عناصر الخطبة
1/إرساء الإسلام لقواعد المودة والأخوة 2/خطورة العصر الحاضر في ماديته وقلة التراحم 3/الوصية بالتسامح والعفو 4/الحث على الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي 5/بيان أن وقوع الاختلاف بين الناس أمر طبيعي 6/وجوب إتقان فن العلاقات الاجتماعيةاقتباس
إنَّ النّسيج الاجتماعيّ المُتراص الفريد، يحتاج إلى صَقْل العَلاقات الاجتماعيَّة، والتحلي بمحاسن الآداب المرعيَّة، ومعالي القِيَم الخُلقية، والمُداراة الإنسانيَّة، وجَبْر الخواطر، ومراعاة المشاعر، وعِفَّة اللسان، وسلامة الصدور...
الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الذي بفضله تتنزَّل البركاتُ، وبنعمته تتمُّ الصالحاتُ.
الحمدُ للهِ لا أبغي به بَدَلًا *** حَمْدًا يبلِّغُ مِنْ رضوانِه الْأَمَلَا
وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةً نرجو بها رفيعَ الدرجات، وعلوَّ المقامات، وبلوغَ الكمالات، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، سيد البريات، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ عليه، وعلى آله الأطهار الذين ازدانوا بجميل الشمائل والصفات، وضربوا أروع الآيات في حسن العَلاقات، وأفضل التعاملات، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ ما دامت الأرض والسماوات.
أمَّا بعدُ، فيا عبادَ اللهِ: خير ما يُوصى به بُكَرًا وآصالًا، خضوعًا وامتثالًا، تقوى الله -تبارك وتعالى-؛ (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ)[النِّسَاءِ: 131].
بشرى لمن زُوِّدَ التقوى لمنقلبٍ *** حياة مدخر فيه ومضطلع
مَعاشِرَ المؤمنينَ: لقد أرسى الإسلامُ أسسَ وقواعدَ الأخوةِ والمحبةِ، والتواصلِ والمودَّةِ، وفي غِمارِ الحياةِ ونوائبِها، ومَشاقِّ الدُّنيا ومَبَاهِضها، وفي عالَمٍ مُصْطَخِبٍ بالمشكلاتِ والخُصُوماتِ، والمُتَغيراتِ والنزاعاتِ، وفي عصرٍ غلبَتْ فيه المادياتُ وفَشَتْ فيه المصالحُ والأنانياتُ، وحيثُ إنَّ الإنسان مَدَنِيٌّ بِطَبْعِه، واجتماعِيٌ بفطرته، تَبْرُزُ قَضِيَّةٌ سَنِيَّةٌ، مِنْ لوازمِ وضرُورَاتِ الحياة الإنسانيَّة، تلكم -يا رعاكم الله- هي العَلاقات الاجتماعيَّة، ومَا تقتضِيه مِنَ الركائز والروابط البشريَّة، والتفاعل البنَّاء لِتَرْقِية الخُلُق والسلوك، وتزكية النَّفْس والأروح؛ كي تسْموَ بها إلى لُبَاب المشاعر الرَّقيقة، وصفوة التفاهم الهَتَّان، وقُنَّة الاحترام الفَيْنان، الذي يُحَقِّقُ أَسْمَى معاني العَلاقات الإيجابيَّة، المُتكافلة المتراحِمة، وأنبل وشائجها المتعاظم المُتعَاطِفة المُتَلاحِمة، التي تَتَرَاءى في الكُرَب بِلَحْظ الفؤاد، وتَتَنَاجَى في النُّوَبِ بِلَفْظِ السُلُوِّ والوِدَاد.
أُمَّةَ الإيمانِ: ولا تزال الأيام تتقلَّب ببني الإنسان حتى ساقَتْه إلى عَصْرٍ سَحقَتْه المَادّةُ، وأَفْنَتْهُ الكَزَازةُ الهَادَّةُ، ونَدَرَ في العالَم التراحم والإشفاق، والتَّبَارُر والإرفاق، وفَقَدَ -تَبَعًا لِذَلك- أَمْنَه واسْتِقْرَارَه، ومَعْنَى الحياة فيه، وفَحْوى الإحسان الذي يُنْجِيه، ولا يخفى على شريفِ علمِكم -يا رعاكم الله- أَنَّ مُخالَطة النَّاس تُعَرِّض المَرْء -لا مَحَالة- لخطأ سَوْرَتِهم، وخَطَل جهالتهم؛ لذا كان ولا بدَّ من وقفة جادَّة؛ لتَعْزيز الروابط الاجتماعيَّة، فالشعارات البرَّاقة، لا تَكشِفُ كَرْبًا، ولا تبدِّدُ صَعْبًا، ولا تُغيثُ أمَّةً مَرْزُوءةً ولا شعْبًا، ما لم تُتَوَّج بالمواقف والأفعال، يَتَسَنَّمُ ذِرْوَةَ سَنَامِ ذلك: الاحترامُ المتبادَلُ؛ فهو أساسُ العلاقاتِ الاجتماعيةِ الناجحةِ، ويشمل ذلك التقديرَ الشخصيَّ، وتقديرَ واحترامَ المشاعر والآراء، والتفهمَ لمواقف الآخَرين، فإن ذلك يؤصِّل ويُسهم في تقوية الروابط، وتعزيز الأواصر، وقد قال الله -عز وجل-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)[الْحُجُرَاتِ: 10].
