاطلاع على سر القدر، حتى قالوا: لا سلطان على العقل إلا العقل. فما يفرح الشيطان بشيء فرحه بفريسة من هؤلاء يقتنصها لينقلها من الإيمان إلى الشك ثم الجحود.. يلقي الشيطان على قلبه وابلا من الشبهات، وسيلا من التساؤلات: لماذا يخلق الله تعالى الكفار ثم يعذبهم؟ ولماذا يبقيهم على الكفر وهو قادر على أن يحولهم للإيمان؟ وإذا كان الله تعالى لا ينتفع بعذاب أحد من الناس فلم يعذبهم؟ وأي حكمة في خلق السموم والأشياء المضرة؟ وأي حكمة في خلق إبليس والشياطين؟ وأي حكمة في إيلام الحيوانات والأطفال والمجانين؟ وأي حكمة في تسليط أعدائه على أوليائه يسومونهم سوء العذاب قتلا وأسرا وعقوبة؟!

وهكذا يعترض على حكم الله تعالى وينفي حكمته، إلى أن يصل إلى إنكار قدره وقدرته، ثم إنكار وجوده.. إنها خطوات يتبعها الشيطان مع من يحاولون ولوج هذه الأبواب الموصدة.

يرى الواحد منهم كافرًا منعمًا، أو فاجرًا ظالمًا مترفًا، ويرى في مقابله مؤمنًا معذبًا، وعبدًا صالحا مضطهدا، فيقذف الشيطان في قلبه: لماذا يعذب الله تعالى أولياءه وينعم أعداءه؟

وكان الجهم بن صفوان يخرج إلى المبتلين من الجذمى، وغيرهم فيقول: أرحم الراحمين يفعل هذا؟ يريد أن ينفي رحمة الله تعالى، يقول: لو كان فيه رحمة ما فعل هذا، وهذا من جهله، لم يعرف ما في الابتلاء من الحكمة والرحمة والمصلحة.

ويحهم..لم يخلقوا شيئًا ويعترضون على الخلاق العليم، الحكيم في أفعاله، القدير على عباده. ينفون رحمة أرحم الراحمين وهم يعيشون في كنفها، وتمتد رحمته سبحانه إليهم في كل يوم وكل ساعة وكل لحظة في أبدانهم وأرزاقهم وأهلهم وأولادهم، وفي كل شئونهم، من عافاهم ومن أعطاهم غير الله تعالى (قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ) [عبس: 17].

وكثير ممن اعترضوا على شيء من شريعة الله تعالى، وقذفوا الناس بمتشابهها؛ عوقبوا على ذلك بالاعتراض على أفعال الله تعالى، والتشكيك في قدرته أو في حكمته، وكثير ممن اعترضوا على شيء من الشريعة في بدايات أمرهم لم يظنوا أن اعتراضهم سيئول بهم إلى الشك والارتياب، أو يوصلهم إلى الزندقة والإلحاد، ولكن من تأمل قول الله تعالى (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63] علم خطورة الأمر، ولم يأمن على نفسه الزيغ، وأمسك لسانه وقلمه عن الاعتراض على شيء من أوامر الله تعالى. وكم من شخص اعترض على حكم شرعي رآه صغيرًا انتهى به المطاف إلى الزندقة! وكم من مؤمنة اعترضت على الحجاب فانتهت إلى الإلحاد!

وسر ذلك: أن من اجترأ على محرم فأباحه، أو واجب فأسقطه، أو اعترض على شيء من الدين فقد كسر هيبة الشريعة في قلبه، وهان صاحب الشريعة سبحانه في نفسه، فانتقل في اعتراضه من الجزئي إلى الكلي، وصار مع اعتراضه على الشريعة يعترض على أفعال الله تعالى وقضائه في عباده.

إن الاعتراض على حكم الله تعالى، وطلب العلة لأفعاله كثير في الناس، حتى سرت فيهم ألفاظ وأمثال يقولونها، فيها قلة أدب مع الله تعالى، وسوء ظن به سبحانه، ولاسيما إذا رأوا الرزق يصب على من يظنونه لا يستحقه، أو رأوا حرمان من يظنون أنهم مستحقون، وكم من قائل: لماذا يسلط الله تعالى الطغاة على الشعوب فيسومونهم سوء العذاب، وهو قادر على أخذهم؟ وكم من قائل هذه الأيام: ما ذنب أطفال سوريا يذبحون ولا ينتصر الله تعالى لهم؟ وما ذنب نسائها الصالحات تغتصب وتهان ولا ينتقم الله تعالى من المجرمين؟ بل سرت عند بعض الناس مقولة: لماذا يموت المجرم الظالم الذي عذب ملايين البشر موتًا طبيعيًّا، ولماذا لم يعذبه الله في الدنيا ونرى عذابه؟! وتشاهد كثيرا من الناس إذا أصابه نوع من البلاء يقول: يا رب ما كان ذنبي حتى فعلت هذا بي؟!

وهذا البلاء العظيم، والداء الوبيل بتقحم الإنسان ما لا علم له به، والسعي لإدراك علل أفعال الرب سبحانه، والاعتراض على قدره؛ يتسرب اليوم إلى شباب المسلمين وفتياتهم عن طريق الروايات العربية والأجنبية، وكتابات المفكرين الغربيين وزنادقة العرب.. تلك الكتب والمقالات والروايات التي يسوق لها ولأصحابها الإعلام المنحرف، وهي مليئة بهذه الأسئلة والاعتراضات، فلا يقرؤها أحد منهم إلا كرع من الشبهات ما يغطي قلبه، وعب من الضلال ما يعمي بصيرته، فلا يلبث إلا يسيرًا ثم يظهر تمرده على الله تعالى وطعنه في شريعته.. ولو كُشفت لكم قلوب من فلتت ألسنتهم ببعض الطعن في شريعة الله تعالى من الإعلاميين والمفكرين لرأيتم الشك والجحود يملؤها، والتوتر والقلق يمزقها، والصدأ والظلمة تغطيها، فتحجبها عن أنوار الإيمان، وشفاء القرآن.. فاحمدوا الله الذي عافاكم، وحصنوا بالقرآن قلوبكم، وروضوها على التسليم والانقياد لله تعالى، ولا تتقحموا ما حجب عنكم؛ ففي من ضل قبلكم عبرة لكم.

