عناصر الخطبة
1/دين الإسلام هو دين الأنبياء وأقوامهم 2/شرائع الأنبياء مختلفة ونسخت بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم 3/دين الإسلام قائم على التوحيد

اقتباس

فلا دينَ غَيْرَ دينِ الإسلامِ، ولا مِلَّةَ غيرَ مِلَّةِ الإسلامِ، هو الدِّين الكاملُ، والشريعة الصالحةُ لكل وزمان ومكان، وإنِّ عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان..

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

 

إِنَّ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّار".

 

أَمَّا بَعْدُ: فإنَّ الله تعالى يقول: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)[آل عمران:١٩]، ويقول جلَّ وعلا: (وَمَنْ ‌يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)[آل عمران:85].

 

والإسلام دين جميع الأنبياء الرُّسل، من آدم عليه الصلاة والسلام، إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.

 

قال أول رسل الله نوح عليه الصلاة والسلام لقومه: (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[يونس:٧٢].

 

والإسلامُ هو مِلَّةُ إِبراهيمَ أبي الأَنْبِيَاءَ عليهم الصلاة والسلام: (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)[البقرة: 130-131].

 

وبِدِينِ الإسلامِ أَوْصَى إبراهيم عليه الصلاة والسلام بنيه فقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[البقرة: 132].

 

وأَوْصَى نبيُّ اللهِ يعقوبَ عليه الصلاة والسلام بَنِيهِ بالإسلام (إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[البقرة: 133].

 

ولمَّا آمَنَ سَحَرةُ فِرْعَوْنَ بِنُبُوَّةِ موسى عليه الصلاة والسلام قالوا: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ)[الأعراف: 126]، وقال لهم موسى عليه الصلاة والسلام: (يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ)[يونس: 84].

 

وسليمان عليه الصلاة والسلام قال: (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ)[النمل: 42].

 

وبلقيس ملِكَةُ سَبَأٍ (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[النمل: 44].

 

وعيسى عليه الصلاةُ والسلام: (قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 52].

 

عباد الله: قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: ”أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى بنِ مَرْيَمَ في الدُّنْيَا والآَخِرَةِ، وَالأَنْبِيَاءُ أُخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهم شَتَّى ودِينُهُم وَاحِدٌ”(رواه البخاري)، والمعنى أن دين الأنبياء واحد وهو توحيد الله والإخلاص له، وإفرادهُ بالعبادة والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وما يتفرع عن ذلك من البعث والنشور والجنة والنار، والحساب والميزان والصراط وغير هذا.

 

أما شرائع الأنبياء والرسل -أي الأحكام الفقهية- فقد اتفَقَتْ في أصولِ الأَحكامِ، واختلفَت في بعضِ فُروعِها، (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا)[المائدة: 48]. وكُلُّ شَّرائع الأنبياءِ مِنْ قبلِ نُسِخَتْ وبُدِّلَ بِشَرِيعَةِ خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم، فقد اختصه الله عز وجل بالشريعة الكاملة، الصالحة لكل زمان ومكان، وأمر الله جميع الناس أن يتبعوها ولا يحيدوا عنها. قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: “لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، وَلَوْ كَانَ ‌مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا ‌اتِّبَاعِي”(رواه أحمد والبيهقي، وحسنه الألباني).

 

ونَزَلَ القُرْآنُ على مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لِيَنْسَخَ جَميعَ الكُتُب قَبْلَه ويَمْحُوهَا، فلا يَبقَى إلا كِتَابُ اللهِ القرآن، قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)[المائدة: 48].

 

فلا دينَ غَيْرَ دينِ الإسلامِ، ولا مِلَّةَ غيرَ مِلَّةِ الإسلامِ، هو الدِّين الكاملُ، والشريعة الصالحةُ لكل وزمان ومكان، وإنِّ عيسى عليه الصلاة والسلام إذا نزل في آخر الزمان فإنه يحكم بشرعة الإسلام وهدى القرآن.

 

رَبَّنَا اجْعَلْنَا ‌مُسْلِمِينَ لَكَ، وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ، وَتُبْ عَلَيْنَا، إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أما بعد: فقال جلَّ وعلا: (قُلقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)[سورة الإخلاص]، فدين الله قائم على التوحيد، ومن ادعى أَنَّ للهِ ولَدً كَفَرَ كائنًا مَنْ كانَ، لأنه عارض وناقضَ ما في القرآن صراحَةً.

 

فكلُّ ملَّةٍ على غير التوحيد كفر، وقال عز وجل: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)[المائدة: 17]، وقال سبحانه: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ)[المائدة: 73]، وقال جلَّ شأنه: (وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ)[التوبة: 30].

 

معاشر المسلمين: تَمَسَّكوا بِدِينِ الإسلامِ وهُدى القُرآنِ، فإِنَّه لا هِدَايَةَ إلا هُدى الإسلامِ، (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[البقرة: 135].

 

وما كانَ الخليل عليه الصلاة والسلام إلَّا مُسلمًا، (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)[آل عمران: 67].

 

أحبتي: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[البقرة: 136].

 

اللهم أرِنا الحقَّ حقًا وارقنا اتباعَه، وأرِنا الباطِل باطلًا وارزقنا اجتنابه، (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)[آل عمران: 8]

 

رَبَّنَا اجْعَلْنَا ‌مُسْلِمِينَ لَكَ، وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ، وَتُبْ عَلَيْنَا، إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

 

اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، وكُنْ للمستضعَفين منا برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم وفِّق خادمَ الحرمينِ الشريفينِ، ووليَّ عهدِه، وأعوانهما، وجميعَ ولاة المسلمين، لِمَا تُحِبُّ وترضى، خُذ بِنواصيهم للبر والتقوى، واجعلهم سلمًا لأوليائك، حربًا على أعدائك، اللهم وفِّقْهم اللهم لحفظ دينك وسنة نبيك، وإقامة الشرع والعدل في رعاياهم.

 

اللهم انصر جنودنا واحفظ رجال أمننا، واحفظ بلادنا من كل سوء وإثم، برحمتك وفضلك يا ذا الجلال والإكرام.

 

الَّلهُمَّ اغفر لنا ولوالدينا، ولوالد والدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.

 

(رَبَّنَا آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا ‌حَسَنَة وَفِي ٱلْآخِرَةِ ‌حَسَنَة وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ)[البقرة: 201].

المرفقات
storage
storage
التعليقات
زائر
05-05-2023

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المبارك

وفقكم الله لهداه وجعل عملكم في تقواه

فضلا تصحيح الآية فإن فيها خطأً مطبعيا (قل هو الله أحد)

© 2020 جميع الحقوق محفوظة لموقع ملتقى الخطباء Smart Life