وإذا ساغ عقلًا قبولُ القناعات، واستمراءُ الآراء والحريات، فغيرُ سائغٍ -إطلاقًا- أن تتحوَّل القناعاتُ إلى صراعات، والحرياتُ إلى فتنٍ وأزماتٍ، لاسيما والأمةُ تعيش منعطفًا تاريخيًّا خطيرًا، ومرحلةً حرجةً من أشد مراحل تاريخها، فمن أهم موجبات الوحدة، ومقتضياتِ التضامُن والاعتصام، التغاضي والتغافلُ، والصبرُ والتسامحُ، وحُسْنُ الظنِّ والتماسُ الأعذار، وقد قيل: "إن تسعة أعشار العقل في التغاضي والتغافل"، وقال عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: "المؤمن يلتمس المعاذير، والمنافق يتتبع الزلات".
أيها المبارَكون الموافَقون: وماذا لو عاد معتذرًا، وكنت على الدمح مقتدرًا، فكن للعفو مبتدرًا، وقال -تعالى-: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 134]، وقال سبحانه: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ)[النُّورِ: 22]، وقال -جلَّ شأنُه-: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[الْأَعْرَافِ: 199]، ويتبَع ذلك من جميل الوُدِّ والتعاملِ الحسنِ عدمُ الإكثارِ مِنَ اللَّوْمِ والعِتَابِ، والتَّشَكِّي في الحديثِ والخِطَاب؛ فإنَّها تَقْطَع الأواصرَ بغير حِجَاب، وليست تدوم مودةٌ وعتابٌ؛ فقلوب أهل الإيمان دمَّاحة، ونفوسهم لِلْوُدِّ لَمَّاحة.
تَسامَحْ ولا تستوفِ حقَّكَ كلَّه *** وأبقِ، فَلَمْ يستوفِ قطُّ كريمُ
وعَاشِرْ بمعروفٍ وسَامِحْ مَنِ اعْتَدَى *** وَدَافِعْ وَلَكِنْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
أُمَّةَ الإسلامِ: إنَّ النّسيج الاجتماعيّ المُتراص الفريد، يحتاج إلى صَقْل العَلاقات الاجتماعيَّة، والتحلي بمحاسن الآداب المرعيَّة، ومعالي القِيَم الخُلقية، والمُداراة الإنسانيَّة، وجَبْر الخواطر، ومراعاة المشاعر، وعِفَّة اللسان، وسلامة الصدور، ولقد تميَّز الإسلامُ بنظـامٍ اجتماعيٍّ وإنسانيٍّ فريدٍ، سبَـق بذلك نُظُمَ البَشَر كلَّها؛ ذلك لأنَّ العلاقاتِ الاجتماعيةَ في هذا الدين، مُنبثقـةٌ من جوهر العقيدة الصافية، وإن مما تتميز به المجتمعات المسلمة أن للدين الإسلامي أهميةً مركزيةً في توجيه السلوك الفرديّ والعَلاقات الاجتماعيَّة، وهو مصدرُ قِيَمِهَا الإنسانيةِ والاجتماعيةِ، ومقياسُ مُثلها العُليا، والإسلام ليس قاصرًا على الشؤون الاعتقادية والتعبُّدية فحسبُ، بل هو نظامٌ شاملٌ للحياة، يُمِدُّها بمبادئه وأصولِه التشريعيةِ في مختلف المجالات، يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره، فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب، ولا استجلب حرمانها بمثل قِلَّة الأدب" انتهى كلامه -رحمه الله-.