نسأل الله تعالى أن يحفظنا من الزيغ، ويعصمنا من الفتنة، ويرزقنا التصديق بخبره، والانقياد لشرعه، والتسليم بعلمه وحكمته، والرضا بفعله وقدره (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ) [آل عمران:8]

وأقول قولي هذا وأستغفر الله...

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله ربكم، واحفظوا قلوبكم من الزيغ بالاستجابة لأمره (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال:24].

أيها المسلمون: إن مقتضى إيمان العبد بأن الله تعالى خلق الكون وأحكمه، وأنه لا يمكن للكون وما فيه أن يسير بهذا الانتظام إلا بمدبر عليم قدير يجب أن يقوده إلى التسليم والإقرار بأنه سبحانه لا يخلق ولا يفعل إلا لحكمة، ولو خفيت هذه الحكمة على العباد كلهم. وهذا أمر كلي كبير، فإذا ورد على قلبه من الأفعال الجزئية ما لا يدرك حكمته فلا يعلق قلبه بهذا الشيء الجزئي الصغير، بل يرده إلى الأمر الكلي الكبير، وهو أصل الخلق والوجود، فيقضي به على الشبهة.

وليعلم العبد أن الحكمة تابعة للعلم والقدرة، فمن كان أعلم وأقدر؛ كانت أفعاله أحكم وأكمل، والرب سبحانه منفرد بكمال العلم والقدرة، فحكمته بحسب علمه وقدرته، فأنى للعبد العاجز الجاهل أن يدرك حكمة العليم القدير إن حجبها عنه، وتأملوا قول الملائكة عليهم السلام وهم هم علمًا وحكمة وقربًا من الله تعالى (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ) [البقرة:32].

ومن ابتُلي بكثرة الوارد من الشبهات على قلبه فليلجأ إلى الله تعالى بالضراعة، وليكثر من ذكره سبحانه؛ ليطرد وساوس الشيطان، وليردد الدعاء القرآني المبارك الذي جاء عقب ذكر الشبهات التي تزيغ بها القلوب (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ) [آل عمران:8]. وليدمن على القرآن، ففيه من البراهين العقلية ما يدحض الشبهات، وفيه من صفات الله تعالى ما يملأ القلب إيمانًا وتعظيمًا لربه سبحانه. وما حال المعترض على أفعال الله تعالى لجهله بحكمتها إلا كحال من وصفهم الله تعالى بقوله (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) [يونس:39]. نعم والله لم يحيطوا بعلمه فكذبوه، ولو أعملوا عقولهم فيما خلقت له، ولم يقحموها فيما لا علم لها به لسلمت وسلموا.

إن الشر لا ينسب لله تعالى ولو كان لا يقع إلا بقدره سبحانه، ولما ذُكر الإعزاز والإذلال في آية إيتاء الملك ونزعه؛ عُقب عليه (بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:26] فذُكر الخير ولم يذكر الشر، مع أن الذل ونزع الملك شر بالنسبة لمن أصابه، لكن فيه من الخير ما يطغى على الشر؛ ولذا قدره الله تعالى، فتلك طريقة القرآن في عدم نسبة الشر لله تعالى.

تأملوا أدب الخليل عليه السلام مع الله تعالى حين عرَّف به فقال (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء:80] فلم ينسب المرض إلى الله تعالى، ونسب الشفاء إليه سبحانه.

وانظروا أدب الصالحين من الجن حين قالوا (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا) [الجنّ:10] فحكوا الشر بصيغة المجهول لئلا ينسب لله تعالى، ونسبوا الرشد إليه سبحانه.

فالشر لا ينسب لله تعالى وإن كان داخلاً في عموم خلقه (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [الأنعام:101]

وتعلموا من أدب النبي صلى الله عليه وسلم مع الله تعالى حين كان يقول في دعاء صلاة الليل: «لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ وَالشَّرُّ ليس إِلَيْكَ» رواه مسلم.

ما أحوجنا في هذا الزمن الذي تلاطمت فيه الفتن، وجهر أهل الإلحاد بكفرهم، وأظهر المنافقون نفاقهم إلى تقوية القلوب بالإيمان والتقوى، وتحصين الناشئة من بنين وبنات ضد الأفكار المنحرفة، وذلك بغرس تعظيم الله تعالى في قلوبهم، والاستسلام لأمره، والرضا بقدره.

ما أحوجنا إلى تدارس أسماء الله تعالى وصفاته، وعرض سير المعظمين لله تعالى من الملائكة والرسل والصحابة والتابعين وأئمة الهدى والدين للتأسي بهم، وعرض سير المنحرفين من السابقين للاعتبار بما آلت بهم مقولاتهم من الشك والريب والجحود والإلحاد، كما عرض الله تعالى قصة فرعون وجحوده ثم نهايته الأليمة، وفي ذلك عبرة للمعتبرين.

وصلوا وسلموا على نبيكم..
 

 

 

 

 

 

المرفقات
الاعتراض طريق الإلحاد1.doc
الاعتراض طريق الإلحاد - مشكولة.doc
التعليقات

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life