وإنكَ لواجدٌ في وسائل التواصُل الاجتماعيّ العجبَ العُجَابَ، مِمَّا يُفسد العلاقاتِ، ويُقَطِّع حِبَالَ الوُدِّ في المجتمعات، مِنَ الطعون في دين الناس وأعراضِهم وعقولِهم وأموالِهم، فيتلقَّفُها الدَّهْمَاءُ، وتَلُوكُهَا الرُّوَيْبِضَةُ، في نَشْرٍ للشائعاتِ وترويجٍ للأراجيفِ والافتراءاتِ، ممَّا يجب معه الحذرُ في التعامُل مع هذه المنصَّات المنتحَلة، والمواقع المزيَّفة، التي تَكثُر فيها الغثائيةُ، ومحتوى الغوغائية.
معاشرَ المسلمينَ: وإبان المحن والملمات، والضوائق والكربات، جاء الإسلام رائدًا للتَّراحم والتعاطف، بل هو الذي نمَّى ذيَّاك الخُلُقَ في الخافِقَين وأصَّلَه، وحضَّ عليه وفَصَّلَه، قال تعالى: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الْحَجِّ: 77]، وتلكم الخلالُ الرَّحيمةُ، والشِّيَمُ النبيلةُ الكريمةُ، التي عَنَّتِ العالمَ إدْراكُها، لَهِيَ الأملُ الذي تَرْمُقُه الأممُ الجهيدةُ والشُّعوبُ، وتَهْفُو لها أبَرُّ القلوب؛ لذا يجبُ تَعْزيزُ قِيَمنَا الرَّبانية الومَّاضة؛ كالرحمة والعَدْل والصِّدق والوفاء، والبِرِّ والرِّفقِ والصَّفاءِ، والأمَانةِ والإحسانِ والإخاءِ، وسِوَاها مِن كرائم الشِّيم الغرَّاء، والشمائل الفيحاء، التي تُعَدُّ مصابيحَ للإنسان تُضيءُ دربَه، وهي صِمَامُ أمنٍ وأمانٍ لصاحبها من الانحلال الأخلاقي، وحياة الفوضى والعبث والسقوط في مهاوي الضلال وجَلْب التعاسة والشقاء للأنفس والأهل والمجتمعات، خاصةً بين الرُّعاة والرعية، والعلماء والعامَّة، وفي حلائب العلمِ، وفي ساحات المعرفة، في مراعاةٍ لأدبِ الخِلافِ، والبُّعدِ عن التراشقِ بالكلمات، والتلاسُنِ بالعبارات، وتضخيمِ الهِنَاتِ، فضلًا عن اتهام النِّيَّات، وكَيْلِ الاتهاماتِ، والتصنيفاتِ، ومع الوالدين والأقارب والجيران، قال تعالى: (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)[الْإِسْرَاءِ: 23]، وقال جلَّ شأنُه: (وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ)[النِّسَاءِ: 36]، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنَّه سيورثه"(مُتفَق عليه)، وكذا بين الزملاء في بيئة العمل والأقران، وفي مجال العَلاقات الزوجية، أعلَى الإسلامُ قيمَ الاحترامِ والاهتمامِ، ومتى عَلِمَ الزوجانِ الحقوقَ والواجباتِ زانتِ العلاقاتُ، ونَعِمَا معًا بالسعادة الزوجية، والهناءة القلبية؛ لذا أوصى اللهُ -جلَّ وعلَا- الأزواجَ بقوله: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)[النِّسَاءِ: 19]، وأوصى نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- الزوجاتِ بقوله: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ"(خرَّجَه الإمامُ أحمدُ في المسنَدِ)، فكيف تُقَام حياةٌ أو يُؤسَّس بيتٌ أو أسرة، وسطَ الخلافات الحادَّة، والمناقَشات والمُحَادَّة؟، وأنَّى يَهنأُ أبناءُ الأسرة بالمحبَّة، وينعمون بالمودة في جوٍّ يغلُبُ عليه التنازعُ والشِّقَاقُ والتناحرُ وعدمُ الوِفَاق، وهل تستقيمُ حياةٌ بغيرِ المَوَدَّةِ والرَّحمةِ؟، وكلُّها معاركُ وهميةٌ خاسرةٌ، الخاسرُ فيها الإنسانُ، والرابحُ فيها الشيطانُ، ألَا ما أحوجَ الأمةَ الإسلاميةَ إلى تفعيلِ فنِّ التعاملاتِ الاجتماعيةِ، والعلاقاتِ الإنسانيةِ؛ ليتحقَّقَ لها الخيرُ في الدنيا والآخرة، والله -عز وجل- يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[الْحُجُرَاتِ: 13].
بارَك اللهُ لي ولكم في الوحيين، ونفعني وإيَّاكم بهدي سيد الثقلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولكافة المسلمين والمسلمات، من كل الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، خصَّنا بشريعة التراحم والتكافل والتعاون الموموق، أحمده -تعالى- حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، غير مكفِيٍّ ولا مودَّعٍ ولا مستغَنٍ عنه ربُّنا، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُ اللهِ ورسولُه، خير من أرسى الحقوق، وحذر من التنافر والعقوق، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله الباذلين كرائم الندى الدفوق، وصحبه الألى، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعدُ: فأوصيكم ونفسي عباد الله بتقوى الله -عز وجل-؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، واعلموا أن أفضلَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
مَعاشِرَ المؤمنينَ: وقوعُ الاختلافِ بينَ الناسِ أمرٌ لا بدَّ منه؛ لتفاوُتِ إرادتهم وأفهامهم، وقُوى إدراكهم، ولكنَّ المذمومَ بَغْيُ بعضِهم على بعضٍ، فالاختلافُ أمرٌ فطريٌّ؛ (وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)[هُودٍ: 118-119]، أمَّا الخِلاف والشِّقاق، والتخاصم والفِراق، فهو المنهيٌّ عنه بنصوص في شريعتنا الغرَّاء، يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا في السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)[الْبَقَرَةِ: 208].
ألَا فاتقوا اللهَ -عبادَ اللهِ-، وتحلَّوْا بفنِّ العَلاقاتِ الاجتماعيَّةِ والإنسانيَّةِ المنبثقِ من قيمنا الدينيَّة، يتحقَّق لكم صلاحُ البالِ، والخيرُ في الحال والمآل، بمن الله وكرمه، ثم صلوا وسلموا -رحمكم الله- على المصطفى الهادي الأمين، أسوة المؤمنين، المُرسِل بالشرع المبين، كما أمرَكم بذلك ربُّكم رب العالمين، في الكتاب المستبين، فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، وقال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى اللهُ عليه بها عشرًا".
اللهمَّ صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ.
اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على نبينا محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، وخلفائه الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهمَّ أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، ، واحمِ حوزةَ الدِّينِ، واجعَلْ هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًّا سخاء رخاء وسائرَ بلاد المسلمين، اللهمَّ آمِنَّا في أوطاننا، وأيد بالحق والتسديد والتأييد إمامنا وولي أمرنا، اللهمَّ وفق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده إلى ما فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين، وإلى ما فيه الخير والرشاد للعباد والبلاد، واجزهم خير الجزاء وأوفاه كفاء ما قدموا للإسلام والمسلمين، ولخدمة الحرمين الشريفين والقاصدين، اللهمَّ وفق جميع ولاة المسلمين، واجعلهم رحمة على عبادك المؤمنين، اللهمَّ وفق رجال أمننا، والمرابطين على ثغورنا وحدودنا، اللهمَّ من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، وردَّ كيدَه في نحره، واجعل تدبيره تدميرا عليه، يا سميع الدُّعَا، اللهمَّ فَرِّجْ همَّ المهمومينَ من المسلمين، ونَفِّسْ كربَ المكروبينَ، واقضِ الدَّينَ على المدينين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهمَّ اجمع كلمة الأمة على الكتاب والسُّنَّة، يا ذا العطاء والفضل والمنة، اللهمَّ احفظ المسجد الأقصى، وأقص عنه من حاد عن دينك واستقصى، واجعله شامخًا عزيزًا إلى يوم الدين، اللهمَّ أنج المستضعَفين من المسلمين في فلسطين، وانصرهم على الصهاينة الغاصبينَ المحتلينَ، اللهمَّ أَنْجِ المستضعَفينَ في كل مكان، يا ربَّ العالمينَ.
اللهمَّ احفظنا من شر الأشرار، وكيد الفجار، وشر طوارق الليل والنهار، واحفظ بلادنا، من كل سوء ومكروه، ورد عَنَّا كيد الكائدين، وحقد الحاقدين، ومكر الماكرين، وعدوان المعتدين.
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، اللهمَّ أغثنا، اللهمَّ إنَّا نستغفرك إنك كنت غفَّارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا، اللهمَّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهمَّ أغث قلوبنا وأرواحنا بالإيمان واليقين، وبلادنا بالخيرات والأمطار والغيث العميم.
(رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 127]، (وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[الْبَقَرَةِ: 128]، واغفر لنا، ولوالدينا، ولوالديهم، ولجميع المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات؛ (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].
التعليقات